الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اقتران جواب الشرط بالفاء وإذا الفجائية اقترانه بالفاء
قد يرتبط جواب الشرط بالفاء نحو قوله تعالى: {ومن يهن الله فما له من مكرم} [الحج: 18]، ويجب ذلك إذا كان الجواب لا يصلح أن يقع شرطًا، فإن صلح وقوعه شرطا فلا يجب ربطه بالفاء، ويذكر النحاة المواطن التي يجب فيها اقتران الجواب بالفاء، وهي على وجه الإيجاز:
1 -
أن يكون الجواب فعلا مقترنا بـ (قد) أو كان زمنه ماضيًا، وإن لم يقترن بـ (قد) لفظًا نحو قوله تعالى:{وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت} [يوسف: 27]، وقوله:{إن كنت قلته فقد علمته} [المائدة: 116].
فإذا دل على وعد أو وعيد، جاء ارتباطه بالفاء، وذلك على تنزيل المستقبل منزلة الماضي، لأنه محقق الوقوع، وذلك كقوله تعالى:{ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار} [النمل: 90]، أي كأن الأمر قد حصل.
2 -
أن يكون طلبيا، نحو قوله تعالى:{فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم} [النور: 62].
3 -
أن يكون جامدًا، نحو:{إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك} [الكهف: 39 - 40].
4 -
أن يكون مقترنا بحرف استقبال كالسين وسوف نحو قوله: {من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم} [المائدة: 54].
5 -
أن يكون مقترنا بـ (لن) أو (لما) نحو: (إن جاءني فلن أفرط في حقه).
6 -
أن يكون جملة إسمية، نحو قوله تعالى:{فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم} [البقرة: 234]، ونحو:(من جد فالمستقبل له)(1).
(1) انظر التصريح 2/ 249، شرح الرضي على الكافية 2/ 291
هذه أهم المواطن التي تقترن بها الفاء. هذه المواطن لا يصح أن تقع شرطًا، فإذا وقعت جوابًا اقترنت بالفاء.
وسبب اختيار الفار للربط، هو أنها (أي الفاء) تفيد السبب عموما في الشرط وغيره، تقول:(الطفل يبكي فيضحك أخوه) و (يقوم خالد فيقوم محمد)، قال تعالى:{إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر} [الكوثر: 1، 2]، فجيء بها في الشرط للدلالة على السبب.
جاء في (التصريح): " وخصت الفاء بذلك لما فيها من معنى السببية (1).
وقال أبو حيان: " وهذه الفاء هي فاء السبب الكائنة في الإيجاب، في نحو قولك:(يقوم زيد فيقوم عمرو)، وكما يربط بها عند التحقيق يربط بها عند التقدير (2).
وقال ابن يعيش: " فأتوا بالفاء لأنها تفيد الاتباع، وتؤذن بأن ما بعدها مسبب عما قبلها"(3).
وليست هذه مهمة الفاء فقط، بل هي قد تفيدنا أيضا في تعيين الجزاء، وإيضاح المعنى وإن حذفها قد يؤدى إلى الالباس، أو على عدم اكتمال المعنى في تعبيرات عديدة، وذلك نحو قولنا:(من أحسن فلنفسه، ومن أساء فعليها) ألا ترى أنا لو حذفنا الفاء وقلنا (من أحسن لنفسه) كان (لنفسه) متعلقا بـ (أحسن)، وبقي الكلام غير تام، فلما جئنا بالفاء اتضح القصد وتم المعنى.
ونحو قوله تعالى: {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم} [البقرة: 272]، فلو قلت:(وما تنفقوا من خير لأنفسكم) لم يكتمل المعنى، لأن المجرور ارتبط بالشرط فأصبح في حيزه ولم يصبح في حيز الجزاء، وكذا لو قلت:{وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم} [الشوري: 48]، كان الجزاء (فبما قدمت أيديهم)، وكان المعنى أنه إذا أصابتهم سيئة،
(1) التصريح 2/ 250
(2)
الهمع 2/ 60
(3)
شرح ابن يعيش 9/ 2
فإنه بسبب ما اكتسبته أيديهم، ولو حذفنا الفاء لم يتم المعنى.
ومثله (إذا استعنت فبالله) أي فاستعن بالله، ولو حذفت الفاء لم يتم المعنى، لأن المجرور يرتبط بالفعل.
ثم إن المعنى قد يتغير بتغير موضع الفاء في الجملة، وذلك نحو قوله تعالى:{فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما} [البقرة: 233]، فإذا قلت (فإن ارادا فصالا فعن تراض منهما) كان المعنى أنهما إذا أرادا الطلاق فإنما أراداه عن تراض، أي أن التراض على الطلاق، وقع وحصل.
وانظر إلى قولنا: (إن تركه لك عن طيب نفس تأخذه) فإن الجوابهو: (تأخذه) والمعنى إذا تركه طيبة نفسه أخذته، ولكن لو قلنا (إن تركه لك فعن طيب نفس تأخذه) كان المعنى أنه إذا تركه فأخذك له عن طيب نفس، أو يكون: إن تركه لك، فقد تركه عن طيب نفس (وتأخذه) استئناف أي أنت تأخذه، ولو قلنا (إن تركه فلك عن طيب نفس تأخذه) كان المعنى إذا تركه فهو لك، تأخذه عن طيب نفس.
ونحو ذلك أن تقول: (إن أكرمت كريما أعاده عليك بخير مما فعلت) فالجواب هنا (أعاده)، ولكن إذا قلت (إن أكرمت فكريما أعاده عليك بخير مما فعلت) كان المعنى: إن أكرمت فقد أكرمت كريمًا، وجملة (أعاده عليك) صفة، ولو قلت (إن أكرمت كريما أعاده عليك بخير فمما فعلت) كان المعنى إذا أكرمت كريما هذه صفته فهذا من فعلك.
ونحوه: (إذا مشيت إلى مكرمة فلي أجرها) و (إذا مشيت فإلى مكرمة لي أجرها) فالجواب في الثانية (إلى مكرمة) و (لي أجرها) نعت لها، والجواب في الأولى (فلى أجرها). وانظر إلى قوله تعالى:{إن كان قميصه قد من قبل} [يوسف: 26]، فلو قلت (إن كان قميصه قد فمن قبل) كان المعنى أن قميصه قد من قبل.
وكذا قوله تعالى: {إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا} [هود: 88]، والجواب في الآية محذوف، ولو قلت (إن كنت على بينة فمن ربي) كان المعنى أنى إذا