الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - تكرير الفعل في النفي:
تقول (ما مررت بمحمد وخالد) وتقول: (ما مررت بمحمد وما مررت بخالد) وقد فرق قسم من النحاة بين التعبيرين فقالوا: إذا نفيت مرورا واحدًا قلت (ما مررت بمحمد وخالد)، وإذا نفيت مرورين منقطعًا أحدهما عن الآخر، (ما مررت بمحمد وخالد) احتمل أنك مررت بهما مرورا واحدًا، واحتمل أنك مررت بكل واحد منهما مرورًا منقطعًا عن الآخر، واحتمل أن يكون مرورك بخالد أولاً، أو بمحمد أولاً، لأن الواو لا تفيد الترتيب على الأرجح.
قال سيبويه: " يجوز أن تقول: (مررت بزيد وعمرو) والمبدوء به في المرور عمرو ويجوز أن يكون زيدًا، ويجوز أن يكون المرور وقع عليهما في حالة واحدة، فالواو يجمع هذه الأشياء على هذه المعاني ..
وقد تقول: (مررت بزيد وعمرو) تعني أنك مررت بهما مرورين، وليس في لك دليل على المرور المبدوء به، كأنه يقول: ومررت أيضا بعمرو، فنفي هذا (ما مررت بزيد وما مررت بعمرو)(1).
فتبين من قول سيبويه أنه إذا كان مر مرورين، فنفيه يكون بتكرير العامل (ما مررت بزيد وما مررت بعمرو) أما إذا كان المرور واحدًا فلا يتكرر العامل.
قال سيبويه: " قولك (مررت برجل وحمار قبل) فالواو أشركت بينهما في الباء فجريا عليه، ولم تجعل للرجل منزلة بتقديمك إياه، يكون بها أولى من الحمار، كأنك قلت: (مررت بهما) فالنفي في هذا أن تقول: (ما مررت برجل وحمار) أي ما مررت بهما"(2).
(1) كتاب سيبويه 1/ 218
(2)
كتاب سيبويه 1/ 218
وجاء في (الكليات) لأبي البقاء: " إذا دخل حرف النفي في مثل (رأيت زيدًا وعمرا) فإن كانت الر ؤية واحدة تقول (ما رأيت زيدًا وعمرًا) وإن كانت قد مررت بكل منهما على حدة تقول: (ما مررت بزيد ولا مررت بعمرو)(1).
وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " وأما لو كررت العامل فقلتك (ما جاءني زيد وما جاءني عمرو) فهو عند سيبويه نفي للمجيئين المنقطع. أحدهما عن الاخر. كأن المخاطب توهم أنه حصل مجيء كل واحد منهما، لكن منقطعًا عن مجيء الآخر، فرفعت بهذا الكلام وهمه.
وعن المازني هو أيضا نفي للاحتمالات الثلاث (كذا) كما كان من دون تكرر العامل، وهذا القول أقرب، ويكون فائدة تكرير الفعل المنفي كفائدة زيادة (لا) بعد الواو وأكثر" (2).
ويبدو لي أن رأي المازني أرجح، فتكرار الفعل في نحو هذا يفيد التوكيد، ويفيد نفي احتمال الاجتماع في المجيء، فإذا قلت:(ما حضر محمد وخالد) احتمال أنك أردت نفي اجتماعهما في الحضور، أي حضر أحدهما ولم يحضرا كلاهما، واحتمل أنه لم يحضر محمد ولا خالد، فإذا قلت (ما حضر محمد وما حضر خالد) نفيت أن يكون حضر أي واحد على أي حال.
وكذلك الأثبات، فإنك إذا قلت (حضر محمد وحضر خالد) فإنه يحتمل حضورهما معا، ويحتمل حضورهما منقطعًا أحداهما عن الآخر، كقولك (حضر محمد وخالد)، وإلا أن تكرار الفعل فيه تأكيد، والله أعلم.
7
(1) الكليات 408
(2)
شرح الرضي على الكافية 2/ 404