الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " وعلى تأويلهما [يعني عمرك الله و
قعدك الله]
بـ (أسأل تعميرك وتقعيدك) ليس معنى القسم ظاهرا فيهما، مع أنهما لا يستعملان إلا في القسم كما ذكرنا، إلا أن يقال: لما كانا للدعاء للمخاطب جريا مجرى قسم السؤال، لأنه قد يبتدأ السؤال بالدعاء للسمؤول، كأنه قيل: طول الله عمرك أفعل لي كذا وكذا (1).
وربما قيل (عمرك الله) بضم الهاء فيكون لفظ الجلالة فاعلا، أي: عمرك الله تعميرًا (2).
والذي يبدو لي أنه دعاء على كل حال على المعنى الثاني، أي الدعاء باطلة العمر ولكنه قد يضمن معنى القسم فيستعمل استعماله، كما في (علم الله) و (على عهد الله) ونحو ذلك، أولا يضمن بل يراد به الدعاء المحض.
قعدك الله:
يستعمل هذا في القسم فيقال: (قعدك الله لتفعلن) ويقال أيضا: (قعيدك الله)
وقد اختلف في معنى (قعدك الله) فقيل إن معناها اسألك بحق قعدك الله، أي بحق نسبتك إياه إلى القعود أي الدوام والتمكن.
وقيل: المعنى (اسألك بحق قعيدك الذي هو الله) ومعنى (قعدك) قعيدك، أي: " ملازمتك، العالم بأحوالك، وهو الله، فـ (الله) عطف بيان لقعدك، ويؤيد هذا التأويل قولهم:(قعيدك الله) بمعناه فالقعد والقعيد، بمعنى المقاعد، كالحلف والحليف (3).
وقيل معنى (قعدك الله وقعيدك): الله معك، أي رقيب عليك وحفيظ، وقيل: مقاعدك، وهو بمعناه وضمن معنى القسم، قال في الصحاح: على معنى يصاحبك الله الذي هو صاحب كل نجوى، وقيل هما مصدران بمعنى المراقبة، والتقدير:
(1) شرح الرضي على الكافية 1/ 128
(2)
شرح الرضي 1/ 128
(3)
شرح الرضي على الكافية 1/ 128
أقسم بمراقبتك الله، ونصب الجلالة في الجميع على إسقاط الجار (1).
وجاء في (لسان العرب): " وقيل (قعدك الله) و (قعيدك الله) أي كأنه قاعد معك يحفظ عليك قولك، وليس بقوي.
قال أبو عبيد: قال الكسائي: يقال قعدك الله أي الله معك ..
وقال ثعلب: قعدك الله وقعيدك الله نشدتك الله .. والقسم قعيدك الله لأكرمنك ..
قال الجوهري: هي يمين للعرب، وهي مصادر استعملت منصوبة بفعل مضمر، والمعنى يصاحبك الذي هو صاحب كل نجوي، كما يقال: نشدتك الله (2).
وقيل إن معناها أسأل الله قعدك، كما في (أسأل الله عمرك) أي: أسأله تقعيدك وتمكينك، فلا تكون على هذا قسما، بل هي كما ذكر الرضي فيها، وفي (عمرك الله) " لما كانا للدعاء للمخاطب جريا مجرى قسم السؤال لأنه قد يبتدأ السؤال بالدعاء للمسؤول كأنه قيل: طول الله عمرك افعل لي كذا وكذا (3).
والذي يبدو أن معنى (قعدك الله): (قعيدك الله) أي: (الله مقاعدك، وملازمك، ورقيب عليك) ثم يضمن هذا التعبير معنى القسم أحيانًا، فيكون حلفا، أو استحلافا بمراقبة الله له وملازمته إياه، فتقول (قعدك الله لتفعلن) على معنى استحلفك برقابة الله عليك، وحضوره معك لتفعلن، وتقول:(قعدك الله لأفعلن) على معنى أحلف بمراقبة الله وحضوره معك فأنت لست وحدك الآن، بل الله معك مطلع على ما أقول لأفعلن
ونصب لفظ الله أما على عطف البيان من قعدك، كما ذكر الرضي، أي أستحلفك قعيدك الله، أي: أستحلفك قعيدك الذي هو الله.
(1) همع الهوامع 2/ 45
(2)
لسان العرب / قعد، 4/ 365 - 366
(3)
شرح الرضي على الكافية 1/ 128