الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمنفي بها قد يكون منقطعًا، نحو قوله تعالى:{لم يكن شيئا مذكورا} [الإنسان: 1]ـ، ونحو قولنا (لم يقم خالد أمس)، وقد يكون متصلا بالحال، نحو:{ولم أكن بدعائك رب شقيا} [مريم: 4]، يعني إلى الآن، ونحو قوله تعالى:{إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا} [التوبة: 4]، وقد يكون مستمرا نحو قوله تعالى:{لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد} [الإخلاص: 3 - 4](1).
وقوله: {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه} [محمد: 15].
لما
وتختص بنفي المضارع أيضا، وتقلب زمنه ماضيا، نحو قوله تعالى:{ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} [الحجرات: 14]، وقوله:{بل لما يذوقوا عذاب} [ص: 8]، وقولنا:(لما يأت خالد)، وهي لنفي (قد فعل) فإذا قلت (قد حضر) فنفيه لمّا يحضر (2).
والفرق بين (لم) و (لما) من أوجه هي:
1 -
أن المنفي بـ (لم) قد يكون منقطعًا، وقد يكون مستمرًا، في حين أن المنفي بـ (لما) مستمر النفي إلى حين التكلم، فإذا قلت (لما يحضر خالد) فمعناه أنه إلى الآن لم يحضر، في حين أن قولك (لم يحضر خالد) يحتمل أنه لم يحضر إلى الآن، ويحتمل أنه لم يحضر، في حين أن قولك (لم يحضر خالد) يحتمل أنه لم يحضر إلى الآن، ويحتمل أنه لم يحضر في وقت من أوقات المضي ثم حضر، ولذا يصح أن يقال (لم ينجح محمد في العام الماضي، وقد نجح هذا العام) ويمتنع أن يقال (لما ينجح ثم نجح) لأن قولنا (لما ينجح) يفيد استمرار النفي إلى وقت التكلم، وتقول (لم يق ثم قام) ويمتنع أن نقول (لما يقم ثم قام)(3).
(1) انظر شرح شذور الذهب 26، المغنى 1/ 279
(2)
كتاب سيبويه 1/ 460
(3)
انظر المغنى 1/ 278، شرح قطر الندى 83 - 84 الأشباه والنظائر 2/ 223، 228، التصريح 2/ 247
جاء في (شرح الرضي على الكافية): " واختص (لمّا) أيضا بامتداد نفيها، من حين الانتفاء إلى حال التكلم، وهذا هو المراد بقوله (بالاستغراق) .. وأما (لم) فيجوز انقطاع نفيها دون الحال نحو:(لم يضرب زيد أمس لكنه ضرب اليوم)(1).
2 -
إن منفي (لما) لا يكون إلا قريبا من الحال، ولا يشترط ذلك في منفي (لم)، فقد يكون منفيها قريبا أو بعيدا، تقول:(لم يكن زيد في العام الماضي مقيما) ولا يجوز (لما يكن)(2).
وذلك أن (لم) لنفي (فعل) وهذا الفعل يحتمل القرب والبعد، فمن البعيد قوله:{خلق الله السماوات والأرض} [العنكبوت: 44]، وقوله:{ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} [الأعراف: 11]، ومن القريب قولنا:(حضر الآن محمد)، وقوله:{إني تبت الآن} [النساء: 18]، في حين أن (لما) لنفي (قد فعل) و (قد) تفيد القرب كما سبق تقريره.
3 -
إن المنفي بـ (لما) فيه معنى التوقع، وليس كذلك المنفي بـ (لم)، فقولنا (لما يحضر خالد) معناه أنه لم يحضر، وهو متوقع حضوره، وليس في قولنا (لم يحضر خالد) معنى التوقع، قال تعالى:{بل لما يذوقوا عذاب} [ص: 8]، ومعناه أنهم لم يذوقوه إلى الآن، وأن ذوقهم له متوقع (3).
وذلك أن (لما) لنفي (قد فعل)، و (قد) فيها معنى التوقع (4).، و (لم) لنفي (فعل) وليس فيه معنى التوقع، فقولك (قد حضر محمد) معناه أنه كان متوقعًا حضوره فحضر و (لما يحضر) معناه أنه لم يحضر، وهو متوقع حضوره.
قال في (المغنى): " وهذا الفرق بالنسبة إلى المستقبل، فأما بالنسبة إلى الماضي فهما سيان في نفي المتوقع وغيره، مثال المتوقع أن تقول:(مالي قمت ولم تقم).
(1) شرح الرضي على الكافية 2/ 278
(2)
المغنى 1/ 279
(3)
المغنى 1/ 279، التصريح 2/ 247، شرح الرضي على الكافية 2/ 278
(4)
كتاب سيبويه 2/ 307
أو (ولما تقم). ومثل غير المتوقع أن تقول ابتداء: لم تقم أو لما تقم (1).
وجاء في (شرح الرضي): " وقد تستعمل في غير المتوقع أيضا نحو: (ندم ولما ينفعه الندم)(2). وذلك أن (قد) ربما جاءت في غير المتوقع كما أسلفنا.
4 -
أن (لما) لا تقترن بأداة الشرط بخلاف (لم)، قال تعالى:{وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} [المائدة: 67]، وقال:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [المائدة: 45]، ولا يقال:(أن لما تفعل)، ولا (من لما يحكم).
وذلك " لأن الشرط يليه مثبت (لم)، تقول:(إن قام زيد قام عمرو) ولا يليه مثبت (لما) لا تقول: أن قد قام زيد (3).
وسبب ذلك أن (لما) إذا نفت الفعل صرفته إلى المضي، ولا يحتمل أن يكون لغير المضي، مثل (قد) في الإثبات فإن (قد) إذا دخلت على الفعل الماضي تعين أنه للمضي، ولا يصح صرفه إلى الاستقبال، بخلاف (لم) فإنه يصح صرفه ما بعدها إلى الاستقبال كما في مثبتها، فإن فعل للمضي وقد يحتمل الدلالة على الاستقبال بقرينة نحو قوله تعالى:{ونفخ في الصور} [الزمر: 68]، ومنفيه أعنى (لم يفعل) كذلك فهو للمضي، وقد يحتمل الدلالة على الاستقبال، كقوله تعالى:{لم يدخلوها وهم يطمعون} [الأعراف: 46]، وهذا في أصحاب الأعراف وهو من مشاهد القيامة.
ولذا جاز اقتران (لم) بأداة الشرط، كما جاز اقتران مثبتها بها، لأن الشرط يصرف الفعل إلى الاستقبال، تقول:(إن زرتنا أكرمناك وإن لم تزرنا لم نكرمك)، ولم يجز اقتران (لما) بها كما لم يجز اقتران مثبتها بها، فلا تقول:(إن قد قام)، ولا (إن لما يقم).
(1) المغني: 1/ 279
(2)
شرح الرضي على الكافية 2/ 278
(3)
التصريح 2/ 247