الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوجه التفضيل
يستعمل اسم التفضيل على أحد ثلاثة أوجه:
1 -
أن يكون مجردًا من (أل) ومن الإضافة، فيكون مفردًا مذكرا، وتتصل به (من) لفظا نحو (محمد أفضل من بكر) أو تقديرًا، نحو قوله تعالى:{أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا} [الكهف: 34]، أي منك (1). وإذا كان اسم التفصيل يفيد مجرد الزيادة في أصل الوصف لا تفضيل شيء على شيء، لم تقترن به (من) كما سبق ذكره.
2 -
أن يكون مضافا وهو على ضربين:
أ - أن يكون مضافا إلى نكرة، فيلزم الأفراد والتذكير، نحو:(محمد أفضل رجل) و (عائشة أفضل امرأة) ويلزم المضاف إليه أن يطابق الموصوف، نحو (المحمدان أفضل رجلين) و (المحمدون أفضل رجال) و (الهندات أفضل نسوة).
ب - أن يكون مضافا إلى معرفة، وتجوز فيه المطابقة وعدمها، نحو:(هند أفضل النساء أو فضلى النساء) و (المحمدان أفضل الرجال أو أفضلا الرجال) - قال تعالى: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة} [البقرة: 96]، فأفرد. وقال:{وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها} [الأنعام: 123]، فطابق.
وثمة فرق بين المطابقة والأفراد، فإن الأفراد يقصد به التفضيل تنصيصا، وأما المطابقة فهي تحتمل أن المراد باسم التفضيل مجرد الزيادة في الوصف وتحتمل التفضيل أيضا كما تحتمل أن المقصود به الذات لا الوصف، قال تعالى:{ولتجدنهم أحرص الناس عل حياة} [البقرة 96]، وقال:{لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصارى} [المائدة: 82]، وقال:{أولئك هم خير البرية} [البينة: 7]، وقال:{أولئك هم شر البرية} [البينة: 6]، فأفرد في كل ذلك والمقصود به التفضيل نصا.
(1) انظر شرح ابن عقيل 2/ 46 - 47، شرح ابن عقيل 6/ 96 - 97
وقال: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها} [الأنعام: 123]، وقال:{وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا} [هود: 27]، فطابق، وقد يقصد بذلك التفضيل وقد يقصد به الأشخاص الموصوفون بهذه الصفات، أي الذوات بمعنى هذا الصنف من الناس، وقد يكون المقصود به الزيادة في الوصف. فإنك قد تقول مثلا (هذا أحسن العراق) ولا تقصد به التفضيل على العراق، وإنما تقصد هذا هو الأحس الذي في العراق أو الأحسن العائد إلى العراق، فإن قصدت نحو هذا المعنى وجبت المطابقة لأنك لم تقصد به المفاضلة، فتقول:(هؤلاء أحاسن العراق) أي الأحاسن العائدون إلى العراق. فالإفراد يدل على التفضيل نصا وأما المطابقة فهي تحتمل التفضيل وعدمه.
جاء في (شرح الأشموني): " وما لمعرفة أضيف ذو وجهين منقولين عن ذي معرفة هما المطابقة وعدمها، هذا إذا نويت بـ (أفعل) معنى (من) أي التفضيل على ما أضيف إليه وحده .. وإن لم تنو بأفعل معنى (من) بأن لم تنويه المفاضلة أصلا، أو تنويها لا على المضاف إليه وحده، بل عليه وعلى كل ما سواه، فهو طبق ما به قرن وجها واحدا كقولهم (الناقص والأشج أعدلا بني مروان) أي عادلاهم، ونحو: (محمد صلى الله عليه وسلم أفضل قريش) أي أفضل الناس من بني قريش، وإضافة هذين النوعين لمجرد التخصيص، ولذلك جازت إضافة (أفعل) فيهما إلى ما ليس هو بعضه، بخلاف المنوي فيه معنى (من) فإنه لا يكون إلا بعض ما أضيف إليه، فلذلك يجوز (يوسف أحسن إخوته) أن قصد الأحسن من بينهم أو قصد حسنهم، ويمتنع إن قصد أحسن منهم"(1).
ولا يضاف (أفعل) إذا قصد به التفضيل إلى شيء إلا وهو بعضه، كقولك:(خالد أفضل الرجال) فإن خالدًا رجل ولا يصح أن نقول (خالد أفضل النساء)، وتقول:(أبو بكر أفضل بني تميم) أي هو منهم، ولا يصح أن تقول (أبو بكر أفضل بني مخزوم) لأنه ليس منهم بل يجب أن تقول بـ (من) إذا أردت ذلك فتقول:(أبو بكر أفضل من بني مخزوم) و (فاطمة أفضل من كثير من الرجال)، فإن التفضيل بـ (من) لا يشترط أن يكون المفضل من جنس المفضل عليه.
(1) شرح الأشموني 3/ 48 - 49، وانظر التصريح 2/ 105
جاء في (المقتضب): " ولا يضاف (أفعل) إلى شيء إلا وهو بعضه، كقولك: (الخليفة أفضل بني هاشم)، ولو قلت الخليفة أفضل بني تميم كان محالا، لأنه ليس منهم .. وكذلك تقول (الخليفة أفضل من بني تميم) لأن (من) دخلت للتفضيل وأخراجتهم من الإضافة"(1).
وقد تقول: ما الفرق بين قولك: (محمد أفضل رجل)، و (محمد أفضل الرجال).؟ والجواب أن قولك (محمد أفضل الرجال) يقصد به تفضيل محمد على جميع الرجال، أي هو الرجال الذي لا أفضل منه.
وأما قولك (محمد أفضل رجل) فمعناه أن محمدًا فيه صفات الرجل الأفضل، أي إنك إذا عرفت كيف يكون الرجل الفاضل في أعلى صفاته، وفضله، فذلك الرجل الفاضل جدًا هو محمد.
جاء في كتاب (التطور النحوي): " فإضافة الوصف إلى مفرد منك كـ (أفضل رجل) خاصة بالعربية فنكروا المضاف إليه بدل تعريفه، فأشاروا بذلك إلى أن الرجل ليس بالأفضل الذي لا أفضل منه بين الرجال البتة، بل واحد من الأفاضل، وأفردوا المضاف إليه بدل جمعه، لأنهم لو قالوا (أفضل الرجال) لكان المعنى: الأفضل الذي لا أفضل منه بين بعض الناس، وهذا غير المراد، فالإضافة في (أفضل رجل) قريبة منها في (مدينة بغداد) ومثلها أي تبيينية فكما أن (مدينة بغداد) معناها المدينة التي هي بغداد فكذلك (أفضل رجل) معناها فضل كثير الفضل هو رجل.
والإضافة في (أفضل الرجال) تخالف تلك، فهي إضافة البعض إلى الكل، فينتج من الفرق في طبيعة الإضافة بين العبارتين فرق في المعنى، زائد على ما ينتج من تنكير الرجل وإفراده في (أفضل رجل)، وذلك أن معنى (أفضل رجل) لا يكاد يزيد على: رجل فاضل جدًا" (2).
(1) المقتضب 3/ 38، وانظر شرح ابن يعيش 6/ 96
(2)
التطور النحوي 101