الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأنت تخبره بالأمر، وتقول له لا داعي للحلف بالمعظمات، على هذا الأمر، فأنت أخبرته ما أردت أن تخبره به، وعظمت له ما أردت أن تعظمه، مما يستحق أن يقسم به، ثم تقول له: إنني لا أريد أن أقسم لك بما هو عظيم على هذا الأمر.
فهذا من هذا الضرب، والله أعلم.
جواب القسم
.
جملة جواب القسم، أما إسمية، أو فعلية، فإن كانت إسمية أجيب القسم في الإثبات باللام المفتوحة، أو (إن) واللام، أو (إن) وحدها مشددة أو مخففة (1).
تقول: (والله لهو أفضل منك) أو (إنه أفضل منك) أو (إنه لأفضل منك) قال تعالى: {فورب السماء والأرض إنه لحق} [الذاريات: 23].
وقال: {حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [الدخان: 1 - 3]. وقال: {قال تالله إن كدت لتردين} [الصافات: 56].
وقال: {فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما} [المائدة: 107].
وإذا كان الجواب جملة فعلية، فعلها مضارعن كان باللام المفتوحة مع النون، أو من دون نون، قال تعالى:{وتالله لأكيدن أصنامكم} [الأنبياء: 57]، وقال:{ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون} [آل عمران: 158].
وذلك إنه إذا كانت جملة الجواب مصدرة بفعل مضارع، مثبت، مستقبل، غير مفصول عن لامه، بفاصل وجب توكيد بالنون (2). وإن فقد شرط واحد من هذه الشروط إمتنعت النون.
(1) انظر شرح الرضي على الكافية 2/ 274، الهمع 2/ 41
(2)
شرح الأشموني 3/ 215، التصريح 2/ 203، الهمع 2/ 42
فإن كانت الجملة منفية، امتنعت النون، قال تعالى:{وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} [النحل: 38]، وقال:{فلا وربك لا يؤمنون} [النساء: 65].
وإن كان الفعل للحال، امتنعت النون أيضا، وذلك لأن نون التوكيد تخلص الفعل للاستقبال، فلا تدخل على ما كان للحال، تقول:(والله لأذهب إليه الآن)، وتقول:(لعمرك لأحسبه صادقا) فتكتفي باللام وتمتنع النون (1). ومن هنا فرقوا بين قولهم: (إن محمدًا ليضربن خالدا) و (أن محمدا ليضرب خالدا) فقالوا إن ما فيه نون التوكيد مخصوص بالاستقبال، وما فيه اللام وحده ليس كذلك، بل ذهب أكثرهم إلى أنه مخصوص بالحال، لأن لام الابتداء تخلص الفعل المضارع للحال عند الأكثرين (2).
وقد بحثنا هذا في باب (إن وأخواتها) ورجحنا أنها لا تخلص المضارع للحال، بل قد تفيده، وتفيد الاستقبال، قال تعالى:{وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة} [النحل: 124]، وعلى هذا. فالتعبير بالنون مخصوص بالاستقبال، والتعبير باللام يحتمل الحال والاستقبال، وهو للحال برجحان، إلا إذا دل على غير ذلك دليل.
جاء في (شرح ابن يعيش): "فإذا قلت: (إن زيدًا ليضربن عمرا) كان تقديره: إن زيدًا والله ليضربن عمرا، فاللام واقعة موقعها لأنها جواب للقسم فهي بعده، وإذا قلت:(إن زيدًا ليضرب عمرا) فهذه اللام تقديرها أن تكون داخلة على (أن) فبين هذه اللام واللام التي معها النون فصل من وجهين:
أحدهما أن اللام التي معها النون لا تكون إلا للمستقبل، والتي ليس معها النون تكون للحال وقد يجوز أن يراد بها المستقبل.
والوجه الآخر أن المفعول به لا يجوز تقديمه على الفعل الذي فيه النون، ويجوز تقديمه على الذي لا نون فيه (3).
(1) شرح الرضي 2/ 376
(2)
انظر المغنى 1/ 228
(3)
شرح ابن يعيش 9/ 96، وانظر كتاب سيبويه 1/ 456
وتمتنع النون أيضا، إذا فصل اللام عن الفعل، تقول:(والله لسوف أكرمك) قال تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} [الضحى: 5].
وعلى آية حال لابد من اللام مع المضارع المثبت.
أما إذا كانت جملة الجواب مصدرة بفعل ماض غير جامد، فيكون الجواب باللام مع قد، كقوله تعالى:{قالوا تالله لقد آثرك الله علينا} [يوسف: 91]، وربما حذفت اللام، إذا كان في الكلام طول، قال تعالى:{والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقوها قد أفلح من زكاها} [الشمس: 1 - 9](1).
وقيل بل هو ليس بجواب القسم، بل هو تابع لقوله تعالى:{فألهمها فجورها وتقواها} على سبيل الاستطراد (2). وهو الراجح فيما هو ظاهر.
وأما الفعل الجامد فيجاب باللام دون (قد) لأن (قد) لا تدخل إلا على المتصرف، تقول:(والله لنعم الرجل أنت). قال:
يمينا لنعم السيدان وجدتما (3).
وأما في النفي فيجاب القسم بـ (ما)، أو (لا)، أو (إنْ) في الجمل الإسمية، أو الفعلية، قال تعالى:{يحلفون بالله ما قالوا} [التوبة: 74]، وقال:{والله ربنا ما كنا مشركين} [الأنعام: 23]، فتلقاه بـ (ما).
وقال: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} [النحل: 38]. وقال: {فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى} [المائدة: 107]، فتقلاه بـ (لا).
وقال: {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده} [فاطر: 41].
(1) انظر الهمع: 2/ 42
(2)
انظر الكشاف 3/ 342
(3)
شرح الرضي على الكافية 2/ 376