الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم المستفهم عنه
مر بنا هذا في مواضع عدة، في باب المبتدأ والخبر، والمفعول به، وغيرها، وذلك أنكتقول؛ أضرب محمدا؟ أأنت ضربت محمدًا؟ و (أحضر محمد) و (أمحمد حضر)؟ ونحو ذلك، ولا نريد أن نعيد الكلام على ذلك بصورة موسعة بل سنوجز القول فيه.
1 -
تقديم الفعل، إذا قدمت الفعل كنت مستفهما عن أصل الحدث، فإذا قلت: أحضر محمد؟ كنت مستفهما عن حضور محمد، وكذا إذا قلت:(أجاءك رجل) كنت مستفهما عن مجيء أحد من الرجال إليه.
2 -
تقديم المسند إليه على الفعل: فإذا قلت (أحمد حضر؟ ) كنت تعلم أن شخصا ما حضر ولكنك تسأل أهو محمد؟ فالفرق بين قولنا: (أحضر محمد) و (أمحمد حضر) إننا في الأولى نسأل عن حضور محمد، وليس في التعبير دلالة على أننا نعلم أن أحدًا حضر، وأما في الثانية فإننا نعلم أن شخصا ما حضر ولكننا لا نعلم من هو.
وكذا قولك: (أجاءك رجل؟ ) و (أرجل جاءك؟ ) ففي الأولى أنت تسأل " هل كان مجيء أحد من الرجال إليه، فإن قدمت الاسم فقلت: أرجل جاءك؟ فأنت تسأل عن جنس من جاءه: أرجل هو أم امرأة، ويكون هذا منك إذا علمت أنه قد آتاه آت، ولكنك لم تعلم جنس ذلك الآتي (1).
ومن هذا قوله تعالى: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يإبراهيم} [الأنبياء: 62]، فهم لا يسألونه عن وقوع الفعل، لأنهم يعلمون أن الفعل وقع وقد شاهدوه، ولكنهم يسألونه عن الفاعل.
جاء في (دلائل الإعجاز): " وهذه مسائل لا يستطيع أحد أن يمتنع من التفرقة بين تقديم ما قدم فيها، وترك تقديمه، ومن أبين شيء في ذلك الاستفهام بالهمزة، فإن موضع الكلام على انك إذا قلت: أفعلت؟ فبدأت بالفعل كان الشك في الفعل نفسه
(1) دلائل الإعجاز 109
وكان غرضك من استفهامك أن تعلم وجوده، وإذا قلت: أأنت فعلت؟ فبدأت بالاسم كان الشك في الفاعل من هو؟ وكان التردد فيه، ومثال ذلك أنك تقول: أبنيت الادر التي كنت على أن تنبيها؟ أقلت الشعر الذي كان في نفسك أن تقوله؟ أفرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه؟
تبدأ في هذا ونحوه بالفعل لأن السؤال عن الفعل نفسه والشك فيه، لأنك في جميع ذلك متردد في وجود الفعل، وانتفائه مجوز أن يكون قد كان، وأن يكون لم يكن.
وتقول: أأنت بنيت هذه الدار؟ أأنت قلت هذا الشعر؟ أأنت كتبت هذا الكتاب؟ فتبدأ في ذلك كله بالاسم، ذلك لأنك لم تشك في الفعل أنه كان كيف وقد أشرت إلى الدار مبنية، والشعر مقولا، والكتاب مكتوبًا؟ وإنما شككت في الفاعل من هو؟ فهذا من الفرق لا يدفعه ادفع ولا يشك فيه شاك، ولا يخفي فساد أحدهما في موضع الآخر" (1).
3 -
تقديم المفعول به: وذلك نحو (أمحمدًا أكرمت)؟ فالسائل يعلم أن المخاطب أكرم شخصا فهو يسأل: أهو محمد؟ بخلاف ما لو قال: أأكرمت محمدًا؟ فإنه يسأل عن أصل الإكرام، وليس فيه دلالة على أن السائل يعلم أنه وقع إكرام أم لا؟
4 -
تقديم الظرف والجار والمجرور: وحكمهما حكم المنصوب فإذا قيل: (أيوم الجمعة سافر خالد) فالسائل يعلم أن خالدًا سافر، ولكنه يسأل أذلك كان يوم الجمعة بخلاف ما لو قال:(أسافر خالد يوم الجمعة)، فإنه لا يفيد ذاك بل هو يسأل عن خالد أسافر يوم الجمعة أم لم يسافر.
ونحوه: (أقبض على محمد في دارك؟ ) و (أفي دارك قبض على محمد)؟ و (أإلى الموصل سافرت؟ ) و (أسافرت إلى الموصل) في الجملة الأولى يعلم السائل أن المخاطب سافر، ولكنه يسأله عن جهة سفره أهي الموصل، وأما في الثانية فإنه يسأله عما إذا سافر إلى الموصل أم لا.
وقس ما لم يذكر من القيود على ما ذكرت كالحال ونحوها.
(1) دلائل الإعحاز 87