الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوع اللام في جوابها
تقع اللام في جواب (لو)، وذلك نحو قوله تعالى:{لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا} [الفتح: 25]، وقوله:{ولو يشاء الله لانتصر منهم} [محمد: 4].
وهذه اللام تلحق جوابها المثبت كثيرًا، وأما المنفي بـ (لم) فلا تلحقه والنفي بـ (ما) يجوز أن تلحقه إلا أنه قليل (1). ولم ترد في القرآن لاحقة لجوابها المنفي.
واختلف في هذه اللام على أقوال:
1 -
فقسم ذهب إلى أنها تفيد التسويف.
جاء في (التصريح): " قال ابن عبد اللطيف ف باب اللامات: هذه اللام تسمى لام التسويف، لأنها تدل على تأخير وقوع الجواب، من الشرط، وتراخيه عنه، كما إن استقاطها يدل على التعجيل، لأن الجواب يقع عقيب الشرط بلا مهلة، ولهذا دخلت في {لو نشاء لجعلناه حطاما} [الواقعة: 65]، وحذفت في {لو نشاء جعلناه أجاجا} [الواقعة: 70]، أي لوقته في المزن من غير تأخير والفائدة في تأخير جعله حطاما وتقديم جعله أجاجا تشديد العقوبة، أي إذا استوى الزرع على سوقه وقويت به الأطماع، جعلناه حطاما كما قال الله تعالى:{حتى إذا أخذت الأرض زخرفها} [يونس: 24]، الآية: أهـ. (2).
2 -
وقسم ذهب إلى أنها لتأكيد ارتباط إحدى الجملتين بالأخرى (3).
3 -
وقسم ذهب إلى أنها اللام الواقعة في جواب القسم فقولك: (لو زرتني لأكرمتك)، في تقدير (والله لو زرتني لأكرمتك)(4).
(1) شرح ابن الناظم 292، المغنى 1/ 271 - 272
(2)
التصريح 2/ 260، البرهان 4/ 337
(3)
المفصل 2/ 220، وانظر شرح ابن يعيش 9/ 22
(4)
شرح ابن يعيش 9/ 22، المغنى 1/ 235
4 -
وقسم ذهب إلى أنها زائدة مؤكدة وذلك لجواز سقوطها (1).
أما التسويف فلا اراه صحيحا بدليل عدم صحة تقديره في تعبيرات كثيرة، من ذلك قوله تعالى:{ولو أمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم} [آل عمران: 110]، وليس في هذا معنى التسويف.
وقوله: {ولو أنهم إذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} [النساء: 64]، وهو تواب رحيم، في الحال والاستقبال والمضي ولا يراد به تسويف التوبة عليهم.
ونحوه: {ولو أن أهل الكتاب أمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم} [المائدة: 65]، وليس المقصود تسويف التكفير.
ونحوه: {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا} [الأنعام: 9]. وقوله: {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} [الأنعام: 35]، وقوله:{لو نشاء لقلنا مثل هذا} [الأنفال: 31]. وقوله: {ولو أرادوا الخروجلأعدوا له عدة} [التوبة: 46]. وقوله: {لو شئت لتخذت عليه أجرًا} [الكهف: 77].
وقوله: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض} [المؤمنون: 71].
فهذا كله لا يحتل التسويف.
وكونها جوابا للقسم، رده ابن هشام بقوله: لو كانت اللا بعد لو أبدا في جواب قسم مقدر، لكثر مجيء الجواب بعد لو جملة إسمية: نحو (لو جاءني لأنا أكرمه) كما يكثر ذلك في باب القسم (2).
(1) شرح ابن يعيش 9/ 23
(2)
المغني 1/ 235
والذي يبدو أنها مؤكدة، ويدل على ذلك أن اللام التي تفيد التوكيد تقع في الأثبات ولا تقع في النفي، إلا نادرا وذلك نحو لام الابتداء، سواء كانت وحدها، أم مع (إنّ)، واللام الواقعة في جواب القسم، وهي لا تدخل على المنفي. وهذه كذلك تدخل في الاثبات، ولا تدخل على المنفي إلا قليلا.
ويدل على ذلك أيضا الاستعمال القرآني، فالمنزوع اللام اقل توكيدًا من المذكورة فيه وذلك نحو قوله تعالى:{لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي} [الأعراف: 155]، بلا (لام)، وقوله:{فلو شاء لهداكم أجمعين} [الأنعام: 149]، باللام، وذلك لأن هداية الناس أجمعين أصعب وأعسر من الإهلاك، فاهلاك الألوف، والوف الألوف، ممكن بوسائل الفتك والتدمير، والظواهر الطبيعية، ولكن هادتيهم عسيرة، فجاء باللام لما هو شاق عسير ونزعها مما هو أيسر.
ونحوه قوله تعالى: {أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم} [الأعراف: 100]، وهذه نظيرة الآية السابقة، بخلاف قوله تعالى:{لو نشاء لجعلنا منكم ملائكة} [الزخرف: 60].
فالفرق واضح بين الافتراضين.
وقوله تعالى: {لو شاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون} [يس: 67]، وهكذا.
والخلاصة أن اللام مؤكدة، فإذا أردت أن تؤكد شيئا ما، جئت بها وإلا تدخلها عليه.
وهذا القول ليس بعيدًا عن قول من قال، هي واقعة في جواب القسم، فكلتاهما تفيد التوكيد فإن القسم توكيد، وجوابه مؤكد.
وهي في قول الزمخشري أيضا لا تخلو من التوكيد.