الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{ولا تمش في الأرض مرحا} [لقمان: 18]، وقوله:{وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} [النساء: 142]، وقوله:{وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين} [الأنبياء: 16]، وقوله الشاعر:
إنما الميت من يعيش كئيبا
…
كاسفًا باله قليل الرجاء
ونحو (ضربي العبد مسيئا) فإذا حذفت الفضلة في نحو هذا، اختل الكلام وفسد المعنى ومع ذلك فالمنصوبات ههنا تسمى فضلة في الاصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح.
حذف جواب الشرط
أ - حذفه وجوبا:
يحذف جواب الشرط وجوبًا، وذلك إذا تقدم عليه أو اكتنفه ما يدل علىه، وكان فعل الشرط ماضيا، نحو:(أزورك إن زرتني) ونحو: (أنت مفلح إن صدقت) و (أنت إن صدقت مفلح) قال تعالى: {وإنا إن شاء الله لمهتدون} [البقرة: 70](1).
وعند الكوفيين إن جواب الشرط هو المتقدم، ففي نحو (أزورك إن زرتني)(أزورك) هو الجواب عندهم (2).
وقد رد البصريون ذاك، بأنه لو كان الجواب هو المتقدم، لجزم إذا كان فعلا، وللزمته الفاء إذا كان جملة إسمية (3). فكان يصح أن يقال (أزرك إن رزتني) و (فأنت مفلح إن صدقت)
ويرده أيضا أننا نقول (إذا أمطرت السماء نبت الزرع) ولا تقول: نبت الزرع إذا أمطرت السماء" بل تقول (ينبت الزرع)، وتقول:(إذا فارقته الحمي خرج)، ولا تقول:(زرتك إن زرتني) بل نقول (أزورك) فدل على أن المتقدم ليس جوابا للشرط.
(1) انظر المغني 2/ 647
(2)
انظر شرح الأشموني 4/ 15
(3)
انظر شرح ابن يعيش 9/ 7
وذهب جماعة من البصريين إلى أن ثمة فرقا في المعنى بين التقديم والتأخير، فإن قولنا (أزورك إن زرتني) الكلام فيه مبني على الوعد غير المشروط، ثم بدا للمتكلم أن يشترط بخلاف ما إذا بدأ بالشرط، فقال (إن زرتني زرتك) فإنه بناه على ابتداء على الشرط.
قال ابن السراج" " فأما قولهم (أجيئك إن جئتني) و (آتيك إن تأتني) فالذي عندنا إن هذا الجواب محذوف كفي عنه الفعل المقدم، وإنما يستعمل هذا على جهتين:
أما إن يضطر إليه شاعر، فيقدم الجزاء للضرورة، وحقه التأخير.
وأما إن تذكر الجزاء بغير شرط، ولا نية فيه، فتقول:(أجيئك) فيعدك بذلك على كل حال، ثم يبدو له إلا يجيئك بسبب، فتقول: إن جئتني، ويستغني عن الجواب بما قدم (1).
قيل: وليس كذلك بل الكلام مبني على الشرط وإن تأخر.
جاء في (البرهان): " ففي التقدم بني الكلام على الخبر، ثم طرأ التوقف، وفي التأخير بني الكلام من أوله على الشرط، كذا قاله ابن السراج وتابعه ابن مالك وغيره.
ونوزعا في ذلك، بل مع التقديم مبني على الشرط، كما لو قال:(له على عشرة إلا درهما) فإنه لم يقر بالعشرة، ثم أنكر درهما، ولو كان كذلك لم ينفع الاستثناء.
ثم زعم ابن السراج أن ذلك لا يقع إلا في الضرورة، وهو مردود بوقوعه في القرآن، كقوله:{واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} [البقرة: 172](2).
أما قوله: أن ابن السراج زعم أن ذلك لا يقع إلا في الضرورة، فهو وهم على ابن السراج، فإنه لم يقل ذاك، وإنما قال: إن هذا التعبير إما أن يقع في ضرورة شعر، وإن الشاعر لم يقصد منه ما يقصد في اختيار الكلام، وإما أن يكون على نية ذكر الجزاء بغير شرط، ثم بدا له أن يذكر الشرط فيما بعد، وهذا حق.
(1) الأصول 2/ 196
(2)
البرهان 2/ 366 - 367
وأما ما ذكره صاحب البرهان، فلا أراه ينهض دليلا على رد ابن السراج، فهناك فرق بين القولين، فقولهم (له علي عشرة إلا درهما) جملة واحدة، والجملة الواحدة، تؤخذ بكل قيودها، وأما (أجيئك إن جئتني) فجملتان.
وأيا كان الأمر فإنه يبدو على كل حال، أن الحدث المتقدم آكد وأكثر تحقيقا من المتأخر، فعلى ما ذكره ابن السراج أن الكلام مبني على الوعد واليقين، ولم يبن على الشرط ولو بناه على الشرط لجزمه.
وعلى مذهب الكوفيين أن هذا مقدم من تأخير فقدم للاهتمام والعناية، ومعنى ذلك أن حدوثه آكد وأقوى. وأما إذا اكتنفه ما يدل عليه، نحو قولنا (أنت إن درست ناجح) فالشرط في نحوه اعتراض من غير شك، فأنت بنيت كلامك على اليقين، ثم اعتراضك الشرط قبل أن تتم الكلام، ونحوه (حمد ظننت مسافر) فإنك أردت أن تخبر عن سفر محمد باليقين ثم اعتراضك الظن.
وعلى هذا نحن نقول:
إن درست فأنت ناجح
أنت إن درست ناجح
أنت ناجح إن درست
فالجملة الأولى مبنية على الشرط ابتداء، والثانية مبنية على اليقين، والشرط معترض، والثالثة مبنية على اليقين، حتى إذا مضى الكلام على اليقين، أدركك الشرط، فاستأنفته في الكلام، فالنجاح في الجملة الأخيرة آكد، لأن الأخبار مضى على اليقين، أما الشرط فمتأخر، ثم الثانية لأن الشرط اعترض الخبر، ثم الأولى، لأن الكلام فيها مبني على الشرط ابتداء.