الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنجس الماء.
وقول: إن هذا مما عفي عنه يصح هذا التقدير لو صح الأصل، وهو نجاسة المستعمل، ولكنه قول شاذ.
الدليل الرابع:
إن المسلم بدنه طاهر بالإجماع حال الحياة
(1)
، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لأبي هريرة: إن المؤمن لا ينجس، متفق عليه.
فيكون المستعمل ماء طهوراً لاقى ماء طاهراً، فكيف ينجس.
هذا فيما يتعلق بالأدلة على طهارة الماء المستعمل، وأما
أدلتهم على كون المستعمل ماء طاهراً غير طهور
، فهاك بيانها:
الدليل الأول:
(47)
ما رواه مسلم في صحيحه، قال: وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر وأحمد بن عيسى جميعا، عن ابن وهب - قال هارون: حدثنا ابن وهب - أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه، أنه سمع أبا هريرة يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم، وهو جنب.
فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولا
(2)
.
وجه الاستدلال:
قالوا: لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاغتسال في الماء الدائم دل ذلك
(1)
نيل الأوطار (1/ 44).
(2)
صحيح مسلم (283).
على أن الاغتسال يؤثر في الماء، ولو كان لا يؤثر لما نهى عنه، فالمراد من نهيه حتى لا يصير الماء مستعملاً
(1)
.
ويجاب عنه:
أولاً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلل بأن الماء يكون مستعملاً، ولم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم قط بأن الماء يكون مستعملاً، فهذا الكلام زيادة على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
ثانياً: أن الحديث نص في الماء الدائم، وهو يشمل ما فوق القلتين، وما دون القلتين، وأنتم قلتم بأنه لا يكون مستعملاً إلا إذا كان دون القلتين. فهذه مخالفة ثانية للحديث.
ثالثاً: أن الحديث نهي عن الاغتسال، وذلك يعني غسل البدن كله، وأنتم أدخلتم حتى الوضوء، بل أدخلتم ما دون ذلك، وذلك كما لو أدخل بعض أعضائه ناوياً رفع الحدث، فإن الماء يكون مستعملاً عندكم أي طاهراً غير مطهر، فالحديث نص في الحدث الأكبر، فخالفتم الحديث فأدخلتم الحدث الأصغر، بل حتى ولو غمس بعض أعضاء الحدث الأصغر. وهذه مخالفة ثالثة للحديث.
رابعاً: الحديث نهى الجنب أن يغتسل في الماء ما دام جنباً سواء نوى رفع الحدث أو لم ينو. لأن معنى: " لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب " أي لا يغتسل حالة كونه جنباً، ولم يتطرق الحديث إلى اشتراط النية، وأنتم قلتم لو انغمس وهو جنب، ولم ينو رفع الحدث لايكون الماء مستعملاً بل يبقى طهوراً. وهذه مخالفة رابعة. فتبين أن هذا الدليل لا يصلح أن يكون دليلاً لهم
(1)
المجموع (1/ 206).