الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول في الأواني المتخذة من جلود الميتة
الأواني من الجلود كانت معروفةً عند الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا هذا خاصة في بعض المجتمعات الإسلامية، والكلام في جواز الانتفاع من أواني الجلود مبني على خلاف في الدباغ، هل يطهر أم لا؟ وإذا كان لا يطهر، فهل يباح استعماله مع نجاسته، أم لا؟ فكان علينا -حتى نتصور حكم المسألة- أن نبين هل الدباغ يطهر جلود الميتة أم لا؟، وهل يباح الانتفاع به قبل أو بعد الدبغ أم لا؟ فأقول:
اختلف العلماء في حكم هذه المسألة:
فقيل: الدباغ يطهر جميع الجلود، إلا جلد الإنسان والخنزير، وهو مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: لا يطهر جلد الميتة بالدباغ، وقبل الدبغ لا ينتفع بالجلد مطلقاً، وهو مذهب مالك
(2)
، والمشهور من مذهب الحنابلة
(3)
.
وأما بعد الدبغ فيباح استعماله في يابس عندهما، وفي الماء عند
(1)
الهداية شرح البداية (1/ 21)، البحر الرائق (1/ 105)، بدائع الصنائع (1/ 85)، تبيين الحقائق (1/ 24)، حاشية ابن عابدين (1/ 203)، المبسوط (1/ 202)، حاشية الطحطاوي (1/ 111)، بد.
(2)
حاشية الدسوقي (1/ 54،55)، التاج والإكليل (1/ 101)، مواهب الجيل (1/ 101)، البيان والتحصيل (1/ 100)، التمهيد (4/ 156،157) و (1/ 162)، الكافي (ص: 189).
(3)
المبدع (1/ 70)، شرح العمدة (1/ 122)، كشاف القناع (1/ 54)، الإنصاف (1/ 86)، الإقناع (1/ 13)، الفروع (1/ 72)، الكافي (1/ 19)، المغني (1/ 53).
المالكية
(1)
.
وقيل: الدباغ يطهر جميع جلود الميتة بما في ذلك جلود ما لا يؤكل لحمه، إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما، وهو مذهب الشافعية
(2)
.
وقيل: الدباغ لا يطهر إلا ما تحله الذكاة، وهو رواية عن مالك
(3)
، واختاره أبو ثور
(4)
، ورجحه بعض الحنابلة كالمجد وابن رزين وابن عبد القوي
(5)
، وابن تيمية
(6)
.
وقيل: الدباغ يطهر كل حيوان طاهر في الحياة، وهو رواية عن أحمد، واختارها بعض أصحابه، وهو رواية ثانية عن ابن تيمية
(7)
.
وقيل: الدباغ يطهر جميع الجلود حتى جلد الكلب والخنزير، وهو
(1)
والفرق بين الماء وبين غيره من السوائل كالعسل واللبن والسمن، قالوا: إن الماء له قوة الدفع عن نفسه لطهوريته، فلا يضره إلا ما غير أحد أوصافه الثلاثة، بخلاف غيره.
(2)
الأم (1/ 9)، حلية العلماء (1/ 93)، الإقناع للشربيني (1/ 28)، الوسيط (1/ 129)، روضة الطالبين (1/ 41)، المجموع (1/ 275).
(3)
جاء في البيان والتحصيل (1/ 101): وسئل مالك: أترى ما دبغ من جلود الدواب طاهراً؟ فقال: ألا يقال هذا في جلود الأنعام، فأما جلود ما لا يؤكل لحمه فكيف يكون طاهراً إذا دبغ، وهو مما لا ذكاة فيه، ولا يؤكل لحمه. اهـ ونقل ابن عبد البر هذا الكلام في الاستذكار (15/ 326). وقال في التمهيد (4/ 182): وقالت طائفة من أهل العلم لا يجوز الانتفاع بجلود السباع لا قبل الدباغ ولا بعده، مذبوحة كانت أو ميتة، وممن قال هذا القول: الأوزاعي وابن المبارك وإسحاق، وأبو ثور، ويزيد بن هارون. اهـ
(4)
الاستذكار (15/ 326).
(5)
الإنصاف (1/ 87).
(6)
مجموع الفتاوى (21/ 95).
(7)
الإنصاف (1/ 86).