الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني: قالوا لا يطهر، لأنه ماء استعمل في إزالة النجاسة، هذه الطرق في تطهير الماء النجس بالماء عند الشافعية.
أما تطهيره بالتراب فقد وافقوا المالكيه.
قالوا: إذا طرح فيه تراب وزال تغيره.
فإما أن يكون الماء كدراً أو صافياً، فإن كان صافياً فقد طهر جزماً.
وإن كان الماء كدراً بما ألقي فيه.
فقيل: يطهر؛ لأن التغير قد زال فصار كما لو زال بنفسه أو بماء آخر. وصحح الأكثرون أنه لا يطهر
(1)
.
القول الرابع: مذهب الحنابلة
.
طريقة الحنابلة فى تطهير الماء المتنجس بالماء قريبة من تقسيم الشافعية إلا أنهم خالفوهم فى مواضع يسيرة.
فقسم الحنابلة الماء المتنجس أولاً إلى قسمين:
الأول: قسم تنجس ببول آدمي أو عذرته المائعه.
الثاني: وقسم تنجس بسائر النجاسات.
أما الماء الذي تنجس بغير بول آدمي وعذرته المائعة فإنه يمكن أن نقسمه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يكون الماء دون القلتين. وفي هذه الحال إما أن تكون نجاسته بالتغير، أو بالملاقاة ولو لم يتغير.
(1)
المجموع (1/ 183 - 191)، ومغني المحتاج (1/ 22،23)، والحاوي (1/ 339)، روضة الطالبين (1/ 20، 21)، منهاج الطالبين (1/ 3)، شرح زبد ابن رسلان (1/ 28، 29)، المهذب (1/ 7).
فيشترط لتطهير الماء المتنجس بالملاقاة شرط واحد، هو أن تضيف إليه قلتين من الماء الطهور، وبالتالي يصبح طهوراً فإن أضفت إليه دون القلتين لم يطهر.
التعليل: لأن الماء القليل لا يدفع النجاسة عن نفسه فكيف يدفعها عن غيره لقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن عمر: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث
(1)
.
لوقال قائل: لنفرض أن الماء المتنجس بالملاقاة قلة واحدة فأضفت إليها قلة أخرى حتى أصبح الماء قلتين فهل يطهر؟
أكثر الأصحاب على أنه لا يطهر، وهو المشهور من المذهب، وحكى بعضهم وجهاً بالتطهير، وصوبه صاحب الإنصاف.
وإن كانت نجاسة الماء القليل بالتغير ففي هذه الحالة تضيف إليه قلتين من الماء الطهور ثم تنظر هل زال التغير أم بقي؟ فإن زال فقد طهر، وإن لم يزل فإنك تضيف إليه حتى يذهب تغيره.
أما إذا أضفت إليه دون القلتين فإن الماء يكون نجساً حتى ولو زال تغيره وهذا هو المذهب.
وقيل: إنه يكون طهوراً حتى على قواعد المذهب. أو القائلين بالنجاسة ولو لم يتغير. قالوا: لأن الماء إنما ينجس بالنجاسة إذا كانت واردة عليه وهنا قد ورد الماء على النجاسة.
ولو قلنا بنجاسة الماء هنا لقلنا بنجاسة الماء إذا صب على ثوب نجس إلا أن يكون قلتين، ولما كان الدلو مطهراً لبول الأعرابي، لأنه بالتأكيد ليس قلتين ولا حتى قلة. هذه الطريقة في تطهير الماء عند الأصحاب رحمهم الله إذا
(1)
سبق الكلام عليه، وأنه حديث صحيح.
كان الماء أقل من قلتين.
الحالة الثانية: إذا كان الماء قلتين، فله طريقان:
الأول: أن تضيف إليه قلتين فأكثر حتى يذهب تغيره بالنجاسة، وقد علمت مما سبق لماذا يشترطون إضافة القلتين، ولم لا يعتبرون ما دون القلتين؟ فلا داعي لإعادته. وهذاالشرط خالفوا فيه الشافعية.
الأمر الثاني: هل يزول تغيره بنفسه، فالمشهور من المذهب أنه إذا زال تغيره بنفسه، وهو قلتان طهر، وفيه وجه آخر في المذهب أنه لا يطهر بناء على أن النجاسة في المذهب لا تطهر بالاستحالة، وهذا على رأي من يرى أن النجاسة نجاسة عينية وليست حكمية.
وقيل: إنه طاهر، لأنه لا يكون طهوراً وقد أزيلت به النجاسة، ولا يكون نجساً وهو ماء كثير غير متغير، قاسوه على الماء القليل إذا كان آخر غسلة زالت بها النجاسة.
الحالة الثالثة: إذا كان الماء أكثر من قلتين فلهم ثلاثة طرق:
الأولى: أن تضيف إليه قلتين بشرط أن يزول التغير وقد سبق لكم التعليل من اشتراط القلتين.
الثانية: أن يزول تغيره بنفسه، وهذا هو المشهور من المذهب وسبق لكم في المذهب ثلاثة أوجه.
الثالثة: أن ينزح منه فيبقى بعد النزح قلتين فأكثر غير متغير.
مثاله: عندنا ماء ثلاث قلال أو أربع
…
سقطت فيه ميته فغيرت رائحة الماء. فقام رجل فنزح منها ماء حتى ذهبت رائحة النجاسة. فهل يطهر الماء؟
الجواب: إن كان الماء الباقي قلتين فأكثر فقد طهر.
وهذه هى الطريقة في تطهير الماء على المشهور من مذهب الامام أحمد رحمه الله.
وأما التراب ففيه وجهان:
الأول: أنه لا يطهر. قال في الانصاف: على الصحيح من المذهب لأن النجاسة عندهم لا تزال إلا بالماء المطلق.
قال ابن عقيل: التراب لا يطهر لأنه يستر النجاسة بخلاف الماء.
الثاني: يطهر بذلك، لأن علة نجاسته التغير، وقد زال فيزول الحكم بنجاسته كما لو زال بمكثه
(1)
.
القسم الثاني: من الماء النجس: أن يكون متنجساً ببول آدمي أو عذرته المائعة، فإن كانت النجاسة لم تغيره وكان لا يشق نزحه فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه إليه وإن كان الماء يشق نزحه، وقد تغير بالنجاسة فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يضاف إليه ما يشق نزحه.
الثانية: أن يزول تغيره بنفسه.
الثالثة: أن ينزح منه فيبقى بعده قلتان غير متغيرتين
(2)
.
خلاصة ما سبق:
التطهير تارة يكون بالإضافة، وتارة يكون بنفسه، وتارة يكون بالنزح.
فإن كان التطهير بالإضافة، فيشترط له شروط:
(1)
المغني (1/ 52)، المبدع (1/ 58)، الإنصاف (1/ 66)، المحرر (1/ 2،3)، الكافي (1/ 10)، كشاف القناع (1/ 38).
(2)
المبدع (1/ 56)، وانظر المراجع السابقة.
الأول: أن يكون الماء طهوراً، وهذا شرط عند المالكية، والحنابلة، وليس بشرط عند الشافعية، إذ لا مانع أن تضيف عندهم ماء نجساً إذا كان بإضافته سوف يزول تغير الماء بالنجاسة.
الثاني: أن يكون المضاف كثيراً _ قلتان فأكثر - وهذا شرط للحنابلة، وليس بشرط عند المالكية، والشافعية.
الثالث: أن يبلغ الماء قلتين بعد الإضافة. وليس بشرط عند المالكية، وأما الحنابلة فلا يكفي هذا عندهم لأنهم يشترطون أن يكون المضاف نفسه قلتين.
تطهير الماء بزوال تغيره بنفسه.
المالكية، والشافعية، والحنابلة يشترطون أن يكون الماء كثيراً، والمالكية لم أقف على حد لهم في القليل والكثير، بينما الحنابلة والشافعية يحدونه بالقلتين.
أما التغير بالنزح، فالشافعية والحنابلة يشترطون أن يبقى بعد النزح ماء كثير غير متغير.
والصحيح: أنه متى زال تغير الماء على أي وجه، قليلاً كان أو كثيراً، حتى ولو كان عن طريق المعالجة كالتقطير مثلاً
…
فإنه يطهر؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، ولا علة للتنجس إلا لكونه متغيراً بالنجاسة وقد زال، والله أعلم.