الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاف العلماء في كيفية تطهير الماء المتنجس
اختلف العلماء في كيفية تطهير الماء المتنجس على أقوال، مع اتفاقهم على أن الماء الكثير لا ينجس إلا بالتغير، واختلفوا في القليل هل ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة، أو يشترط أن يتغير بها، وقد سبق تحرير الخلاف.
القول الأول: مذهب الحنفية
.
فرق الحنفية بين ماء البئر وغيره من المياه، فمسائل البئر عندهم على خلاف القياس، بينما الجمهور لم يفرقوا بين ماء البئر وغيره من المياه.
فإذا وقعت في الأواني أو في الحوض الصغير نجاسة، فلهم في تطهير الماء بشرط زوال تغيره إن وجد ثلاثة أقوال:
قيل: إذا دخل فيه ماء آخر، وخرج الماء منه طهر، وإن قل إذا كان الخروج حال دخول الماء فيه؛ لأنه بمنزلة الجاري.
وقيل: لا يطهر إلا بخروج ما فيه.
وقيل: لا يطهر إلا بخروج ثلاثة أمثال ما كان فيه من الماء، وسائر المائعات كالماء في القلة والكثرة
(1)
.
تعليل الحنفية:
أن الماء النجس إذا دخل فيه ماء آخر، وخرج الماء منه، وكان خروج الماء حال دخول الماء الجديد فيه؛ أصبح بمنزلة الماء الجاري، والماء الجاري لا ينجس إلا بالتغير.
القول الثاني: مذهب المالكية
.
(1)
تبيين الحقائق (1/ 23)، بدائع الصنائع (1/ 87)، شرح فتح القدير (1/ 81).
قالوا: الماء المتغير بالنجاسة إما أن يزول تغيره بنفسه، أو بصب ماء مطلق عليه
(1)
، أو بإضافة تراب ونحوه.
فإن تغير الماء بنفسه، فإما أن يكون الماء قليلاً أو كثيراً، ولم يجدوا فى ذلك حداً بين القليل والكثير، فالقليل أواني الوضوء ونحوها، والكثير ما عداها.
فإن كان قليلاً فهو نجس اتفاقاً عندهم.
وإن كان الماء الذى تغير بنفسه كثيراً فلأصحاب مالك فيه قولان:
الأول: أنه طهور؛ لأن الحكم بالنجاسة إنما هو لأجل التغير وقد زال والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، كالخمر يتخلل، وقد رجح هذا ابن رشد.
وقيل: إنه نجس؛ لأن النجاسة عندهم لا تزال إلا بالماء المطلق، وليس حاصلاً هنا فيستمر بقاء النجاسة.
ومع أنهم حكموا بنجاسته، إلا أنهم قيدوا الحكم بالنجاسة مع وجود غيره، أما إذا لم يوجد إلا هو فيستعمله بلا كراهة مراعاة للخلاف.
قلت: وهذا يدل على ضعف القول بنجاسته عندهم؛ لأنهم لو جزموا بالنجاسة لما صح استعماله مطلقاً، سواء وجد غيره أم لم يوجد؛ لأنه إذا لم يوجد إلا ماء نجس صار الى التيمم، كما هو الحال إذا وجد ماء متغير بالنجاسة، فهذا الاستثناء دليل على ضعف القول بالنجاسة عندهم، والله أعلم.
وإن زال تغير الماء بالنجاسة بإضافة ماء مطلق، فهو طهور اتفاقاً عندهم،
(1)
وهذا القيد أخرج الماء النجس والماء الطاهر؛ لأنه ليس ماء مطلقاً عندهم.