الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توطئة منهج الباحث في الشذوذ وزيادة الثقة
.
نظراً إلى أن الخلاف في بعض المسائل الأصولية ينبني عليها تضعيف أو تصحيح كثير من الأحاديث، والخطأ في مسألة أصولية واحدة يعني: الخطأ في عشرات المسائل المتفرعة من تلك المسألة، فكم من خطأ أصولي أوقع في أخطاء كثيرة، وأذكر بعض الأمثلة:
المثال الأول:
يرى بعض الباحثين أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم إذا عارض قوله، حمل الفعل على أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحاول أن يجمع بين الفعل والقول وذلك بحمل النهي على الكراهة والأمر على الاستحباب، ولا شك أن هذا القول خطأن ولا تثبت الخصوصية إلا بدليل صريح أن هذا الفعل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا القول لقائله لو أحصينا المسائل التي خالف فيها القول الراجح بسبب هذا المنهج لجاءت مسائل كثيرة متفرقة على أبواب الفقه، هذا مثال، وقس عليه غيره.
مثال آخر:
أخذ بعضهم من الأمر المطلق بقوله صلى الله عليه وسلم: خذوا عني مناسككم. وقوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي أن الأصل في جميع أفعال الحج والصلاة الوجوب، إلا لصارف وقرينة يدل على أن الحكم فيها للاستحباب.
ولا شك أن الاستدلال بمثل هذا الأمر العام المشتمل على أحوال وهيئات، وصفات وأقوال، أحكامها مختلفة، لا أرى أن يستدل على وجوبها بهذا العموم. فقوله صلى الله عليه وسلم:" خذوا عني مناسككم " يدل على
كونه مشروعاً، وأنه من أفعال المناسك، أما دلالته على الوجوب فيحتاج إلى دليل خاص، كما أن دلالته على الشرطية أو الركنية يحتاج إلى دليل خاص كذلك. فإذا كان ورود الأمر الخاص فيه نزاع في دلالته على الوجوب كما هو معلوم في أصول الفقه، فما بالك في حديث:"خذوا عني مناسككم" والذي يشمل جميع أفعال المناسك.
ولأهمية هذه المسألة رأيت أيت أن أذكر منهجي في مسائلة مهمة يختلف فيها الاجتهاد من باحث لآخر، ويترتب على الخلاف فيها اختلاف في الحكم على مئات الأحاديث صحة وضعفاً، فرأيت أن أقدم ما آراه صواباً مدعوماً بالحجة في منهج المحدثين في الشذوذ وزيادة الثقة.
ومسألة الشذوذ مسألة شائكة مترامية الأطراف، ومن أكبر أسس العلة تصحيحاً وتضعيفاً، وقد خاض في هذه المسألة طوائف من العلماء مختلفة مشاربهم، خالفوا فيها جمهور المحدثين، على رأسهم جمهور الأصوليين المتأثرين بعلم الكلام، البعيدين كل البعد عن الممارسة والتطبيق في تصحيح الأحاديث وتضعيفها وبيان عللها، وتأثر كثير من طلبة العلم بمنهج الأصوليين، وأصبح منهج جمهور المحدثين غير معمول به عند كثير من الطلبة، وممن له عمل في تصحيح الأحاديث وتضعيفها، وليست هذه هي الجناية الوحيدة من الأصوليين على مصطلح الحديث، فقد أقحموا مباحث كثيرة، ونشروا أراء لم تكن معروفة عند أهل الحديث، وليس هذا مجال بحثها.
ومما زاد الطين بلة أن الحافظ ابن حجر رحمه الله قرر في نخبة الفكر رأي الأصوليين واعتمده، فانتشر هذا الرأي بسبب انتشار النخبة، بينما الحافظ نفسه ضعف ما رجحه في النخبة في كتابه القيم النكت على مقدمة ابن