الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في الآنية المتخذة من عظام الميتة وقرنها وحافرها
الآنية المتخذة من عظم حيوان مأكول اللحم مذكى يحل استعمالها إجماعاً، كما أن الآنية المتخذة من عظم الآدمي لا تجوز، ولو من كافر لكرامة المؤمن، وتحريم المثلة في الكافر
(1)
.
وأما الآنية المتخذة من عظام حيوان غير مذكى، سواء كان مأكول اللحم أم غير مأكول اللحم فإن الخلاف فيها مبني على الخلاف في طهارة عظام الميتة، فمن كان يرى طهارة عظام الميتة مطلقاً لا يرى بأساً من اتخاذ الأواني منها، ومن يرى نجاستها يمنع من ذلك، والخلاف فيها على النحو التالي:
فقيل: يجوز اتخاذ الآنية من عظام الميتة، وبيعها، وهو مذهب الحنفية
(2)
، ورجحه ابن تيمية
(3)
.
وقيل: لا يجوز، وهو المشهور من مذهب المالكية
(4)
، والشافعية
(5)
،
(1)
انظر غمز عيون البصائر (4/ 214)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 52)، تحفة المحتاج (1/ 117)، كشاف القناع (1/ 51)، المحلى (1/ 426).
(2)
البحر الرائق (1/ 112)، تبيين الحقائق (1/ 26)، بدائع الصنائع (1/ 63)، الهداية شرح البداية (3/ 46)، الجامع الصغير (ص: 329)، أحكام القرآن للجصاص (1/ 170) و (3/ 33).
(3)
الفتاوى الكبرى (1/ 267).
(4)
المنتقى (3/ 136)، حاشية الدسوقي (1/ 53،54)، الخرشي (1/ 89)، مختصر خليل (ص:7)، حاشية العدوي (1/ 585)، الفواكه الدواني (2/ 287)، التمهيد (9/ 52)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 50).
(5)
قال الشافعي في الأم (1/ 23): " ولا يتوضأ ولا يشرب في عظم ميتة، ولا عظم =
والحنابلة
(1)
.
وقيل: لا يجوز بيعها، ويجوز الانتفاع بها، وهو اختيار ابن حزم
(2)
.
= ذكي لا يؤكل لحمه، مثل عظم الفيل والأسد وما أشبهه؛ لأن الدباغ والغسل لا يطهران العظم. اهـ وانظر المجموع (1/ 291)، وقد نص النووي رحمه الله أن استعمال عظام الميتة في شيء يابس يكره، ولا يحرم؛ لأن النجاسة هنا لا تتعدى، قال رحمه الله (1/ 198): العاج المتخذ من عظم الفيل نجس عندنا كنجاسة غيره من العظام، لا يجوز استعماله في شيء رطب، فإن استعمل فيه نجسه، قال أصحابنا: ويكره استعماله في الأشياء اليابسة لمباشرة النجاسة، ولا يحرم؛ لأنه لا يتنجس به، ولو اتخذ مشطاً من عظم الفيل فاستعمله في رأسه أو لحيته، فإن كانت رطوبة من أحد الجانبين تنجس شعره، وإلا فلا، ولكنه يكره ولا يحرم، هذا هو المشهور للأصحاب. ورأيت في نسخة من تعليق الشيخ أبي حامد أنه قال: ينبغي أن يحرم، وهذا غريب ضعيف. قلت (القائل النووي): وينبغي أن يكون الحكم هكذا في استعمال ما يصنع ببعض بلاد حوران من أحشاء للغنم على هيئة الأقداح والقصاع ونحوها، لا يجوز استعماله في رطب، ويجوز في يابس مع الكراهة، قال الروياني: ولو جعل الدهن في عظم الفيل للاستصباح أو غيره من الاستعمال في غير البدن فالصحيح جوازه، وهذا هو الخلاف في جواز الاستصباح بزيت نجس؛ لأنه ينجس بوضعه في العظم .. هذا تفصيل مذهبنا في عظم الفيل، وإنما أفردته عن العظام كما أفرده الشافعي ثم الأصحاب، قالوا: وإنما أفرده لكثرة استعمال الناس له، ولاختلاف العلماء فيه، فإن أبا حنيفة قال بطهارته بناء على أصله في كل العظام، وقال مالك في رواية: إن ذكي فطاهر وإلا فنجس، بناء على رواية له أن الفيل مأكول، قال إبراهيم النخعي: إنه نجس لكن يطهر بخرطه، وقد قدمنا دليل نجاسة جميع العظام وهذا منها، ومذهب النخعي ضعيف بين الضعف. والله أعلم. وانظر في مذهب الشافعية: حاشية البجيرمي (1/ 35)، وحاشية الشرواني (1/ 117)، روضة الطالبين (1/ 43، 44).
(1)
مختصر الخرقي (ص: 16)، المغني (1/ 56)، دليل الطالب (ص: 5)، المبدع (1/ 74،76)، كشاف القناع (1/ 56)، الإنصاف (1/ 92)، الكافي (1/ 20).
(2)
قال في المحلى (1/ 132): وأما العظم والريش والقرن فكل ذلك من الحي بعض الحي، والحي مباح ملكه وبيعه إلا ما منع من ذلك نص، وكل ذلك من الميتة ميتة، وقد صح =