الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما خصهما بالذكر قصرنا التحريم عليهما.
الدليل الثاني:
قياس الاستعمال على الأكل والشرب قياس مع الفارق، فإن علة النهي عن الأكل والشرب هي التشبه بأهل الجنة، قال تعالى:{ويطاف عليهم بآنية من فضة}
(1)
، وذلك مناط معتبر بالشرع
(2)
.
(110)
وقد روى أحمد، قال: حدثنا يحيى بن واضح وهو أبو تميلة، عن عبد الله بن مسلم، عن عبد الله بن بريدة،
عن أبيه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد رجل خاتماً من ذهب، فقال: ما لك ولحلي أهل الجنة؟ قال: فجاء، وقد لبس خاتماً من صفر، فقال: أجد منك ريح أهل الأصنام؟ قال: فمم أتخذه يا رسول الله؟ قال: من فضة
(3)
.
[في إسناده لين]
(4)
.
(1)
الإنسان: 15.
(2)
النيل (1/ 67).
(3)
مسند أحمد (5/ 359).
(4)
هذا الحديث مداره على عبد الله بن مسلم، واختلف عليه فيه:
فرواه عنه يحيى بن واضح كما في مسند أحمد (5/ 259)، والترمذي (1785) بزيادة: ثم جاءه وعليه خاتم من ذهب، فقال: ما لي أرى عليك حلية أهل الجنة.
ورواه زيد بن الحباب عن عبد الله بن مسلم، واختلف على زيد:
فرواه الحسن بن علي كما في سنن أبي داود (4223) ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، كما في سنن أبي داود (4223)، وشعب الإيمان للبيهقي (6350).
ومحمد بن العلاء الهمذاني كما في صحيح ابن حبان (5488).
وأحمد بن سليمان، كما في سنن النسائي (5195) كلهم رووه عن زيد بن الحباب، =
(111)
وقد يستدل لهم بما أخرجه النسائي، قال: أخبرنا وهب
= عن عبد الله بن مسلم به بدون ذكر زيادة: ما لي أرى عليك حلية أهل الجنة ".
وخالفهم محمد بن حميد، كما في سنن الترمذي (1785) فروى الحديث عن زيد بإثبات تلك الزيادة.
وعلى هذا فيحيى بن واضح لم يختلف عليه في إثبات تلك الزيادة، كما في مسند أحمد والترمذي. ويحيى بن واضح روى له الجماعة، وفي التقريب: ثقة. بينما قال الحافظ عن زيد بن الحباب: صدوق يخطئ في حديث الثوري، روى له مسلم وأصحاب السنن، ولكن مدار هذا الإسناد على عبد الله بن مسلم:
قال فيه أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به. الجرح والتعديل (5/ 165).
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ ويخالف. الثقات (7/ 49).
وقال الذهبي في الميزان: صالح الحديث.
وفي التقريب: صدوق يهم.
والحديث ذكره الزيلعي في نصب الراية (4/ 234)، وسكت عليه وقال: رواه أحمد والبزار وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم، ولم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو.
وفي الفتح قال الحافظ عند شرحه لحديث (5871): في سنده أبو طيبة: عبد الله بن مسلم المروزي، قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان في الثقات: يخطئ ويخالف. فإن كان محفوظاً حمل المنع على ما كان حديداً صرفاً. وقال التيفاشي في كتاب الأحجار: خاتم الفولاذ، مطردة للشيطان، إذا لوي عليه فضة، فهذا يؤيد المغايرة في الحكم، ثم ذكر حديث سهل بن سعد في قصة الواهبة، وقوله: التمس ولو خاتماً من حديد، فاستدل به على جواز لبس الخاتم الحديد، ولا حجة فيه؛ لأنه لا يلزم من الاتخاذ جواز اللبس. انظر العلل المتناهية (2/ 206).
وحديث عبد الله بن عمرو الذي أشار إليه الترمذي قد أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1021)، من طريق سليمان بن بلال. والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 261) من طريق أبي غسان كلاهما عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. ولكن ليس فيه موضع الشاهد، وهو قوله:" مالي أرى عليك حلية أهل الجنة ".
بن بيان، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أنبأنا عمرو بن الحارث، أن أبا عشانة، وهو المعافري، حدثه
أنه سمع عقبة بن عامر يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير، يقول: إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها، فلا تلبسوها
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
لكن لا دليل فيه، ولعل المنع هنا من باب الزهد، لا من باب التحريم؛ لأن الحرير وكذا الذهب لا يحرمان على النساء، بل يباحان.
وقد أشير إلى الاختلاف في علة النهي عن آنية الذهب والفضة، فارجع إليه، والجزم بأن العلة هي النهي عن التشبه بأهل الجنة فيه شيء، والتشبه بأهل الجنة ليست نقيصة، وقد أذن للمرأة بلباس الحرير والذهب، كما أن الذهب والفضة الموجودان في الجنة غير الموجودين في الدنيا، وليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء.
(1)
سنن النسائي (5136).
(2)
والحديث قد أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 302) والحاكم (4/ 191)، وابن حبان (5486) وابن حزم في المحلى (10/ 84) من طرق عن ابن وهب به.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، والحق أن أبا عشانة لم يخرج له في الصحيحين، وإنما روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وقال في التقريب: ثقة، واسمه: حي بن يؤمن.
قال ابن حزم رحمه الله: أبو عشانة غير مشهور في النقل، ثم لو صح لكان عاماً للرجال والنساء، يخصه الخبر الذي فيه: إن الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي حلال لإناثها. اهـ
وكلامه حق إلا ما قاله في حق أبي عشانة فإنه ثقة.