الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: ما في معناهما.
الأول: رفع الحدث
.
لا شك أن ارتفاع الحدث يسمى طهارة شرعية، سواء كان الحدث أصغر أو أكبر، فإذا توضأ الإنسان أو اغتسل من الحدث فقد تطهر، قال تعالى، بعد أن ذكر طهارة الوضوء من الحدث الأصغر والأكبر، في طهارة الماء والتيمم {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}
(1)
.
والذي لم يتطهر يقال له محدث بنص السنة.
(7)
فقد جاء في الصحيحين من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ "
(2)
الثاني من أقسام الطهارة: إزالة النجاسة
، فإذا أزيلت النجاسة عن المحل فقد حصلت له طهارة شرعية من هذه النجاسة.
(8)
روى مسلم في صحيحه من طريق محمد بن سيرين، وهمام بن منبه كلاهما
عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولا هن بالتراب
(3)
.
فالطهارة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الإناء ليست من الحدث،
(1)
المائدة: 6.
(2)
البخاري (135)، ومسلم (2 ـ 225).
(3)
مسلم (91، 29 - 279).
ولكنها طهارة من الخبث، وهي النجاسة، ومع ذلك اعتبرها الشارع طهارة شرعية، بل لو قيل: إن الطهارة من النجاسة هي الأصل في إطلاق الطهارة؛ لأن الطاهر عكس النجس، بخلاف طهارة الحدث فإنها ليست عن نجاسة، وقد لا يزال بها وساخة لم يكن القول بعيداً من حيث اللغة.
بهذه الأدلة تبين لنا أن رفع الحدث طهارة، وزوال النجاسة طهارة أيضاً. وقد جمع الله سبحانه وتعالى طهارة الحدث، وطهارة النجاسة في آية واحدة في سورة البقرة على القول الصحيح. قال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}
(1)
. فقوله سبحانه: حتى يطهرن. أي من النجاسة، التي هي انقطاع دم الحيض. وقوله: فإذا تطهرن: أي من الحدث الأكبر بالغسل بعد الطهارة من الحيض.
النوع الثالث: هناك طهارة لا يرتفع بها الحدث، ولا تزال بها النجاسة، وهي مع ذلك طهارة شرعية. سماها الفقهاء: " في معنى ارتفاع الحدث، وفي معنى إزالة النجاسة.
فالطهارة التي في معنى ارتفاع الحدث كتجديد الوضوء، فهو طهارة شرعية، ومع ذلك لم يرتفع بها الحدث، لأن الحدث قد ارتفع، ومثله الأغسال المستحبة شرعاً، ومثله الغسلة الثانية والثالثة في الوضوء.
والطهارة التي في معنى إزالة النجاسة طهارة المستحاضة، فإنه يحكم لها بالطهارة وإن كان الحدث مستمراً، ومثله من به سلس بول، ومن قال: إن هذه إستباحة وليست طهارة فالخلاف معه قريب من اللفظي
(2)
، لأننا إذا
(1)
البقرة، آية:122.
(2)
وقد يقال: إنه خلاف معنوي، وله ثمرة، حيث إنهم يوجبون على المتيمم التيمم =
أبحنا له فعل الصلاة، فقد حكمنا له بالطهارة. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة بغير طهور " وقد سبق تخريجه. فلما أذن له شرعاً بالصلاة علم أنها هذه طهارته
= لكل صلاة، ولو لم يحدث، والمخالف لهم يبيح له الصلاة بتيممه ما لم يحدث، أو يمكنه استعمال الماء.