الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الخامس:
قالوا: الأصل في أواني المشركين الطهارة والحل حتى يقوم دليل على المنع أو على النجاسة، ولم يقم دليل على ذلك، ولا يحكم بنجاستها بمجرد الشك، والشك لا يقضي على اليقين.
لكن يشكل على هذا القول حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه حيث نهاهم عنها مع وجود غيرها، فإن لم يوجد إلا هي أذن لهم باستعمالها بعد غسلها.
وأجابوا عن ذلك بوجهين:
الأول: أن الغسل هو من باب الاحتياط والاستحباب.
الثاني: أن حديث أبي ثعلبة الخشني في قوم كانوا يأكلون في آنيتهم الميتة والخنزير، ويشربون فيها الخمر، ولذا أمر بغسلها إن لم يوجد غيرها، أما من يعلم أنهم لا يأكلون فيها الميتة ولا يشربون فيها الخمر فآنيتهم كآنية المسلمين،
(129)
ويدل على هذا ما رواه أبو داود الطيالسي، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة،
أن أبا ثعلبة الخشني قال: يا رسول الله إنى بأرضٍ أهلها أهل الكتاب، يأكلون لحم الخنزير، ويشربون الخمر، فكيف بآنيتهم وقدورهم؟ فقال: دعوها ما وجدتم منها بداً، فإذا لم تجدوا منها بداً فارحضوها بالماء، أو قال: اغسلوها ثم اطبخوا فيها وكلوا. قال: وأحسبنه قال: واشربوا
(1)
.
[أبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة الخشني، واختلف في ذكر زيادة لحم
(1)
سنن أبي داود الطيالسي (1014).
الخنزير وشرب الخمر، والحديث في الصحيحين وليس فيه هذه الزيادة]
(1)
.
(1)
زيادة: وهم يأكلون الخنزير، ويشربون الخمر اختلف في ذكرها على النحو التالي:
فجاء ذكرها من طريق معمر كما في مصنف عبد الرزاق (8503) وأحمد (4/ 193).
ومن طريق حماد بن زيد كما في مسند أبي دواد الطيالسي (1014)، والمستدرك للحاكم (502)، كلاهما عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة. وهذا سند منقطع، أبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة.
ورواه شعبة، عن أيوب، واختلف على شعبة:
فرواه محمد بن جعفر كما في مسند أحمد (4/ 193).
والنضر بن شميل كما في مسند ابن الجعد (1193).
وأبو داود الطيالسي كما في مسند ابن الجعد أيضاً (1194).
وعمر بن مرزوق كما في مستدرك الحاكم (1/ 143) أربعتهم رووه عن شعبة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة بدون ذكر الخنزير والخمر.
وخالفهم سلم بن قتيبة كما في سنن الترمذي (1560، 1796) فرواه عن شعبة، عن أيوب به. بذكر لحم الخنزير وشرب الخمر.
وسلم بن قتيبة صدوق، إلا أن له أوهاماً، قال أبو حاتم الرازي: ليس به بأس كثير الوهم، يكتب حديثه.
وقال يحيى بن سعيد القطان: ليس أبو قتيبة من الجمال التي تحمل المحامل.
ولو خالف سلم بن قتيبة محمد بن جعفر لرد عليه، لأن محمد بن جعفر من أثبت الناس في شعبة، فكيف وقد خالف مع محمد بن جعفر جماعة من الرواة رووه عن شعبة بدون ذكر لحم الخنزير وشرب الخمر، كما أن رواية محمد بن جعفر وأصحابه عن شعبة موافقة لرواية الصحيحين من طريق أبي إدريس عن أبي ثعلبة.
ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب به. أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 230) رقم 604، قال: حدثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن بشر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن أيوب به. وفيه زيادة أن أبا ثعلبة طلب من الرسول أن يكتب له أرضاً بالشام، لم يظهر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذٍ، وليس في هذه الرواية ذكر لحم الخنزير والخمر، فهي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= موافقة لرواية محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أيوب.
ورواه حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة، كما في مسند أحمد (4/ 195)، وسنن الترمذي (1797)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2631)، والمستدرك (505)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 217) رقم 580، فوصله حماد بن سلمة، فزاد في الإسناد أبا أسماء الرحبي، وليس فيها الزيادة المذكورة، إلا أن رواية حماد بن زيد، ومعمر، وشعبة، عن أيوب بدون ذكر أبي أسماء الرحبي، فالرواية المنقطعة أرجح منها، خاصة وأن رواية حماد بن سلمة عن أيوب فيها كلام، وحماد بن زيد وحده مقدم على حماد بن سلمة، فكيف وقد اتفق حماد بن زيد وشعبة، ومعمر على عدم ذكر أبي أسماء الرحبي.
ورواه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، واختلف على خالد:
فرواه الطبراني (22/ 218) رقم 581 من طريق محمد بن عيسى الطباع وسريج بن يونس.
والحاكم (506) ومن طريقه البيهقي (1/ 33) من طريق يحيى بن يحيى ثلاثتهم عن هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة. وقد صرح هشيم بالتحديث في طريق الطبراني، فزاد في الإسناد أبا أسماء كرواية حماد بن سلمة.
وخالف سفيان هشيماً فرواه الطبراني (22/ 230) رقم 630 من طريق محمد بن يوسف الفريابي والحاكم (504) من طريق أبي أحمد كلاهما عن سفيان، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة الخشني، بدون ذكر أبي أسماء. ومع الاختلاف على خالد في إسناده فإنه لم يذكر في كلا الطريقين زيادة لحم الخنزير وشرب الخمر، فلفظه موافق لرواية الصحيحين.
ورواه النضر بن معبد أبو قحذم، عن أبي قلابة، فخالف فيه جميع من سبق، فقد أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 227) رقم 599 قال: حدثنا أحمد بن زهير التستري، ثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكير، ثنا يحيى بن السكن، ثنا أبو قحذم، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، أن أبا ثعلبة الخشني أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا بأرض أهلها أهل كتاب، يأكلون لحوم الخنازير ويشربون الخمر، فكيف تأمرنا في آنيتهم وقدورهم؟ قال: إن وجدتم غيرها فخذوها وإلا فارحضوها بالماء، ثم كلوا فيها. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فجعل أبو قحذم الواسطة بين أبي قلابة وبين أبي ثعلبة جعل أبا الأشعث الصنعاني، وأبو قحذم ضعيف، قال فيه النسائي: ليس بثقة. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، انظر لسان الميزان (6/ 165).
هذا فيما يتعلق بطريق أبي قلابة، عن أبي ثعلبة. فإن رجحنا الرواية المتصلة، والتي فيها رواية أبي أسماء الرحبي، فليس فيها زيادة أكل الخنزير، وشرب الخمر.
وإن رجحنا الرواية المنقطعة، وهي رواية شعبة ومعمر، وحماد بن زيد، والتي لم تذكر أبا أسماء الرحبي، فهي مع كونها منقطعة، فقد اختلف في الحديث على أيوب في ذكرها، وأولاها بالتقديم رواية شعبة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة، أولاً: لإمامة شعبة.
وثانياً: لموفقتها رواية الصحيحين في عدم ذكر لحم الخنزير وشرب الخمر.
وقد روي الحديث من غير طريق أبي قلابة، فمن ذلك طريق مسلم بن مشكم، عن أبي ثعلبة رواه أبو داود (3839)، ومن طريقه البيهقي (1/ 33) حدثنا نصر بن عاصم،
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (783) من طريق محمود بن خالد، كلاهما عن محمد بن شعيب، عن عبد الله بن العلاء بن زبر، عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم، عن أبي ثعلبة. بذكر الخنزير والخمر.
وأخرجه الطبراني في الكبير (22/ 219) رقم 584، قال: حدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي، حدثني أبي، ثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن العلاء بن زبر به. بذكر الخنزير والخمر.
ونصر بن عاصم فيه ضعف، لكنه قد توبع، كما أن الوليد بن مسلم قد عنعن إلا أن روايته عن الأوزاعي هو المتهم فيها بتدليس التسوية، وهذا الطريق عن غير الأوزاعي.
وأما طريق عمير بن هانئ، فأخرجه الطبراني في الكبير (22/ 223) رقم 592 من طريق إبراهيم بن دحيم.
وأخرجه البيهقي (1/ 33)، و (10/ 10) من طريق أبي بكر محمد بن إسماعيل، كلاهما عن دحيم الدمشقي، عن محمد بن شعيب، عن عبد الرحمن بن زيد بن جابر، عن عمير بن هانئ، عن أبي ثعلبة الخشني.
وإبراهيم بن دحيم لم أقف له على ترجمة، وقد توبع كما في سند البيهقي، وباقي رجاله ثقات، وقد جاء في هذا الطريق النص على لحم الخنزير وشرب الخمر. =