الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل الجمهور على عدم التفريق بين نوم الليل والنهار
.
الدليل الأول:
(61)
ما رواه البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا استيقظ أحدكم من نومه، فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده. ورواه مسلم
(1)
.
وجه الاستدلال:
قوله: " إذا استيقظ أحدكم من نومه " فكلمة (نومه) نكرة مضافة، فتعم، كقوله سبحانه:{وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}
(2)
فيشمل نوم الليل ونوم النهار.
الدليل الثاني:
على فرض أن يكون الحديث في نوم الليل فيدخل فيه نوم النهار من باب القياس الجلي؛ إذ لا فرق، فإذا كان النائم يجب عليه أن يغسل يده قبل أن يدخلها الإناء لما ورد من ذلك في الحديث، فنوم النهار مثل نوم الليل في القياس.
الدليل الثالث:
قوله في الحديث: " فإنه لا يدري " وهذه العلة موجودة في نوم النهار،
(1)
صحيح البخاري (162)، ومسلم (278).
(2)
النحل: 18.
فالنائم إذا نام لا يدري سواء كان نومه في الليل أم في النهار؛ لأن النوم يحجب العقل.
قال ابن حجر: لكن التعليل يقتضي الحاق نوم النهار بنوم الليل، وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة.
قال الرافعي في شرح المسند: يمكن أن يقال الكراهة في الغمس لمن نام ليلا أشد منها لمن نام نهارا؛ لأن الاحتمال في نوم الليل أقرب لطوله عادة
(1)
.
بل ذهب الباجي في المنتقى إلى دخول المغمى عليه والمجنون في الحكم، فقال: تعليق هذا الحكم بنوم الليل لا يدل على اختصاصه به؛ لأن النائم إن كان لا يدري أين باتت يده فكذلك المجنون والمغمى عليه، وكذلك من قام إلى وضوء من بائل أو متغوط أو محدث فإنه يستحب له غسل يده قبل أن يدخلها في إنائه خلافاً للشافعي؛ لأن المستيقظ لا يمكنه التحرز من مس رفغه ونتف إبطه وفتل ما يخرج من أنفه وقتل برغوث وعصر بثر وحك موضع عرق، وإذا كان هذا المعنى الذي شرع له غسل اليد موجودا في المستيقظ لزمه ذلك الحكم، ولا يسقط عنه أن يكون علق في الشرع على النائم، ألا ترى أن الشرع علقه على نوم المبيت ولم يمنع ذلك من أن يتعدى إلى نوم النهار لما تساويا في علة الحكم
(2)
.
وأجيب:
بأن الحكم خص في المبيت، فلم يقل في الحديث:" فإنه لا يدري "
(1)
فتح الباري (1/ 263)، قلت: قول الباجي لا يعتبر قولاً مستقلاً؛ لأن الكراهة عنده ثابتة في نوم الليل ونوم النهار، إلا أن نوم الليل أشد على اعتبار أن ما نص عليه آكد مما ألحق به قياساً، على تقدير أن المبيت نص في نوم الليل. والله أعلم.
(2)
المنتقى (1/ 48).