الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولا
(1)
.
وانظر الجواب عليه في مسألة المستعمل في رفع الحدث.
ومن أدلتهم قولهم: إن الماء المستعمل ليس ماء مطلقاً، بل هو مقيد بكونه ماء مستعملاً، والذي يرفع الحدث هو الماء المطلق كما في قوله تعالى:{فلم تجدوا ماء فتيمموا}
(2)
، فلم يقيده بشئ، فالماء المستعمل حكمه حكم ماء الورد والزعفران والشاي ونحو ذلك
(3)
.
وسبق الجواب عليه.
والصحيح أن إثبات قسم من الماء يكون طاهراً غير مطهر قول ضعيف، وقد بينت في مبحث أقسام المياه أن الماء قسمان: طهور، ونجس. ولا يوجد قسم الطاهر، والله أعلم.
دليل المالكية على أن غسالة النجاسة طاهرة مطهرة
.
استدل المالكية على أن غسالة النجاسة من الماء الطهور إذا لم تتغير بعدة أدلته، منها:
الدليل الأول:
(67)
ما رواه البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت،
عن أنس بن مالك، أن أعرابياً بال في المسجد، فقاموا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه، ثم دعا بدلو من ماء، فصب عليه، ورواه
(1)
صحيح مسلم (283).
(2)
المائدة: 6.
(3)
ذكره دليلاً لهم ابن حزم في المحلى (1/ 189) ورده عليهم.
مسلم
(1)
.
وجه الاستدلال:
أن الماء الذي غسل به بول الأعرابي لو كان نجساً لم يقض النبي صلى الله عليه وسلم بطهارة ذلك المحل، ولأمر أن يصب عليه الماء ثانية وثالثة، فصح أن المغسول به النجاسة طاهر مطهر
(2)
.
الدليل الثاني:
(68)
ما رواه البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي، فبال على ثوبه، فدعا بماء، فأتبعه إياه. ورواه مسلم
(3)
.
وجه الاستدلال من هذا الحديث كالاستدلال من الحديث الذي قبله، فإن قيل في الحديث الأول: إن النجاسة كانت على الأرض، فالحديث الثاني النجاسة على ثوب، وهذا دليل على أنه لافرق بينهما.
الدليل الثالث:
قالوا من جهة المعنى: الماء المنفصل عن المحل المغسول هو من جملة الماء الباقي في المحل المغسول، فالمنفصل بعض المتصل، والماء الباقي في المحل المغسول
(1)
صحيح البخاري (6025) ومسلم (284).
(2)
انظر كتاب تهذيب المسالك (1/ 44) والحنابلة يفرقون بين النجاسة تكون على الأرض، وبين أن تكون على غيرها، ولا دليل على التفريق بينهما، بل الحكم واحد.
(3)
صحيح البخاري (222) ومسلم (286).
طهور بإجماع، فوجب أن يكون المنفصل عنه مثله
(1)
.
الدليل الرابع:
إذا غلب الماء على النجاسة ولم يظهر فيه شيء منها فقد طهرها، ولا تضره ممازجته لها إذا غلب عليها، سواء كان الماء قليلاً أم كثيراً، فقد جعل الله الماء طهوراً، وأنزله علينا ليطهرنا به، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" الماء لا ينجسه شيء " يعني: إلا ما غلب عليه من النجاسة فغيره، ومعلوم أنه لا يطهر نجاسة حتى يمازجها، فإن غلب عليها ولم يظهر فيه شيء منها، فالحكم له، وإن غلبته النجاسة فالحكم لها إذا ظهر في الماء شيء منها
(2)
.
وقد أجمع العلماء على طهارة الخمر، إذا صارت خلاً من غير صانع، لاستهلاك ما كان يخامر العقل منها بطريان التحليل عليه، فلأن تطهر النجاسة، ويزول حكمها باستهلاك الماء لها أولى وأحرى
(3)
.
وهذا القول هو الراجح، لدليل النقل والعقل، والله أعلم.
(1)
كتاب تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك (1/ 44).
(2)
الاستذكار (3/ 259).
(3)
تهذيب المسالك (1/ 45).