المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: الأوضاع في المنطقة بعد الفتح الإسلامي وحتى بداية الاحتلال الفرنسي وتأثير ذلك على الناحية العلمية: - التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا - جـ ١

[محمد بن رزق الطرهوني]

فهرس الكتاب

- ‌أهمية البحث:

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌خطة البحث:

- ‌شكر وتقدير

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: نبذة عن علم التفسير وأهميته

- ‌المطلب الأول: التفسير لغة واصطلاحا:

- ‌المطلب الثاني: نشأة التفسير ومدارسه:

- ‌المطلب الثالث: أهمية علم التفسير:

- ‌المبحث الثاني: جغرافية هذه البلاد وتحديد أمكنتها

- ‌المطلب الأول: إفريقية وأصل تسميتها:

- ‌المطلب الثاني: تحديد منطقة إفريقية جغرافيا:

- ‌المطلب الثالث: تحديد الأمكنة المعنية بالدراسة وجغرافيتها:

- ‌المبحث الثالث: وصول الإسلام إلى هذه البلاد

- ‌المطلب الأول: الفتح الإسلامي للمنطقة (27 هـ - 95 ه

- ‌أصل البربر واستيطانهم المنطقة:

- ‌فتح برقة وزويلة:

- ‌فتح طرابلس:

- ‌فتح إفريقية:

- ‌المطلب الثاني: في موريتانيا؛ هل هي من بلاد المغرب المفتوحة أم من بلاد السودان

- ‌المبحث الرابع: اهتمام أهل هذه البلاد وتأثرهم بالعلوم الإسلامية

- ‌المطلب الأول: تأثير الفتح الإسلامي في الحياة العلمية في المنطقة:

- ‌المطلب الثاني: الأوضاع في المنطقة بعد الفتح الإسلامي وحتى بداية الاحتلال الفرنسي وتأثير ذلك على الناحية العلمية:

- ‌رابعا: دولة بني زيري أو الدولة الصنهاجية (362 هـ - 449 هـ) ودولة بني حماد بالمغرب الأوسط ودولة الأدارسة الثالثة بالمغرب الأقصى

- ‌خامسا: عصر المرابطين والموحدين (434 هـ - 668 ه

- ‌أحوال المنطقة حتى الاحتلال الفرنسي:

- ‌أولا: تونس

- ‌الدولة الحفصية في المغرب الأدنى (تونس) 1230 م - 1574 م

- ‌الدولة العثمانية في تونس وحتى الاحتلال الفرنسي:

- ‌حكم الدايات:

- ‌حكم الأسرة الحسينية

- ‌ثانيا: الجزائر

- ‌الدولة الزيانية (بنو عبد الواد) في المغرب الأوسط (الجزائر):

- ‌حكم العثمانيين للجزائر

- ‌دور الولاة الملقبين بيكلربك (يعني أمير الأمراء بالتركية) 1518 - 1587 م:

- ‌دور الباشوات 1587 م - 1671 م:

- ‌دور الدايات 1671 م - 1830 م:

- ‌ثالثا: المغرب

- ‌الدولة المرينية (دولة بني عبد الحق) في المغرب الأقصى (المغرب) 668 هـ - 869 ه

- ‌الوطاسيون 876 هـ والسعديون 915 هـ في المغرب

- ‌الدولة العلوية (من سنة 1050 هـ إلى الآن):

- ‌المطلب الثالث: الأوضاع في المنطقة منذ الاحتلال الفرنسي وحتى الاستقلال وتأثير ذلك على الناحية العلمية:

- ‌أولا: تونس

- ‌ثانيا: الجزائر

- ‌ثالثا: المغرب

- ‌المطلب الرابع: الأوضاع في المنطقة من الاستقلال وحتى الآن وتأثير ذلك على الناحية العلمية:

- ‌أولا: تونس

- ‌ثانيا: الجزائر

- ‌ثالثا: المغرب

- ‌رابعا: موريتانيا

- ‌الباب الأولالمفسرون في غرب إفريقية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولتراجم المفسرين من أهل المنطقة

- ‌1 - إبراهيم بن أحمد بن خلف بن الحسن بن الوليد السلمي أبو إسحق ابن فرتون

- ‌2 - إبراهيم بن أحمد بن علي بن مسلم أبو إسحق الجبنياني البكري المالكي

- ‌3 - إبراهيم بن إدريس الحسني السنوسي الفاسي

- ‌4 - إبراهيم بن عمر بن بابة بن إبراهيم بن حمو الملقب بَيُّوض

- ‌5 - إبراهيم بن فائد بن موسى بن عمر بن سعيد بن علال بن سعيد الزواوي النجار القسنطيني

- ‌6 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم القيسي الفارقي المغربي المالكي برهان الدين أبو إسحق السفاقسي

- ‌7 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف أبو إسحاق إطفيش

- ‌8 - إبراهيم بن محمد بن عبد القادر بن محمد الحسني الطالبي أبو إسحق التادلي

- ‌9 - أحمد بن أحمد المختار الشنقيطي

- ‌10 - أحمد بن أحمد بن زياد أبو جعفر الفارسي القيرواني

- ‌11 - أحمد بن أحمد بن محمد الشَّدّادي الإدريسي الحسني أبو العباس الفاسي

- ‌12 - أحمد بن حمى الله أبو عبد الله الشنقيطي

- ‌13 - أحمد بن سعيد القَيجَميسي المكناسي الورزيغي أبو العباس الحباك

- ‌14 - أحمد بن العباس أبو العباس النقاوسي

- ‌15 - أحمد بن عبد العزيز بن رشيد بن محمد أبو العباس الهلالي السجلماسي

- ‌16 - أحمد بن علي أبو العباس الزموري

- ‌17 - أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله أبو العباس الربعي الباغايي

- ‌18 - أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو العباس المنجور المكناسي النجار

- ‌19 - أحمد بن علي بن يوسف تقي الدين أبو العباس البوني القرشي

- ‌20 - أحمد بن عمار بن أبي العباس الإمام أبو العباس التميمي المهدوي

- ‌21 - أحمد بن قاسم بن محمد ساسي التميمي الجزائري أبو العباس البوني

- ‌22 - أحمد بن مبارك بن محمد بن علي أبو العباس السجلماسي اللمطي البكري الصديقي

- ‌23 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن مفرج المرادي العشاب، أبو العباس شهاب الدين الأموي الإشبيلي القرطبي

- ‌24 - أحمد بن محمد بن أحمد أبو العباس البسيلي

- ‌25 - أحمد بن محمد بن أحمد (حميدة) أبو العباس ابن الخوجة

- ‌26 - أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي العيش بن محمد التلمساني المالكي الأشعري أبو العباس شهاب الدين المقري

- ‌27 - أحمد بن محمد بن الحسن أبو العباس التطواني الرهوني

- ‌28 - أحمد بن محمد بن زكري المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني

- ‌29 - أحمد بن محمد بن الصديق بن أحمد بن محمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن عبد المؤمن شهاب الدين أبو الفيض الغماري الحسني الأزهري

- ‌30 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي، أبو العباس التونسي القصار

- ‌31 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن زاغو المغراوي أبو العباس التلمساني

- ‌32 - أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي العددي أبو العباس ابن البناء المراكشي

- ‌33 - أحمد بن محمد بن عثمان بن عبد الله بن أبي يعقوب التنبكتي

- ‌34 - أحمد بن محمد بن عمر الجمالي التونسي

- ‌35 - أحمد بن محمد بن عمر بن عبد الهادي بن العربي بن محمد - فتحا - الزكاري الفاسي أبو العباس ابن الخياط

- ‌36 - أحمد بن محمد بن عيسى بن علي شهاب الدين اللجائي

- ‌37 - أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد الشريف أبو العباس التجاني

- ‌39 - أحمد بن محمد بن موسى السلاوي الحسناوي

- ‌40 - أحمد بن محمد - فتحا - العلمي اليملحي الحسني

- ‌41 - أحمد بن محمود بن عبد الكريم - كُرَيّم بالتصغير - بن عثمان أبو العباس التونسي الحنفي

- ‌42 - أحمد بن مصطفى بن محمد بن أحمد العلوي الجزائري أبو العباس المستغانمي المالكي

- ‌43 - أحمد بن هك القلادي الشنقيطي

- ‌44 - أحمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن إبراهيم السلمي الفاسي أبو العباس ابن فرتون

- ‌45 - أحمد أيوب

- ‌46 - أحمد أبو النجاة الأزهري

- ‌47 - أحمد الضرير

- ‌48 - الأخضر بن قويدر الدهمة الجزائري المالكي المتليلي

- ‌49 - أبو بكر بن الطاهر بن حجي زنيبر السلوي

- ‌50 - أبو بكر بن عبد الله بابا بن أحمد الغازي الشنقيطي

- ‌51 - أبو بكر بن محمد بن عبد الله البناني الفاسي الرباطي الشاذلي

- ‌52 - بلقاسم بن محمد بن إبراهيم أبو محمد المشترائي الدكالي

- ‌53 - جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري

- ‌54 - جعفر بن إدريس الحسني أبو المواهب وأبو الفضل الكتاني

- ‌55 - الحسن بن علي بن محمد أبو علي المسيلي

- ‌56 - الحسن - ويقال: الأحسن - بن محمد بن بوجمعة أبو علي البيضاوي البوعقيلي أو البعقيلي

- ‌58 - حسين بن أحمد بن حسين أبو محمد التونسي

- ‌59 - الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي ثم الشوشاوي، أبو عبد الله السملالي

- ‌60 - الحسين بن محمد ابن العنابي الجزائري

- ‌61 - حم بن أحمد بن السوقي الشنقيطي

- ‌62 - حمدون بن عبد الرحمن بن حمدون بن عبد الرحمن أبو الفيض السلمي المرداسي الفاسي ابن الحاج الفاسي

- ‌63 - ربيع بن سليمان بن عطاء الله أبو سليمان القرشي النوفلي القطان

- ‌64 - رمضان أبو عصيدة الصفاقسي

- ‌65 - زيدان بن أحمد (المنصور بالله) بن محمد الشيخ المهدي بن عبد الله (القائم بأمر الله) أبو المعالي السعدي

- ‌66 - سعيد بن سليمان الكرامي أبو عثمان السملالي

- ‌67 - سعيد بن محمد بن صبيح ابن الحداد أبو عثمان القيرواني النحوي

- ‌68 - سعيد بن محمد بن محمد بن محمد العقباني التلمساني أبو عثمان التجيبي

- ‌69 - سليمان بن سالم القطان أبو الربيع القاضي

- ‌70 - سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن يس العابدي الكومي عفيف الدين أبو الربيع التلمساني

- ‌71 - سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل أبو الربيع المولى الشريف الحسني العلوي

- ‌72 - سليمان الشافعي

- ‌73 - أبو شعيب بن عبد الرحمن الدكالي الصديقي

- ‌74 - الصادق بن محمد الهاشمي الشريف السجلماسي

- ‌75 - صالح بن عمر بن داود بن صالح بن يحمد الأعلى

- ‌76 - صالح بن محمد بن أبي بكر العضوي الدراوي التواتي

- ‌77 - عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد الحسني أبو المواهب العلوي

- ‌78 - عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي ابن باديس الصنهاجي

- ‌80 - عبد الرحمن بن إدريس بن محمد بن أحمد المنجرة الإدريسي الحسني أبو زيد التلمساني ثم الفاسي

- ‌81 - عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الملك الفارسي

- ‌82 - عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن محمد أبو زيد السوسي الجشتيمي الجزولي

- ‌83 - عبد الرحمن بن عمر التواتي

- ‌84 - عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الحسني أبو يحيى التلمساني

- ‌85 - عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عثمان التطواني الحائك

- ‌87 - عبد الرحمن بن محمد بن يوسف القصري أبو محمد الفاسي المالكي

- ‌88 - عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن مروان القرشي محيي الدين البوني

- ‌89 - عبد الرحيم بن عمر بن المقدمي الشريف

- ‌90 - عبد السلام بن أحمد (حمدون) بن علي بن أحمد جسوس أبو محمد الفاسي

- ‌91 - عبد السلام بن الطيب بن محمد القادري الحسني أبو محمد الفاسي

- ‌92 - عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد بن محمد القرشي التيمي أبو فارس أبو محمد ابن بزيزة

- ‌94 - عبد العزيز بن عبد الرحمن الهلالي أبو فارس الفيلالي

- ‌95 - عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن الصالح بناني أبو رافع

- ‌96 - عبد العزيز المهدوي

- ‌97 - عبد القادر بن علي بن يوسف المغربي أبو محمد وأبو السعود الفاسي

- ‌98 - عبد الكريم بن محمد بن عبد العزيز الحمروني

- ‌99 - عبد الله بن أبي بكر بن القاسم الغدامسي

- ‌101 - عبد الله بن عبد الصمد بن التهامي بن المدني كنون الفاسي الطنجي الحسني

- ‌102 - عبد الله بن محمد بن الصديق بن أحمد بن عبد المؤمن الغماري الدرقاوي الصديقي الإدريسي الحسني

- ‌103 - عبد الله بن محمد بن عبد الله العلوي الشنقيطي

- ‌104 - عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الطالب بن حبيب بن أبيج العلوي ابن رازكه

- ‌105 - عبد الله بن محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن أحمد نوح اليعقوبي الشنقيطي الجكني

- ‌106 - عبد الله بن ياسين بن مكوك بن سير أبو محمد الجزولي المصمودي

- ‌107 - عبد الواحد بن أحمد أبو محمد (أبو مالك) الحميدي

- ‌108 - عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر بن سعد الأنصاري أبو مالك (أبو محمد) المالكي الفاسي

- ‌109 - عبد الواحد بن علي بنعبد الله

- ‌110 - عبد الودود بن عبد الملك بن عميه الشنقيطي

- ‌111 - عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الرستمي الإباضي

- ‌112 - عثمان بن سعيد المالقي أبو سعيد المستغانمي

- ‌113 - عكرمة بن عبد الله أبو عبد الله البربري ثم المدني الهاشمي مولى عبد الله بن عباس

- ‌114 - علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم التجيبي أبو الحسن المراكشي الحرالي الأندلسي

- ‌115 - علي بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن حرزهم أبو الحسن الفاسي

- ‌116 - علي بن سليمان الدَّمْناتي أو الدمنتي أبو الحسن البوجمعوي المغربي المكي

- ‌117 - علي بن عبد الله بن ناشر بن المبارك أبو بكر (أبو الحسن) الوهراني

- ‌118 - علي بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن يحيى الأنصاري أبو الحسن السجلماسي الجزائري المالكي

- ‌119 - علي بن محمد بن عمر التونسي الجمالي الميلي

- ‌120 - علي بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى الخزرجي أبو الحسن الحصار

- ‌121 - علي بن موسى بن علي أبو الحسن ابن هارون المضَغري أو المطَغري

- ‌122 - علي كريت

- ‌123 - عمار الطالبي

- ‌124 - عمر راسم بن علي بن سعيد بن محمد البجائي

- ‌125 - عمر بن محمد المحجوب الشرقاوي البهلول المغربي الزواوي الجزائري

- ‌126 - عمر بن أبي الحسين محمد بن أبي الخطاب محمد بن أبي بكر أحمد ابن خليل بن عبد الملك بن خلف بن محمد بن عبد الله أبو علي السكوني

- ‌127 - عمران بن موسى بن ميمون الهواري أبو موسى السلاوي

- ‌128 - عياض بن موسى بن عمرون بن موسى بن عياض بن عبد الله ابن محمد بن عياض القاضي أبو الفضل اليحصبي السبتي

- ‌129 - عيسى بن عبد الرحمن أبو مهدي الرجراجي السكتاني

- ‌130 - فضيل اللمداني

- ‌132 - قاسم بن سعيد بن محمد العقباني التلمساني أبو الفضل (أبو القاسم) المغربي المالكي

- ‌133 - قاسم بن علي التونسي زيرو

- ‌134 - قاسم بن محمد بن أحمد بن عبد الملك بن مخلص

- ‌135 - أبو القاسم الشريف الإدريسي أبو الفضل السلاوي

- ‌136 - أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن أبي نعيم الغساني الأندلسي الفاسي

- ‌137 - محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام أبو الفضل التلمساني

- ‌138 - محمد بن إبراهيم الأبراشي أو الإبريشي

- ‌139 - محمد بن إبراهيم أبو القاسم الأشعري

- ‌141 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي القرشي المقري أبو عبد الله التلمساني

- ‌142 - محمد بن أحمد بن الخليل أبو عمر السكوني

- ‌144 - محمد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن الناصر الراشدي الجليلي المعسكري أبو راس الجزائري

- ‌145 - محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر التونسي أبو عبد الله الوانّوغي المالكي

- ‌146 - محمد بن أحمد بن علي بن يحيى بن علي بن محمد الإدريسي الحسني أبو عبد الله العلويني الشريف التلمساني

- ‌147 - محمد بن أحمد بن عيسى المغربي

- ‌148 - محمد بن أحمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن أبي النور أبو عبدالله النيفر

- ‌149 - محمد العربي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الخطيب التطواني

- ‌151 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد، ابن مرزوق العجيسي التلمساني أبو عبد الله الحفيد

- ‌152 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن غازي العثماني أبو عبدالله المكناسي الفاسي

- ‌153 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر المسناوي أبو عبدالله الدلائي

- ‌154 - محمد بن أحمد بن محمد ابن الوقاد

- ‌155 - محمد بن أحمد بن المكي بن أحمد بن علي أبو الفتح السوسي

- ‌156 - محمد الطيب بن إسحاق بن الزبير بن محمد الأنصاري الخزرجي التنبكتي المدني

- ‌157 - محمد بن أبي بكر بن محمد بن سعيد أبو عبد الله الدلائي

- ‌158 - محمد بن الحسن المقري أبو عبد الله المجاصي المغراوي

- ‌159 - محمد بن الحسن أبو عبد الله الجنوي الحسني العمراني التطاوني

- ‌160 - محمد بن الحسن بن العربي بن محمد الحجوي الثعالبي الجعفري الفلالي

- ‌161 - محمد الأمين بن الحسين الشنقيطي

- ‌162 - محمد عمر بن عبد الله بن سيدي الأمين حويه الجكني الشنقيطي

- ‌163 - محمد الطيب (وقيل: محمد بن الطيب) بن عبد المجيد بن عبد السلام المالكي أبو عبد الله ابن كيران

- ‌164 - محمد بن الخضر بن الحسين بن علي بن عمر الحسني التونسي

- ‌165 - محمد بن خلفة بن عمر الوشتاتي المالي أبو عبد الله الأُبّي

- ‌166 - محمد بن سحنون (عبد السلام) بن سعيد بن حبيب أبو عبد الله التنوخي

- ‌167 - محمد بن سعيد بن محمد بن عثمان الأندلسي أبو عبد الله الرُّعَيني الفاسي

- ‌168 - محمد بن سيدي بن حبيب الجكني الشنقيطي

- ‌169 - محمد بن سلامة أبو عبد الله التونسي

- ‌170 - محمد بن صالح بن مجدي بن مَلُوكة أبو عبد الله التونسي

- ‌171 - محمد التاودي بن الطالب (ويقال: محمد الطالب) بن محمد بن علي ابن سودة المري أبو عبد الله الفاسي

- ‌172 - محمد المهدي بن الطالب بن سودة أبو عيسى

- ‌173 - محمد بن الطالب أبي بكر بن علي بن الولاتي المحجوبي الشنقيطي

- ‌174 - محمد بن الطيب بن عبد السلام بن الطيب بن محمد الحسني القادري

- ‌175 - محمد بن الطيب بن محمد بن محمد بن موسى، أبو عبد الله شمس الدين الشرقي الفاسي

- ‌176 - محمد بن عبد الله بن مصالة الفاراري الركلاوي أبو عبد الله ابن عبود المكناسي

- ‌177 - محمد بن عبد الرحمن بن زكري أبو عبد الله المغربي الفاسي

- ‌178 - محمد بن عبد الرحمن أبي يحيى بن أبي العيش الخزرجي أبو عبدالله التلمساني

- ‌179 - محمد بن عبد الرحمن أبي عبد الله الرجراجي

- ‌180 - محمد بن عبد الرحمن المراكشي

- ‌181 - محمد بن عبد السلام بن أحمد بوستة

- ‌182 - محمد بن عبد السلام بن عبد الله بن محمد بن محمد بن ناصر الناصري الدرعي

- ‌183 - محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي الحسيني أبو شكيب السجلماسي

- ‌184 - محمد بن عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي أبو عبد الله المالكي

- ‌185 - محمد عبد الحي بن عبد الكبير بن محمد الحسني أبو الإقبال الإدريسي الكتاني

- ‌186 - محمد بن عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد أبو الفيض وأبو عبد الله الحسني الإدريسي الكتاني

- ‌188 - محمد بن أبي مروان عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد أبو عبدالله المرجاني

- ‌189 - محمد بن عثمان بن محمد أبو عبد الله النجار

- ‌190 - محمد المختار بن علي بن أحمد السوسي الألغي الدرقاوي

- ‌191 - محمد (المدني أو) ابن المدني بن أبي الحسن علي بن جلون أبو عبد الله الكومي الفاسي

- ‌192 - محمد بن علي بن العابد أبو عبد الله الأنصاري الفاسي ثم الأندلسي

- ‌193 - محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم شمس الدين أبو أمامة ابن النقاش الدَّكالي ثم المصري

- ‌194 - محمد بن علي (يعلى) بن محمد بن وليد بن عبيد أبو بكر وأبو عبد الله ابن الجوزي المعافري

- ‌195 - محمد بن عمر المغربي القرامسي

- ‌196 - محمد يحيى بن عمر المختار بن الطالب عبد الله الشنقيطي الداوودي الحوضي الولاتي

- ‌198 - محمد بن عمر بن محمد بن عبد الله بن خلف الله بن عبد السلام أبو عبد الله القلشاني (القلجاني) التونسي

- ‌199 - محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس بن سعيد أبو عبد الله محب الدين ابن رُشَيد الفهري السبتي

- ‌200 - محمد بن عيسى أبو عبد الله الجزائري ثم التونسي

- ‌201 - محمد بن أبي غالب بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي المكناسي العياضي أبو يحيى ابن السكاك

- ‌202 - محمد بن قاسم الأنصاري أبو عبد الله التلمساني الرصاع التونسي

- ‌203 - محمد بن أبي القاسم بن رجيح أبو عبد الله الخلوتي الهاملي الجزائري

- ‌204 - محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام بن جميل أبو عبد الله شمس الدين الربعي التونسي المالكي

- ‌205 - محمد بن كي الموريتاني

- ‌206 - محمد - بالفتح - بن مبارك الأزرق التنوخي الأربسي

- ‌207 - محمد بن محمد بن إبراهيم السفاقسي المغربي

- ‌208 - محمد (فتحاً) بن محمد بن أحمد الخصاصي التازي

- ‌212 - محمد بن محمد بن الطيب المغربي التافلالتي الأزهري الخلوتي المالكي ثم الحنفي

- ‌213 - محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الشغ بن أحمد بن الشغ بن محمد مسلم المسلمي الشنقيطي

- ‌215 - محمد الأمين (آب) بن محمد المختار (أخطور) بن عبد القادر بن أحمد نوح اليعقوبي الشنقيطي الجكني

- ‌216 - محمد بن محمد بن عبد النور الحميري التونسي المالكي

- ‌220 - محمد بن محمد بن أبي القاسم أبو الفضل المشذالي

- ‌221 - محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن زيدان الحسني أبو عبد الله الشيخ السلطان المهدي

- ‌222 - محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي

- ‌223 - محمد بن محمد بن محمد الحسني التونسي أبو عبد الله البليدي المالكي

- ‌224 - محمد الكبير بن محمد بن محمد بن محمد السرغيني العنبري

- ‌225 - محمد المصطفى بن محمد الفاضل بن محمد مامين الإدريسي الحسني ماء العينين الشنقيطي

- ‌226 - محمد بن محمد بن وشاح اللخمي أبو بكر ابن اللباد القيرواني

- ‌227 - محمد - فتحاً - بن محمد أبو عبد الله النيفر

- ‌228 - محمد بن محمود ابن علي عزوز الزغواني

- ‌229 - محمد بن المختار بن سعيد الولي اليدالي الديماني

- ‌230 - محمد بن مسعود بن أحمد العثماني الأموي أبو عبد الله الفاسي الطرنباطي

- ‌231 - محمد العياشي بن المكي بوشمعة المكناسي

- ‌232 - محمد بن ياسن أبو المنيب النفوسي

- ‌236 - محمد بن أبي يعقوب يوسف المساري أبو عبد الله الترغي

- ‌237 - محمد الشنقيطي

- ‌238 - محمد المكي الناصري

- ‌239 - المختار بن أحمد بن أبي بكر أبو محمد الكنتي الشنقيطي

- ‌241 - مم بن إِحَلَّوْنْ القلادي القاضي الشنقيطي

- ‌243 - النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي أبو حنيفة القاضي المغربي

- ‌244 - هاشم بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن طاهر المدغري

- ‌245 - هود بن محكم الهوارى

- ‌246 - يحيى بن سلطان أبو زكريا اليغرفي

- ‌248 - يحيى بن محمد بن محمد السراج النفزي الحميري أبو زكرياء الفاسي الأندلسي الرُّندي

- ‌249 - يحيى بن محمد بن موسى أبو زكريا التلمساني التجيبي

- ‌250 - يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام

- ‌251 - أبو يحيى الكرسفي السوسي

- ‌252 - يوسف بن إبراهيم بن مياد السدراتي أبو يعقوب الورجلاني

- ‌253 - يوسف بن عدون بن حمو أبو يعقوب

- ‌255 - أبو عبد الله السعيلي

- ‌256 - ابن جزر

- ‌257 - رقية بنت الحاج أمين العايش اليعقوبية

- ‌258 - صفية بنت المختار

- ‌259 - هند شلبي

- ‌260 - وسيلة بلعيد

- ‌الفصل الثانيالوافدون إليها

- ‌1 - إبراهيم بن أحمد الشيباني أبو اليسر الرياضي

- ‌2 - إبراهيم بن إسحق بن أبي زرد أبو إسحق الطليطلي

- ‌3 - إبراهيم بن حسين بن خالد بن مرتيل أبو إسحق القرطبي

- ‌4 - إبراهيم بن عبد القادر بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق الطرابلسي الرياحي المالكي

- ‌5 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عليب أبو إسحق الطائي

- ‌6 - أحمد بن سعد بن محمد العسكري الأندرشي أبو العباس ضياء الدين الأندلسي الدمشقي

- ‌7 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سعيد بن حريث بن عاصم ابن مضاء أبو العباس اللخمي القرطبي

- ‌8 - أحمد بن عبد الصمد بن أبي عبيدة محمد بن أحمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الحق الأنصاري الخزرجي أبو جعفر الساعدي

- ‌9 - أحمد بن عبد الله بن أيوب بن سليمان بن أحمد بن عبد الله بن محمد الذهبي أبو بكر الأموي

- ‌10 - أحمد بن عمر بن محمد أبو العباس الأنصاري المرسي

- ‌11 - أحمد بن محمد القرشي الشريف الغرناطي أبو العباس المغربي

- ‌12 - أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد أبو القاسم (أبو العباس) القرطبي

- ‌13 - أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني الوائلي

- ‌14 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى بن محمد بن قزلمان أبو عمر المعافري الأندلسي المالكي الحافظ الطلمنكي

- ‌15 - أحمد بن مسعود بن محمد القرطبي أبو العباس الخزرجي

- ‌16 - أحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبي الوافي المالكي شهاب الدين أبو العباس ابن الأقليشي

- ‌17 - أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد أبو القاسم الأموي القرطبي

- ‌18 - أحمد بن يوسف بن أصبغ بن خضر الأنصاري أبو عمر الطليطلي

- ‌19 - إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران الأنصاري أبو الطاهر السرقسطي المصري

- ‌20 - إسماعيل بن علي بن الحسين بن محمد بن الحسن بن زنجويه الرازي أبو سعد السمان

- ‌21 - بقي بن مخلد بن يزيد الأندلسي أبو عبد الرحمن القرطبي

- ‌22 - الحسن بن القاسم بن عبد الله بن علي المرادي المراكشي المصري أبو محمد بدر الدين ابن أم قاسم

- ‌23 - سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث أبو الوليد الباجي التجيبي القرطبي الذهبي المالكي

- ‌24 - سليمان بن نجاح أبي القاسم مولى هشام المؤيد بالله أبو داود الأموي المرواني الأندلسي القرطبي

- ‌25 - عبد الباسط بن خليل بن شاهين زين الدين ابن الوزير الملطي ثم القاهري

- ‌26 - عبد الجليل بن موسى بن عبد الجليل أبو محمد الأنصاري الأوسي الأندلسي القرطبي الصوفي الزاهد القصري

- ‌27 - عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين الأزدي الإشبيلي أبو محمد ابن الخراط

- ‌28 - عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ بن خبيش بن سعدون ابن رضوان بن فتوح الإمام أبو زيد وأبو القاسم السهيلي الخثعمي الأندلسي المالقي المالكي الحافظ

- ‌29 - عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر محمد بن سابق الدين أبي بكر بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين همام الخضيري الطولوني المصري الشافعي جلال الدين أبو الفضل الحافظ السيوطي

- ‌30 - عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ بن فطيس أبو المطرف القرطبي المالكي

- ‌31 - عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن أبو المطرف القنازعي القرطبي الأنصاري المالكي

- ‌32 - عبد الرحمن بن موسى الهواري أبو موسى الأستاجي

- ‌33 - عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن ابن برَّجان أبو الحكم اللخمي الإفريقي الإشبيلي

- ‌34 - عبد الله بن حكم الليثي

- ‌35 - عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد أبو بكر وأبو خبيب الأسدي القرشي

- ‌36 - عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة الأزدي أبو محمد الأندلسي

- ‌37 - عبد الله بن طلحه بن محمد بن عبد الله أبو بكر وأبو محمد اليابُري

- ‌38 - عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو العباس القرشي

- ‌39 - عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشي أبو عبد الرحمن العدوي

- ‌40 - عبد الله بن محمد بن حنين (حسن) (حسين) بن عبد الله بن عبدالملك بن مروان بن عبيد الله الكلابي (الكلاعي) يعرف بابن أخي (أبي) ربيع (رفيع) الصباغ (الصائغ) القرطبي الأندلسي

- ‌41 - عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد البكري التونسي أبو محمد المرجاني

- ‌42 - عبد الله بن مطرف بن محمد أبو محمد ابن آمنة القرطبي

- ‌43 - عبد اللطيف بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسني نجم الدين الفاسي أبو الثناء المكي الشافعي

- ‌44 - عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة بن عباس ابن مرداس أبو مروان السلمي الإلبيري القرطبي

- ‌45 - عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي القرطبي ابن الصيرفي أبو عمرو الداني

- ‌46 - عطية بن محمد بن سالم المصري ثم المدني

- ‌47 - علي بن سليمان الزهراوي الحاسب أبو الحسن الغرناطي

- ‌48 - علي بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن موهب أبو الحسن الجذامي

- ‌49 - علي بن عبد الله بن خلف بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك الأنصاري أبو الحسن ابن النعمة

- ‌50 - علي بن فضَّال بن علي بن غالب بن جابر أبو الحسن القيرواني المجاشعي التميمي الفرزدقي

- ‌52 - علي بن محمد أبو الحسن الغرناطي

- ‌53 - علي بن محمد بن حسن الأنصاري الإشبيلي أبو الحسن الجياني

- ‌54 - عماد الدين الكندي أبو الحسين بن أبي بكر بن الحسين الإسكندري المالكي النحوي

- ‌55 - غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عبد الرءوف بن عبدالله بن تمام بن عطية بن مالك بن عطية بن خالد بن خفاف بن غالب بن عطية الفقيه أبو بكر المحاربي الأندلسي الغرناطي المالكي

- ‌56 - قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف البياني أبو محمد القرطبي

- ‌57 - القاسم بن الفتح بن محمد بن يوسف أبو محمد ابن الريولي

- ‌59 - قاسم بن محمد بن قاسم بن محمد بن سيار الأموي مولاهم أبو محمد البياني القرطبي

- ‌60 - كامل (أو محمد كامل) بن مصطفى بن محمود الطرابلسي الحنفي

- ‌61 - مبارك مولى محمد بن عمرو البكري أبو الحسن الإشبيلي

- ‌62 - محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أسود أبو بكر الغساني المالكي

- ‌63 - محمد الغزالي بن أحمد السقا المصري

- ‌64 - محمد بن أحمد الغساني الأندلسي المالقي

- ‌65 - محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي المالكي أبو عبد الله القرطبي الأندلسي

- ‌66 - محمد بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن إبراهيم الزهري أبو عبد الله الإشبيلي الأندلسي

- ‌67 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن صمادح أبو يحيى التجيبي

- ‌68 - محمد بن أحمد بن عبد الله أبو عبد الله ابن اللجالش المري

- ‌70 - محمد عبده بن حسن خير الله آل التركماني

- ‌71 - محمد بن دليق (دلف) أبو عبد الله الأندلسي

- ‌72 - محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الملك المعافري أبو عبد الله ابن أبي الربيع الشاطبي

- ‌73 - محمد بن عبد الرحيم بن الطيب أبو العباس القيسي الضرير

- ‌74 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد الإمام أبو بكر بن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي

- ‌76 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل السلمي أبو عبد الله شرف الدين المرسي

- ‌77 - محمد بن عبد الله بن مسرة بن نجيح الجبلي أبو عبد الله الأندلسي القرطبي

- ‌78 - محمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس بن محمد العبدري أبو بكر القرطبي

- ‌79 - محمد بن عبد الملك بن سليمان بن أبي الجعد التستري أبو بكر الحنبلي

- ‌80 - محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكافي بن عبد الوهاب بن عبدالواحد بن محمد بن علي بن أحمد سعد الدين أبو بكر وأبو اليمن وأبو المعالي، وأبو سعيد الأنصاري، الدمشقي، الشيرازي ابن الحنبلي الأطروش

- ‌81 - محمد بن علي بن خليفة الغرياني

- ‌82 - محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عربي الحاتمي الصوفي

- ‌83 - محمد بن علي بن محمد بن حسن الصقلي الأندلسي البرجي أبو عبد الله الحاج الشطيبي

- ‌84 - محمد بن علي بن محمد بن الفخار أبو بكر الأركشي الجذامي

- ‌85 - محمد بن علي بن يحيى بن علي الغرناطي أبو عبد الله بالشامي

- ‌86 - محمد بن علي الخروبي الطرابلسي أبو عبد الله السفاقسي ثم الجزائري المالكي

- ‌88 - محمد بن أبي الفرج بن فرج بن أبي القاسم المازري أبو عبد الله المالكي الكتاني الذكي

- ‌89 - محمد بن متولي الشعراوي المصري

- ‌90 - محمد الزمزمي بن محمد بن الصديق الغماري المنصوري الطنجي

- ‌91 - محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف شمس الدين أبو الخير ابن الجزري

- ‌92 - محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي الفهري الأندلسي أبو بكر الطرطوشي ابن أبي رَندقة

- ‌93 - محمد بن يحيى بن أحمد بن خليل الإشبيلي أبو سعيد الشَلَوْبين

- ‌94 - محمد بن يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة البصري التيمي

- ‌95 - محمد بن يوسف بن سعادة أبو عبد الله المرسي

- ‌96 - محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الإمام أثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي النفزي

- ‌97 - محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري أبو عبد الله المواق الغرناطي

- ‌98 - منذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن قاسم بن عبد الله أبو الحكم البلوطي الكزني

- ‌99 - موسى بن حسين بن موسى بن عمران القيسي أبو عمران الزاهد الميرتُلي

- ‌100 - يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي أبو إسماعيل ابن الرقيعة القرطبي

- ‌101 - يحيى بن خلف بن نفيس أبو بكر ابن الخلوف الغرناطي

- ‌102 - يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن مزين مولى رملة بنت عثمان بن عفان أبو زكريا القرطبي

- ‌103 - يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد الأزدي أبو بكر ضياء الدين القرطبي

- ‌105 - يحيى بن مجاهد بن عوانة أبو بكر الفزاري الأندلسي الإلبيري

- ‌106 - عائشة بنت محمد بن عبد الرحمن المصرية الدمياطية بنت الشاطئ

الفصل: ‌المطلب الثاني: الأوضاع في المنطقة بعد الفتح الإسلامي وحتى بداية الاحتلال الفرنسي وتأثير ذلك على الناحية العلمية:

والهجاء، والخط الحسن والدعاء والتدرب على الخطابة، وتعلم الوضوء والصلاة (1).

‌المطلب الثاني: الأوضاع في المنطقة بعد الفتح الإسلامي وحتى بداية الاحتلال الفرنسي وتأثير ذلك على الناحية العلمية:

لقد شهدت منطقة غرب إفريقية بعد الفتح الإسلامي تقلبات سياسية واجتماعية وفتنا خارجية وانتفاضات متعددة كان لها كبير الأثر في الحياة العلمية، وسوف أتحدث عن ذلك بإيجاز.

أولا: عصر الولاة (96 هـ - 184 هـ)(2) وقيام دولة الأدارسة الأولى في المغرب الأقصى:

ويطلق عصر الولاة على فترة مابين انتهاء زمن الفتح وحتى قيام الدولة الأغلبية، وكان حكام هذه الفترة لمنطقة المغرب والأندلس يعينون من قبل الخليفة إلى أن استقل بالأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك سنة 137 هـ.

وامتازت بداية هذا العصر بالترابط بين العرب وإخوانهم البربر المسلمين الذين أقبلوا في شغف على تعلم الدين الجديد، وانضموا إلى الجيش

(1) انظر آداب المعلمين 102، 112.

(2)

انظر أعمال الأعلام 8 - 11، الحلة السيراء 2/ 335 - 341، 358 - 362، الخلاصة النقية 12 - 23، نهاية الأرب 24/ 53 - 99، تاريخ الأمم والملوك 4/ 254 تاريخ المغرب العربي 1/ 367 - 371، خلاصة تاريخ تونس 63 - 75، الاستقصا 1/ 100 - 136، الكامل 4/ 222 - 224، 278، 5/ 26، 31 - 33، 85، 94 - 96، 103 - 105، تاريخ الرقيق 93 - 205، النجوم الزاهرة 1/ 245، 294 - 295، فتوح مصر وأخبارها 213 - 225، العبر 4/ 188 - 195، إتحاف أهل الزمان 1/ 87 - 92، المغرب الكبير 2/ 288 - 314، 331 - 365، القيروان 44 - 54، الشجرة 2/ 108 - 112، تاريخ الإسلام 5/ 27 - 36، بساط العقيق 55 - 59، البيان المغرب 1/ 47 - 90، حسن البيان 179 - 194، 211 - 220، معالم تاريخ المغرب 57 - 77، المؤنس 38.

ص: 51

الإسلامي وحدثت بينهم المصاهرات، وكثر بناء المساجد والكتاتيب في سائر بلاد إفريقية، وأخذ أهل مدنها يقلدون العاصمة الإسلامية حتى في طرازها المعماري، وانتشرت الثقافة الإسلامية بين البربر ولا غرابة في كل هذا فإن أول الولاة وهو محمد بن يزيد القرشي (96 هـ - 99 هـ) قد استقر في إفريقية بأحسن سيرة وأعدلها، وكان يقسم مايصيبه من غنائم على المسلمين من البربر والعرب على السواء (1).

ورحل في تلك الفترة خالد بن أبي عمران بمسائل للمسلمين الأفارقة ليسأل عنها التابعين في المشرق فدون عن سالم بن عبدالله بن عمر، والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعن سليمان بن يسار كتابا كبيرا رواه أهل القيروان (2).

ثم قدم إسماعيل بن أبي المهاجر (99 هـ - 101 هـ) واليا من قبل الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، فكان خير وال لخير أمير، ومازال حريصا على دعاء البربر إلى الإسلام فأسلم بقية البربر على يديه (3)، وكان زاهدا متواضعا من كبار العباد فأقبل عليه البربر المسلمون يسمعون منه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعلمون، وأرسل معه عمر بن عبد العزيز تسعة من ثقات التابعين وعلمائهم (4)، لتفقيه أهل إفريقية ونشر العلم في ربوعها، وكانوا أهل علم وفضل اختط كل منهم دارا بالقيروان، وبنى مسجدا وكتابا (5) لتعليم البربر وأبنائهم اللغة العربية ومبادىء الإسلام، وقد وصف كل منهم بأنه انتفع به أهل إفريقية وبث فيها علما كثيرا (6).

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عموم البربر كتبا يدعوهم فيها إلى الإسلام

(1) انظر البيان المغرب 1/ 47، المغرب الكبير 2/ 289، الاستقصا 1/ 100، الحضارة المغربية

عبر التاريخ ص: 105.

(2)

طبقات أبي العرب 235، 236، الرياض 1/ 163.

(3)

تاريخ الرقيق 97، وانظر: إتحاف أهل الزمان 1/ 87 تاريخ ابن خلدون 4/ 187.

(4)

وهم بكر بن سوادة وجعثل بن عاهان وحبان بن جبلة وسعد بن مسعود وطلق بن جعبان وعبد الرحمن بن رافع وعبد الله بن المغيرة وعبد الله بن يزيد وموهب بن حي.

(5)

ورقات 1/ 87.

(6)

الرياض 1/ 100، وانظر المعالم 1/ 180.

ص: 52

فقرأها إسماعيل عليهم في النواحي فغلب الإسلام على المغرب (1).

وقد استقر هؤلاء التابعون بالقيروان حتى عدوا من أهلها، فقد اعتبرهم المالكي الطبقة الأولى من علماء القيروان (2)، ومنهم من زادت إقامته بها على ثلاثين عاما (3)، وهم في كل ذلك لايفترون عن القيام بمهمة نشر العلم بإفريقية فكان المغاربة لذلك في صدر الإسلام على مذهب جمهور السلف من الأئمة واعتقادهم وهو المذهب الحق (4)، ولكن توقف هذا المد العلمي مع وفاة عمر بن عبد العزيز سنة 101 هـ حيث سارع يزيد بن عبدالملك بعزل إسماعيل بن أبي المهاجر وتولية يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج وصاحب شرطته (5)، وكان ظلوما غشوما أساء السيرة في البربر، ووضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة متبعا سيرة الحجاج في أهل العراق، وكان حرسه أكثرهم منهم فوسم كل امرىء منهم على يده (حرسي) كما تفعل ملوك النصارى فأنكروا ذلك وملوا سيرته فدب بعضهم إلى بعض وتضافروا على قتله وقالوا جعلنا بمنزلة النصارى فخرج ذات عشية لصلاة المغرب فقتلوه في مصلاه (6).

وتولى بعده بشر بن صفوان الكلبي ثم عبيدة بن عبدالرحمن السلمي فكان همهما الغزو ولم يؤثر عنهما اهتمامهما بالعلم إلا أن الثاني ظلم البربر وتعسف في معاملتهم فحنقوا عليه.

ثم قدمها عبيد الله بن الحبحاب سنة 116 هـ فأغزى عبدالرحمن بن حبيب ابن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهرى السوس وأرض السودان فظفر ظفرا لم ير أحد مثله قط وأصاب جاريتين من النساء من هناك ليس للمرأة منهن إلا ثدى واحد وهم يسمون تراجان (7).

(1) فتوح البلدان ص: 233.

(2)

الرياض 1/ 99.

(3)

مثل بكر بن سوادة الجذامي توفي بها سنة 128 هـ جذوة المقتبس 196.

(4)

الاستقصا 1/ 136.

(5)

لما تولى عمربن عبدالعزيز الخلافة سمع أن يزيد خرج في بعض جيوش المسلمين فأمر برده وقال: لأني لأكره أن أستنصر بجيش هو منهم الاستقصاء1/ 102.

(6)

انظر فتوح البلدان ص: 233، البيان المغرب 1/ 48، وانظر عن سوء سيرته تاريخ ابن خلدون 4/ 187، النجوم الزاهرة 1/ 245، الاستقصا 1/ 102، 103، إتحاف أهل الزمان 1/ 88.

(7)

فتوح البلدان ص: 233.

ص: 53

وأتم بناء جامع الزيتونة ودار الصناعة بتونس وغزا صقلية وجنوب الصحراء، إلا أنه استجاب لمطامع رؤسائه بالمشرق فإنهم كانوا يستحبون طرائف المغرب ويبعثون فيها إلى عمال إفريقية فيرسلون لهم البربريات السنيات فلما أفضى الأمر إلى ابن الحبحاب مناهم بالكثير وتكلف لهم أو كلفوه أكثر مما كان فاضطر إلى التعسف وسوء السيرة (1)، فظلم البربر المسلمين وكلفهم مالا يطيقون وتعدى على أموالهم وأساء عماله السيرة وخاصة عمر بن عبدالله المرادي عامل طنجة فإنه تعدى في الصدقات والعشر وأراد تخميس البربر وزعم أنهم فيء للمسلمين، وذلك مالم يرتكبه عامل قبله وإنما كان الولاة يخمسون من لم يجب إلى الإسلام فكان فعله الذميم هذا سببا لنقض البلاد ووقوع الفتن العظيمة (2).

واشتد استياء البربر المسلمين من هذه الأفعال القبيحة، ورأوا التناقض الصارخ بين تعاليم الإسلام وبين سلوك هؤلاء العمال، وأصبحت عندهم قابلية للتمرد في الوقت الذي فشت فيه النزعة الخارجية في إفريقية والمغرب، ونادى أصحابها بشعارات خادعة ظاهرها فيه بعض الحق وباطنها ينطوي على شر عظيم كالمساواة بين المسلمين ووجوب الخروج على الحكام الظلمة وغيرها، فصادف ذلك هوى في نفوس البربر وتحمس كثير منهم لما نادى به دعاة الخوارج، إلا أنهم لم يعلنوا التمرد والعصيان إلا بعد أن يئسوا من إمكانية تبليغ صوتهم بالشكوى إلى الخليفة وفي ذلك يقول الطبري: فمازال بربر إفريقية من أسمع أهل البلدان وأطوعهم إلى زمان هشام بن عبدالملك فلما دب إليهم دعاة العراق واستثاروهم شقوا عصاهم وفرقوا بينهم إلى اليوم، وكان من سبب تفريقهم أنهم ردوا على أهل الأهواء فقالوا: إنا لانخالف الأئمة بما تجني العمال ولا نحمل ذلك عليهم. فقالوا لهم: إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك فقالوا لهم: لانقبل ذلك حتى نبورهم (أي نختبرهم) فخرج ميسرة المطغري زعيم الصفرية في بضعة عشر إنسانا حتى يقدم على هشام

(1) البيان المغرب 1/ 52، وانظر الخلافة والخوارج 60.

(2)

البيان المغرب 1/ 52، وانظر تاريخ ابن خلدون 4/ 189، الاستقصاء 1/ 106.

ص: 54

فطلبوا الإذن فصعب عليهم فأتوا الأبرش وزير هشام بن عبد الملك فقالوا: أبلغ أميرالمؤمنين أن أميرنا يغزو بنا وبجنده فإذا أصاب نفلهم دوننا وقال: تقدموا وأخر جنده فقلنا: تقدموا فإنه ازدياد في الأجر ومثلكم كفى إخوانه. ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا فجعلوا يبقرونها على السخال يطلبون الفراء الأبيض لأمير المؤمنين فاحتملنا ذلك، ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا فقلنا: لم نجد هذا في كتاب ولاسنة ونحن مسلمون، فأحببنا أن نعلم عن رأي أمير المؤمنين ألهم ذلك أم لا؟ قال: نفعل فلما طال عليهم ونفدت نفقاتهم كان وجههم إلى إفريقية فخرجوا على عامل هشام فقتلوه واستولوا على إفريقية (1).

وقد ظهرت فرقة الخوارج إثر التحكيم بين علي ومعاوية في موقعة صفين كما تذكر ذلك المصادر المعنية وقد قاتلهم علي رضي الله عنه فشتت الله شملهم حتى انقسموا إلى عشرين فرقة (2).

ولم يدخل المغرب من هذه الفرق إلا فرقتان الأولى الإباضية وتنسب إلى عبد الله بن إباض المري وأول من أدخلها إلى القيروان سلمة بن سعد الحضرمي (3) وعنه فشت في قبائل المغرب ثم تم إرسال بعثة إلى البصرة بالعراق درسوا لمدة خمس سنوات على يد مسلم بن أبي كريمة زعيم الإباضية وسموا طلبة العلم وبعد رجوعهم تفرقوا في القبائل ناشرين أفكارهم. والفرقة الثانية هي الصفرية: وتنسب على الأرجح إلى زياد بن الأصفر (4)، وقد ذكرت بعض المصادر أن أول من أدخلها إفريقية عكرمة مولى ابن عباس (5)، وبعضها لم يذكر ذلك عنه (6)، والأرجح براءته من ذلك ثم تولى

(1) تاريخ الطبري 4/ 254، 255، وانظر الكامل 3/ 45.

(2)

انظر عن الخوارج في إفريقية وغيرها: الاستقصا 1/ 107 - 108، الخلافة والخوارج 20 - 135، الصراع المذهبي 194 - 197، الفرق الإسلامية 140 - 151، الخوارج في بلاد المغرب 14 - 95.

(3)

انظر الخوارج في بلاد المغرب 46، النظم الاجتماعية 16.

(4)

انظر الفرق بين الفرق 90، دائرة المعارف 14/ 229.

(5)

انظر الخوارج في بلاد المغرب 46، التهذيب 7/ 267.

(6)

انظر الرياض 1/ 146، طبقات أبي العرب 19.

ص: 55

زعامة الصفرية بالمغرب بعد ذلك ميسرة المطغري وسوف يأتي تحرير القول في عكرمة عند ترجمته في المفسرين.

وهكذا اندلعت بإفريقية والمغرب ثورات لا نهاية لها، ابتدأت سنة 122 هـ وهي أول ثورة في إفريقية في الإسلام (1) وتضافرت جهود الإباضية والصفرية للإطاحة بحكومة القيروان، وأصبح هم الخليفة بالمشرق القضاء على هذه الثورات فكان يرسل الجيش تلو الاخر، وقد ذكروا أن هذه الحروب منذ أن استعرت إلى أن تم القضاء عليها، في عهد يزيد بن حاتم سنة 156 هـ بلغت 375 موقعة (2) ذهب ضحيتها آلاف القتلى، وقد شارك فيها العلماء مقاتلين وواعظين، فقد استنجد حنظلة بن صفوان بمن تبقى من بعثة عمر بن عبدالعزيز لما ثارت عليه الخوارج (3) وقد دامت هذه الحروب أكثر من ثلاثين سنة تمكن الخوارج خلالها من الاستيلاء على القيروان مرتين حيث استولى عليها الصفرية سنة 140 هـ لمدة سنة وشهرين وربطوا دوابهم في المسجد الجامع، وقتلوا كل من كان فيها من قريش وعذبوا أهلها ثم وليها بعدهم الإباضية لمدة سنتين (4).

وقد تسببت هذه الحروب في تعطيل الحركة العلمية وانشغل الناس عن الطلب، حتى قال الإمام سحنون عن هذه الفترة: كان من يحمل العلم يبقى في صدره لايسألونه عنه فيموت به مثل عبدالرحمن بن زياد بن أنعم (ت 161 هـ) بقي العلم في صدره لاينشر عنه ولايعرف (5) ومع ذلك فقد وجد من اهتم بطلب العلم من أهل إفريقية وبرع فيه منذ هذا الوقت المبكر إلا أنهم قلائل مثل: جميل بن كريب المعافري (ت 139)(6) وزيد بن الطفيل الذي كان يرأس في هذا العهد حلقة عظيمة بجامع عقبة (7)، وعبدالله بن فروخ الذي

(1) انظر البيان المغرب 1/ 52، تاريخ الرقيق 109.

(2)

ابن خلدون 6/ 113.

(3)

انظر تاريخ الرقيق 120، الرياض 1/ 103، وقد استشهد أبو كريب قاضي القيروان وجماعة كثيرة من العلماء في قتال الصفرية سنة 139 هـ (المعالم 1/ 229).

(4)

البيان المغرب 1/ 70 - 71.

(5)

طبقات أبي العرب 100.

(6)

انظر: الرياض 1/ 168، المعالم 1/ 224.

(7)

انظر الرياض 1/ 172.

ص: 56

رحل إلى المشرق، وبرع في الحديث والفقه، ثم عاد إلى القيروان فأقام بها يعلم الناس العلم، ويحدثهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفع به كثير (1) وهو أول من أدخل مذهب أبي حنيفة المغرب حيث دون عنه أكثر من عشرة آلاف مسألة (2) كما أنه سمع من الإمام مالك بن أنس، ومن سفيان الثوري والأعمش وابن جريج وهم من أعلام المفسرين.

وكان للخوارج نشاط علمي على مذهبهم، وقاموا بكتابة العديد من المصنفات فمن أكبر علماء الإباضية محمد بن أفلح وأبو خرز الحامي، ولهما مؤلفات عديدة في اعتقادهم (3)، وسوف أقدم دراسة لتفسير هود بن محكم وهو من الإباضية الذين نشروا العلم بتاهرت التي أسسوا فيها دولتهم، كما سيأتي.

وفي أول عهد يزيد بن حاتم (155 هـ - 170 هـ) ركدت ريح الخوارج من البربر وتداعت بدعتهم إلى الاضمحلال (4)، فالتفت إلى الناحية العمرانية ورتب أسواق القيروان، وأفرد لكل صناعة مكانا وجدد بناء الجامع وانتعشت الحياة العلمية في عهده (5) لطول فترة حكمه مع الهدوء والاستقرار وقلة الحروب وكذا الحال في عهد خلفه إلا ما كان من ثورة بعض الجند وخاصة في عهد محمد بن مقاتل العكي (181 هـ - 184 هـ) الذي كان سيىء السيرة حتى إنه ضرب عابد القيروان البهلول بن راشد (ت 183 هـ) وحبسه ظلما (6)، ولما اختلت عليه الأمور عزله هارون الرشيد سنة 84 هـ، وبذلك انتهى عصر الولاة ليبدأ العهد الأغلبي، كما سيأتي.

وفي الحقبة الأخيرة من هذا العصر نشطت الرحلة إلى المشرق (7)، وعاد

(1) انظر المعالم 1/ 239، الرياض 1/ 177.

(2)

الرياض 1/ 180.

(3)

انظر المدارس الكلامية بإفريقية 144، 146.

(4)

انظر الاستقصاء 1/ 133، العبر 6/ 113.

(5)

انظر تاريخ المغرب العربي 1/ 367، ورقات 1/ 162.

(6)

البيان المغرب 1/ 89.

(7)

انظر كمثال: المدارك 1/ 192، البيان المغرب 1/ 79، الشجرة 1/ 60، الرياض 1/ 234.

ص: 57

الطلاب الأفارقة بعلم مالك (ت 179 هـ) وكان أول من أدخله علي بن زياد حيث روى الموطأ لأهل إفريقية وفسر لهم قول مالك فأقبلوا عليه إقبالا منقطع النظير لاعتماده على الحديث لا سيما على رواية أهل المدينة وهم الصفوة من الصحابة والتابعين، الذين تعود أهل إفريقية على طريقتهم في العلم والتعلم بعيدا عن المسائل الكلامية التي جرت عليهم الويلات (1).

ثم انتشر مذهب مالك وتسارع أهل إفريقية إلى الأخذ عنه مباشرة، حتى وصل الرواة عنه من أهل إفريقية إلى أكثر من ثلاثين تلميذا (2)، ويعتبر الإمام مالك من أوائل الذين صنفوا في تفسير القرآن، وقد نقل ابن العربي جزءا من تفسيره في كتابه القبس (3)، وكتب عبد الله بن فروخ إلى الإمام مالك إن بلدنا كثير البدع وأنه ألف كلاما في الرد عليهم فنهاه الامام مالك عن ذلك، خشية أن يكون ذلك سببا لإظهار طريقة الجدل بإفريقية فأراد حسم الباب (4).

وكان أسد بن الفرات مع نشاطه في رواية الحديث والفقه يلقي التفسير أيضا إذ كان يسمع الطلاب تفسير المسيب بن شريك الذي دخل به إلى إفريقية وله مجالس في ذلك (5).

ورحل موسى بن معاوية الصمادحي إلى المشرق، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة صاحب التفسير المشهور، وسمع أيضا من وكيع بن الجراح بالعراق خمسة وثلاثين ألف حديث، وأخذ عنه مصنفه ورواه في القيروان وكما هو معلوم فإن وكيعا صاحب تفسير مسند ولاشك في دخول مرويات هذا التفسير أو جزء كبير منها في هذه الروايات (6).

كما كان لعلي بن زياد شرف إدخال جامع سفيان الثوري الكبير وجامعه الأوسط إلى إفريقية (7).

وقد دخل في تلك الحقبة مذاهب اندثرت بعد ذلك، وهي مذهب

(1) انظر الرياض 1/ 234، أعلام الفكر الإسلامي 383، موطأ ابن زياد 30، 31.

(2)

انظر المعالم 2/ 83.

(3)

انظر على سبيل المثال ق: 131 مكرر.

(4)

انظر الرياض 1/ 177.

(5)

الرياض 1/ 265، المدارك 1/ 474.

(6)

انظر التقريب 1/ 312، سير أعلام النبلاء 12/ 109، المحن 85، المعالم 2/ 52، الرياض 1/ 377، فهرس ابن عطية 64.

(7)

طبقات أبي العرب 251، المدارك 3/ 326، الإكمال 1/ 524.

ص: 58

الأوزاعي وقد روى عنه بعض أهل القيروان (1) ومذهب الليث بن سعد، ومذهب سفيان الثوري وقد روى عنه كثير من أهل القيروان وسمعوا منه جامعيه الكبير والصغير، وكان بعضهم يميل إلى رأيه (2) ولايخفى اشتغال الأخير بالتفسير وتصنيفه فيه وليس ثمة شك في وصول تفسيره إلى المغرب رواية عنه.

وبذلك ازدهرت الحياة العلمية من جديد، وفشت في القيروان رواية الحديث وكثر العلماء والفقهاء، فعن ابن غانم (ت 190 هـ) أنه انصرف يوما من جامع القيروان بعد صلاة الجمعة فسأل بعض أصحابه: حضرت اليوم الجامع؟ قال نعم قال كيف رأيت؟ قال رأيت أصلحك الله به سبعين قلنسوة تصلح للقضاء، وثلاثمائة قلنسوة فقيه فترجع ابن غانم وقال مات الناس (3).

وفي تلك الحقبة فر إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي إلى مصر بعد معركة فخ، التي دارت بين آل البيت وبين العباسيين ومعه مولاه راشد، ثم توجه إلى المغرب، فدخل القيروان ثم تلمسان ثم توجه إلى طنجة، ثم رجعا إلى أوليلي سنة 172 هـ، حيث استقبلته قبيلة أوزنة بالحفاوة والترحيب لما عرفهم بنفسه وعلى رأسها أميرها عبدالحميد الأوربي المعتزلي فبايعوا جميعا إدريس بن عبد الله وخلع عبدالحميد طاعة بني العباس، والتفت حوله قبائل البربر من صنهاجة ولمتونة والملثمون في إقليم شنقيط وانضمت إليه قبائل زناتة وزواغة ولمايه ولواتة وسدراته وغياثه ومكناسة وغيرها، ولما استوثق له الأمر زحف على القبائل التي لم تعترف به وعلى اليهود والنصارى والمجوس فأسلموا على يديه ثم اتجه إلى الشرق وغزا تلمسان وقبائل مغراوة فبايعته ثم عاد إلى أوليلي (4) فدبر له الرشيد

(1) الرياض 1/ 247.

(2)

انظر الرياض 1/ 201، طبقات أبي العرب 52، 251، ورقات 1/ 73، الحياة الاجتماعية 72.

(3)

المعالم 183وانظر بساط العقيق 57.

(4)

انظر الطبري 5/ 27، الكامل 6/ 90، المختصر في أخبار البشر 2/ 11 زهرة الآس ص: 9، الولاة والقضاة ص: 131، جذوة الاقتباس ص: 8، أعمال الأعلام ص: 1900، موريتانيا بلاد شنقيط ص: 9، 10، الدر النفيس في مناقب إدريس.

ص: 59

مكيدة لقتله وأرسل له سليمان بن جرير الذي تمكن من التقرب إليه وسمَّه (1).

ولم يخلف إدريس إلا جاريته كنزة وهي حامل فانتظروا ولادها فأنجبت إدريس الثاني فربوه وعلموه حتى بلغ الحادية عشرة فبويع له سنة 186 هـ وتم كل ذلك بمشورة راشد مولى إدريس الأول الذي عين وصيا على العرش وقد جاء الناس لمبايعته من مختلف أصقاع المغرب بل ومن إفريقية أيضا (2).

ثانيا: عصر الدولة الأغلبية في المغرب الأدنى (184 هـ - 296 هـ)(3) ودولتي الخوارج (المدرارية، الرستمية) في المغرب الأوسط ودولة الأدارسة في المغرب الأقصى:

نظرا لكثرة الفتن والانتفاضات في إفريقية كما تقدم، لم تجد حكومة الخلافة بدا من أن تعهد بحكم البلاد لعائلة من عرب إفريقية تكفيهم مؤونة تلك الفتن التي طالما شغلتهم، ويكون لها حرية التصرف داخل البلاد مع التبعية لدولة الخلافة فكان أن كلف الرشيد بهذه المهمة إبراهيم بن الأغلب بن سالم التميمي الذي كان يتمتع بشجاعة نادرة، وثقافة عالية بالإضافة إلى معرفته بشؤون إفريقية فإن أباه الأغلب قد تولى حكم القيروان (148 هـ - 150 هـ) كما كان هو عاملا على الزاب.

لقد دامت الدولة الأغلبية (4) بإفريقية مايزيد عن قرن من الزمان، يعتبر

(1) انظر العبر 4/ 13، أعمال الأعلام ص: 194، الاستبصار ص: 195، صبح الأعشى 5/ 180.

(2)

انظر الدرر السنية ص: 80.

(3)

البيان المغرب 1/ 90 - 138، إتحاف أهل الزمان 1/ 120 - 119، خلاصة تاريخ تونس 78 - 91، العبر 4/ 196 - 206، نهاية الأرب 24/ 100 - 153، الشجرة 2/ 118 - 112، الكامل 5/ 204 - 105، 141، 184 - 186، 215، 252 الخلاصة النقية 24 - 35، الحلة السيراء 1/ 613، 179، أعمال الأعلام 14 - 45، تاريخ المغرب العربي 2/ 27 - 183، تاريخ الرقيق 212 - 233، الدولة الأغلبية (كاملا)، المجتمع التونسي على عهد الأغالبة 19 - 21، القيروان 65 - 80، مقدمة طبقات أبي العرب 7 - 12، معالم تاريخ المغرب 83 - 100، الأغالبة وسياستهم الخارجية (كاملا).

(4)

انظر تراجم بعض رجالها في الأعلام 1/ 28، 33، 49.

ص: 60

من أزهى عصور هذه البلاد في المجال العلمي، وفي مجال الحضارة والعمران والأمن والاستقرار وازدهرت الحياة الاقتصادية ازدهارا كبيرا خلا ما كان في عهد إبراهيم ابن أحمد (1).

واستطاعت الدولة أن تتخلص من فتن الخوارج، حيث أسس الصفرية دولتهم (المدرارية) بسلجماسة (2)(140 هـ - 296 هـ) وأسس الإباضية دولتهم (الرستمية) بتيهرت الجديدة (3)(161 هـ - 297 هـ) واهتمت كل من الدولتين بشؤونها الداخلية ومالتا إلى السلامة غالبا إذا استثنينا بعض المحاولات الفاشلة التي لم تشكل خطرا على الأغالبة (4).

وأما الوضع مع الأدارسة فكان أن وجه إبراهيم بن الأغلب إلى راشد من يقتله فلم يغن قتله شيئا وسرعان ماعين وصي آخر وهو أبو خالد يزيد ابن إلياس العبدي الذي أخذ بيعة جديدة للملك اليافع وانتشر صيته، وقدمت عليه الوفود من إفريقية والأندلس فأجزل لهم العطاء واستوزر واستكتب منهم ثم عزم على بناء مدينة جديدة، يقيم فيها هو وخاصته وجيشه فكان بناء مدينة فاس فبنى عدوة الأندلس سنة 192 هـ وعدوة القرويين سنة 193 هـ وبنى جامع الشرفاء بعدوة القرويين وجامع الأشياخ بعدوة الأندلس (5).

ثم تمكن إدريس من محو دعوة الخوارج وغزا بعض المناطق، التي كانت تحت وطأة الكفار ثم توفي سنة 213 هـ (6).

ثم تولى محمد بن إدريس الأمر وقسم المملكة إلى ولايات وضع على رأس كل ولاية منها واحدا من إخوته واحتفظ لنفسه بفاس وحدث بينه وبين بعض إخوانه قتال انتهى بانتصاره، وتوفي محمد بن إدريس سنة 221 هـ، وتولى بعده ولده علي بن محمد الذي توفي بدوره سنة 234 هـ، وعهد لأخيه يحيى بالأمر من بعده، فعرف بحسن السيرة والتمسك بالدين ومقاومة البدع

(1) انظر الرياض 1/ 411، البيان المغرب 1/ 119، 120.

(2)

انظر البيان 1/ 317، الخوارج في بلاد المغرب 112.

(3)

انظر البيان المغرب 1/ 317، الخوارج في بلاد المغرب 144.

(4)

الأغالبة ص: 99، 101.

(5)

الملوك الأدارسة لمؤلف مجهول (مطبوع ضمن دولة الأدارسة ص: 298) وقد حدث خلاف فيمن أسس مدينة فاس ينظر له بالتفصيل دولة الأدارسة ص: 87 - 103.

(6)

انظر الحلة السيراء 531، العبر 4/ 14.

ص: 61

وازدهرت الثقافة في عصره، وقصد الناس مدينة فاس من الأندلس وإفريقية وفي أيامه بني أهم آثار فاس والمغرب الأقصى كله جامع القرويين ومسجد الأندلس سنة 245 هـ.

ولما هلك يحيى تولى الأمر من بعده ابنه يحيى بن يحيى وقد عرف بسوء السيرة والشراب والنساء وترك الحكم بفضيحة، تولى بعدها الأمر والد زوجته علي بن عمر بن إدريس (1) وكان فقيها عارفا بالحديث وصارت بينه وبين الخوارج وقائع، استولى بعدها عبد الرزاق الفهري على فاس حتى انتزعها منه يحيى بن القاسم، ولم يزل ملكا على فاس وأعمالها حتى اغتاله الربيع بن سليمان سنة 292 هـ، وتولى الأمر يحيى بن إدريس بن عمر.

وكان يحيى بن إدريس رجلا صالحا حافظا للحديث وفي عهده اختط عبيد الله الباطني المهدية، وهزم يحيى وفرض سلطانه على المغرب الأقصى - كما سيأتي - فكانت نهاية دولة الأدارسة الأولى (2).

وهناك نوع آخر من الثورات عرفه العهد الأغلبي، وقد تمثل في الثورات المتتالية التي قام بها قادة الجند الذين رأوا لأنفسهم حقا في مشاطرة الأغالبة الحكم، وكان منبت هذه الثورات في تونس غالبا وأحيانا في طرابلس وأخطرها ثورة عمران بن مجالد الربعي سنة 194 هـ وهو قائد إبراهيم بن الأغلب ووزيره، وقد تمكن من الاستيلاء على القيروان لمدة سنة كاملة قبل أن ينجح إبراهيم في إخماد ثورته كما ثار على زيادة الله ابن إبراهيم (201 هـ - 223 هـ) كبير قادته منصور بن نصر الطنبذي سنة 209 هـ، وتمكن من السيطرة على معظم إفريقية واستولى قادة الجيش على المدن، ولم يتمكن زيادة الله من إعادة الأمور إلى نصابها إلا بعد أربعة أعوام (سنة 213 هـ) وأما الثورات الأخرى فلم تكن ذات بال وبذلك تمكن أمراء الأغالبة من تمهيد البلاد واهتموا بالغزو الخارجي، ففتحوا صقلية (212 هـ) ومالطة وسردانية وسرقوسة (264 هـ) حتى وصلوا إلى روما (3).

كما اعتنى الأغالبة بالناحية العمرانية فأسسوا عدة مدن كالعباسية (185 هـ)

(1) انظر العبر 4/ 15، أعمال الأعلام 207 - 208.

(2)

انظر الاستقصاء 1/ 166، الدرر السنية ص: 56، أعمال الأعلام ص: 210، صبح الأعشى 5/ 182، العبر 6/ 134.

(3)

ورقات 2/ 114.

ص: 62

ورقادة (263 هـ)، وبنوا المحارس والحصون وقصور الرباط ومواجل المياه، وعرفت في عهدهم المكتبات العامة، وحبست فيها المصنفات على طلبة العلم (1).

وظهر مذهب الاعتزال بإفريقية بصورة واضحة في عهد الأغالبة والأدارسة والاعتزال تعود نشأته إلى الاختلاف الواقع بين واصل بن عطاء والحسن البصري حول مرتكب الكبيرة، فاعتزل واصل مجلس الحسن وأظهر القول بأنه في منزلة بين منزلتي الكفر والإيمان ودعا إلى بدعته، وكان مبعوثه إلى إفريقية عبد الله بن الحارث الذي دخلها في بداية القرن الثاني (2) ثم تبنى الفكر الاعتزالي بعض ولاة الأغالبة، وتمكن المعتزلة من الوصول إلى القضاء مرتين بالقيروان وامتحنوا أهل السنة في مسألة القول بخلق القرآن وكانوا يدرسون نظرياتهم في جامع عقبة وسبق تبني بعض حكام الأدارسة للفكر الاعتزالي (3)، وقد قاوم الشعب الإفريقي الاعتزال أشد المقاومة، وصدرت الفتاوى عنهم والمؤلفات في الرد عليهم، ومازال أمرهم في تناقص حتى زال كلية من إفريقية، بعد قيام دولة بني عبيد (4).

وقد وصف عامة أمراء الأغالبة الأحد عشر، بحسن السيرة، والإحسان إلى الرعية (5) إلا ما كان من عبدالله بن إبراهيم (196 هـ - 201 هـ) الذي فرض إخراج العشر من الحبوب مالاً، فسخط عليه الناس ورفضه الفقهاء، ودعوا عليه فمات بسبب دعوتهم (6) ويمثل عصر الاستبداد في العهد الأغلبي إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب (261 هـ - 289 هـ)، فقد فسد فكره بعد مدة من حكمه، وأتى بمنكرات لايفعلها عاقل منها أن قتل ابنه وبناته الست عشرة وثلاثمائة من خدمه، كما قتل كتابه وحجابه وثمانية من إخوته وله طرق بشعة

(1) المكتبة الأثرية ص: 8، 14 سجل قديم 339.

(2)

انظر المدارس الكلامية ص: 162، الصراع المذهبي ص:92.

(3)

انظر المؤنس 50.

(4)

انظر طبقات الخشني 198 - 224، طبقات أبي العرب 91، حسن البيان 199، المدارك 1/ 11.

(5)

انظر مثلا العبر 4/ 201، إتحاف أهل الزمان 1/ 104، 107، الكامل 5/ 253، 263.

(6)

انظر العبر 4/ 197، البيان المغرب 1/ 96.

ص: 63

في القتل كالخنق والطرح في النار أو البناء على المعاقب حتى يهلك جوعا وعطشا، وكان يمارس القتل شهوة وبطرا، ويعتبر عهده بداية النهاية للدولة الأغلبية خاصة بعدما أوقع ظلما بسبعمائة من رجال قلعة بلزمة، وكانوا أولي بأس شديد في الدفاع عن الدولة وبقتلهم انفتح الطريق أمام داعي الشيعة الإسماعيلية لدخول القيروان (1).

وثارت أطراف البلاد على ظلم إبراهيم (2) في الوقت الذي بدأت تظهر فيه دعوة الشيعة الإسماعيلية بين قبائل البربر، فأعلن إبراهيم التوبة وتخلى عن الملك لابنه أبي العباس عبدالله (189 هـ - 290 هـ) الذي لم يحكم إلا سنة واحدة إذ قتله بعض خدمه فتولى بعده ابنه زيادة الله الثالث (196 هـ - 290 هـ) خاتمة أمراء الأغالبة، وقد استهل عهده بقتل جميع أعمامه حتى عمه الزاهد الساكن بقصر سوسة، كما استدعى أخاه أباعبد الله الأحول، الذي كان يقاتل أبا عبد الله الشيعي الذي بدأ يتقدم نحو عاصمة الأغالبة.

ولما رأى زيادة الله الخطر محدقا به لم يجد بدا من التودد إلى العامة والاستنصار بالعلماء، فعزل قاضيه المعتزلي الذي اضطهد أهل السنة وأبدله بحماس بن مروان الفقيه المالكي (291 هـ - 293 هـ)، وكتب إلى الناس إني عزلت عنكم الجافي الجلف المبتدع المتعسف، ووليت القضاء حماس بن مروان لرأفته ورحمته وطهارته وعلمه بالكتاب والسنة، كما أرسل إلى العلماء وقال لهم: إن هذا الصنعاني الخارج علينا مع كتامة يلعن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويزعم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ارتدوا بعده، ويسمى أصحابه المؤمنين ومن يخالفه في مذهبه الكافرين ويبيح دم من خالف رأيه، فأظهر الفقهاء لعنه والبراءة منه وحرضوا الناس على قتاله (3) لعلمهم بما ينطوي عليه مذهبه من التعطيل والإباحية والعداوة للإسلام.

وقد بذل زيادة الله أموالا طائلة لتجهيز الجيوش التي أرسلها لمحاربة أبي عبد الله ثم عكف على شهواته، وفي حين كان الشيعي يحتل البلاد مدينة بعد

(1) انظر أعمال الأعلام 27، العبر 4/ 204، تاريخ المغرب العربي 2/ 113.

(2)

إتحاف أهل الزمان 1/ 115.

(3)

البيان المغرب 1/ 136، 137.

ص: 64

مدينة كان زيادة الله قد أقبل على اللذات واللهو ومعاشرة المضحكين، وأهمل أمور الملك (1) ولم ينتبه من غفلته إلا على نبأ سقوط مدينة الأربس وهي آخر معقل يحميه من الشيعة، فجمع ماخف من أمواله وهرب ليلا إلى مصر في خاصته، وترك أهل إفريقية نهبا للطمع الباطني وذلك في جمادى الآخرة سنة 296 هـ.

أما عن الحياة العلمية فإنها شهدت في عهد الأغالبة ازدهارا كبيرا لطول عمر هذه الدولة وماشهدته من الاستقرار بالإضافة إلى أن مؤسسها قد طلب العلم في أول حياته، وسمع من الليث بن سعد وغيره (2)، وكان حافظا للقرآن يلي الصلاة في الجامع الأعظم بنفسه (3)، فكان يعرف حق العلم وأهله أما خلفه فلم يكن لهم مثل ثقافته واهتمامه إلا أنهم كانوا يفزعون إلى العلماء عند الحاجة ويعقدون في دواوينهم مجالس المناظرة والمذاكرة (4)، كما كانوا يقومون بزيارة دور العباد والعلماء والكتاتيب المناسبات المختلفة (5)، وكان الأمراء الأغالبة يميلون إلى مذهب الحنفية لما فيه من الرخص والتسهيل لهم بالإضافة إلى أنه كان المذهب الرسمي للدولة العباسية، وكان هذا مما أحدث نفرة شديدة بين علماء المالكية وبين الأمراء.

ولما حدثت في بغداد محنة القول بخلق القرآن دعا إليها بعض أمراء القيروان وكتبوا السجلات بذلك وقرئت على المنابر (6) وامتحن بسببها كبار علماء القيروان مثل موسى بن معاوية الصمادحي، وأحمد بن يزيد، وهما من جلة محدثي القيروان، كما امتحن بسببها الإمام سحنون فاختفى ثم جيء به إلى ابن الأغلب فجمع له القواد والوزراء والقاضي ابن أبي الجواد (وهو حنفي أظهر الاعتزال ت 234 هـ) وقال

(1) العبر 4/ 205، وانظر البيان المغرب 1/ 143، الكامل 6/ 123.

(2)

سير أعلام النبلاء 9/ 129، وانظر: شهيرات 38، ورقات 1/ 83.

(3)

إتحاف أهل الزمان 1/ 104.

(4)

انظر الرياض 1/ 276، 287، 288، 489، طبقات أبي العرب 88، طبقات الخشني237.

(5)

انظر الرياض 1/ 411.

(6)

انظر المحن 454، الحلل 3/ 792، المدارك 3/ 222.

ص: 65

له: ماتقول في القرآن؟ فقال سحنون أصلح الله الأمير أما شيء أبدأ به من نفسي فلا، ولكن الذي سمعت ممن تعلمت منه وأخذت ديني عنه فهم كانوا يقولون: إن القرآن كلام الله وليس بمخلوق فقال ابن أبي الجواد: إنه قد كفر فاقتله ودمه في عنقي وقال مثل ذلك نصر بن حمزة القائد وغيره، فقال لداود بن حمزة: ماتقول ياداود؟ فقال: أصلح الله الأمير قتله بالسيف راحة له، ولكن اقتله قتل الحياة يؤخذ عليه الحملاء (أي الكفلاء) وينادى عليه بسماط القيروان أن لا يفتي ولايسمع أحداً ويلزم داره ففعل ذلك أبو جعفر وترك قول من أشار إليه بقتله وهكذا كانت محنة القول بخلق القرآن سببا في اختفاء كثير من علماء القيروان، ومنعهم من التدريس والإفتاء (1).

وكان أكثر أمراء الأغالبة يميلون إلى تعيين القضاة الحنفية، وهؤلاء غالبا ما ينكلون بالعلماء المدنيين مثل محمد بن عبدون الذي امتحن على يديه جماعة من الفقهاء المالكية وأهل السنة، وضربهم ونكل ببعضهم وأطلقهم وأغرى الأمير ببعضهم فقتل منهم (2).

وفي المقابل كان علماء المالكية يرفضون كل عرض وظيفي من الأمراء متأسين في ذلك بما فعله الإمام مالك من البعد عن السلطان توقيراً للعلم ورفعاً لشأنه، ومن قبل منهم القضاء إنما قبله بعد أن أدير عليه مدة طويلة، وبعد أن اشترط شروطا استوثق معها قيامه بالعدل، كما فعل الإمام سحنون، وعيسى بن مسكين وغيرهما (3).

وانتشرت المكتبات الخاصة ومنها مكتبة سحنون، وكانت تحتوي على كتب عظيمة منها: جميع كتب عبد الله بن وهب وهو راوية للتفسير عن الإمام مالك وكان عنده سماعات عن سفيان بن عيينة، وهو من أئمة التفسير (4)، ومكتبة محمد ابن سحنون الذي بلغت مصنفاته مائتي كتاب في جميع العلوم ومنها علوم القرآن (5).

كما أنه كان هناك بيت الحكمة القيرواني الذي كان يرأسه إبراهيم بن أحمد الشيباني ت 298 هـ، وهو صاحب مسند في الحديث

(1) المحن 456.

(2)

المدارك 3/ 233.

(3)

انظر مثلا: المعالم 2/ 84، المدارك 3/ 214.

(4)

انظر مناقب أبي إسحق الجبنياني 11.

(5)

انظر الرياض 1/ 443، الديباج 234.

ص: 66

وله كتاب سراج الهدى في القرآن ومشكله وإعرابه ومعانيه، ومصنفات أخرى في الأدب (1) وتأتي ترجمته إن شاء الله تعالى، وكثرت في ذلك الوقت قصور الرباط التي بدأ إنشاؤها بقصر المنستير على يد هرثمة بن أعين سنة 180 هـ، وكانت مع مهمتها الجهادية مراكز تعليمية هامة (2).

كما تولى قضاء صقلية أحد تلامذة سحنون، وهو سليمان بن سالم المحدث الفقيه المفسر وبث فيها علما كثيرا، ونشر مذهب الإمام مالك فيها (3).

وتكثفت رحلة الأندلسيين إلى إفريقية ومنهم: بقي بن مخلد صاحب التفسير والمسند اللذين لانظير لهما، وقد سمع من كبار محدثي المشرق، كالإمام أحمد وابن معين ولا شك أنه قد استفاد من مرويات الإمام أحمد في تفسيره (4).

وكانت منازل العلماء من المراكز العلمية التي ساهمت في نشر العلم، فكان للإمام سحنون حلقة عظيمة في داره، وكان لمحمد بن يحيى بن سلام المفسر مثلها، وكان عيسى بن مسكين يحدث بكتب ابن وهب في منزله (5).

ورحل يوسف بن يحيى المغامي القرطبي نزيل القيروان إلى اليمن وسمع بها من إسحق بن إبراهيم الدبري صاحب عبد الرزاق وراوي مصنفه ومعلوم أن عبد الرزاق له تفسير مسند ولا يستبعد أن يكون يوسف سمعه أيضا من إسحق (6).

وأيضا رحل محمد بن عبد الله الأنصاري ابن أبي منظور قاضي قيروان إلى صنعاء، فسمع بها من الدبري مصنف عبد الرزاق (7).

وقد حدث سحنون بكتب ابن وهب كلها في قصر زياد، عندما خرج إليه فرارا من محنة القول

(1) البيان المغرب 1/ 134.

(2)

انظر البيان المغرب 1/ 89، المعالم 2/ 196، ورقات 2/ 91، الفرق الإسلامية ص:100.

(3)

انظر طبقات الخشني 147، المعالم 2/ 206، الحلل السندسية 3/ 775، الشجرة 1/ 71.

(4)

انظر تاريخ ابن الفرضي 1/ 107، جذوة المقتبس 167، طبقات المفسرين للسيوطي 40، سير أعلام النبلاء 13/ 285، الصلة 1/ 116.

(5)

انظر الرياض 1/ 365، المدارك 3/ 335، المكتبة الأثرية 34.

(6)

انظر الديباج 356، الشجرة 1/ 76، الأنساب 11/ 418، تاريخ ابن الفرضي 2/ 201.

(7)

انظر طبقات الخشني 173، الرياض 2/ 357، المدارك 3/ 339، تكملة الصلة 1/ 363.

ص: 67

بخلق القرآن (1).

فلم يكن الازدهار العلمي في تلك الفترة إذن ناتجاً عن تشجيع من الأمراء الأغالبة إنما كان سببه حرص العلماء ومقدرتهم على الاستفادة من الظروف المتاحة لهم لنشر العلم، ونحن إذا استثنينا مسألة القول بخلق القرآن نجد أن حكومة القيروان لم تكن تتدخل في الناحية العلمية بدليل أن حلقات الإباضية والصفرية والمعتزلة كانت تعقد في جامع عقبة لمدة نصف قرن في العهد الأغلبي حتى جاء الإمام سحنون فشردهم (2)، وفي عهد الأغالبة استقر المذهبان المالكي والحنفي، ونشطت الحياة المسجدية وكثر العلماء وتكثفت الرحلة إلى المشرق، وأقبل أهل إفريقية على التصنيف فصنف يحيى بن سلام (ت 200 هـ) تفسيره وجامعه في الحديث، ورتب الإمام سحنون المدونة وذيل مسائلها بالأحاديث، وصنف محمد بن سحنون شرحا على الموطأ ومسندا في الحديث وغير ذلك، وصنف العلماء كثيرا من المصنفات في الرد على المعتزلة مثل كتاب الحجة على القدرية لمحمد بن سحنون وكتاب الاستواء لسعيد بن الحداد وغيرهما كما امتلأت الحصون والمحارس بالعلماء، والعباد المرابطين، فقد بنى الأغالبة أكثر من ثلاثين ألف معقل (3).

وقد كان موقع القيروان وبلاد المغرب في منطقة واصلة بين بلاد المشرق وبين بلاد الأندلس وهذا أدى إلى الاستفادة من العلماء الذين انطلقوا بين المنطقتين لنشر العلم والدعوة إلي الله ويتضح ذلك جليا في مجال التفسير فيما يأتي من موضوعات هذا البحث، وبهذا تكاملت جوانب الحياة العلمية بإفريقية وأصبحت قادرة على مواجهة الخطر الباطني الذي حل بساحتها بعد ذلك كما سيأتي.

ثالثا: عصر الشيعة الإسماعيلية (296 - 362 هـ)(4)، وقيام دولة الأدارسة الثانية في المغرب الأقصى:

(1) الرياض 1/ 426.

(2)

انظر: المؤنس 50، ورقات 1/ 73.

(3)

انظر: سير أعلام النبلاء 13/ 488.

(4)

انظر: البيان المغرب 1/ 124 - 215210 - 228، حسن البيان 229 - 233، المغرب الكبير 2/ 593 - 637، تاريخ عجائب الآثار 1/ 26، الكامل في التاريخ 6/ 127 - 135، 6/ 151، 160، 190، 238، 305، 311، المؤنس 54 - 65، الشجرة 2/ 122 - 123، معالم تاريخ المغرب 119 - 136، القيروان 83 - 97، تاريخ المغرب العربي 2/ 535، 577، أعلام ابن عاشور 39 - 44، الاستقصا 1/ 60، الرياض 2/ 41 - 45، 2/ 59 - 87، 292، 297 - 299، 338 - 339، الفرق الإسلامية 200 - 201، الصراع المذهبي 167 - 193، 203 - 211، أعمال الأعلام 46 - 65، الحلة السيراء 1/ 190 - 196، 2/ 387 - 393، الخلاصة النقية 35 - 42، النجوم الزاهرة 3/ 168 - 177، الإباضية بالجريد 120، 123 - 125، المدارك 1/ 318 - 321، طبقات الخشني 215، 225 - 226، رسالة افتتاح الدعوة 62 - 274، الفكر السامي 2/ 148، رحلة التجاني 266، العبر 4/ 28 - 49، البداية والنهاية 11/ 179. 345، مقدمة ابن خلدون 21 - 23، اتعاظ الحنفاء 55 - 101، المغرب العربي 166 - 174، مرحلة التشيع في المغرب العربي 17 - 58.

ص: 68

ينتمي العبيديون (1) إلى الطائفة الإسماعيلية من الرافضة، وهم القائلون بإمامة

إسماعيل بعد أبيه جعفر الصادق رغم اتفاق أهل التاريخ على وفاة إسماعيل في حياة أبيه، ويعتبرون أن عبيد الله صاحب إفريقية رابع أئمتهم المستورين (2).

ويلقبون بالباطنية (3) والرافضة ويسمون الملاحدة، لما في مقالاتهم من الإلحاد، كما سموا بالمشارقة لقدومهم من المشرق (4) وينتسب عبيد الله أول ملوك هذه الطائفة إلى آل البيت زورا وبهتانا، فالصحيح أنه دعي في نسبه، وأنه من ولد عبد الله بن ميمون القداح (5)، وقد كانت هذه الحقيقة شائعة في أول أمرهم بإفريقية ومصر والحرمين (6) بما لايدع مجالا للشك واللبس.

أما عن دعوتهم في المغرب فإنه لما وقعت مطاردة الروافض في المشرق أخذوا يبثون دعاتهم في الأمصار البعيدة عن يد الخلافة، فكلفوا بأمر المغرب

(1) نسبة إلى عبيد الله الذي لقب نفسه بالمهدي، أول ملوك الرافضة بإفريقية.

(2)

انظر العبر 4/ 30.

(3)

الفرق بين الفرق 63.

(4)

رسالة افتتاح الدعوة 93.

(5)

أحد كبار مؤسسي الفكر الباطني، انظر: الفرق بين الفرق 22.

(6)

انظر: الكامل في التاريخ 7/ 263، البيان المغرب 1/ 282، وراجع عن بيان كذبهم في الانتساب إلى آل البيت: المنار المنيف 153، سير أعلام النبلاء 5/ 184، الإعلان بالتوبيخ 8، البداية والنهاية 11/ 179، النجوم الزاهرة 4/ 75، وصنف أبو بكر الباقلاني كتابا سماه (كشف الأسرار وهتك الأستار) فضح فيه ادعاءهم، كما ألف في ذلك بعض الشيعة المعاصرين لهم، انظر اتعاظ الحنفاء 22.

ص: 69

أحد دهاتهم المسمى أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن محمد بن زكرياء الصنعاني، وقد تعلم طرق الدعوة في اليمن ثم اتصل بحجيج كتامة (1)، فخدعهم بالحديث عن حب آل البيت حتى ألحوا عليه في مصاحبتهم إلى بلادهم، فأظهر التمنع أولا ثم وافقهم بعد أن علم من أوضاع بلادهم ما شجعه وفي كتامة (2) أظهر دعوته والتف الناس حوله، ووقعت بسببه فتن كاد يهلك فيها، ثم قوي أمره وقصدته قبائل البربر من كل فج، فبدأ يحتل بلاد المغرب بلدا بلدا، وفي أثناء ذلك دخل عبيدالله المغرب متخفيا وعيون الخلافة تلاحقه حتى سجن في سجلماسة، وبعد حروب دامت أكثر من خمس سنوات تمكن أبو عبد الله من طرد الأغالبة، ودخل القيروان سنة 296 هـ ثم أخرج عبيد الله من سجنه بسجلماسة، ودخلا معا عاصمة إفريقية سنة 297 هـ، بعد أن استطاعا القضاء على الدولة الرستمية الإباضية في المغرب الأوسط سنة 296 هـ (3)، واستطاع الباطنيون القضاء على دولة الأدارسة الأولى تماما في حدود سنة 319 هـ (4)، والقضاء على الدولة المدرارية الصفرية سنة 349 هـ (5).

وبدأ عهد الاضطهاد الذي عاشه أهل السنة تحت الاحتلال العبيدي، وقد استمر حكم الإسماعيلية بإفريقية والمغرب ستا وثمانين سنة كرسوا فيها كل جهودهم لإماتة السنة ونشر البدع، ومنع العلم، مستعملين في سبيل ذلك أخس الوسائل فتعرض الناس في عهدهم لظلم عظيم وضيق شديد، وكان علماء السنة من قراء ومحدثين وفقهاء لهم بالمرصاد، جاء في المعالم: جزى الله مشيخة القيروان خيرا، هذا يموت، وهذا يضرب، وهذا يسجن، وهم صابرون لايفرون ولو فروا لكفرت العامة دفعة واحدة (6).

(1) كتامة: من أكبر قبائل البربر في المغرب، وعليهم قامت دعوة الرافضة فيه، انظر: الشجرة 2/ 105، البيان المغرب 1/ 124.

(2)

انظر: دور كتامة في تاريخ الخلافة الفاطمية.

(3)

في تاريخ المغرب والأندلس ص: 176.

(4)

انظر دولة الأدارسة ص: 153 - 154.

(5)

في تاريخ المغرب والأندلس ص: 177.

(6)

المعالم 2/ 292.

ص: 70

ورغم سيطرة العبيديين العسكرية على جميع أنحاء المغرب وصقلية وحوض البحر الأبيض المتوسط فإنهم لم يحسوا بالأمن والاستقرار، ولم تكن الثورات الكثيرة التي شهدها عهدهم (1) هي السبب الأكبر في قلقهم، وإنما مثار قلقهم هم هؤلاء العلماء المؤمنون، ومن هنا راح الروافض يقومون بأعمال منكرة لنشر أباطيلهم وحمل الناس على اعتناق مذهبهم، إلا أنها لم تزد أهل السنة منهم إلا نفورا، وكان عهدهم من أضيق العهود وأشدها على الناس لتبديدهم الأموال بإعطائها اليهود والنصارى وانفاقها في الخمور والملذات (2).

ويمكن أن نلخص في النقاط التالية جرائمهم في حق الإسلام عامة، وفي حق العلم وأهله بصفة خاصة:

1 -

لقد ادعى عبيد الله الرسالة، فإنه لما وصل إلى رقادة، طلب فقيهين من فقهاء القيروان، فدخلا عليه وهو جالس على كرسي ملكه فقال لهما بعض دعاته: اشهدا أن هذا رسول الله فقالا بلفظ واحد: لو جاء هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله ماقلنا ذلك! فأمر بذبحهما (3) بل لقد غلا فيه أصحابه حتى ألهَّوه فقد كانت أيمانهم: وحق عالم الغيب والشهادة مولانا الذي برقادة، وكان بعضهم يتصدى لعبيد الله ويقول له: ارق إلى السماء لم تقيم في الأرض وتمشي في الأسواق، كما أن أميرهم الرابع معد بن إسماعيل ادعى النبوة وجعل من نادى فوق صومعة القيروان: أشهد أن معد بن إسماعيل رسول الله فارتج البلد لذلك (4).

2 -

لقد مدح حكامهم بأنواع من الكفر وأقروها، منها قول أحد شعرائهم في عبيد الله:

حل برقادة المسيح

حل بها آدم ونوح

(1) من أخطر هذه الثورات ثورة داعية أبي عبد الله الذي شكك في إمامة عبيد الله، فقتله سنة 298 هـ انظر النجوم الزاهرة 1/ 154، وثورة أبي يزيد الخارجي الذي استولى على كامل بلاد إفريقية حتى لم يبق للعبيديين إلا المهدية انظر العبر 4/ 40 - 44.

(2)

انظر المدارك 3/ 714، طبقات الخشني 168.

(3)

سير أعلام النبلاء 14/ 216، الرياض 2/ 49.

(4)

البيان المغرب 1/ 160، 186، 282، 285.

ص: 71

حل بها الله ذو المعالي

فكل شيء سواه ريح

وقول الآخر في المعز:

ماشئت لاماشاءت الأقدار

فاحكم فأنت الواحد القهار (1)

3 -

أظهروا سب الصحابة، رضوان الله عليهم، وطعنوا فيهم، وزعموا أنهم ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخصصوا دعاة للنداء بذلك في الأسواق، وعلقوا رؤوس الأكباش، والحمير على أبواب الحوانيت، وكتبوا عليها أسماء الصحابة (2)، وكان من ذكر الصحابة بخير أو فضل بعضهم على علي قتل أو سجن (3) فلم يكن أحد يذكرهم بالثناء إلا في دور العلماء (4).

4 -

زادوا في الأذان حي على خير العمل، وأسقطوا في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم، ومنعوا الناس من قيام رمضان، وليس شيء أشد على بني عبيد من هذه الصلاة، وقدموا صلاة الظهر قبل الزوال وأمروا بصلاة العصر في وقت الظهر لفتنة الناس (5)، أما خطبة الجمعة فقد أظهروا فيها سب الصحابة وضروبا من الكفر، فتركها الناس وأقفرت المساجد في زمانهم، وكان بعض أئمتهم يصلون إلى رقادة فلما انتقل

عبيد الله إلى المهدية صلوا إليها (6) وكثيرا مايجبرون الناس على الفطر قبل رؤية هلال شوال (7).

5 -

دعوا إلى الإباحية، وتعطيل الشرائع، وإسقاط الفرائض عمن تبع دعوتهم (8)، وكانوا يرسلون دعاتهم إلى الأطراف لإظهار ذلك، فإن وجدوا الناس مغضين عنه أشاعوه حتى كان الرجل يأتي حليلة جاره وهو ينظر، فإن قبل ذلك عد عندهم من الصابرين (9).

(1) انظر: الكامل 7/ 46، في تاريخ المغرب والأندلس ص:184.

(2)

المدارك 3/ 318، الرياض 2/ 338، 424.

(3)

المعالم 3/ 35، المحن 279.

(4)

المدارك 3/ 378.

(5)

مناقب أبي إسحاق 65.

(6)

انظر رحلة التجاني 266، المدارك 3/ 338، المعالم 3/ 5، البيان المغرب 1/ 186، المحن 287، الرياض 2/ 42.

(7)

انظر المعالم 3/ 49.

(8)

الرياض 2/ 504.

(9)

انظر البيان المغرب 1/ 185.

ص: 72

6 -

أجبروا الناس على الدخول في دعوتهم فمن أجاب تركوه وربما ولوه بعض المناصب، ومن رفض قتل، كما فعلوا عقب أول جمعة خطبها عبيد الله بالقيروان ثم لما أكثر دعاتهم على أهل القيروان وقعت بين الفريقين مقتلة عظيمة فأمر الشيعي بالكف عن العوام (1) وطلب العلماء لتشريقهم أي إدخالهم في دعوتهم (2) وافتعل مناظرات صورية، فدارت على علماء السنة مقتلة عظيمة، وقتل منهم عدة آلاف بسبب تمسكهم بإسلامهم ومنافحتهم عن السنة قال القابسي: إن الذين ماتوا في دار البحر (سجن العبيديين) بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب، مابين عالم وعابد ورجل صالح (3) هذا عدا ماكانوا يقتلون دون سجن ويمثل بهم في شوارع القيروان، فأثر ذلك على سير الحياة العلمية، وقد خمل ذكر كثير من العلماء الذين آثروا اعتزال الفتنة، مثل أبي محمد الورداني (4)، ومع ذلك فإن هذه الشدة لم تزد أهل إفريقية إلا تمسكا بسنيتهم.

7 -

منعوا العلماء من التدريس في المساجد، ونشر العلم، والاجتماع بالطلبة، وحبسوهم في بيوتهم فكان من يأخذ عنهم ويتذاكر معهم إنما يكون سرا، وعلى حال خوف وريبة (5)، فكان الموطأ وغيره من كتب السنة لاتقرأ إلا في البيوت (6) وكانت السنة تعرض بالقيروان سرا (7)، وكان أبو محمد بن أبي زيد، وأبو محمد بن التبان، وغيرهما يأتيان إلى أبي بكر بن اللباد، شيخ السنة بالقيروان، في خفية ويجعلان الكتب في أوساطهما حتى تبتل بالعرق خوفا من بني عبيد (8)، وكان بعض العلماء يخرج إلى المقبرة فيستتر فيها ويقرأ على الطلبة

(1) انظر الكامل 6/ 133، 135.

(2)

انظر المعالم 3/ 91، المدارك 3/ 521، طبقات الخشني 225.

(3)

المعالم 3/ 34، وانظر الرياض 2/ 326.

(4)

انظر المدارك 4/ 416.

(5)

المدارك 5/ 121، الفكر السامي 2/ 148.

(6)

انظر طبقات الخشني 195.

(7)

انظر: تاريخ ابن الفرضي 153، 201.

(8)

انظر المعالم 3/ 25.

ص: 73

للخوف من بني عبيد، لأنهم منعوا من بث العلم، وسجنوا العلماء في دورهم (1).

وبذلك خلت المساجد من حلق الذكر ومجالس العلم، وأصبحت هذه المهمة تقع في دور العلماء، وبعض قصور الرباط خفية وفي مقابل ذلك فسح العبيديون لدعاتهم المجال لنشر ضلالاتهم ومكنوهم من كل الوسائل في سبيل القضاء على الإسلام والسنة.

8 -

حرموا على الفقهاء الفتوى بمذهب الإمام مالك، واعتبروا ذلك جريمة يعاقب عليها بالضرب والسجن أو القتل أحيانا، ويدار بالمقتول في الأسواق وينادى عليه هذا جزاء من يذهب مذهب مالك (2)، ولم يبيحوا الفتوى إلا لمن تشرق وكفر (3).

9 -

قاموا بمصادرة مصنفات أهل السنة وإتلافها، ومنع الناس من تداولها، من ذلك أن أبا محمد عبد الله بن أبي هاشم التجيبي (ت 346) توفي وترك سبعة قناطير كتب كلها بخط يده، فرفعت إلى سلطان بني عبيد فأخذها، ومنع الناس منها كيدا للإسلام وبغضا فيه (4) وقد وجد موطأ الإمام مالك عند رجل فضربوه وطافوا به (5)، ورفعت إلى السلطان أشياء على سعدون الخولاني (ت 324 هـ) المتعبد بقصر الطوب فأرسل إليه بعض حرسه فقيدوه وجمعوا مافي بيته من الكتب وأخذوه إلى عبيد الله (6).

10 -

منعوا التجمعات، فقد رفع على بعض العلماء العباد أنه يجتمع إليه العامة، ويدور بهم على قصور الرباط فمنعوهم خشية الخروج عليهم، وكانوا يفرقون الناس الذين يجتمعون على جنازة من يموت من العلماء (7) كما أنهم منعوا الجولان بالليل، ولهم بوق يضربونه أول الليل فمن وجد بعده ضرب عنقه (8).

(1) المعالم 3/ 39.

(2)

إنباه الرواة 2/ 54، وانظر الرياض 2/ 41، 265، البيان المغرب 1/ 159.

(3)

الرياض 2/ 56.

(4)

الرياض 2/ 423، وانظر المدارك 3/ 341.

(5)

انظر الفكر السامي 2/ 71.

(6)

انظر الرياض 2/ 259.

(7)

انظر المدارك 3/ 389، الرياض 2/ 258.

(8)

انظر المدارك 3/ 384.

ص: 74

11 -

حرص العبيديون على محو آثار من سبقهم ولذلك أمر عبيد الله بإزالة أسماء الحكام الذين بنوا الحصون والمساجد وأن يكتب إسمه بدلها كما استولى على أموال الأحباس وسلاح الحصون، وطرد العباد والمرابطين بقصر زياد وجعله مخزنا للسلاح (1).

وهكذا يتبين بكل وضوح حرص العبيديين على مصادرة الفكر السني، وتعطيل شرائع الإسلام، وإماتة العلم الصحيح واضطهاد أهله، ولكن أمام ذلك كله تضامن علماء أهل السنة وعبادهم ومتصوفوهم (2)، وتضافرت جهودهم لرد كيد العبيديين، وإخراجهم من أرض إفريقية، ومنعهم من أن ينالوا حصن السنة بالمغرب، والتف الشعب حول هؤلاء العلماء العاملين، الذين عرفوا بتضحياتهم المثالية في سبيل الحق، وتمسكهم بالسنة، وأصبحوا هم القادة الحقيقيين لشعوبهم فأمروا بمقاطعة جميع المؤسسات الحكومية فلا يختصمون إلى قضاتهم، ولا يصلون وراء أئمتهم، ولا يأتون معزين ولامهنئين، ولايناكحونهم، ولايتوارثون معهم، ولا يصلون على موتاهم.

وقد كان بعض العلماء يغتسل يوم الجمعة، ويلبس ثيابه ويتطيب، ويخرج إلى الجامع حتى إذا وصله يرفع عينيه إلى السماء ويقول: اللهم اشهد، ويرجع إلى داره (3).

كما أفتى العلماء بكفر بني عبيد، وأنهم ليسوا من أهل القبلة، كما كفروا من دخل دعوتهم راضيا، ومن خطب لهم ولم يعذروا المكره وقالوا: يختار القتل ولا يدخل دعوتهم (4) وقد شاعت هذه الفتاوى وعرفها الخاص والعام، فكانت حاجزا منيعا بين العوام وبين التردي في دعوة الرافضة.

ودأب علماء السنة على تعرية العبيديين وفضح معتقداتهم الباطلة حتى يحذرها العامة قال أبو إسحاق السبائي (ت 356 هـ) لأصحابه: افتحوا باب داري نأخذ في

(1) انظر الرياض 2/ 56، 222، موقف متصوفة إفريقية 19.

(2)

لقد امتاز متصوفة ذلك الوقت - بخلاف الفترات الزمانية التالية - بالمغرب عن غيرهم بالتزامهم بالسنة وبعدهم عن الغلو والتطرف والزيغ انظر: متصوفة إفريقية 7.

(3)

المدارك 3/ 526، 3/ 719، الرياض 2/ 43.

(4)

انظر في هذه الفتاوى: المدارك 3/ 719، 720، 767، المعالم 3/ 177، الرياض 2/ 339.

ص: 75

ذمهم والتحذير منهم وكان مما ملأ به مجالسه: الإكثار من ذكر فضائل الصحابة والثناء عليهم (1).

ولم يتخل العلماء عن التدريس في هذه الفترة الحرجة، فلما منعوا من التحديث والإقراء في المساجد فتحوا بيوتهم للطلبة فقصدوهم للتلقي، حتى إن دار إسحاق السبائي كانت كالمسجد (2) لكثرة من يؤمه من الطلبة، وكان أحمد بن يزيد الدباغ يسمع في داره (3)، كما كان تلاميذ أحمد بن نصر الهواري يقصدونه في بيته بعد أن منع من التدريس في مسجد رحبة القرشيين (4).

ووصل الأمر إلى التحيل في تعليم أطفالهم حتى يتربوا على السنة، وذلك ماقام به أبو إسحاق الجبنياني وغيره، فإنه كان يعلم أولاد الكتاميين (حملة الدعوة العبيدية) ولايأخذ منهم أجرا فيعلمهم القرآن والسنة ولايعلمهم يكتبون، ويقول: ليس يضرون الناس بالقرآن وإنما يضرونهم بالأقلام (5).

كما قاوم علماء السنة الرافضة بطريقة الجدل والمناظرة، وقد أفحموا فيها دعاة بني عبيد، وأقاموا عليهم الحجة، ودحضوا مزاعمهم بالبراهين القاطعة، فحفظوا للسنة مكانها وللإسلام عزه، ومن هؤلاء: أبو بكر القمودي الذي ناظر أبا العباس الشيعي مناظرة أفحمه فيها (6) وإبراهيم ابن محمد الضبي (7)، وأبو محمد عبدالله بن التبان (8) إلا أن أقدرهم على ذلك وأشهرهم به: أبوعثمان سعيد بن محمد بن الحداد المفسر فقد كانت له مع بني عبيد مقامات كريمة ومواقف محمودة في الدفاع عن الإسلام والذب عن السنة (9).

ووصل الأمر إلى المواجهة المسلحة فإنه لما نزل عبيد الله برقادة ترك جبلة بن حمود الصدفي

(1) انظر: المدارك 3/ 378.

(2)

المعالم 3/ 66.

(3)

الرياض 2/ 272.

(4)

المعالم 3/ 6.

(5)

مناقب أبي إسحاق 26، المدارك 3/ 516.

(6)

انظر طبقات الخشني 214.

(7)

انظر الرياض 2/ 46.

(8)

انظر المدارك 3/ 521.

(9)

انظر الرياض 2/ 58، 59، طبقات الخشني 199، المعالم 2/ 298، ورقات 1/ 259، وقد بلغت مجالسه مع الرافضة أربعين مجلسا لم يصلنا منها إلا أربعة. وسوف تأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.

ص: 76

(ت 297) الرباط في قصر الطوب ونزل لرقادة وقال: كنا نحرس عدواً بيننا وبين البحر، فتركناه وأقبلنا على حراسة هذا الذي حل بساحتنا لأنه أشد علينا من الروم، فكان يجلس طول اليوم محاذياً لرقادة ومعه سلاحه وكان يقول: أحرس عورات المسلمين من هؤلاء القوم فإن رأيت منهم شيئاً حركت المسلمين عليهم (1) ولكن جبلة لم يعش في حكم العبيديين إلا سنة واحدة.

وفي بداية الحكم العبيدي بايع أهل القيروان وكثير من قبائل أفريقية أبا عبد الله السدري على جهاد بني عبيد إلا أن خبره بلغ عبيد الله، فخرج إلى مكة فلما عاد قبضوا عليه وقربوه للقتل، وكان على درجة عظيمة من العبادة والتقوى فهرب العسكر كله فلم يجدوا أحداً يقتله، فأخذوا رومياً سقوه خمراً حتى سكر فقتله ثم

صلبوه (2)، لعنهم الله تعالى وكان قتله سنة 309 هـ.

فلما ثار أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي النكاري (3) واشتد أمره سنة 332 هـ، واستولى على القيروان رأى العلماء أن الخروج معه واجب لأنه من أهل القبلة أما الرافضة فهم مجوس زال عنهم اسم الإسلام وقالوا: إن ظفرنا بهم لم ندخل تحت طاعة أبي يزيد والله يسلط عليه إماماً عادلاً يخرجه عنا (4)، وخرجوا إلى المهدية سنة 333 هـ بقيادة العلماء، ولكن أبا يزيد غدر بهم فاستشهد منهم خمسة وثمانون عالماً (5)، فتنكر الناس لأبي يزيد، ومنعوه من دخول القيروان.

وقد شهد عهد أبي يزيد نشاطاً علمياً ملحوظاً حيث عادت الحياة إلى المساجد، وحلق العلماء للتدريس (6)، ولما استرد العبيديون نفوذهم على القيروان رجع الوضع كهيئته أولاً.

(1) الرياض 2/ 37، 38.

(2)

الرياض 2/ 169.

(3)

انظر عنه وعن ثورته: الكامل 6/ 302، اتعاظ الحنفاء 75، إتحاف أهل الزمان 1/ 124، العبر 4/ 40، 7/ 13، الإباضية بالجريد 120، البيان المغرب 1/ 216، والنكارية فرقة منشقة من الإباضية بعد وفاة عبد الرحمن بن رستم مؤسس دولتهم الرستمية خالفت في بيعة ابنه عبد الوهاب وأنكرت ذلك (انظر: في تاريخ المغرب والأندلس ص: 176).

(4)

انظر في مناقشتهم لمسألة الخروج مع أبي يزيد: الرياض 2/ 292 - 299، 338 - 345، المعالم 3/ 29 - 34، المدارك 3/ 318 - 321.

(5)

انظر الشجرة 83.

(6)

انظر: المدارك 3/ 388.

ص: 77

ولما لم يجد بنو عبيد استجابة من أهل إفريقية لأفكارهم، وقابلوا تلك المقاومة انتقلوا إلى مصر سنة 362 هـ تاركين لأنصارهم من بني زيري حكم إفريقية نيابة عنهم.

وفي النصف الثاني من عهد العبيديين دخلت القيروان بعض المصنفات الحديثية الهامة مثل مصنف عبدالرزاق (1)، والجامع الصحيح للإمام البخاري (2)، وكان أول من أدخل الصحيح هو علي بن محمد بن خلف الفاسي، وكان مما حدث به أيضا السنن ومسند حديث مالك وتفسير القرآن للنسائي (3).

وقام بالتصنيف في تلك الحقبة للباطنيين أبرز مفكريهم أبو حنيفة النعمان بن محمد القاضي القيرواني كتبا عدة في فقههم وكتابا في التفسير هو أساس التأويل وسيأتي الكلام عليه وعلى تفسيره في موضعه إن شاء الله تعالى.

وفي غضون تلك الحقبة قامت دولة الأدارسة الثانية تحت ظل العبيديين بعدما طورد مايسمى بابن أبي العافية بالمحالفة بينهما، فرجع الملك إلى بني إدريس تحت قيادة إبراهيم بن محمد بن القاسم، ولما مات آلت الرئاسة لأخيه القاسم الملقب بكنون الذي أقام دعوة العبيديين حتى توفي سنة 337 هـ، فتولى مكانه ابنه أبو العيسى أحمد بن القاسم وكان فقيها ورعا حافظا للسير والأنساب، وتحته استعاد المغرب وحدته وقدم الطاعة لعبد الرحمن الناصر الوالي الأموي وفي عهده سلمت القيادة للأمويين وخرج هو للجهاد والاستشهاد في جهاد الأفرنج سنة 348 هـ، وترك بدلا منه أخاه حسن بن كنون (4).

ولما بلغ المعز لدين الله بن إسماعيل العبيدي أن أهل المغرب الأقصى نقضوا إطاعة الشيعة وجه قائده جوهر الصقلي سنة 348 هـ إلى المغرب ومعه زيري بن مناد الصنهاجي وغيره فاستطاع القضاء على نفوذ بني أمية خلال سنتين وتظاهر حسن بن كنون بمبايعة العبيديين ثم نكث بيعته بقفولهم، وعاد لبني أمية ثم لما تولى بلكين بن زيري أعاد الكرة فبايع حسن بن كنون للعبيديين وساعدهم فأحفظ ذلك الخليفة الأموي، فأرسل جيشا دارت بينه وبين

(1) انظر: الخشني 173، المعالم 3/ 44.

(2)

انظر: المدارك 3/ 617، الشجرة 1/ 97.

(3)

انظر: فهرست ابن خير 59، 112، 145، الشجرة 1/ 97.

(4)

انظر: العبر 4/ 17، الاستقصا 1/ 178 - 182، أعمال الأعلام ص: 218 - 219.

ص: 78