الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن لبابة: هو أفقه من رأيت في علم مالك وأصحابه.
مات بقرطبة سنة تسع وخمسين ومائتين.
له:
فضائل القرآن
103 - يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد الأزدي أبو بكر ضياء الدين القرطبي
(1)
عالم بالقراءات وعلوم القرآن والحديث والنحو واللغة
من أهل قرطبة ولد سنة ست وثمانين وأربعمائة
قرأ بها على ابن النحاس
رحل فقرأ بالمهدية وسمع بالإسكندرية والقاهرة ودخل بغداد فأخذ عن علمائها. وأقام بدمشق مدة واجتمع به السمعاني وسمع منه بها.
استوطن الموصل ورحل منها إلى أصبهان ثم عاد إليها.
توفي بها سنة سبع وستين وخمسمائة.
104 -
يحيى بن السلام (2) بن أبي ثعلبة أبو زكريا البصري التيمي تيم ربيعة مولاهم (3)
الإمام صاحب التفسير
ولد بالكوفة سنة أربع وعشرين ومائة ونشأ
(1) مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للداوودي 2/ 368، معجم المفسرين 2/ 730، بغية الوعاة 2/ 334، غاية النهاية 2/ 372، وفيات الأعيان 6/ 171، نفح الطيب 2/ 116، العبر 4/ 200، معرفة القراء الكبار 2/ 429، معجم الأدباء 20/ 14، مرآة الجنان 3/ 380، النجوم الزاهرة 6/ 66، المغرب في حلي المغرب 1/ 135.
(2)
في أغلب المراجع بدون لام التعريف والمثبت من الرياض وينظر تعليق المحقق عليه، وقد اختلف في اسم أبيه فقيل: السلام مخففا معرفا وقيل: سلام بدون تعريف وقيل: سالم
بتقديم الألف على اللام وقيل: سلام بالتشديد ورجحه الزركلي لقول الشاعر:
يارب معنى قد استنبطته فهما
…
فقيل يحفظ تفسير ابن سلام.
(3)
مصادر ترجمته: طبقات المفسرين للسيوطي ص: 18، طبقات المفسرين للداوودي 2/ 685، التفسير ورجاله ص: 23، معجم المفسرين 2/ 730، المدرسة القرآنية في المغرب ص: 135، التفسير واتجاهاته بإفريقية ص: 51، الجرح والتعديل 8/ 155، طبقات أبي العرب ص: 89، رياض النفوس 1/ 188، فهرست ابن خير ص: 56، الحلة السيراء 1/ 105، جامع بيان العلم وفضله 2/ 148، معالم الإيمان 1/ 321، ميزان الاعتدال 4/ 380، لسان الميزان 6/ 259، غاية النهاية 2/ 373، الأعلام 8/ 148، بروكلمان: ملحق 1/ 332، تاريخ التراث 1/ 204، معجم المؤلفين 4/ 97، الثقات 9/ 261، القراءات بإفريقية 151، الكواكب النيرات 205، العمر: 1/ 1 / 95 رقم 2، مدرسة الحديث في القيروان 2/ 771، مقدمة كتاب التصاريف ص:67.
بالبصرة ثم انتقل إلى مصر.
خرج من مصر يريد إفريقية بنية التجارة، فقصد القيروان واستقر بها، فشاع في الأوساط ذكره وانتشر خبر علمه وفضله، فأقبل العلماء والطلاب عليه.
وقد بلغ في صيته أن قربه الأمير إبراهيم بن الأغلب لأول ولايته على إفريقية من نفسه وألحقه بخواص جلاسه ومستشاريه.
واتخذه عمران بن مجالد الربعي، الثائر على إبراهيم بن الأغلب، سفيرا وشفيعا للحصول على العفو منه، والأمان لنفسه ولولده وأهله وماله.
قيل: إنه ما سمع شيئا قط إلا حفظه حتى إنه كان إذا مر بمن يتغنى من أهل الملاهي يسد أذنيه لئلا يسمعه فيحفظه.
روى الحروف عن أصحاب الحسن البصري عن الحسن بن دينار وغيره وله اختيار في القراءة من طريق الآثار.
وروى عن حماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وسعيد بن أبي عروبة وغيره.
كان يقول: أحصيت بقلبي من لقيت من العلماء فعددت ثلاثمائة وثلاثة وستين عالما سوى التابعين وهم أربعة وعشرون وامرأة تحدث عن عائشة رضي الله عنها.
روى عنه جماعة بالمشرق والمغرب وسمع منه بمصر عبد الله بن وهب، ومثله من الأئمة
كان يقول: كل من رويت عنه العلم روى عني إلا القليل منهم.
وقال: روى عني من العلماء: مالك والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة
وقال: كتب عني مالك بن أنس ثمانية عشر حديثا.
وقد رماه بعضهم بالإرجاء (1) ولا يثبت عنه:
عن عون بن يوسف قال: كنت عند عبد الله بن وهب وهو يقرأ عليه فمر حديث ليحيى بن السلام فقال: امحه فقال عون: فقلت له: لم تمحوه أصلحك الله؟ فقال: بلغني أنه يقول بالإرجاء فقلت له: فأنا كشفته عن ذلك فقال لي: أنت؟ فقلت له: نعم فقال لي: فما قال لك؟ قال: قلت له فقال: معاذ الله أن يكون هذا رأيي أو أدين الله به ولكن أحاديث
(1) الإرجاء هو: القول بأن الأعمال لاتدخل في مسمى الإيمان وإنما الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالجنان فقط وعليه فإن الإيمان لايزيد ولاينقص ولايتفاوت الناس فيه. وغلاة المرجئة يقولون: لايضر مع الإيمان ذنب كما لاينفع مع الكفر طاعة، ويذهب أهل السنة والجماعة أنه الإيمان قول واعتقاد وعمل وأنه يزيد وينقص ويتفاضل فيه الناس حسب أعمالهم. (انظر شرح أصول الاعتقاد 2/ 830، شرح العقيدة الطحاوية 313 - 335 - 295 - 305).
رويتها عن رجال يقولون: الإيمان قول وآخرين يقولون: الإيمان قول وعمل فحدثنا بما سمعنا منهم فقال لي ابن وهب: فرجت عني فرج الله عنك قال عون: فلما قدمت القيروان - وكان يحيى باقيا بعد - أتاني فسلم علي وقال لي: يا أبا محمد، قد بلغني محضرك فجزاك الله خيرا، والله ما قلت إلا حقا، وما دنت الله به قط. (1)
وقال سليمان بن سالم: إنما نسب إلى يحيى بن السلام الإرجاء أن موسى بن معاوية الصمادحي أتاه فقال له: يا أبا زكريا، ما أدركت الناس يقولون في الإيمان؟ فقال: أدركت مالكا وسفيان الثوري وغيرهم - كذا - يقولون: الإيمان قول وعمل وأدركت مالك بن مغول وفطر بن خليفة وعمر بن ذر يقولون: الإيمان قول. قال سليمان: فأخبر موسى سحنون بن سعيد بما ذكر يحيى عن عمر بن ذر وفطر بن خليفة ومالك بن مغول ولم يذكر له ما قال عن غيرهم فقال سحنون: هذا مرجئ.
ولاشك أن قولة سحنون هذه قد طارت في الآفاق لما له من منزلة عالية عند الأفارقة ولكن أبى الله عز وجل إلا أن يظهر حقيقة الأمر وتبرأ ساحة يحيى بن السلام مما نسب إليه.
قال أبو العرب: سألت أبا يحيى بن محمد بن يحيى بن السلام خاليا عن قول جده في الإيمان فقال لي: كان جدي يقول: الإيمان قول وعمل ونية قال: وكان أبو يحيى ثقة صدوقا لا يقول عن جده إلا الحق.
وقال عون: قلت ليحيى بن السلام: إن الناس يرمونك بالإرجاء، فأخذ يحيى لحيته بيده وقال: أحرق الله هذه اللحية بالنار إن كنت دنت الله عز وجل قط بالإرجاء. (2)
ومما يدل على ورعه وتقواه واتعاظه بكتاب الله عز وجل وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم تلك القصة المعبرة:
قال ابنه محمد: كنت أمشي مع أبي إلى أن انتهينا إلى موقف الخيل بالقيروان فبينما نحن نمشي إذ جذبني جذبة شديدة ثم دخل إلى سقيفة هنالك
(1) الطبقات ص: 38، الرياض 1/ 191 - 192.
(2)
الطبقات ص: 37، والرياض 1/ 190.
وأدخلني معه، فقلت لأبي: ما القصة؟ قال: يا بني، رأيت غريما لي فخفت أن يراني فيرتاع مني، وذكرت قول الله عز وجل:{وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} (1) فقعدنا ساعة ثم خرجنا فلما مشينا قليلا التفت إلي وقال: يابني، إنه قد جاء في الحديث "من رحم يرحم ".
وكان ثقة ثبتاً، ذا علم بالكتاب والسنة، ومعرفة اللغة والعربية، صاحب سنة
قال يحيى بن سلام: لا ينبغي لمن لا يعرف الاختلاف أن يفتي، ولا يجوز لمن لا يعلم الأقاويل أن يقول هذا أحب إلي. (2)
وسئل قاضي القيروان عيسى بن مسكين عن رأيه في يحيى بن سلام، فقال: والله إنه لخير منا.
وقال أبو العرب: كان ثقة ثبتا لا يقول إلا الحق.
وقال: كان يحيى بن السلام من خيار خلق الله تعالى: دعا الله تعالى أن يقضي عنه الدين فقضى دينه، ودعا الله عز وجل أن يورث ولده العلم فكان كما دعا، ودعا الله عز وجل أن يكون قبره بمقطم مصر، فكان كذلك وقبره إلى جانب قبر ابن
فروخ وقيل: إنه يرى عليهما كل ليلة قنديلان. (3)
حنت نفسه إلى زيارة الحجاز وإعادة العمرة فتأهب لذلك وسافر برا من طريق طرابلس، وقد صاحبه ابنه محمد فمرا بمصر، ودخلا الحجاز وحجا، وزارا مدينة الرسول. ثم عادا فمرض يحيى في طريق رجوعه، فما وصلا إلى مصر حتى أدركته المنية بعد أيام من حلوله بالفسطاط في خلال شهر صفر من سنة مائتين وانفجع العلماء لوفاته واحتفلوا بتشييع جنازته ودفن بالمقطم إلى جانب قبر عبد الله بن فروخ المحدث القيرواني.
وقال سزكين: توفى في مكة حاجاً. (4)
له:
تفسير القرآن ويعرف باسمه "تفسير يحيى بن سلام "
وهو تفسير بالآثار على طريقة المتقدمين وربما كان أقدم ما لدينا من نوعه، وكان فيما سلف معروفا شائعا كثيرا إلى القرن الخامس للهجرة. قال أبو عمرو الداني: وليس لأحد من المتقدمين مثله. ثم قل تداوله بظهور التفاسير
(1) البقرة: 280.
(2)
جامع بيان العلم وفضله 2/ 147.
(3)
الطبقات ص: 37.
(4)
تاريخ التراث 1/ 204، ويبدو أن كون وفاته بعد رحلة حج أوهم سزكين وظن أنه توفي بمكة.