الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفعل تمهيدا لفرض الحماية الفرنسية على المغرب (1).
وانتشر إعراب القرآن في تلك الحقبة من ناحية الصقع السوسي وألف فيه أبو زيد الجشتيمي (ت 1269 هـ) كتاب إعراب القرآن في مجلدين، وكان من عادة الطلبة أن يحلقوا حول الأستاذ ويعربوا مقدار الوقت الأول من الحزب الراتب مع الاستدلال من المتون في تطبيق القواعد (2).
المطلب الثالث: الأوضاع في المنطقة منذ الاحتلال الفرنسي وحتى الاستقلال وتأثير ذلك على الناحية العلمية:
أولا: تونس
الاحتلال الفرنسي لتونس وحتى الاستقلال (3) سنة 1956 م:
وفي عهد محمد الصادق باي تذرعت فرنسا أيضا بذريعة اعتداء بعض القبائل التونسية على الحدود الجزائرية، فأرسلت حملة ادعت أنها لتأديب هذه القبائل سنة 1881 م، وتمكنت من احتلال بعض المناطق حتى وصلوا العاصمة وأجبروا الباي على توقيع معاهدة سلبت تونس كل مقومات الدولة المستقلة وهي معاهدة باردو (4).
ثم تلت تلك المعاهدة معاهدة أخرى عقدت مع علي باي خليفة الصادق بعد وفاته في سنة 1883 م وهي معاهدة المرسي وبالمعاهدتين وتفسيرهما توسعت فرنسا في بسط نفوذها على تونس مما أثار روح الثورة والدعوة للكفاح المسلح ضد المستعمر، وكان من الثوار في تلك الحقبة علي بن خليفة في قابس وعدة قواد في مناطق مختلفة مثل: صفاقس والقيروان وكلها لم تستطع مقاومة القوات الفرنسية، حيث لاتكافؤ لا في
(1) انظر التنافس الاستعماري الأوروبي في المغرب ص: 52 - 109.
(2)
انظر: سوس العالمة ص: 34، الحضارة المغربية عبر التاريخ 1/ 190.
(3)
انظر: انتصاب الحماية في تونس، صراع مع الحماية (كاملين).
(4)
انظر: صراع مع الحماية ص: 76، خلاصة تاريخ تونس ص:214.
العدد ولافي العدة، وتم فرض الحماية على تونس (1).
وفي هذه الآونة قام الفرنسيون بتعبيد الطرق لتسهيل انتقالهم على حساب الأهالي، واتجهوا في التعليم إلى مسخ الهوية الإسلامية، فقد كان التعليم في الأنحاء التونسية عن طريق الكتاتيب التي تعلم القرآن والكتابة، ثم ينتقل الطالب الذي لديه استعداد إلى جامع الزيتونة يدرس العلوم العربية والفقهية، ولما جاء الاحتلال أسس المدارس الفرنسية العربية، التي اهتمت بتدريس الفرنسية وتاريخ فرنسا وجغرافيتها مع تخصيص قسم لحفظ شيء من القرآن والمقصود الأول منها نشر اللغة الفرنسية، ثم أحدثوا مدرسة ثانوية لأبناء الفرنسيين وبعد تحصيل شهادتها يطرق الطالب أبواب كليات فرنسا وبقي جامع الزيتونة والمدرسة الصادقية يؤديان دورهما، وأنشأ المسلمون مدارس ابتدائية عرفت بالقرآنية، وتدخل المستعمر في جميع النواحي الاقتصادية في البلاد (2).
وتوفي علي باي فخلفه ابنه محمد الهادي باي سنة 1902 م، فلم يلبث أن توفي فخلفه ابن عمه محمد الناصر باي سنة 1906 م، وفي عهده صدرت مجلة العقود والالتزامات، كما احتلت ايطاليا طرابلس، وقامت الحرب العالمية الأولى، وفي أثنائها قامت ثورة خليفة بن عسكر، فاستولى على بعض المناطق التي استعادها الفرنسيون بعد انقضاء الحرب، ولما مات محمد الناصر باي خلفه ابن عمه محمد الحبيب باي سنة 1922 م، فقام بعدة تنظيمات إدارية ثم خلفه ابن عمه أحمد الثاني بعد وفاته سنة 1929 م، الذي تولى الأمر وتونس تعاني من أزمة اقتصادية أدت في النهاية إلى الثورات من الأهالي واشتباكات مسلحة ازدادت توترا بعد فتح فرنسا باب التجنيس الذي رفضه الشعب التونسي (3).
وقد اعتبرت هذه الحملة الفرنسية على تونس هي الحملة الصليبية التاسعة (4) وبعدها حاولت فرنسا تجنيس المسلمين بالجنسية الفرنسية،
(1) انظر: صراع مع الحماية ص: 185 - 200، خلاصة تاريخ تونس ص:215.
(2)
انظر تاريخ تونس ص: 99 - 138.
(3)
انظر خلاصة تاريخ تونس ص: 215 - 242.
(4)
انظر عن الحملات الثمانية السابقة ص: (87).
وانتشرت الفتاوى بردة من تجنس بها وحدث بعض الاختلاف حول ردة المتجنس، ودخل في تلك المسألة الشيخ الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة صاحب تفسير التحرير والتنوير فأفتى بجواز دفنه في مقابر المسلمين ورد عليه الرأي العام في تونس، ووصل الأمر إلى استفتاء علماء مصر فأفتى فيها الشيخ يوسف الدجوي وغيره بتأييد ماعليه عامة الفقهاء من ردته لما يترتب على تجنسه من الرضا بقوانين الكفر اختيارا واستندوا في الفتاوى إلى أدلة كثيرة من القرآن الكريم (1).
ثم قامت الحرب العالمية الثانية وتوفي أحمد باي، وتولى بعده محمد المنصف باي ابن الناصر باي سنة 1942 م، وفي عهده قام على التراب التونسي معارك مدمرة بين الحلفاء (انكلترا وأمريكا وفرنسا) وبين جنود المحور (ألمانيا وإيطاليا) عانت منها تونس معاناة شديدة وتضررت البلاد أضرارا فادحة وأسفرت الحرب عن طرد قوات جنود المحور بعد هزيمتهم وعزلت قوات الحلفاء محمد المنصف باي بسبب وشايات ضده وتولى بعده محمد الأمين بن محمد الحبيب باي سنة 1943 م، الذي كان عهده مسرحا لتنكيل الفرنسيين بمن توهموا فيه إعانة دول المحور، وامتلأت السجون وتعدد الإعدام الجماعي، وفي عام 1945 م خرج الحبيب بورقيبة وهو من زعماء الحركة الوطنية إلى الشرق ثم إلى الغرب معرفا بالقضية التونسية وعقد الشعب مؤتمر ليلة القدر سنة 1946 م، وتقرر فيه مبدأ المطالبة بالاستقلال وانتهى الأمر بالقبض على بورقيبة وزملائه سنة 1952 م، وانبعثت الثورة المسلحة التي عمت البلاد والتي تنوعت فيها أساليب الإجرام والإرهاب من الجانب الفرنسي حتى صارت الحياة في البلاد جحيما لايطاق حتى اضطرت حكومة فرنسا إلى وضع حد لهذه الحالة، فأعلنت مبدأ الاستقلال وتوالت الاتفاقيات حتى تقرر منح الاستقلال سنة 1956 م (2).
وقد ظهر في تلك الفترة من أعلام المنطقة في التفسير الشيخ محمد
(1) انظر: الحملة الصليبية على الإسلام في شمال إفريقية (كاملا).
(2)
انظر تاريخ تونس ص: 138، خلاصة تاريخ تونس ص:242.