الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: المغرب
الاحتلال الفرنسي للمغرب وحتى الاستقلال (1) سنة 1956 هـ:
في سنة 1907 م تذرعت فرنسا بقتل أحد المبشرين في مراكش فاحتلت وجدة وأعلنت أنه احتلال مؤقت لحين الاستجابة لمطالبها، ثم وقعت في نفس العام اصطدامات في الدار البيضاء بين بعض العمال الفرنسيين والأسبان فقصفت فرنسا الميناء لمدة يومين وأنزلت جنودها فيه، فاتهم المغاربة المولى عبد العزيز بالتهاون فنهض أخوه المولى عبد الحفيظ ونزع طاعته وأعلن نفسه سلطانا على المغرب فبويع بمراكش وتصدى للدفاع عن البلاد فأخمد الثورات الداخلية وتفرغ لمواجهة الجيوش الأجنبية وفي سنة 1911 م جاءت بعض القبائل إلى فاس تطلب من السلطان تنظيم حركة المقاومة، فادعت فرنسا أنها جاءت للعدوان، فتحركت جيوشها واحتلت مدينة فاس ثم مكناس ثم الرباط، وفي نفس الوقت تحركت أسبانيا فاحتلت العرائش ثم القصر، واستطاعت فرنسا عقد اتفاق جديد مع إيطاليا لتطلق لها الحرية في المغرب سنة 1912 م، بعدها صاغت معاهدة لفرض الحماية على المغرب (2).
واستطاعت فرنسا انتزاع توقيع السلطان على المعاهدة، وبعدها تنازل عن العرش لعدم قدرته على مواجهة المقاومة التي اندلعت إثر ذلك، وتولى بعده المولى يوسف وتمكنت فرنسا من عقد اتفاقية جديدة مع أسبانيا حتى لاتصطدم مع نفوذ أسبانيا في بعض المناطق، وانقسمت بعدها المغرب إلى ثلاثة أقسام منطقة الحماية الفرنسية، ومنطقة الحماية الأسبانية، ومنطقة طنجة الدولية، وعقد حولها عدة اتفاقات بين انجلترا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا (3).
واندلعت الثورات في المدن وفي نواحي القبائل، ومن ذلك ثورة البربر في السوس بالجنوب بقيادة الهيبة ابن الشيخ ماء العينين (4) الذي تمكن من
(1) انظر: تنظيم الحماية الفرنسية في المغرب، أزمة المغرب الأقصى (كاملين).
(2)
انظر: تنظيم الحماية الفرنسية في المغرب ص: 27، 46، 48.
(3)
المغرب العربي ص: 297.
(4)
انظر الأعلام 1/ 265.
الاستيلاء على مراكش وأكادير، وثورة قبائل غباثة بقيادة عبد الملك الجزائري حفيد الأمير عبد القادر، وغيرها من الثورات ضد الفرنسيين وكذلك اندلعت الثورات ضد الأسبان ومنها ثورة أحمد بن محمد رسولي الذي اضطرت أسبانيا إلى عقد صلح معه (1).
ثم ظهر محمد عبد الكريم الخطابي الملقب ببطل الريف أو أمير الريف الذي تزعم الحركة ضد الأسبان، وكان قد نهل من مناهل العلم بتطوان ثم في فاس بجامعة القرويين وتخرج عام 1959 م كما درس في أسبانيا، وبعد أن تمكن الأسبان من قتل والده بالسم إيقافا لنشاطه في الكفاح تولى محمد زعامة قبيلته وقاد حركة الكفاح فاستطاع احراز عدة انتصارات ضد الأسبان، وكان أهمها معركة أنوال سنة 1921 م حيث أعلن بعدها نفسه أميرا على منطقة الريف، وبدأ تنظيم شئونها الإدارية والعسكرية ثم أوقع بالأسبان هزيمة منكرة لاتقل عن هزيمة أنوال أثناء انسحابهم من منطقته سنة 1924 م، واستنجدت بعض القبائل بعبد الكريم ضد الفرنسيين فهب لنجدتهم واستطاع أن يهاجم بعض المراكز الفرنسية ويستولي عليها وتم إعلان هدنة مؤقتة بين عبدالكريم وفرنسا سنة 1925 م ورفض عبدالكريم شروطا عرضتها عليه الحكومة الفرنسية والأسبانية فنجحت القوات الأسبانية بمعاونة البحرية الفرنسية والقوة الجوية التي كانت تقوم بالقاء الغاز السام علي منطقة أجدير عاصمة الجمهورية الريفية، التي سقطت في أيديهم وبعدها عقد مؤتمر للصلح في وجده لم يقبل الأمير عبد الكريم بشروطه واندلع القتال مرة أخرى بدون تكافؤ مما أدى إلى استسلام عبد الكريم للفرنسيين الذين قاموا بنفيه، ثم انتقل إلى مصر وطلب اللجوء السياسي وقضى بقية حياته هناك (2).
لكن لم يتوقف الجهاد المغربي عند هذا الحد بل تعددت طرق المغاربة في كفاحهم للمستعمر ومن ذلك إنشاؤهم كتلة العمل الوطني وإصدار الصحف والنشرات وتكوين الحزب الوطني، ثم تأليف حزب الاستقلال ولعب الملك
(1) هذه مراكش ص: 172.
(2)
انظر عبد الكريم أمير الريف، بطل الريف الأمير محمد بن عبد الكريم (كاملين).
محمد الخامس دورا هاما في صف الحركة الوطنية بعد مبايعته عقب وفاة المولى يوسف سنة 1927 م، وزار محمد الخامس طنجة وخطب فيها خطابا أكد فيها وحدة المغرب الجغرافية وحقه في الحرية والاستقلال، وأشاد بجامعة الدول العربية وأعلن أن بلاده جزء من الوطن العربي، ثم سافر إلى باريس وعرض قضية بلاده على حكومة فرنسا، فأقدمت فرنسا على خلع الملك محمد الخامس وأحلت مكانه محمد عرفة فثارت ثائرة المغاربة وظهرت المقاومة المسلحة بواسطة جيش التحرير المغربي فسارعت سنة 1956 م بإعادة الملك إلى عرشه، لكنه اشترط اعتراف فرنسا بحق المغرب في الاستقلال وتشكيل حكومة مغربية للتفاوض مع فرنسا وتم ذلك فعلا، وأعلن في سنة 1956 م الاعتراف باستقلال المغرب وإلغاء عقد الحماية الفرنسية وأصبح وضع أسبانيا محرجا بعد التسليم الفرنسي فاستدعت الملك لمدريد وصدر من هناك تصريح مشترك بنفس الاعترافات وتمت وحدة المغرب واستقلاله، وأعلنت القيادة الدولية التي كانت تتولى إدارة طنجة إلغاء نظامها الدولي ووضعها تحت سيادة المغرب ابتداء من أول سنة 1957 م (1).
أما منطقة شنقيط التي أطلق عليها الاستعمار الفرنسي (موريتانيا) والتي كانت تعد جزءا من المغرب، فحينما قررت فرنسا منح الاستقلال لمستعمراتها السابقة في غرب إفريقيا أعدت موريتانيا للحكم الذاتي، وعندما اقترب موعد تقرير المصير استطاع مايعرف بحزب التجمع الموريتاني الحصول على أغلبية المقاعد في أول جمعية تشريعية سنة 1958 م، وتولى رئيس الحزب مختار ولد دادة الإدارة المحلية، وأعلن الاستقلال الرسمي سنة 1960 م (2).
وكان من أعلام المفسرين الذين ظهروا في تلك الفترة بمنطقة المغرب وموريتانيا:
محمد الأمين الشنقيطي ت 1393 هـ صاحب كتاب أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن وكان ذا أثر كبير في منطقة المغرب بأسرها، ومحمد عبد الحي الكتاني ت 1382 هـ وغيرهما.
(1) انظر المغرب العربي لصلاح العقاد ص: 530 - 532، السيادة والحكم في إفريقيا.
(2)
المغرب العربي ص: 532.