الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ذلك البصاق والتنخُّم على أن يكون ذلك عن اليسار أو تحت القدم اليسرى فحسب، فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نُخامةً في قِبلة المسجد فحكَّها بحصاة، ثم نهى أن يبزق الرجل عن يمينه أو أمامه، ولكن يبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى» رواه مسلم وابن حِبَّان وابن خُزَيمة والبخاري.
10) إصلاح الثوب:
ومن ذلك إصلاحُ الثوب بحركات قليلة، فعن وائل بن حُجْرٍ رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة رفع يديه، ثم كبَّر ثم التحف، ثم أدخل يديه في ثوبه، ثم أخذ شماله بيمينه، ثم ذكر الحديث» رواه ابن خُزَيمة. ورواه مسلم ولفظه «
…
فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب
…
» .
11) حملُ المصحف:
ومن ذلك حمل المصحف والقراءة فيه، فقد روى ابن أبي مُلَيكة عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم «أنها كان يؤُمُّها غلامُها ذكوان في المصحف في رمضان» رواه البيهقي وابن أبي شيبة. وذكره البخاري تعليقاً. وروى ابن التيمي عن أبيه «أن عائشة كانت تقرأ في المصحف وهي تصلي» رواه عبد الرزاق. وفي هذا الحديث والذي قبله وإِنْ كان فعلَ صحابي، وفعلُ الصحابي ليس دليلاً، إلا أنه مما يصح تقليده واتِّباعُه والعملُ به كحكمٍ شرعي، ناهيك عن أن عائشة مشهود لها بالفقه، إضافة إلى أنها كانت تفعل هذا في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبعد جداً أن لا يطَّلع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرَّها عليه.
12) الفصل بين المتخاصمين:
ومن ذلك الفصل بين المتخاصمين، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال «لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، فجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزع إحداهما من الأخرى
…
» رواه ابن خُزَيمة وأبو داود وابن حِبَّان. وفي رواية أخرى لابن خُزَيمة من طريق ابن عباس أيضاً «
…
وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب، فأخذتا بركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرع - أو فرَّق - بينهما ولم ينصرف» . ورواه النَّسائي. قوله ولم ينصرف: أي لم يقطع صلاته وإنما أتمها.
هذه الأعمال الاثنتا عشرة وأمثالها لا تتنافى مع الخشوع ولا تُفسد الصلاة. وينبغي أن يعلم الجميع أن الخشوع لا يعني الجمود، وإنما يعني الاستكانة والتحرك فيما يلزم بقدر ما يلزم، دون عبثٍ أو إكثارٍ يغلب على الصلاة، وبحيث يبقى المصلي في خضوعٍ لأمر ربِّه، فمن التزم بذلك فلْيفعل بعد ذلك أي فعل يحتاجُ إليه، ولْيتحرك أية حركة لازمة.
وهذه الاستكانة - وإن شئت قلت السكينة - مطلوبةٌ من المسلم في الصلاة، وفي أثناء المشي إلى المسجد للصلاة، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا ثُوِّب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعَوْن، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا، فإنَّ أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة» رواه مسلم. ورواه البخاري وأبو داود وابن ماجة بلفظ «إذا أُقيمت الصلاة
…
» دون قوله «فإنَّ أحدَكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة» . ولكن الزيادة في الحديث إن كانت مروية من طريق صحيحة فإنها تُقبل. وجاء في رواية أخرى لمسلم من طريق أبي هريرة رضي الله عنه «إذا ثُوِّب بالصلاة فلا يَسْعَ إليها أحدُكم، ولكن ليمشِ وعليه السكينة والوقار، صلِّ ما أدركتَ واقضِ ما سبقك» . فالمشي لا يتنافى مع السكينة مع أنه حركة كثيرة متواصلة، بينما السَّعي - وهو الاستعجال في المشي، ومثله الركض وما يصاحبه من حركات إضافية - يتنافى مع السكينة، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال «بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال، فلمَّا صلى قال: ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلُّوا وما فاتكم فأتمُّوا» رواه البخاري ومسلم. فعندما استعجل الناس أحدثوا جَلَبة، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمرهم بالسكينة، رغم أنهم لم يكونوا قد دخلوا في الصلاة بعد.