الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتأذين عبادة مفروضة على الرجال دون النساء، وهذا الحكم معلوم عند جميع المسلمين، قال ابن عمر رضي الله عنه «ليس على النِّساء أذانٌ ولا إقامة» رواه البيهقي. وكونه مفروضاً على الرجال لا يعني أنه لا يجوز للمرأة أن تُؤذن أو تُقيم في جماعة النساء، فقد روى البيهقي عن عائشة رضي الله عنها «أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤُم النِّساء، وتقوم وسطهن» وطبعاً كان ذلك يحصل في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالأذان جائزٌ للنساء.
أحوال المؤذن
يُسنُّ للمؤذن أن يرفع الأذان واقفاً، لأن ذلك أبلغ في توصيل الصوت، وهذا قبل أن تُعرف مكبِّرات الصوت، ولكن الاستمرار على هذه السنَّة أفضل وأولى، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يا بلال قُم فنادِ بالصلاة» رواه البخاري ومسلم. كما يُسنُّ له أن يستقبل القبلة إلا عند الحيعلة، فيلتفت يميناً ويلتفت شمالاً، فعن أبي جُحَيفة رضي الله عنه قال «رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فأذَّن، فلما بلغ حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح، لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يَستَدِر
…
» رواه أبو داود. ولا بدَّ من أن بلالاً كان يفعل هذا بإقرارٍ من الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا كله إن رُفِعَ الأذانُ بغير مكبِّر الصوت، أمّا إن رُفِعَ بمكبِّر الصوت فلا يلزم ذلك. ولا بأسَ بأن يضع المؤذن أصبعيه في أُذنيه في أثناء التأذين، فذلك يساعده على تحسين أدائه، فعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال «رأيت بلالاً يؤذن ويدور، وأتتبع فاه ههنا وههنا - يعني يميناً وشمالاً - وأصبعاه في أذنيه» رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
ويُندب للمؤذن أن يؤذِّن على طهارة لأن الأذان ذِكرٌ، وتُسنُّ للذِّكر الطهارة، فقد روى المُهاجر بن قُنفذ رضي الله عنه «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يردَّ عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهتُ أن أذكر الله عز وجل إلا على طهارة» رواه أبو داود.
ويُفضَّل أن يكون صوت المؤذن حسناً نَدِيَّاً قوياً، فقد جاء في حديث عبد الله بن زيد المار في [فرض الأذان وألفاظه]«فقم مع بلال فأَلقِ عليه ما رأيت فلْيؤذن به، فإنه أندى صوتاً منك» . وجاء في حديث البراء بن عازب المار في [فضل الأذان]«والمؤذن يُغفرُ له مدَّ صوته، ويُصدِّقه مَن سمعه من رطب ويابس» .
ويرفع الأذان أيُّ رجل مسلم ولو كان فاسقاً، ولو كان جاهلاً، ولو كان أعمى، فعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال «أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شبيبة متقاربون، فأقمنا معه عشرين ليلة، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رفيقاً، فظنَّ أنَّا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه فقال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلِّموهم ومروهم إذا حضرت الصلاة، فلْيؤذن لكم أحدُكم، ثم ليؤمَّكُم أكبرُكم» رواه أحمد. فقوله عليه الصلاة والسلام «فليؤذن لكم أحدُكم» هو دليل على عدم وجود شروط في المؤذن سوى أن يكون واحداً منهم، أي مسلماً. وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن أعمى هو ابن أُم مكتوم. والأذان فرض على الرجال دون النساء كما مرَّ في بحث [حكم الأذان] ، ويصح الأذان من صبي قادر قوي الصوت لأنه يدخل تحت لفظة (أحدكم) .
ويُسنُّ ترتيل الأذان، بمعنى أن تُمدَّ حروفُ المد فيه مداً مناسباً يُضفي على الأذان جمالاً، فتُمَدُّ حروفُ الألف والواو والياء دون سواها من الحروف، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نرتِّل الأذان ونحذف الإقامة» رواه الدارقطني.
إلا أنه يجب أن يُعلَم أن الترتيل لا تنبغي المبالغةُ فيه إلى أن يتحول إلى غناء وتطريب، فإنه إن وصل إلى هذا الحدِّ مُنع، فعن ابن عباس رضي الله عنه «كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذِّن يُطرِّب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأذان سهلٌ سمحٌ، فإن كان أذانك سهلاً سمحاً وإلا فلا تؤذن» رواه الدارقطني. وأنا لستُ عالماً بفن الغناء والطرب حتى أخوض فيه وأُبيِّن الفارق بينه وبين الترتيل، ولكن لا بأس من أن أقول: إن الحروف إذا جرى مدُّها على وتيرة واحدة فهو ترتيل، وإذا جرى مدُّها مُكسَّرةً ذات ترددات متفاوتة في القوة والضعف فهو الغناء، والله أعلم.
الأذانُ أولَ الوقت