الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففي هذه الحالات الثلاث يجوز ترك استقبال القبلة والتوجُّه في الصلاة إلى أية جهة من الجهات، وأما في غير ذلك فيتوجب على المسلم أن يتحرى استقبال القِبلة ويتوجَّه في صلاته إليها، ولا يضيره بعد التحري أن يخطئ في تحديد الاتجاه الصحيح فيصلي إلى غير القِبلة، كأن يكون مسافراً ولا يعرف الجهات، أو يكون اليوم غائماً يصعب على المرء فيه تحديد الاتجاه، فيصلِّي حيث يغلب على ظنه أنه الاتجاه نحو الكعبة، ولا إعادة عليه إن تبين له خطؤه بعد أداء صلاته سواء كان ذلك قبل خروج الوقت أو بعد خروجه، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال «صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم في سفرٍ إلى غير القِبْلة، فلما قضى الصلاة وسلَّم تجلَّت الشمس فقلنا: يا رسول الله صلينا إلى غير القِبلة، فقال: قد رُفعت صلاتُكم بحقِّها إلى الله عز وجل» رواه الطبراني. وأصرح من ذلك ما رُوي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال «صلينا ليلة في غيم، وخفيت علينا القِبلة وعلَّمنا عَلَماً، فلما انصرفنا نظرنا فإذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد أحسنتم ولم يأمرنا أن نعيد» رواه البيهقي.
التَّوجُّهُ إلى جهة الكعبة وليس إلى عينها
لا يجب على المسلم أن يتَّجه إلى عين الكعبة أو مكانها بالذات إلا على المسلم الموجود في المسجد الحرام، أو في بقعة من مكة المكرمة يرى منها بناء الكعبة، ففي هذه الحالة يتوجب عليه أن يتجه إلى عين الكعبة، ولا يجْزئ التوجُّه إلى الجهة الموجودة فيها، لأن الكعبة هي القِبلة وليست جهتها ولا ناحيتها، وأما مَن كان في مكة ولا يرى الكعبة ولكنه يرى المسجد الحرام أو جانباً منه، فإنه يتوجَّه نحو المسجد الحرام ويكفيه ذلك، وأما مَن كان خارج مكة قريباً منها فإنه يتحرى استقبال مكة، وهكذا كلما بعدت المسافة قلَّ التَّشدُّد في تحرِّي العين ليُصبح تحرِّياً للجهة والناحية فحسب، فمثلاً يجب على البعيد عن مكة بمِثل بُعْد أهل المدينة عنها الاتجاه نحو جهة موسَّعة تمتد من أقصى يمينه إلى أقصى يساره، فأهل المدينة قِبلتُهم ممتدَّة ما بين المشرق والمغرب، المشرق عن اليسار والمغرب عن اليمين، وهذه قِبلةُ جميع البلدان الواقعة خلف المدينة إلى الشمال منها، وتشمل بلاد الشام والعراق وتركيا وأوروبا الشرقية، وإلى هذه القِبلة أشار الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما بين المشرق والمغرب قِبلة» رواه البخاري. قال ابن عمر رضي الله عنه «إذا جعلتَ المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قِبلة إذا استقبلت القِبلة» رواه الترمذي.
وبالعكس من ذلك أهلُ اليمن والقَرْن الإفريقي فإن قِبلتهم تقع ما بين المشرق والمغرب، ولكن المشرق يكون عن يمينهم والمغرب عن يسارهم.
أما أهل المشرق كنجد وجنوبي إيران وبلاد الهند فإن قِبلتهم تقع ما بين الشمال والجنوب، الشمال عن يمينهم والجنوب عن يسارهم، وبالعكس من ذلك بلاد وسط إفريقيا وما حاذاها فإن قِبلتهم تقع ما بين الشمال والجنوب، الشمال عن يسارهم والجنوب عن يمينهم.