الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمسلم بالخيار بين التبكير بها في أول وقتها - وهو المسمى بالتَّغْليس - وبين الإسفار - وهو تأخيرها إلى قُرْب نهاية وقتها - فعن أنس رضي الله عنه قال «سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الغداة، فصلى حين طلع الفجر ثم أسفر بعد، ثم قال: أين السائل عن وقت صلاة الغداة؟ ما بين هذين وقت» رواه البزَّار. ولكن التغليس، أي التبكير، أفضل قليلاً، فعن عائشة رضي الله عنها «كنَّ نساءُ المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفِّعات بمُرُوطِهنَّ، ثم ينقلبن إلى بيوتهنَّ حين يقضين الصلاة، لا يعرفهنَّ أحدٌ من الغَلَس» رواه البخاري وأحمد ومسلم. وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «
…
صلى الصبح مرةً بغَلَسٍ، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التَّغليس حتى مات، ولم يعُد إلى أن يُسْفِر» رواه أبو داود. ورواه ابن حِبَّان وابن خُزَيمة والبيهقي جزءاً من حديث طويل.
فالتغليس أفضل، خاصةً في ليالي الشتاء الطويلة التي يأخذ النائم فيها حاجته من النوم، أما في ليالي الصيف فلو أسفر فيها المصلي بصلاة الفجر لأحسن صنعاً، لأن الليل قصير والناس ينامون، فيمهلهم الإمام حتى يدركوا الصلاة. أمَّا ما ورد من أحاديث تأمر بالإسفار، وأنه أعظم للأجر، فإنها تُحمَل على معنى آخر غير التأخير، هو التحقُّق والتثبُّت من حلول الفجر.
إذا أخَّر الإمام الصلوات عن مواقيتها
يُندب لأئمة المساجد وحكام الدولة أداءُ جميع الصلوات في المساجد في أوائل مواقيتها، وعدم تأخيرها إلى أن تنتهي أوقات الاختيار، فإن عُرف مِن إمامٍ أو حاكمٍ تأخيرُ الصلاة شُرع للمصلِّين أن لا ينتظروا الصلاة معه بل يصلونها منفردين، ثم إن هم أرادوا الصلاة مع الإمام أو مع الحاكم بعد ذلك في المسجد فلا بأس، وتكون صلاتهم في هذه الحالة نافلة، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يُميتون الصلاة عن وقتها؟ قال قلت: فما تأمرني؟ قال: صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّ فإنها لك نافلة» رواه مسلم. وعن أبي عالية البراء قال «أخر ابن زياد الصلاة، فجاءني عبد الله بن الصامت، فألقيت له كرسياً فجلس عليه، فذكرت له صنيع ابن زياد، فعضَّ على شفته فضرب إلى فخذي وقال: إني سألت أبا ذر كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركت الصلاة معهم فصلِّ ولا تقُل: إني قد صليت فلا أُصلي» رواه مسلم وأحمد النسائي وابن حِبَّان. وعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لعلكم ستدركون أقواماً يصلُّون الصلاة لغير وقتها، فإن أدركتموهم فصلُّوا في بيوتكم للوقت الذي تعرفون، ثم صلُّوا معهم واجعلوها سُبْحةً» رواه ابن ماجة. والسُبْحة هي صلاة النافلة أو التطوُّع. وروى عُبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «سيكون أمراء تُشغلهم أشياء، يؤخِّرون الصلاة عن وقتها، فاجعلوا صلاتكم معهم تطوعاً» رواه ابن ماجة.