الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما مَن كانوا في الزوايا كمصر وعُمان وبلاد تُركستان وأواسط السودان فإن عليهم أن ينحرفوا في الاتجاه بقدر انحراف الزوايا. فالأمر متَّسع لا ينبغي أن يشق على الناس بوجوب تحرِّي عين الكعبة، أو حتى عين مكة المكرمة، بل تكفي معرفة الوجهة الموسَّعة، وهذا لا يعني أن لا يُتَحرى عن عين القِبلة لتحديد قِبلة المساجد، خاصة وأنه قد صُنِعت بوصلات تحدد الاتجاه بدقَّة، فمَن ملك هذه البوصلات استطاع أن يتجه نحو مكة بدقة، وفي هذه الحالة لا يجوز له أن يخالف الاتجاه الدقيق بحجة أن ما بين المشرق والمغرب قِبلة، إذ أن مَن مَلَك القدرة على التحديد الدقيق لا يجوز له أن ينحرف يمنة أو يسرة، تماماً كمَن يقطن مكة فإنه لا يجوز له شرعاً أن ينحرف عن الكعبة أو عن المسجد الحرام يمنة أو يسرة، وبمعنى آخر فإنَّ مَن ملك بوصلةً تحدِّد القِبلة بدقةٍ فإن الحكم في حقِّه يصبح وجوبَ الاتجاه نحو مكة بالتحديد، ولا يعود الأمر بالنسبة إليه متَّسعاً.
السُّترةُ للمصلي
ونعني بالسُّترة ما يضعه المصلي أمامه من عصا أو خشبة أو إناء أو غير ذلك بقصد تحديد مكان صلاته، فلا يشاركه فيه أحد حتى يتمكن من أداء الصلاة باطمئنان دون أن يمر منه إنسان أو حيوان يقطع عليه صلاته أو يشوش الصلاة عليه.
واتخاذ السترة في الصلاة مندوب، فعن سبرة بن معبد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا صلى أحدكم فلْيستترْ لصلاته ولو بسهم» رواه أحمد والحاكم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحَرْبة فتُوضع بين يديه، فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمِنْ ثمَّ اتخذها الأمراء» رواه البخاري ومسلم. وعن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى راحلته» رواه مسلم وابن حِبَّان وابن خُزَيمة والدارمي. ورواه أبو داود بلفظ «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعيره» . وهو شرحٌ للرواية الأولى.
ويتحصل من هذه الأحاديث الثلاثة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتخذ السُّترة وكان يأمر باتخاذها، مما يجعل اتخاذ السُّترة مندوباً وليس مباحاً. أما أنه مندوب وليس واجباً فلِما روى ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه شئ» رواه أحمد.
أما أين يضع المصلي سُترته؟ فإن الأَوْلى أن يضعها أمامه إلى اليمين أو إلى اليسار، ولا يضعها قُبالته، فعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى إلى عمود ولا عود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر، ولا يصمُد له صمْداً» رواه أحمد.