الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأذان الثاني، وإن اعتُبر الترتيب في رفع النداء قيل زاد عثمان الأذان الأول.
وقد زاد عثمان رضي الله عنه هذا الأذان لإعلام الناس مسبقاً حتى يتهيأوا للصلاة قبل حلول ميقاتها، وكان يرفعه في سوقٍ بالمدينة يقال لها الزَّوراء لتسمعه جموع الناس، أما الأذان الثاني في الترتيب الزمني فيُرفع في المسجد أو على باب المسجد، هكذا كان، فعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال «كان يُؤذَّنُ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة، على باب المسجد، وأبي بكر وعمر» رواه أبو داود. والأمر المهم في هذا الموضوع هو أن الأذان الأول - وهو أذان عثمان - إنما كان يُرفع لتهيئة الناس للصلاة، ويكون قبل دخول وقت الوجوب، وأن الأذان الثاني المرفوع عند جلوس الإمام على المنبر هو الأذان المعتبر لوجوب السعي للصلاة وللإيذان بدخول الوقت. ولكن جمهرة المسلمين في عصرنا الراهن قد غيروا ميقات الأذان الأول، فجعلوه عند دخول وقت الوجوب وليس قبله كما كان الحال زمن عثمان، ولا مانع من ذلك ما دامت الصلاة لا تقام إلا بعد رفع الأذان الثاني كالمعتاد.
أما ما أحدثه الناس في أيامنا هذه من الذكر والدعاء قبل الأذان الأول فليس له أصل والأَوْلى تركه.
العدد الذي تجب فيه الجمعة
الجمعة كالجماعة تصح من اثنين فصاعداً، وكلما كان العدد أكبر كانت الجمعة أفضل، ولكن الاثنين ومن هم أكثر من اثنين حتى تجب عليهم الجمعة لا بُدَّ من أن يكونوا في المدينة أو في القرية أو في التجمُّع السكاني، وليس في البوادي والحقول والعراء، وذلك لأن أهل البوادي والصحراء والمزارع لا تجب عليهم الجمعة ولو كثروا، ولا تجب الجمعة إلا على أهل الأمصار كما ذكرنا من قبل.
أما ما اختلف فيه الفقهاء من الأعداد اللازمة لوجوب صلاة الجمعة فكلها اجتهادات فقهية غير مستنبطة من نصوص صالحة للاستدلال على ما ذهبوا إليه، فلم يثبت في عدد الجمعة حديث، إذ لم يثبت في شئ من الأحاديث تعيين عدد مخصوص، أعني اشتراط عددٍ مخصوصٍ لصحّة انعقاد الجمعة، وما ورد في الأحاديث من ذِكر الأعداد فإنه لا يخلو من أن يكون قد وقع اتفاقاً - أي واقعةَ عين - ولم يقع شرطاً، أو يكون قد ورد في روايات ضعيفة لا تصلح للاستدلال، فمثلاً:
1-
عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه «كان أسعد أوّل من جمّعَ بنا في المدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هزْمٍ من حَرَّةِ بني بياضة في نقيعٍ يقال له الخَضِمات، قلت: وكم أنتم يومئذٍ؟ قال: أربعون رجلاً» رواه البيهقي والدارقطني. قوله - في هَزْم - الهزم هو ما استوى من الأرض. وقوله - حرّة بني بياضة - الحرّة هي الأرض المغطاة بالحجارة السوداء، وحرّة بني بياضة تقع على بعد ميل واحد من المدينة. والنقيع: البئر الكثيرة الماء.
2-
عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً يوم الجمعة، فجاءت عيرٌ من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبْقَ إلا اثنا عشرَ رجلاً» رواه مسلم والترمذي وأحمد.
فهذان النصَان ورد في أولها عدد الأربعين، وورد في ثانيهما عدد الاثني عشر، وقد ورد هذان العددان في النصين اتفاقاً ولم يردْ أيّ منهما كشرطٍ لوجوب الجمعة، وما يقع اتفاقاً لا يصلح مطلقاً ليكون شرطاً، فلا يؤخذ من هذين النصين أن صلاة الجمعة يشترط لها توفر الأربعين أو توفُّر الاثني عشر كما تقول الشافعية والمالكية والحنابلة. ومثلاً:
1-
عن جابر قال «مضت السُّنَّة في كل ثلاثة إماماً وفي كل أربعين فما فوق جمعة وفطر وأضحى، وذلك أنهم جماعة» رواه أحمد والنسائي والدارقطني وابن حِبّان والبيهقي.