الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتكبيرة الإحرام فرض وركن لا بد من الإتيان بها، ولا تُقبل صلاةٌ بدونها، فمن قالها دخل في الصلاة، ومن لم يقلها لم يدخل في الصلاة مهما قال أو فعل، فهي افتتاحية الصلاة، فقد روى علي بن يحيى بن خلَاّد عن عمه
…
قال النبي صلى الله عليه وسلم «إنه لا تتم صلاة لأحدٍ من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء، ثم يكبِّر ويحمد الله عز وجل ويثني عليه، ويقرأ ما تيسر من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصلُه، ثم يقول سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائماً، ثم يقول الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئنَّ مفاصلُه، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئنَّ مفاصلُه، ثم يرفع رأسه فيكبِّر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته» رواه أبو داود. قوله يضع الوضوء: أي يضعه مواضعه، يريد بذلك إسباغ الوضوء. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا قال الإمام: الله أكبر، فقولوا: الله أكبر، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد» رواه البيهقي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «
…
إذا قُمتَ إلى الصلاة فأَسْبغ الوضوء، ثم استقبل القِبلة فكبِّر» رواه مسلم. فقد دلَّت هذه النصوص الثلاثة على أن الصيغة هي [الله أكبر] وعلى أن التكبير لا تتم الصلاة بدونه، فلا صلاة لمن لم يكبر، ولا صلاة لمن لم يقل [الله أكبر] .
رفعُ اليدين في الصلاة
يُشرع للمسلم أن يرفع يديه الاثنتين عند افتتاح الصلاة بالتكبيرة الأولى - تكبيرةِ الإحرام - كما يُشرع له رفعهما عند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأوسط، أي عند القيام من الركعتين، ولا يُشرع في غير هذه المواطن الأربعة، فلا يُشرع بين السجدتين، ولا عند القيام من الركعة الأولى، أو القيام من الركعة الثالثة.
ورفع اليدين سُنَّة مشتركة بين الرجال والنساء، لأنه لم يرد دليل على التفرقة بينهما. روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه «كان إذا دخل في الصلاة كبَّر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم» . فمن أراد اتِّباع السُّنة فالسُّنة رفعُ اليدين في هذه المواطن الأربعة، ورفع اليدين في الموطن الأول آكد، ولكنه يبقى سُنة غير واجب. أما ما رُوي عن علقمة أنه قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه «ألا أصلِّي لكم صلاةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرَّة» رواه أحمد. ورواه الطَّحاوي بلفظ «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود» . فهو حديث ضعيف ضعَّفه أحمد والبخاري وأبو داود.
وأما ما رُوي عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبَّر لافتتاح الصلاة رفع يديه حتى يكون إبهاماه قريباً من شحمتي أذنيه، ثم لا يعود» رواه الطَّحاوي وأبو داود. فقد رواه أحمد والدارقطني بدون زيادة «ثم لا يعود» . وصوَّب الدارقطني ذلك وقال (إن هذه الزيادة مُدْرَجَةٌ مِن قول يزيد بن أبي زياد، وكان قد اختلط، وقد اتفق الحفاظ على أن الزيادة مُدْرَجَةٌ من قول يزيد) . فالحديثان لا يصلحان للاستدلال.
وفي أيامنا الراهنة تقوم فئة من الناس برفع اليدين قُبيل القيام من الركعتين، أي برفع اليدين وهم ما يزالون جالسين، فهذا مخالف للسُّنة في الرفع، إذ لا رفع في أثناء الجلوس مطلقاً، فقول الحديث «وإذا قام من الركعتين رفع يديه» . واضح الدلالة على الرفع عند القيام، والقيام غير الجلوس، ويشهد لما نقول ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبَّر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع رأسه من الركوع، ولا يرفع يديه في شئ من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبَّر» رواه أحمد. وما رواه ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا كبَّر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضاً وقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك في السجود» . فقوله «ولا يرفع يديه في شئ من صلاته وهو قاعد» واضح الدلالة على ما نقول، وكذلك قوله «وكان لا يفعل ذلك - يعني رفع اليدين - في السجود» واضح الدلالة كذلك.