المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ج ــ التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل - الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة - جـ ٢

[محمود عبد اللطيف عويضة]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث عشرالتَّيمُّم

- ‌تعريف التيمُّم

- ‌مشروعية التيمُّم

- ‌كيفية التيمُّم

- ‌هل يشترطُ لصحة التيمُّمِ دخولُ الوقت

- ‌وجدانُ الماء بعد فقده

- ‌مسألة

- ‌متى يُشرع التيمُّم

- ‌صلاة فاقد الطَّهُورين

- ‌الجزُء الثَّانيأحْكَام الصَّلاة

- ‌الفصل الأولالصلاةُ: حكمُها ومواقيتُها

- ‌فرضُ الصلاة

- ‌فضلُ الصلاة

- ‌حكمُ الصلاة المكتوبة

- ‌الصلوات المكتوبة ومواقيتها

- ‌1ــ وقت صلاة الظهر:

- ‌2ــ وقت صلاة العصر، وهي الصلاة الوسطى:

- ‌3ــ وقت صلاة المغرب:

- ‌4ــ وقتُ صلاة العشاء:

- ‌5 ــ وقت صلاة الفجر:

- ‌إذا أخَّر الإمام الصلوات عن مواقيتها

- ‌إِدراكُ ركعة من الصلاة في وقتها

- ‌مواقيت الصلاة في الدائرة القطبية

- ‌فضل صلاتي الصبح والعصر

- ‌قضاء الصلاة الفائتة

- ‌النومُ قبل صلاة العشاء والسَّمَرُ بعدها

- ‌الفصل الثانيالمساجدُ وأماكن الصلاة

- ‌فضلُ المساجد

- ‌الذهاب إلى المسجد

- ‌أدب المسجد

- ‌أفضل المساجد

- ‌الصلاةُ على غير الأرض

- ‌الصلاة على الكرسي

- ‌المواضع التي لا تجوز الصلاة فيها

- ‌المواضعُ التي تُكره فيها الصلاة

- ‌حُرمةُ اتخاذ القبور مساجد

- ‌تحويلُ معابد الكفار ومقابرهم إلى مساجد

- ‌الفصل الثالثالأذان: حكمُها وألفاظُه

- ‌فرضُ الأذان وألفاظُه

- ‌فضلُ الأذان

- ‌حكمُ الأذان

- ‌أحوال المؤذن

- ‌ما يقال عند التأذين وعقب الفراغ منه

- ‌مغادرةُ المسجد عقب الأذان

- ‌الأذانُ في عصرنا الحديث

- ‌الإقامةُ: حكمُها وألفاظها

- ‌الفصلُ الرابعأحوالُ المصلي

- ‌الطهارةُ للصلاة

- ‌سَترُ العَورة

- ‌الثوبُ في الصلاة

- ‌الصلاةُ بالأحذية

- ‌الصلاةُ على الدَّابَّة وكل مركوب

- ‌حكمُ النجاسة في الصلاة

- ‌الفصلُ الخامسالقِبْلةُ والسُّتْرة

- ‌استقبال القِبلة في الصلاة

- ‌التَّوجُّهُ إلى جهة الكعبة وليس إلى عينها

- ‌السُّترةُ للمصلي

- ‌سُترةُ الإِمام

- ‌دفعُ المارّ عند اتخاذ السُّترة

- ‌ما يقطعُ الصلاةَ بمروره

- ‌الصلاةُ إلى نائم أو بهيمة

- ‌الفصلُ السادسصفةُ الصلاة

- ‌حكمُ تكبيرة الإحرام

- ‌رفعُ اليدين في الصلاة

- ‌إقامةُ الصفوف أو تسويتُها

- ‌اصطفافُ النّساء خلف الرّجال

- ‌وضعُ اليدين في الصلاة

- ‌النظرُ في الصلاة

- ‌الجهرُ في الصلاة الجهرية

- ‌دعاءُ الاستفتاح

- ‌التّعوُّذُ في الصلاة

- ‌البسملةُ في الصلاة

- ‌قراءةُ الفاتحة في الصلاة

- ‌صلاةُ مَن لا يُحسن قراءة الفاتحة

- ‌التأمينُ في الصلاة

- ‌قراءة القرآن في الصلوات الخمس

- ‌التكبيرُ في الصلاة

- ‌الركوعُ وهيئته والذّكر فيه

- ‌الرفعُ من الركوع والذّكر فيه

- ‌السجودُ وهيئته والذّكر فيه

- ‌الجلسةُ بين السجدتين

- ‌جلسةُ الاستراحة

- ‌التشهُّدُ وهيئةُ الجلوس له

- ‌الصلاةُ على رسول الله في الصلاة

- ‌الدعاءُ والتَعوُّذ في آخر الصلاة

- ‌التسليمُ في الصلاة

- ‌كيفيةُ سجود السَّهو

- ‌العملُ عند حصول الشك في عدد الركعات

- ‌1ــ القُنُوتُ في الصلاة

- ‌2ــ الخشوعُ في الصلاة

- ‌العمل القليل في الصلاة

- ‌1) المشي لحاجةٍ تَعْرِضُ للمصلي:

- ‌2) الإِشارةُ باليدين وتحريكهما:

- ‌3) قتلُ الحية والعقرب:

- ‌4) حمل الطفل:

- ‌5) الالتفات:

- ‌8) التبسُّم:

- ‌9) البُصاق والتَّنَخُّم:

- ‌10) إصلاح الثوب:

- ‌11) حملُ المصحف:

- ‌12) الفصل بين المتخاصمين:

- ‌الأفعالُ والحالات المنهيُّ عنها في الصلاة

- ‌أ. الأفعال المكروهة في الصلاة

- ‌ب. الحالات التي تُكره فيها الصلاة

- ‌ج. الأفعال المُحرَّمة في الصلاة

- ‌الفصل الثامنما يُفعل ويُقال عقب الصلاة

- ‌أولاًـ ما يُفعَل عَقِبَ الصلاةُ

- ‌أ. الجلوسُ فترةً عَقِبَ الصلاة

- ‌ب. الانصرافُ عن اليمين والشمال

- ‌ج. الفصلُ بين الصلاة المكتوبة وصلاة التَّطوُّع

- ‌ثانياً ــ ما يُقالُ عَقِبَ الصلاة من أذكار

- ‌أـ الاستغفار

- ‌ب ــ الاستعاذةُ

- ‌ج ــ التسبيحُ والتحميدُ والتكبيرُ والتهليلُ

- ‌د ــ تلاوةُ آيات من القرآن

- ‌هـ ــ الدُّعاءُ

- ‌الفصل التاسعصلوات مفروضة عدا الصلوات الخمس

- ‌1. صلاة العيدينحكمها ووقتها

- ‌صفة صلاة العيدين

- ‌التكبير في العيدين

- ‌سُنَنُ العيدين الأخرى

- ‌ حكم الصلاة على شهيد المعركة مع الكفار

- ‌الصلاة على الأموات المسلمين

- ‌الصلاة على الغائب

- ‌فضلُ الصلاة على الجنازة واتباعها

- ‌الصلاة على الميت في المسجد

- ‌موقفُ الإمام من الرجل ومن المرأة

- ‌استحبابُ كثرةِ المصلين وكثرةِ الصفوف

- ‌صفةُ صلاة الجنازة

- ‌الدعاء للميت

- ‌لا بدَّ لصلاة الجنازة من طهارة كاملة

- ‌3. صلاةُ الجُمُعَة

- ‌على من تجب الجمعة

- ‌وقت صلاة الجمعة

- ‌النداء لصلاة الجمعة

- ‌العدد الذي تجب فيه الجمعة

- ‌إدراك ركعة من الجمعة لا بد منه لإدراك الجمعة

- ‌التبكير في الحضور

- ‌سُنن الجمعة

- ‌خطبة الجمعة

- ‌القراءة في صلاة الجمعة

- ‌السُّنّة الراتبة لصلاة الجمعة

- ‌فضل يوم الجمعة

- ‌الفصل العاشرصلاة أهل الأعذار

- ‌1) صلاة الخوف

- ‌الصلاة إيماءً وعلى المركوب وفي غير جهة القِبلة

- ‌2) صلاة المسافر

- ‌مسافة القصر

- ‌المسافر يستمر في القصر

- ‌3) صلاة المريض

- ‌الجمعُ بين الصلاتين

- ‌كيفية الجمع بين الصلاتين

الفصل: ‌ج ــ التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل

وقد رُويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في الاستعاذة بالله من كثير من الشرور مما لم تُقيَّد بأَدبار الصلاة، أذكر منها: الكسل وسوء القضاء ودَرْك الشقاء، وشماتة الأعداء وجَهْد البلاء، والعجز والهرم والمأثم والمغرم، وشر ما خلق الله، وضَلْع الدَّين وغَلَبة الرجال، وشر الغنى والفقر والقلة والذِّلَّة، وزوال النعمة وتحويل العافية، وفُجاءة النِّقمة وجميع سخط الله، والشِّقاق والنفاق وسوء الأخلاق، والجوع والخيانة، وعلماً لا ينفع وقلباً لا يخشع ونفساً لا تشبع ودعاءً لا يُسمع، وشر السمع وشر البصر وشر اللسان وشر القلب وشر المنيِّ، والهدم والتردِّي والغرق والحرق، وتخبُّطَ الشيطان والموت في سبيل الله مدبراً، والموت لديغاً، والبرص والجنون والجُذام وسئ الأسقام، ومنكراتِ الأخلاق والأهواء والأعمال. ولم أُورد الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت هذه الاستعاذات لأنني اكتفيت بذكر الاستعاذات الواردة في النصوص مقيدةً بأدبار الصلاة فحسب. وأُذكِّر بأنني ذكرت جملة من التعوذات في بحث [الدعاء والتعوُّذ في آخِر الصلاة] فصل [صفة الصلاة] وردت في الصلاة وليس في دُبُرها، ولله الحكمة في اختصاص بعضها بالصلاة وبعضها بأدبار الصلاة، وجاء بعضها مطلقاً. والعبادة توقيفية يؤتَى بها كما وردت. ولا يعني قولي هذا أنه لا يجوز التعوُّذ من سوى ما ورد التعوذ منه في أدبار الصلاة مما جاء مطلقاً، وإنما عنيت أن التعوذ مما ورد التعوذ منه في أَدبار الصلاة يُقدَّم ويفضَّل في أَدبار الصلاة على ما سواه.

‌ج ــ التسبيحُ والتحميدُ والتكبيرُ والتهليلُ

ص: 372

إن مما لا شك فيه أن كلام الله هو خير الكلام، وأن التقرب إلى الله سبحانه بالأذكار مما ليس في كتاب الله لا يعدل التقرب إليه سبحانه بكلامه. ويأتي التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل بعد كلام الله في المنزلة والفضل، فعن سَمُرَة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهي من القرآن لا يضرُّك بأيِّهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» رواه احمد ومسلم والنَّسائي وابن ماجة. وقد خلت رواية مسلم من «وهي من القرآن» . وهذه العبارة تعني أنها ثابتة في القرآن. ومما يدل على فضل هؤلاء الكلمات الأربع أيضاً ما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لأنْ أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس» رواه الترمذي. وقد مرَّ في بحث [صلاة مَن لا يُحْسِن قراءة الفاتحة] فصل [صفة الصلاة] أن هؤلاء الكلمات الأربع وقول لا حول ولا قوة إلا بالله تُجْزِئ عن القرآن، بل تُجْزِئ عن قراءة الفاتحة في الصلاة لمن لا يحفظ من القرآن شيئاً، وهذه فضيلة عظيمة لهؤلاء الكلمات الخمس.

وأيضاً فقد روى أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: التكبير والتحميد والتسبيح ولا حول ولا قوة إلا بالله» رواه أحمد وأبو يعلى. فقد ضم الحوقلة إلى التكبير والتحميد والتسبيح وأسقط التهليل.

ص: 373

ومما جاء في فضل التهليل والتحميد ما رُوي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله» رواه الترمذي. ومما جاء في فضل التهليل خاصة ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «خير الدعاء دعاءُ يوم عرفة، وخير ما قلتُ والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير» رواه الترمذي. ورواه مالك من طريق طلحة بن عبيد الله بن كريز، وليس فيه [له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير] .

وقد حثَّت الأحاديث النبوية الشريفة على قول هؤلاء الكلمات عقب الصلوات، وتباينت في مقدار ما يقال منها، فقد ورد قولها عشراً، وورد قولها ثلاثاً وثلاثين، وورد قولها خمساً وعشرين، وورد أقل من ذلك وأكثر، والمسلم يختار ما يشاء من ذلك مما يتسع وقته له ومما يقوى عليه.

ص: 374

1-

ما ورد من الأحاديث عشراً: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خَلَّتان لا يُحصيهما رجلٌ مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير ومن يعمل بهما قليل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس يسبِّح أحدكم في دُبُر كلِّ صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويكبِّر عشراً، فهي خمسون ومائة في اللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعقِدُهُنَّ بيده

» رواه النَّسائي وابن ماجة وابن حِبَّان والترمذي وأبو داود. وذكر الحديث الخَلَّة الثانية وهي التسبيح والتكبير والتحميد مائة مرة عند النوم. ومعنى قوله «فهي خمسون ومائة في اللسان وألف وخمسمائة في الميزان» : أنَّ كل واحدة من هؤلاء الكلمات الثلاث تقال عشر مرات عقب كل صلاة من الصلوات الخمس، فيكون المجموع خمسين كلمة، وحيث أنها ثلاث كلمات فيصبح مجموعها كلِّها مائة وخمسين كلمة، وفي يوم القيامة يضاعفها الله سبحانه الواحدة بعشرٍ، فتصبح ألفاً وخمسمائة. وعن عليٍّ رضي الله عنه وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو وفاطمة يطلبان خادماً من السَّبي يخفف عنهما بعض العمل، فأبى عليهما ذلك فذكر قصة، قال: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لهما «أَلَا أُخبركما بخيرٍ مما سألتماني؟ قالا: بلى، فقال: كلماتٌ علمنيهنَّ جبريل عليه السلام فقال: تُسبِّحان في دُبُر كل صلاة عشراً وتحمدان عشراً وتكبِّران عشراً

» رواه أحمد والبخاري ومسلم. وذكر الحديث التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد ثلاثاً وثلاثين، والتكبير أربعاً وثلاثين عند النوم، وقد اقتصرنا في إيراد هذا الحديث والذي قبله على ما يتعلق بموضوع بحثنا، وهو الذِّكر عقب الصلاة فحسب. فهذان حديثان في قول التسبيح والتحميد والتكبير عشراً عشراً.

ص: 375

أما التهليل عشراً وهو الجملة الرابعة، فجاء فيه ما يلي: عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «مَن قال في دُبُر صلاة الفجر وهو ثانٍ رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير، عشر مرات، كُتب له عشر حسنات، ومُحي عنه عشر سيئات، ورُفع له عشر درجات، وكان يومَه ذلك كلَّه في حرزٍ من كل مكروه، وحُرس من الشيطان، لم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله» رواه الترمذي. وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قال إذا صلى الصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، عشرَ مرات كنَّ كعدل أربع رقاب، وكتب له بهنَّ عشرُ حسنات، ومُحي عنه بهنَّ عشرُ سيئات، ورُفع له بهنَّ عشرُ درجات، وكنَّ له حرَساً من الشيطان حتى يمسي، وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك» رواه أحمد وابن حِبَّان. وعن أم سلمة رضي الله عنها «أن فاطمة رضي الله عنها جاءت إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم تشتكي إليه الخدمة فقالت: يا رسول الله والله لقد مَجِلَتْ يدي من الرَّحى، أطحن مرة وأعجن مرة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنْ يرزقْكِ الله شيئاً يأتك، وسأدلُّكِ على خير من ذلك

وإذا صليتِ صلاةَ الصبح فقولي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، عشر مرات بعد صلاة الصبح، وعشر مرات بعد صلاة المغرب، فإن كل واحدة منهن كعِتْقِ رقبة من ولَد إسماعيل، ولا يحل لذنب كُسب ذلك اليوم أن يدركه إلا أن يكون الشرك لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو حرسُكِ ما بين أن تقوليه غدوةً إلى أن تقوليه عشيَّة من كل شيطان ومن كل سوء» رواه أحمد. ورواه الطبراني مختصراً. قوله مَجِلت يدي من الرحى: أي يبست يدي وصارت خشنة من كثرة

ص: 376

طحن الحبوب بالطاحونة. فهذه الأحاديث نصٌّ في قول التهليل عشر مرات. وينبغي ملاحظةُ أن التهليل عشر مرات إنما ورد تقييده بصلاتي الفجر والمغرب فحسب، فيُندب ذكرُه عشراً عقب هاتين الصلاتين، ثم إن صيغة التهليل وردت متفاوتة في الأحاديث الثلاثة، فالمسلم بالخيار بين أيٍّ من هذه الصيغ.

2-

ما ورد من الأحاديث ثلاثاً وثلاثين: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدُّثُور من الأموال بالدَّرجات العلا والنعيم المقيم، يُصلُّون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ولهم فضْلٌ من أموالٍ يحجُّون بها ويعتمرون، ويجاهدون ويتصدَّقون، قال: ألا أُحدثكم بما إنْ أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحدٌ بعدكم، وكنتم خيرَ مَنْ أنتم بين ظَهْرَانِيْهِم إلا من عمل مثله؟ تسبِّحُون وتحمدون وتكبِّرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، فاختلفنا بيننا فقال بعضنا: نسبح ثلاثاً وثلاثين، ونحمد ثلاثاً وثلاثين، ونكبر أربعاً وثلاثين، فرجعت إليه فقال تقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثاً وثلاثين» رواه البخاري ومسلم وابن خُزَيمة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال «قال أبو ذر: يا رسول الله ذهب أصحاب الدُّثور بالأجر، يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فُضول أموال يتصدَّقون بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر أَلَا أُعلمك كلمات تدرك بهن مَن سبقك ولا يلحقك من خلفك إلا من أخذ بمثل عملك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: تكبِّر الله دُبُر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمده ثلاثاً وثلاثين، وتسبِّحُه ثلاثاً وثلاثين، وتختمها بـ لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير» رواه ابن حِبَّان. ورواه أبو داود وقال في آخره «غُفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر» قوله أصحاب الدُّثور: أي أصحاب الأموال الكثيرة. وعن أبي هريرة رضي

ص: 377

الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من سبَّح الله في دُبُر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» رواه مسلم وأحمد وابن خُزَيمة وابن حِبَّان ومالك. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال «جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إن الأغنياء يُصلُّون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ولهم أموال يتصدقون وينفقون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صليتم فقولوا: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ولا إله إلا الله عشراً، فإنكم تدركون بذلك من سبقكم وتسبقون مَنْ بَعدكم» رواه النَّسائي.

وأُلفت النظر إلى أن هذه الأحاديث وإن هي اتفقت في عدد التسبيح والتحميد والتكبير إلا أنها تباينت في عدد التهليل، فالحديث الأول اغفل التهليل كلياً، والحديث الثاني ذكر التهليل مطلقاً دون تحديد، والحديث الثالث ذكر التهليل مرة واحدة، والحديث الرابع ذكر التهليل عشراً، وأنا أميل إلى الأخذ بالحديث الثالث الذي رواه مسلم وفيه التهليل مرة واحدة، فهذا الحديث لا يتعارض مع الحديث الأول، لأن الزيادة تُقبل إنْ رواها ثقة. وكذلك هو لا يتعارض مع الحديث الثاني، بل يعضده ويفسِّره. وأما الحديث الرابع فيُحمل على صلاتي الفجر والمغرب ويُقصر عليهما، والله سبحانه أعلم.

ص: 378

3-

ما ورد من الأحاديث خمساً وعشرين: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال «أُمِرنا أن نسبِّحَ في دُبُر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ونحمد ثلاثاً وثلاثين، ونكبِّر أربعاً وثلاثين، فأُتيَ رجلٌ في منامه فقيل له: إنه أَمَرَكم محمدٌ أن تسبِّحوا في دُبُر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين، وتكبِّروا أربعاً وثلاثين؟ قال نعم، قال: اجعلوها خمساً وعشرين، واجعلوا فيه التهليل، فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فافعلوه» رواه ابن حِبَّان وابن خُزَيمة وأحمد والنَّسائي. ورواه النَّسائي كذلك من طريق ابن عمر رضي الله عنه، وجاء فيه «.. سبِّحوا خمساً وعشرين، واحمدوا خمساً وعشرين، وكبِّروا خمساً وعشرين، وهلِّلُوا خمساً وعشرين، فتلك مائة

» .

ص: 379

وهناك أحاديث أخرى ذكرت التكبير أربعاً وثلاثين، وأبقت على التسبيح والتحميد ثلاثاً وثلاثين ثلاثاً وثلاثين، منها ما رواه كعب بن عُجْرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «مُعَقِّبات لا يخيب قائلُهن أو فاعلُهن دُبُر كل صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة» رواه مسلم وابن حِبَّان والنَّسائي. ومنها ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم عند أحمد والبزَّار والطبراني بمثل ما رواه مسلم من حيث العدد. ويلاحظ من ذلك أن الرقم وصل إلى المائة بزيادة تكبيرة واحدة على التكبيرات الثلاث والثلاثين، في حين أن الرقم وصل إلى المائة بزيادة تهليلة واحدة في حديث مسلم المار في بند (2) «فتلك تسعةٌ وتسعون، وقال تمام المائة لا إله إلا الله

» كما أنه وصل إلى المائة في حديث النَّسائي المار في بند (3) «سبِّحوا خمساً وعشرين و

و

و

فتلك مائة» . فهذه الأحاديث نَوَّهت بالعدد مائة، فَمَنْ ملك الوقت الكافي والرغبة في مزيد الثواب فلْيوصل هذه الجمل إلى المائة، وليختر الصيغة التي يراها من هذه الصيغ الثلاث، وإذا أتمَّ المائة جملة بتهليلة واحدة فليقل بعدها مباشرة [اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطيَ لِما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ] وذلك لما روى المغيرة بن شعبة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دُبُر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ» رواه البخاري ومسلم والنَّسائي وأحمد وأبو داود.

ص: 380

وهناك صيغة رابعة للتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وللحوقلة كذلك تضاف للصيغ الثلاث السابقة، أندب المصلين إلى الأخذ بها لما لها من فضل، وهي هكذا [سبحان الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما خلق بين ذلك، وسبحان الله عددَ ما هو خالق. والله أكبر عددَ ما خلق في السماء، والله أكبر عددَ ما خلق في الأرض، والله أكبر عددَ ما خلق بين ذلك، والله أكبر عددَ ما هو خالق. والحمد لله عددَ ما خلق في السماء، والحمد لله عددَ ما خلق في الأرض والحمد لله عددَ ما خلق بين ذلك، والحمد لله عددَ ما هو خالق. ولا إله إلا الله عددَ ما خلق في السماء، ولا إله إلا الله عددَ ما خلق في الأرض، ولا إله إلا الله عددَ ما خلق بين ذلك، ولا إله إلا الله عددَ ما هو خالق. ولا حول ولا قوة إلا بالله عددَ ما خلق في السماء، ولا حول ولا قوة إلا بالله عددَ ما خلق في الأرض، ولا حول ولا قوة إلا بالله عددَ ما خلق بين ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله عددَ ما هو خالق] فعن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها رضي الله عنهما «أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبِّح به فقال: أُخبركِ بما هو أيسر عليكِ من هذا أو أفضل، فقال: سبحان الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما خلق بين ذلك، وسبحان الله عددَ ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك» رواه أبو داود والنَّسائي وابن ماجة.

ص: 381

أما كيف يحصي المسلم تسبيحاته وأذكاره فيأتي منها بالمقدار الذي يريد؟ فالجواب عليه هو أنه يجوز التسبيح بالمسبحة وبما هو من جنسها كالنوى والحصى والخرز، لكن المستحب في التسبيح والأَذكار العدُّ بالأصابع والأنامل لأنهن مسؤولات يوم القيامة، ويشهدن لصاحبهن بالذِّكر، فعن يسيرة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، فإنهن مسؤولات مستنطَقَات» رواه أبو داود وأحمد والترمذي. ورواه ابن أبي شيبة عن بُسرة - وليس يسيرة كما في سنن أبي داود - قالت: قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم «عليكن بالتسبيح والتهليل والتكبير، واعقدن بالأنامل فإنهن يأتين يوم القيامة مسؤولات مستنطقات، ولا تغفلْن فتنسَين الرحمة» . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقده بيده، يعني التسبيح» رواه ابن أبي شيبة. ورواه أبو داود ولكنه قال «بيمينه» بدل [بيده] ورواه النَّسائي بدون [بيده] وبدون [بيمينه] هكذا «يعقد التسبيح» .

ص: 382

أما من أراد نوال الثواب العظيم في الوقت القصير والجهد القليل ولا يحتاج إلى مسابح ونوى وحصى فليقرأ هذا الحديث وليعمل بما فيه: عن ابن عباس رضي الله عنه عن جُوَيرية رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بُكرةً حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: ما زلتِ على الحال التي فارقتُكِ ا؟ قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلتُ بعدك أربعَ كلمات ثلاث مرات، لو وُزنت بما قُلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عددَ خلقِه ورِضا نفسِه وزِنَةَ عرشِه ومدادَ كلماتِه» رواه مسلم وابن خُزَيمة وأحمد وأبو داود. وفي رواية أخرى لمسلم «أنه قال: سبحان الله عددَ خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنةَ عرشه، سبحان الله مدادَ كلماته» . وفي رواية النَّسائي والترمذي «سبحان الله عددَ خلقه، سبحان الله عددَ خلقه، سبحان الله عددَ خلقه. سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه. سبحان الله زِنةَ عرشه، سبحان الله زِنةَ عرشه، سبحان الله زِنةَ عرشه. سبحان الله مدادَ كلماته، سبحان الله مدادَ كلماته، سبحان الله مدادَ كلماته» والصيغة الأولى أسهل وأفضل لأن فيها [وبحمده] في حين أن الروايتين الأُخريين قد خلتا منها، والزيادة في الأذكار أفضل.

فهؤلاء أربع كلمات قصار يقولهن المصلي فيحصل على ثواب الساعات الطوال من الأذكار غيرها، ذلك أن جُوَيرية رضي الله عنها قد واظبت على الذكر منذ صلاة الصبح إلى وقت الضحى كما جاء في رواية مسلم، أو إلى أن تعالى النهار كما جاء في رواية ابن خُزَيمة، وهذه المدة تقدَّر بساعتين إلى ثلاث ساعات من ساعاتنا الحالية، فالمسلم يقول هؤلاء الكلمات الأربع في نصف دقيقة فيحصل على ثواب الذكر من غيرهنَّ في ساعتين إلى ثلاث ساعات، فهي فرصة متاحة لحصاد الثواب العظيم.

ص: 383