الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقدُّم النسوة إلى الصف الأول.
وقد نزل في ذلك قرآن، قال ابن عباس رضي الله عنه «كانت امرأةٌ تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناءُ من أحسن الناس، قال فكان بعض القوم يتقدم في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخَّر، فإذا ركع نظر من تحت إبطه، فأنزل الله عز وجل: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين» رواه النَّسائي وابن خُزَيمة. والعلة تدور مع المعلول وجوداً وعدماً، فإن وجدت العلة وجد الحكم، وإن انتفت العلة انتفى الحكم، وبتطبيق هذه القاعدة الأصولية على واقع المساجد في أيامنا الراهنة نجد أن الرجال لم يعودوا يرون النساء في أثناء الصلاة، وأن النساء لم يعدن يرين الرجال في الصلاة، وحتى لو لحظن الرجال من خلال الثقوب والستائر الفاصلة فإنهن لم يعدن يرين عورات الرجال بعد أن اكتَسَوْا بثياب سابغة تحول دون كشف العورات، عكس ما كان عليه حال المسلمين في زمن نزول الآية الكريمة، وعلى هذا فإنه ليس على النسوة بأس في مساجدنا الحالية إن هنَّ تقدَّمنَ إلى الصف الأول، ولا يكنَّ بتقدمهن قد اقترفْن شراً وأتين محذوراً، ويصبح الحال بالنسبة لهن أن الصف الأول والصف الثاني والصف المؤخَّر لها الحكم نفسه وهو الإباحة دون كراهة، فلْتُصلِّ المرأة في الصف الذي تختاره دون حرج.
وأما بخصوص الرجال فإن فضل الصف الأول وفضل الصف الثاني يبقيان على حالهما، وذلك لعلة أخرى أشرنا من قبل إليها، فلْيبق حرص الرجال على الصف الأول ثم الذي يليه قائماً، وعندما تعود العلة يعود الحكم، فإن قامت الصلاة في مسجد لا حاجز فيه، أو قامت صلاةٌ في فلاة من الأرض كما يحدث في مصلى العيد، أو قامت صلاة في السفر في العراء، عادت العلة فعاد بعودتها الحكم السابق، وهو أن الشر في تقدُّم النساء إلى الصف الأول، وفي تأخر الرجال إلى الصف المؤخَّر.
وضعُ اليدين في الصلاة
يُندب للمصلي أن يضع يده اليمنى على كفِّ يده اليسرى شادَّاً بهما على صدره، وإن هو نشر أصابع يده اليمنى على رسغ اليسرى وشئ من الساعد فحسن، فهذه الكيفية هي ما جاءت في أصح النصوص، فعن وائل بن حُجْر رضي الله عنه قال «حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أو حين نهض إلى المسجد، فدخل المحراب ثم رفع يديه بالتكبير، ثم وضع يمينه على يسراه على صدره» رواه البيهقي. وعنه قال «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره» رواه ابن خُزَيمة. وعن قبيصة بن هُلْب عن أبيه قال «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته قال يضع هذه على صدره، وصفَّ يحيى اليمنى على اليسرى فوق المِفْصل» رواه أحمد. وعن طاووس قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشدُّ بهما على صدره وهو في الصلاة» رواه أبو داود. وعن وائل بن حُجْر قال «قلت لأنظرنَّ إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فنظرت إليه فقام فكبَّر، ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرُّسغ والساعد
…
» رواه النَّسائي وابن خُزَيمة.
أما الروايات التي تذكر وضع اليدين على السرة أو تحتها فأقل من هذه الروايات عدداً وأضعف منها سنداً، وأما إرسال اليدين على الجانبين ففهمٌ ضعيف لحديث جابر بن سمرة عند مسلم بلفظ «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنا إذا سلَّمنا قلنا بأيدينا السلام عليكم السلام عليكم، فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شُمْسٍ؟ إذا سلَّم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده» . فالنهي هنا عن رفع اليدين عند التسليم فقط، ثم إن أصحاب هذا الرأي يرون أن وضع اليدين على الصدر يتنافى مع الخشوع، وأن الخشوع يقتضي إسبال اليدين.