الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه هي الحالات الثلاث التي امتنع فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على الأموات وأَذِنَ لغيره من المسلمين بالصلاة عليهم.
وسيأتي بعد قليل
حكم الصلاة على شهيد المعركة مع الكفار
، وأن ذلك غير واجب وغير مندوب، ولكن هذه الحالة ليست حالة رابعة تضاف إلى الحالات الثلاث السابقة، وإنما هي متميِّزة بأنها الحالة التي يستغني فيها الشهيد عن الصلاة عليه بما نال من أجر ومنزلة عند ربه، وأنه لم يبق له حق على الأحياء بالصلاة عليه لأجل ذلك، فلا يصلي عليه الأحياء لا وجوباً ولا ندباً.
إن المسلمين مأمورون بالصلاة على الميت ما دام مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، لما روى أنس بن مالك رصي الله عنه قال «كان شابٌّ يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال: أفتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال فجعل ينظر إلى أبيه فقال: قل كما يقول لك محمد، قال ثم مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم» رواه ابن أبي شيبة. وهذه الصلاة هي فرضٌ على الكفاية، وهو قول الجمهور، فلو صلَّى على الميت شخصٌ واحدٌ لكفى، ولَسَقط الإثم عن الآخرين.
حكمُ الصلاة على شهيد المعركة مع الكفار
وإنما قلت [على شهيد المعركة مع الكفار] لأُخْرِج من هذا الحكم من يُقتل في حرب البغاة لأنها حرب بين مسلمين والقتيل فيها غير شهيد، وكذلك يخرج من هذا الحكم من يُقتل في غير الجهاد ولو كان القتل بفعل كافر، كأن يَقتل كافرٌ مسلماً في نزاع وشجار بينهما، ويخرج من هذا الحكم أيضاً من خرجوا للجهاد في سبيل الله فماتوا بالطاعون أو بالغرق أو بداء البطن أو بغير ذلك من الحوادث والأمراض، وإن كانوا عند الله شهداء. فيبقى مَن يقتل في المعركة من قبل الكفار فحسب، فهذا هو الشهيد الذي يجري البحث عن حكم الصلاة عليه، ويلحق به طبعاً من يُجرح في المعركة مع الكفار ثم يموت متأثراً بجراحه، ولو تأخَّر موته أياماً أو أسابيع أو شهوراً، لأن واقعه أنه قُتل في المعركة مع الكفار ولكنْ تأخر خروج روحه فترة طالت أو قصرت.
هذا الشهيد لا يُغسَّل ولا يُصلى عليه، بل يُدفن بثيابه وما لُطخت به من الدماء دون صلاة. فالصلاة على الشهيد غير واجبة ولا حتى مندوبة، وهي جائزة فقط، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال «كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُد في ثوب واحد، ثم يقول: أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أُشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يُغَسَّلوا ولم يُصلَّ عليهم» . وفي رواية أخرى «ولم يُصلِّ عليهم ولم يُغَسِّلهم» رواه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة. ورواه أحمد بلفظ «إنه قال في قتلى أحد لا تُغسِّلوهم، فإن كل جرح أو كلَّ دم يفوح مسكاً يوم القيامة، ولم يُصلِّ عليهم» .