الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
الصلاة عند إجهاد البدن من أعمال شاقَّة وعند الفتور والنعاس مكروهة: يُندب للمسلم أن يصلي وبه نشاط وحيوية، وذلك حتى يستطيع الإتيان بالصلاة على وجه أكمل وأفضل، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلْيرقدْ حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسبُّ نفسه» رواه البخاري ومسلم وأحمد ومالك والترمذي. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال «دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبلٌ ممدودٌ بين الساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبلٌ لزينب، فإذا فترت تعلَّقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، حلُّوه، ليُصلِّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فلْيقعد» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي.
ج. الأفعال المُحرَّمة في الصلاة
مرَّ معنا في أبحاثنا السابقة عدد من الأفعال المحرَّمة في الصلاة، فنحن نُشير إليها هنا دونما حاجة لإعادة بحثها، ثم نبحث الأفعال المحرَّمة المتبقية قاصدين جمع جميع الأفعال المحرَّمة في مكان واحد، وهذه هي الأفعال المحرَّمة التي سبق بحثها:
1-
الالتفاتُ في الصلاة: ونعني به لَيَّ العنق والنظر إلى الخلف بحيث يتجاوز نظر المصلي جهةَ القِبلة، انظر بحث [النظر في الصلاة] فصل [صفة الصلاة] .
2-
رفع البصر إلى السماء: أُنظر بحث [النظر في الصلاة][صفة الصلاة] وانظر بحث [الخشوع في الصلاة] فصل [القنوت والخشوع في الصلاة] .
3-
العملُ الكثير والعَبَثُ في الصلاة: ونعني بالعمل الكثير ما لا يمكن تصنيفه تحت العمل القليل، وهو الذي يغلب على الصلاة فيسلبها هيئتَها، ويمحو الخشوع منها. ونعني بالعبث الحركات والأعمال التي لا حاجة للمصلي بها، وإنما يقوم بها تسليةً واستهتاراً بسكينة الصلاة ووقارها، وانظر بحث [العمل القليل] بند [الفصل بين المتخاصمين] المار قبل قليل.
ونبحث الآن الأفعال المحرَّمة المتبقية:
4-
القهقهة أو القرقرة: وهي الضحك بصوت مسموع، هذا الفعل محرَّم في الصلاة ويتنافى مع الخشوع، مثله مثل العمل الكثير والعبث، فهذه الأفعال الثلاثة حرام. وقد رُوي عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «التبسُّمُ لا يقطع الصلاة ولكن القرقرة» رواه البيهقي وابن أبي شيبة. ورواه الطبراني بلفظ «لا يقطع الصلاة الكَشَرُ ولكن تقطعها القهقهة» . قوله الكَشَر: أي إبداء الأسنان بالتبسُّم. وهذا الحديث رواه عبد الرزاق موقوفاً على جابر، ورجَّح البيهقي وقفه على جابر أيضاً، إلا أن الطبراني قال عند روايته للحديث (لم يروه مرفوعاً عن سفيان إلا ثابت) وإذن فقد أثبت لهذا الحديث رواية مرفوعة فيقبل. وقد مرَّ الحديث في بحث [العمل القليل] بند [التبسم] المار قبل قليل.
5-
البُصاق والتنخُّم تجاه القِبلة أو عن اليمين: فمن بصق أمامه في الصلاة تجاه قِبلته، أو تنخَّم فلفظ نُخامته تجاه قِبلته، أو فعل ذلك عن يمينه فقد ارتكب خطيئة وفعلَ فِعلاً محرَّماً، ولكن إن بصق أو تنخَّم جهة اليسار أو تحت القدم اليسرى ففعله مباح لا شئ فيه، فقد روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بُصاقاً في جدار القِبلة فحكَّه، ثم أقبل على الناس فقال: إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَل وجهه، فإنَّ الله قِبَل وجهه إذا صلى» رواه البخاري ومسلم ومالك. ورواه الدارمي ولفظه «بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، إذ رأى نُخامة في قِبلة المسجد، فتغيَّظ على أهل المسجد، وقال: إن الله قِبَلَ أحدِكم إذا كان في صلاته، فلا يبزقنَّ، أو قال لا يتنخَّمَنَّ، ثم أمر بها فحك مكانها، أو أمر بها فلُطخت بزعفران» . وعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن المؤمن إذا كان في الصلاة فإنما يناجي ربه، فلا يبزقَّن بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه» رواه البخاري ومسلم. ورواه أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم في الصلاة، فإنه مُناجٍ ربَّه، فلا يتفلنَّ أحدٌ منكم عن يمينه، قال ابن جعفر: فلا يتفل أمامه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدميه» . وروى أبو سهلة السائب بن خلَاّد رضي الله عنه «أن رجلاً أمَّ قوماً فبسق في القِبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: لا يصلِّ لكم، فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه، وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم، وحسبت أنه قال: آذيتَ الله عز وجل» رواه أحمد. ورواه أبو داود وفيه «إنك آذيت الله ورسوله» . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين، ولا يزال في يده منها، فدخل المسجد فرأى نُخامةً في قِبلة المسجد فحكها، ثم أقبل على الناس مُغْضَباً فقال: أيُسَرُّ أحدُكم أن يُبصَق في وجهه؟ إن أحدكم إذا استقبل القِبلة فإنما يستقبل ربه جلَّ وعزّ، والملك عن يمينه، فلا يتفل عن يمينه ولا في قِبلته، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه، فإن عجل به أمرٌ فليقل هكذا، ووصف لنا ابن عجلان ذلك: أن يتفل في ثوبه، ثم يرد بعضه على بعض» رواه أبو داود وابن حِبَّان. قوله العراجين: أي أعواد النخيل. وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يُبعَثُ صاحبُ النخامة في القِبلة يوم القيامة وهي في وجهه» رواه ابن خُزَيمة. وروى أيضاً من طريق حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من تفل تجاه القِبلة جاء يوم القيامة وتفلُه بين عينيه» .
الحديث الأول فيه «لا يبصق قِبَل وجهه، فإن الله قِبَل وجهه» والحديث الثاني فيه «إن المؤمن إذا كان في الصلاة فإنما يناجي ربه، فلا يبزقنَّ بين يديه، ولا عن يمينه» والحديث الثالث فيه «فإنه مُناجٍ ربَّه فلا يتفلنَّ أحدٌ منكم عن يمينه
…
فلا يتفل أمامه ولا عن يمينه» والحديث الرابع فيه «فبسق في القِبلة
…
قال آذيتَ الله عز وجل
…
إنك آذيت الله ورسوله» والحديث الخامس فيه «أقبل على الناس مُغْضَباً فقال: أيُسَرُّ أحدكم أن يُبْصَقَ في وجهه؟ إن أحدكم إذا استقبل القِبلة فإنما يستقبل ربه جلَّ وعزَّ، والملك عن يمينه» والحديث السادس فيه «يُبعَثُ صاحبُ النخامة في القِبلة يوم القيامة وهي في وجهه» والحديث السابع فيه «من تفل تجاه القِبلة جاء يوم القيامة وتفلُه بين عينيه» فهل هناك محرَّم في الصلاة ورد فيه تغليظٌ في النهي وجزمٌ فيه أكثر مما ورد في البصاق والنخامة تجاه القِبلة وعن اليمين؟.