المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الركوع وهيئته والذكر فيه - الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة - جـ ٢

[محمود عبد اللطيف عويضة]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث عشرالتَّيمُّم

- ‌تعريف التيمُّم

- ‌مشروعية التيمُّم

- ‌كيفية التيمُّم

- ‌هل يشترطُ لصحة التيمُّمِ دخولُ الوقت

- ‌وجدانُ الماء بعد فقده

- ‌مسألة

- ‌متى يُشرع التيمُّم

- ‌صلاة فاقد الطَّهُورين

- ‌الجزُء الثَّانيأحْكَام الصَّلاة

- ‌الفصل الأولالصلاةُ: حكمُها ومواقيتُها

- ‌فرضُ الصلاة

- ‌فضلُ الصلاة

- ‌حكمُ الصلاة المكتوبة

- ‌الصلوات المكتوبة ومواقيتها

- ‌1ــ وقت صلاة الظهر:

- ‌2ــ وقت صلاة العصر، وهي الصلاة الوسطى:

- ‌3ــ وقت صلاة المغرب:

- ‌4ــ وقتُ صلاة العشاء:

- ‌5 ــ وقت صلاة الفجر:

- ‌إذا أخَّر الإمام الصلوات عن مواقيتها

- ‌إِدراكُ ركعة من الصلاة في وقتها

- ‌مواقيت الصلاة في الدائرة القطبية

- ‌فضل صلاتي الصبح والعصر

- ‌قضاء الصلاة الفائتة

- ‌النومُ قبل صلاة العشاء والسَّمَرُ بعدها

- ‌الفصل الثانيالمساجدُ وأماكن الصلاة

- ‌فضلُ المساجد

- ‌الذهاب إلى المسجد

- ‌أدب المسجد

- ‌أفضل المساجد

- ‌الصلاةُ على غير الأرض

- ‌الصلاة على الكرسي

- ‌المواضع التي لا تجوز الصلاة فيها

- ‌المواضعُ التي تُكره فيها الصلاة

- ‌حُرمةُ اتخاذ القبور مساجد

- ‌تحويلُ معابد الكفار ومقابرهم إلى مساجد

- ‌الفصل الثالثالأذان: حكمُها وألفاظُه

- ‌فرضُ الأذان وألفاظُه

- ‌فضلُ الأذان

- ‌حكمُ الأذان

- ‌أحوال المؤذن

- ‌ما يقال عند التأذين وعقب الفراغ منه

- ‌مغادرةُ المسجد عقب الأذان

- ‌الأذانُ في عصرنا الحديث

- ‌الإقامةُ: حكمُها وألفاظها

- ‌الفصلُ الرابعأحوالُ المصلي

- ‌الطهارةُ للصلاة

- ‌سَترُ العَورة

- ‌الثوبُ في الصلاة

- ‌الصلاةُ بالأحذية

- ‌الصلاةُ على الدَّابَّة وكل مركوب

- ‌حكمُ النجاسة في الصلاة

- ‌الفصلُ الخامسالقِبْلةُ والسُّتْرة

- ‌استقبال القِبلة في الصلاة

- ‌التَّوجُّهُ إلى جهة الكعبة وليس إلى عينها

- ‌السُّترةُ للمصلي

- ‌سُترةُ الإِمام

- ‌دفعُ المارّ عند اتخاذ السُّترة

- ‌ما يقطعُ الصلاةَ بمروره

- ‌الصلاةُ إلى نائم أو بهيمة

- ‌الفصلُ السادسصفةُ الصلاة

- ‌حكمُ تكبيرة الإحرام

- ‌رفعُ اليدين في الصلاة

- ‌إقامةُ الصفوف أو تسويتُها

- ‌اصطفافُ النّساء خلف الرّجال

- ‌وضعُ اليدين في الصلاة

- ‌النظرُ في الصلاة

- ‌الجهرُ في الصلاة الجهرية

- ‌دعاءُ الاستفتاح

- ‌التّعوُّذُ في الصلاة

- ‌البسملةُ في الصلاة

- ‌قراءةُ الفاتحة في الصلاة

- ‌صلاةُ مَن لا يُحسن قراءة الفاتحة

- ‌التأمينُ في الصلاة

- ‌قراءة القرآن في الصلوات الخمس

- ‌التكبيرُ في الصلاة

- ‌الركوعُ وهيئته والذّكر فيه

- ‌الرفعُ من الركوع والذّكر فيه

- ‌السجودُ وهيئته والذّكر فيه

- ‌الجلسةُ بين السجدتين

- ‌جلسةُ الاستراحة

- ‌التشهُّدُ وهيئةُ الجلوس له

- ‌الصلاةُ على رسول الله في الصلاة

- ‌الدعاءُ والتَعوُّذ في آخر الصلاة

- ‌التسليمُ في الصلاة

- ‌كيفيةُ سجود السَّهو

- ‌العملُ عند حصول الشك في عدد الركعات

- ‌1ــ القُنُوتُ في الصلاة

- ‌2ــ الخشوعُ في الصلاة

- ‌العمل القليل في الصلاة

- ‌1) المشي لحاجةٍ تَعْرِضُ للمصلي:

- ‌2) الإِشارةُ باليدين وتحريكهما:

- ‌3) قتلُ الحية والعقرب:

- ‌4) حمل الطفل:

- ‌5) الالتفات:

- ‌8) التبسُّم:

- ‌9) البُصاق والتَّنَخُّم:

- ‌10) إصلاح الثوب:

- ‌11) حملُ المصحف:

- ‌12) الفصل بين المتخاصمين:

- ‌الأفعالُ والحالات المنهيُّ عنها في الصلاة

- ‌أ. الأفعال المكروهة في الصلاة

- ‌ب. الحالات التي تُكره فيها الصلاة

- ‌ج. الأفعال المُحرَّمة في الصلاة

- ‌الفصل الثامنما يُفعل ويُقال عقب الصلاة

- ‌أولاًـ ما يُفعَل عَقِبَ الصلاةُ

- ‌أ. الجلوسُ فترةً عَقِبَ الصلاة

- ‌ب. الانصرافُ عن اليمين والشمال

- ‌ج. الفصلُ بين الصلاة المكتوبة وصلاة التَّطوُّع

- ‌ثانياً ــ ما يُقالُ عَقِبَ الصلاة من أذكار

- ‌أـ الاستغفار

- ‌ب ــ الاستعاذةُ

- ‌ج ــ التسبيحُ والتحميدُ والتكبيرُ والتهليلُ

- ‌د ــ تلاوةُ آيات من القرآن

- ‌هـ ــ الدُّعاءُ

- ‌الفصل التاسعصلوات مفروضة عدا الصلوات الخمس

- ‌1. صلاة العيدينحكمها ووقتها

- ‌صفة صلاة العيدين

- ‌التكبير في العيدين

- ‌سُنَنُ العيدين الأخرى

- ‌ حكم الصلاة على شهيد المعركة مع الكفار

- ‌الصلاة على الأموات المسلمين

- ‌الصلاة على الغائب

- ‌فضلُ الصلاة على الجنازة واتباعها

- ‌الصلاة على الميت في المسجد

- ‌موقفُ الإمام من الرجل ومن المرأة

- ‌استحبابُ كثرةِ المصلين وكثرةِ الصفوف

- ‌صفةُ صلاة الجنازة

- ‌الدعاء للميت

- ‌لا بدَّ لصلاة الجنازة من طهارة كاملة

- ‌3. صلاةُ الجُمُعَة

- ‌على من تجب الجمعة

- ‌وقت صلاة الجمعة

- ‌النداء لصلاة الجمعة

- ‌العدد الذي تجب فيه الجمعة

- ‌إدراك ركعة من الجمعة لا بد منه لإدراك الجمعة

- ‌التبكير في الحضور

- ‌سُنن الجمعة

- ‌خطبة الجمعة

- ‌القراءة في صلاة الجمعة

- ‌السُّنّة الراتبة لصلاة الجمعة

- ‌فضل يوم الجمعة

- ‌الفصل العاشرصلاة أهل الأعذار

- ‌1) صلاة الخوف

- ‌الصلاة إيماءً وعلى المركوب وفي غير جهة القِبلة

- ‌2) صلاة المسافر

- ‌مسافة القصر

- ‌المسافر يستمر في القصر

- ‌3) صلاة المريض

- ‌الجمعُ بين الصلاتين

- ‌كيفية الجمع بين الصلاتين

الفصل: ‌الركوع وهيئته والذكر فيه

بقيت مسألة هي قيام شخص من المأمومين القريبين من الإمام برفع صوته عالياً في التكبير حتى يُسمع المأمومين البعيدين عن الإمام الذين لا يسمعون تكبيرات الإمام، فهذه العملية جائزة، والدليل عليها ما رُوي عن جابر رضي الله عنه أنه قال «اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يُسمع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا قياماً، فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعوداً، فلما سلم قال: أن كدتم آنفاً لَتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلَّى قائماً فصلوا قياماً وإن صلَّى قاعداً فصلوا قعوداً» رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة. وروى مسلم من طريق جابر رواية أخرى بلفظ «صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه، فإذا كبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبَّر أبو بكر ليُسمعنا، ثم ذكر نحو حديث ليث» فالإمام إن كان مريضاً أو كان ضعيف الصوت جاز لشخص قوي الصوت أن يردِّد خلفه تكبيراته ليُسمع المصلين ولا شئ في ذلك، إلا أنّ هذا موقوف على حالة عدم وجود مكبرات صوت في المسجد، وإلا فإن صوت الإمام إذا نُقل بمكبرات الصوت فإنه يصل إلى جموع المصلين دون حاجة لمن يردد تكبيراته خلفه، ففي هذه الحالة أرى أن ترديد التكبيرات من قبل شخصٍ ثان يصبح مكروهاً، لأنه ربما شوَّش على المصلين دونما حاجة إليه.

‌الركوعُ وهيئته والذّكر فيه

ص: 235

الركوع هو مدُّ الظهر والرأس في موازاة الأرض بالصفة المعلومة، ويكون الرأس في مستوى الظهر دون ارتفاعٍ عنه أو انخفاض، وإذا ركع المصلي باعد يديه عن جنبيه وفرَّج بين أصابعه وقبض براحتيه على ركبتيه، هذا هو الركوع، وهذه هي هيئته المثلى، فعن سالم قال «أتينا أبا مسعود فقلنا له: حدِّثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين أيدينا وكبَّر، فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك، وجافى بمرفقيه حتى استوى كل شئ منه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، فقام حتى استوى كلُّ شئ منه» رواه النَّسائي وابن خُزَيمة. وعن أبي حُميد الساعدي رضي الله عنه قال «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع اعتدل فلم ينصب رأسه ولم يُقْنِعْه، ووضع يديه على ركبتيه» رواه النَّسائي. قوله اعتدل يعني: كان وسطاً بين الارتفاع والانخفاض. وقوله فلم ينصب رأسه ولم يقنعه يعني: لم يرفعْه عن مستوى ظهره ولم يخفضه عنه وإنما جعله في مستواه. وعن أبي بَرزَة الأسلمي رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع لو صُبَّ على ظهره ماءٌ لاستقرَّ» رواه الطبراني. وعن علي رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع لو وُضع قدحٌ من ماء على ظهره لم يُهراق» رواه أحمد. وعن أبي حُميد الساعدي رضي الله عنه قال «أنا أحفظُكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته إذا كبَّر جعل يديه حذوَ منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره

» رواه ابن حِبَّان. قوله هصر ظهره: أي ثناه في استواءٍ مِن غير تقويس. وعنه رضي الله عنه قال «أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن النبي صلى الله عليه وسلم قام فكبَّر ورفع يديه، ثم رفع يديه حين كبَّر للركوع، ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كالقابض عليها، فوَتَرَ يديه فنحَّى بهما عن جنبيه، ولم يصوِّب رأسه ولم يُقْنِعْه

» رواه

ص: 236

ابن حِبَّان. وعن وائل رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع فرَّج أصابعه» رواه ابن خُزَيمة.

والركوع فرض وركن لا تصح الصلاة بدونه، فمن صلى ولم يركع بأنْ ثنى ظهره وقبض بكفَّيه على ركبتيه فلا صلاة له، فعن زيد بن وهب قال «رأى حذيفة رجلاً لا يُتمُّ الركوع والسجود قال: ما صليتَ، ولو مُتَّ مُتَّ على غير الفطرة التي فطر الله محمداً صلى الله عليه وسلم» رواه البخاري. ورواه أحمد باختلاف في الألفاظ.

وقد قال الله عز وجل يخاطب الناس بالصلاة {يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدُوا واعْبُدُوا ربَّكُمْ وافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُوْن} الآية 77 من سورة الحج. ولا يختار سبحانه الركوعَ والسجودَ من دون سائر أفعال الصلاة ليدل عليها بهما إلا لكونهما ركنين من أركانها لا تكون صلاة بدونهما.

ولا يكفي ثنيُ الظهر واستواؤه، بل لا بد من الطمأنينة في ذلك أيضاً، وإنَّ أقلَّ ما تتحقق الطُّمأنينةُ به أن تسكن حركته وهو راكع، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه حديث المسئ صلاته، وجاء فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للمُسئ صلاته «

ثم اركع حتى تطمئن راكعاً

» رواه البخاري وأحمد. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال «سأل رجلٌ النبي صلى الله عليه وسلم عن شئ من أمر الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلِّلْ أصابعَ يديك ورجليك يعني إسباغ الوضوء، وكان فيما قال له: إذا ركعتَ فضع كفيك على ركبتيك حتى تطمئن - وفي رواية حتى تطمئنَّا - وإذا سجدت فأَمْكِنْ جبهَتَك من الأرض حتى تجد حجم الأرض» رواه أحمد والترمذي.

ص: 237

وأُلفتُ النظر إلى أن التطبيق في الركوع كان معمولاً به فترة، ثم نُسخ، والتطبيق هو إلصاقُ راحتي اليدين ببعضهما حالَ الركوع وجعلُهما بين الفخذين، فعن علقمة عن عبد الله - ابن مسعود - قال «علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، فكبَّر ورفع يديه، ثم ركع وطبَّق بين يديه وجعلهما بين ركبتيه، فبلغ سعداً فقال: صدق أخي قد كنا نفعل ذلك ثم أُمِرْنا بهذا، وأخذ بركبتيه» رواه أحمد والنَّسائي وابن أبي شيبة. وعن مصعب بن سعد قال «صليت إلى جنب أبي فطَبَّقْتُ بين كفَّيَّ ثم وضعتهما بين فخذيَّ، فنهاني أبي وقال: كنا نفعله فنُهينا عنه، وأُمرنا أن نضع أيدينا على الرُّكَب» رواه البخاري. ورواه مسلم والنَّسائي والدارمي باختلاف في الألفاظ. ومصعب بن سعد هو ابن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

والسُّنَّةُ في الركوع تعظيم الرَّب عز وجل، لما روى ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «

ألا وإني نُهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظِّموا فيه الرَّبَّ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم» رواه مسلم. ورواه ابن خُزَيمة وأبو داود وأحمد وابن حِبَّان قريباً منه.

ص: 238

وقد وردت في الأحاديث عدة صيغ للذِّكْر في الركوع أشهرها وأَولاها [سبحان ربي العظيم] ثلاثاً، فيُسنُّ الأخذ بها وتقديمها على غيرها من الأذكار، وهذا لا يمنع من قراءة غيرها معها، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال «لما نزلت فسبِّح باسم ربك العظيم، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال: اجعلوها في سجودكم» رواه أحمد وابن ماجة وابن حِبَّان. وروى أبو بَكْرة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبِّح في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى» رواه البزَّار. وعن حُذيفة بن اليمان رضي الله عنه «أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ركع: سبحان ربي العظيم، ثلاث مرات، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى، ثلاث مرات» رواه ابن ماجة وابن حِبَّان وأحمد والنَّسائي والطيالسي. وقد وردت صيغة [سبحان ربي العظيم وبحمده] في روايات ضعيفة، فينبغي أن تُترك ويوقف عند الصيغة الثابتة [سبحان ربي العظيم] وتقال ثلاثاً هكذا [سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم] . وإنما قلت بتقديم هذه الصيغة على غيرها من الأذكار التي سأذكرها بعد قليل لأنها الصيغة الوحيدة التي أمرنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم، في حين أن الأذكار الأخرى قد وردت من أفعاله فحسب، وهذه الصيغ هي:

أ-[سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ ربُّ الملائكةِ والروحِ] .

ب-[سبحان ذي الجَبَروتِ والمَلَكوتِ والكبرياءِ والعَظَمة] .

ج-[اللهم لك ركعتُ وبك آمنتُ ولك أسلمتُ، أنت ربي خشع سمعي وبصري ومخِّي وعظمي وعصَبي وما استقلَّت به قَدَمِي لله رب العالمين] .

وهذه هي أدلتها:

ص: 239

أ- عن عائشة رضي الله عنها قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: سُبُّوح قُدُّوس ربُّ الملائكة والروح» رواه النَّسائي. ورواه أحمد وابن حِبَّان ومسلم وأبو داود بلفظ «يقول في ركوعه وسجوده» . قوله سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ - تُقرآن بضمِّ أولهما وهو الأشهر، وبفتح أولهما وهو الأقل شهرة -: هما صفتان من صفات الله سبحانه.

ب- عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال «قُمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فلما ركع مكث قدر سورة البقرة يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة» رواه النَّسائي. ورواه أبو داود بلفظ «قمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمرُّ بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمرُّ بآية عذاب إلا وقف فتعوَّذ، قال ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم سجد بقدر قيامه ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة» .

ج - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال: اللهم لك ركعتُ وبك آمنتُ ولك أسلمتُ، أنت ربي، خشع سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وما استقَلَّتْ به قدمي لله رب العالمين» رواه أحمد وابن حِبَّان وابن خُزَيمة.

هذه هي الأذكار التي تقال في الركوع، وكما قلت أولاها وأَفضلُها [سبحان ربي العظيم] ثلاثاً، ثم لا مانع من قول أية صيغة أخرى من هذه الصيغ الثلاث عقبها، إذ لا محذور من الجمع بين ذِكرين أو أكثر من هذه الأذكار في الركوع الواحد.

ص: 240

وقد روى مسلم من طريق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» . ورواه البخاري بلفظ «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» فهذه الصيغة من التسبيح والاستغفار لم أُدْرجها ضمنَ الأذكار التي تُقال في الركوع لأن هذه الصيغة جاءت مقيدة في حالة خاصة ولم تأت مطلقة، فلا أرى أن تُقال في الركوع والسجود، فقد روى مسروق عن عائشة رضي الله عنها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل أن يموت: سبحانك وبحمدك أستغفرُك وأتوبُ إليك، قالت قلت: يا رسول الله ما هذه الكلمات التي أراك أَحدثْتَها تقولها؟ قال: جُعلت لي علامةٌ في أُمتي إذا رأيتها قلتها، إذا جاء نصر الله والفتح، إلى آخر السورة» رواه مسلم. فالرسول صلى الله عليه وسلم ما قال هذه الصيغة إلا عندما نزل عليه {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ. ورَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُوْنَ في دِيْنِ اللهِ أَفْوَاجَاً. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ إنَّهُ كَانَ تَوَّابَاً} فامتثل للأمر الإلهي عند ذاك، ولم يكن يقولها قبل ذلك، ولذلك فنحن لا نقولها إلا في حالة حصول فتحٍ كبير كفتح بيت المقدس واستخلاصها من اليهود، أو فتح روما واحتلال إيطاليا مركزِ البابوية، كما بشَّرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو فتح موسكو، أو استعادة الأندلس، وأمثال هذه الفتوحات الكبرى، وإلا فيُقتصر على الصيغ الأربع السابقة.

ص: 241