الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مغادرةُ المسجد عقب الأذان
يحرم على من سمع الأذان وهو في المسجد، أو من دخل المسجد عقب الأذان، أن يخرج منه قبل أن يؤدي الصلاة المفروضة إلا لعذرٍ شرعي كقضاء الحاجة أو الوضوء، وهو ينوي العودة إليه لأداء الصلاة، فعن أبي الشعثاء قال: سمعت أبا هريرة ـ ورأى رجلاً يجتاز المسجد خارجاً بعد الأذان - فقال «أمَّا هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» رواه مسلم والبيهقي. وعن أبي الشعثاء عن أبي هريرة «أنه كان في المسجد، فأذَّن المؤذن فخرج رجل، فقال أبو هريرة: أمَّا هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، أمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعنا النداء أن لا نخرج من المسجد حتى نصلي» رواه أبو داود الطيالسي وأحمد. قال الترمذي (وعلى هذا العملُ عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَن بعدهم أن لا يخرج أحدٌ من المسجد بعد الأذان إلا مِن عذر أن يكون على غير وضوء أو أمر لا بد منه) .
الأذانُ في عصرنا الحديث
تقوم بعض الإذاعات برفع الأذان للصلوات الخمس، فيسمعه الناس من المذياع والتلفاز، فهذا الأذان لا يجوز لأهل مدينة أو قرية أو مُجَمَّعِ إسكانٍ أن يقتصروا عليه فلا يُرفع فيهم الأذان من مساجدهم، فالأذان من المذياع والتلفاز لا يغنيهم عن رفع الأذان، بل لا بد لأهل الأمصار من أن يرفعوا بأنفسهم الأذان، إذ ما دام الأذان فرض كفاية عليهم فلا بد من أن يُؤدُّوه بأنفسهم.
ويقوم الناس بتسجيل أذان بعض المؤذنين، خاصةً مؤذني المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة، فمثل هذا التسجيل لا يجوز أن يوضع في إذاعات المساجد وإسماع الناس الأذان المسجَّل عوضاً عن رفعه مِن قِبَل مؤذن المسجد، ذلك أن رفع الأذان فرض كفاية على أهل المصر، فلا بد لهم من تأدية هذا الفرض، أما إدارةُ آلة التسجيل وإسماعُ الناس الأذان المسجَّل فإنه لا يُسقط عن أهالي المدينة أو القرية الفرض عليهم، فالمسجد الذي يُذاع منه الأذان المسجَّل لا يُعتبر أنَّ أحداً من الأهالي قام بأداء الفرض فيه.
والبُلدان إما أن تتعدد فيها المساجد، وإما أن لا يكون فيها سوى مسجد واحد، فإن كان في المدينة أو القرية مسجدٌ واحد فلا بد شرعاً من أن يَرفع الأذانَ فيه شخصُ المؤذن حيَّاً على الهواء مباشرة، ولا يجوز له ولا لغيره أن يسجِّلوا أَذانهم، ثم يقوموا ببثه بواسطة آلة التسجيل وإذاعة المسجد عند دخول كل وقت من أوقات الصلاة، فهذا لا يُسقط الفرض عنهم.
أمَّا في المدينة أو القرية الكبيرة التي تضمُّ عدداً من المساجد، فإن قيام مؤذنِ مسجدٍ منها برفع الأذان يُعتَبَر قياماً بالفرض من أهل مدينته أو قريته، وفي هذه الحالة لو قامت المساجد الأخرى ببث الأذان المسجَّل فلا بأس، ويكون عملها في هذه الحالة مجرد إعلامِ الناس بدخول وقت الصلاة، ولا يُعتبر فعلُها هذا تأديةً لفرض الأذان، فلا ينال فاعلُه ثوابَ التأذين الذي يناله لو قام هو بنفسه برفع الأذان.
ومثل هذه الحالة الثانية أن تُربَطَ مساجدُ المدينة الواحدة بشبكة إذاعةٍ موحَّدة تقوم ببث الأذان من مؤذن إحداها، فيسمع أهل المدينة الواحدة صوت مؤذن واحد في مسجد واحد فحسب من سمَّاعات المساجد كلها، فهذه الحالة جائزة شرطَ أن يَرفع الأذان مؤذنٌ بشخصه وليس من شريط مسجَّل، أما إن حصلت هذه الحالة بواسطة شريط مسجَّل فإنها لا تفي بالغرض، ويأثم أهل المدينة جميعُهم.