المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصلاة على رسول الله في الصلاة - الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة - جـ ٢

[محمود عبد اللطيف عويضة]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث عشرالتَّيمُّم

- ‌تعريف التيمُّم

- ‌مشروعية التيمُّم

- ‌كيفية التيمُّم

- ‌هل يشترطُ لصحة التيمُّمِ دخولُ الوقت

- ‌وجدانُ الماء بعد فقده

- ‌مسألة

- ‌متى يُشرع التيمُّم

- ‌صلاة فاقد الطَّهُورين

- ‌الجزُء الثَّانيأحْكَام الصَّلاة

- ‌الفصل الأولالصلاةُ: حكمُها ومواقيتُها

- ‌فرضُ الصلاة

- ‌فضلُ الصلاة

- ‌حكمُ الصلاة المكتوبة

- ‌الصلوات المكتوبة ومواقيتها

- ‌1ــ وقت صلاة الظهر:

- ‌2ــ وقت صلاة العصر، وهي الصلاة الوسطى:

- ‌3ــ وقت صلاة المغرب:

- ‌4ــ وقتُ صلاة العشاء:

- ‌5 ــ وقت صلاة الفجر:

- ‌إذا أخَّر الإمام الصلوات عن مواقيتها

- ‌إِدراكُ ركعة من الصلاة في وقتها

- ‌مواقيت الصلاة في الدائرة القطبية

- ‌فضل صلاتي الصبح والعصر

- ‌قضاء الصلاة الفائتة

- ‌النومُ قبل صلاة العشاء والسَّمَرُ بعدها

- ‌الفصل الثانيالمساجدُ وأماكن الصلاة

- ‌فضلُ المساجد

- ‌الذهاب إلى المسجد

- ‌أدب المسجد

- ‌أفضل المساجد

- ‌الصلاةُ على غير الأرض

- ‌الصلاة على الكرسي

- ‌المواضع التي لا تجوز الصلاة فيها

- ‌المواضعُ التي تُكره فيها الصلاة

- ‌حُرمةُ اتخاذ القبور مساجد

- ‌تحويلُ معابد الكفار ومقابرهم إلى مساجد

- ‌الفصل الثالثالأذان: حكمُها وألفاظُه

- ‌فرضُ الأذان وألفاظُه

- ‌فضلُ الأذان

- ‌حكمُ الأذان

- ‌أحوال المؤذن

- ‌ما يقال عند التأذين وعقب الفراغ منه

- ‌مغادرةُ المسجد عقب الأذان

- ‌الأذانُ في عصرنا الحديث

- ‌الإقامةُ: حكمُها وألفاظها

- ‌الفصلُ الرابعأحوالُ المصلي

- ‌الطهارةُ للصلاة

- ‌سَترُ العَورة

- ‌الثوبُ في الصلاة

- ‌الصلاةُ بالأحذية

- ‌الصلاةُ على الدَّابَّة وكل مركوب

- ‌حكمُ النجاسة في الصلاة

- ‌الفصلُ الخامسالقِبْلةُ والسُّتْرة

- ‌استقبال القِبلة في الصلاة

- ‌التَّوجُّهُ إلى جهة الكعبة وليس إلى عينها

- ‌السُّترةُ للمصلي

- ‌سُترةُ الإِمام

- ‌دفعُ المارّ عند اتخاذ السُّترة

- ‌ما يقطعُ الصلاةَ بمروره

- ‌الصلاةُ إلى نائم أو بهيمة

- ‌الفصلُ السادسصفةُ الصلاة

- ‌حكمُ تكبيرة الإحرام

- ‌رفعُ اليدين في الصلاة

- ‌إقامةُ الصفوف أو تسويتُها

- ‌اصطفافُ النّساء خلف الرّجال

- ‌وضعُ اليدين في الصلاة

- ‌النظرُ في الصلاة

- ‌الجهرُ في الصلاة الجهرية

- ‌دعاءُ الاستفتاح

- ‌التّعوُّذُ في الصلاة

- ‌البسملةُ في الصلاة

- ‌قراءةُ الفاتحة في الصلاة

- ‌صلاةُ مَن لا يُحسن قراءة الفاتحة

- ‌التأمينُ في الصلاة

- ‌قراءة القرآن في الصلوات الخمس

- ‌التكبيرُ في الصلاة

- ‌الركوعُ وهيئته والذّكر فيه

- ‌الرفعُ من الركوع والذّكر فيه

- ‌السجودُ وهيئته والذّكر فيه

- ‌الجلسةُ بين السجدتين

- ‌جلسةُ الاستراحة

- ‌التشهُّدُ وهيئةُ الجلوس له

- ‌الصلاةُ على رسول الله في الصلاة

- ‌الدعاءُ والتَعوُّذ في آخر الصلاة

- ‌التسليمُ في الصلاة

- ‌كيفيةُ سجود السَّهو

- ‌العملُ عند حصول الشك في عدد الركعات

- ‌1ــ القُنُوتُ في الصلاة

- ‌2ــ الخشوعُ في الصلاة

- ‌العمل القليل في الصلاة

- ‌1) المشي لحاجةٍ تَعْرِضُ للمصلي:

- ‌2) الإِشارةُ باليدين وتحريكهما:

- ‌3) قتلُ الحية والعقرب:

- ‌4) حمل الطفل:

- ‌5) الالتفات:

- ‌8) التبسُّم:

- ‌9) البُصاق والتَّنَخُّم:

- ‌10) إصلاح الثوب:

- ‌11) حملُ المصحف:

- ‌12) الفصل بين المتخاصمين:

- ‌الأفعالُ والحالات المنهيُّ عنها في الصلاة

- ‌أ. الأفعال المكروهة في الصلاة

- ‌ب. الحالات التي تُكره فيها الصلاة

- ‌ج. الأفعال المُحرَّمة في الصلاة

- ‌الفصل الثامنما يُفعل ويُقال عقب الصلاة

- ‌أولاًـ ما يُفعَل عَقِبَ الصلاةُ

- ‌أ. الجلوسُ فترةً عَقِبَ الصلاة

- ‌ب. الانصرافُ عن اليمين والشمال

- ‌ج. الفصلُ بين الصلاة المكتوبة وصلاة التَّطوُّع

- ‌ثانياً ــ ما يُقالُ عَقِبَ الصلاة من أذكار

- ‌أـ الاستغفار

- ‌ب ــ الاستعاذةُ

- ‌ج ــ التسبيحُ والتحميدُ والتكبيرُ والتهليلُ

- ‌د ــ تلاوةُ آيات من القرآن

- ‌هـ ــ الدُّعاءُ

- ‌الفصل التاسعصلوات مفروضة عدا الصلوات الخمس

- ‌1. صلاة العيدينحكمها ووقتها

- ‌صفة صلاة العيدين

- ‌التكبير في العيدين

- ‌سُنَنُ العيدين الأخرى

- ‌ حكم الصلاة على شهيد المعركة مع الكفار

- ‌الصلاة على الأموات المسلمين

- ‌الصلاة على الغائب

- ‌فضلُ الصلاة على الجنازة واتباعها

- ‌الصلاة على الميت في المسجد

- ‌موقفُ الإمام من الرجل ومن المرأة

- ‌استحبابُ كثرةِ المصلين وكثرةِ الصفوف

- ‌صفةُ صلاة الجنازة

- ‌الدعاء للميت

- ‌لا بدَّ لصلاة الجنازة من طهارة كاملة

- ‌3. صلاةُ الجُمُعَة

- ‌على من تجب الجمعة

- ‌وقت صلاة الجمعة

- ‌النداء لصلاة الجمعة

- ‌العدد الذي تجب فيه الجمعة

- ‌إدراك ركعة من الجمعة لا بد منه لإدراك الجمعة

- ‌التبكير في الحضور

- ‌سُنن الجمعة

- ‌خطبة الجمعة

- ‌القراءة في صلاة الجمعة

- ‌السُّنّة الراتبة لصلاة الجمعة

- ‌فضل يوم الجمعة

- ‌الفصل العاشرصلاة أهل الأعذار

- ‌1) صلاة الخوف

- ‌الصلاة إيماءً وعلى المركوب وفي غير جهة القِبلة

- ‌2) صلاة المسافر

- ‌مسافة القصر

- ‌المسافر يستمر في القصر

- ‌3) صلاة المريض

- ‌الجمعُ بين الصلاتين

- ‌كيفية الجمع بين الصلاتين

الفصل: ‌الصلاة على رسول الله في الصلاة

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال «أوصاني خليلي بثلاث ونهاني عن ثلاث: أوصاني بالوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، قال: ونهاني عن الالتفات، وإقعاءٍ كإقعاء القِرد، ونَقْرٍ كنقر الديك» رواه أحمد. ووقع في رواية أُخرى له «

ونهاني عن نَقْرةٍ كنَقْرةِ الديك، وإِقعاءٍ كاقعاءِ الكلب، والتفاتٍ كالتفات الثعلب» .

والسنة في التشهد - الأول والأخير - أن يكون بالإسرار وعدم الجهر، سواء في الصلاة السرية أو الصلاة الجهرية، للإمام وللمأموم وللمنفرد، فقد روى ابن خُزَيمة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال «مِن السُّنة أن تُخْفِيَ التَّشهُّدَ» . ورواه أبو داود بلفظ «من السُّنة أن يَخْفَى التَّشهُّدُ» . والمعنى واحد.

ويسن في التشهد أن لا يجاوز البصر الفخذين والسَّبَّابة، فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسَّبَّابة ولم يجاوز بصرُهُ إشارتَه» رواه أحمد. ورواه النَّسائي بلفظ فيه اختلاف، وجاء فيه «وأشار بالسَّبَّابة لا يجاوز بصرُهُ إشارتَه» . ورواه ابن خُزَيمة.

‌الصلاةُ على رسول الله في الصلاة

ص: 283

يندب للمسلم أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته، فعن أبي مسعود عقبة بن عامر رضي الله عنه قال «أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقال: يا رسول الله، أمَّا السلام فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلَّى الله عليك؟ قال فصَمَتَ حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله، ثم قال: إذا أنتم صليتم عليَّ فقولوا: اللهم صلِّ على محمد النبي الأُمي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأُمي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» رواه ابن خُزَيمة. ورواه أحمد والحاكم قريباً منه. قوله أما السلام فقد عرفناه: يعني ما جاء في التشهد من القول (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) . أما قوله (كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا) فإنه يدل على مشروعية الصلاة هذه في الصلاة، دون تقييدها بموضع من مواضع الصلاة، إذ ليس في النصوص نص واحد صحيح أو حسنٌ يدل على تحديد مكانٍ أو موضعٍ في الصلاة للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 284

أما ما رواه البيهقي والحاكم من طريق ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «إذا تشهَّد أحدكم في الصلاة فليقل: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، وارحم محمداً وآل محمد، كما صليت وباركت وترحَّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» . فهو وإن حوى تحديداً لموضعِ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك إنما هو عقب التشهد، إلا أن هذا الحديث في إسناده مجهول - رجلٌ من بني الحارث - فهو إذن حديث ضعيف لا يُعتدُّ به. وأما ما رواه الحاكم من قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «يتشهد الرجل ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو لنفسه» . فإنه وإن حوى أيضاً تحديداً لمكان الصلاة الإبراهيمية في الصلاة إلا أنه قول صحابي، وقول الصحابي ليس دليلاً على الأحكام الشرعية، وإنما هو حكم شرعي اجتهادي يجوز تقليده. وإذن فإنه ليس بين أيدينا نصٌّ واحد معتبرٌ يحدد موضع الصلاة الإبراهيمية في الصلاة. أما ما درج عليه المسلمون من قول هذه الصلاة عقب التشهد الأخير، وأنَّ كلمتهم قد اتفقت على ذلك، فإنه أمرٌ نُقل إلينا عملياً جيلاً عن جيلٍ، فكان ذلك متواتراً.

ص: 285

وليست للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم صيغة معينة يجب الالتزام بها، ذلك أنه رُويت عدة صيغ لهذه الصلاة من عدة طرق صحيحة وحسنة، كل صيغة منها تُجزئ وتكفي، فقد وردت عدة صيغ منسوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من طرقٍ عدَّةٍ عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وردت عدة صيغ من طريق الصحابي الواحد من هؤلاء، فقد رويت من طريق كعب بن عُجرة رضي الله عنه أكثر من ثلاث صيغ، ومثل ذلك من طريق أبي حُمَيد الساعدي رضي الله عنه، وأكثر من ذلك من طريق أبي مسعود الأنصاري عقبة بن عامر رضي الله عنه، وكل هذه الطرق صحيحة وحسنة صالحة للاستدلال. فالمسلم بالخيار بين أيٍّ من هذه الصيغ. والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «مَن سَرَّه أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صلِّ على محمد النبي وأزواجِه أُمهاتِ المؤمنين وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه أبو داود. فقوله «من سرَّه أن يكتال بالمكيال الأوفى» هو دليل على وجود تفاوت بين الصيغ، ولولا ذلك، أو لولا أن الصلاة هذه تُؤدَّى بعدة صيغ لما كان هذا القول. وجميع هذه الصيغِ مرويةٌ ومنسوبةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يجعلنا نطمئن إلى مشروعية تعدد الصيغ، وهذا لا يمنع من الأخذ بأقوى هذه الصيغ من حيث الإسناد. وإن أقوى هذه الصيغ من حيث الإسناد هي بلا شك ما اتفق على روايتها الشيخان البخاري ومسلم، وقد اتفق الشيخان على صيغتين من هذه الصيغ العديدة هما:

أ-[اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد] .

ص: 286

ب-[اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد] .

فالأَولى اختيار واحدة من هاتين الصيغتين.

أما الصيغة الأولى فقد رُويت عن كعب بن عُجرة رضي الله عنه أنه قال «سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهلَ البيت، فإن الله قد علَّمنا كيف نسلِّم عليكم؟ قال قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» رواه البخاري ومسلم. ورواه أحمد بذكر «آل إبراهيم» في الموضعين فحسب، ولم يذكر فيهما إبراهيم.

وأما الصيغة الثانية فقد رُويت عن أبي حُمَيد الساعدي رضي الله عنه أنه قال «إنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» رواه البخاري ومسلم ومالك والنَّسائي وأبو داود.

وهذه جملة من الصيغ المأثورة الأخرى:

ص: 287

1-

[اللهم صلِّ على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد] وقد وردت في حديث رواه ابن خُزَيمة من طريق أبي مسعود عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال «أقبل رجلٌ حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقال: يا رسول الله، أمَّا السلامُ فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟ قال فصَمَتَ حتى أحببنا أنَّ الرجل لم يسأله، ثم قال: إذا أنتم صليتم عليَّ فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأُمي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» . وقد مرَّ قبل قليل. ورواه الحاكم وأحمد قريباً منه.

2-

[اللهم صلِّ على محمد عبدِك ورسولِك، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم] وقد وردت في حديث رواه أحمد من طريق أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال «قلنا يا رسول الله، هذا السلام عليك قد علمناه فكيف الصلاة عليك؟ فقال قولوا: اللهم صلِّ على محمد عبدِك ورسولِك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم» .

3-

[اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد] وقد وردت في حديث رواه أحمد من طريق طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال «قلت: يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال قل: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد» .

وإليكم أشملَ وأطولَ صيغةٍ من صيغ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 288

4-

[اللهم صلِّ على محمد وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه وذريته كما باركتَ على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد] وقد وردت هذه الصيغة فيما رواه أحمد من طريق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول «اللهم صلِّ على محمد وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» . وجهالة الصحابي لا تضرُّ لأنهم جميعاً عدول، قال الهيثمي (رجال أحمد رجال الصحيح) .

هذه ستُّ صيغ أقواها إسناداً الصيغتان الأُوليان، وأشملها الصيغة الأخيرة، فمن اختار صيغةً من هذه الصيغ وأخذ بها كفته وأجزأته، فالأمر في ذلك موسَّع.

قد درج على ألسِنة المسلمين اليوم قولهم (في العالمين) قبل (إنك حميد مجيد) أي بزيادة (في العالمين) ، وقد وردت هذه اللفظة فيما رواه أحمد والنَّسائي وأبو داود، وفيما رواه مسلم من طريق أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، ولفظه «

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين، إنك حميد مجيد

» . وهي صيغة سابعة تُضمُّ إلى سابقاتها. كما وردت هذه اللفظة في حديث رواه الدارمي من طريق أبي مسعود، وفي حديث رواه ابن ماجة من طريق أبي حميد الساعدي.

ص: 289

أما ما درج عليه كثيرون من قول (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد

وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد

) بزيادة (سيدنا) ، فإن هذا لا أصلَ له مُعْتَبراً، إذ هو لم يُنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أية رواية صحيحة أو حسنة، لهذا فإني أنصح بتركها والاقتصار على المأثور لأنه أفضل، فإن أبوا إلا الاستمرار على قولها فلا بأس، لأن الأمر موسَّع كما أسلفت. وقد أضاف هذه الزيادة عدد من الفقهاء بدعوى أن ذلك من حُسن التأدُّب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جانبهم الصواب فيما قالوا، ذلك أن التأدب معه يكون بطاعته فيما شرعه لنا والاقتصار عليه.

قلت في بدء البحث إن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مندوبة، ولم أَقُلْ بوجوبها كما قال عدد من الفقهاء، ذلك أن ورود الأمر بها فحسب لا يكفي لإيجابها، لأن الأمر بالشئ لا يفيد الوجوب إلا بقرينة كما قال بذلك عدد من الأصوليين، وهو الصحيح، فالأمر يفيد مجرد الطلب، والقرينة هي التي تجعله يفيد الوجوب أو الندب أو الإباحة، وهنا لا توجد قرينة تصرف هذا الأمر إلى الوجوب، وإنما القرينة الموجودة تصرفه إلى الندب، وإليكم البيان:

أ- حديث الدارمي من طريق علقمة أن عبد الله رضي الله عنه أخذ بيده «وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله، فعلَّمه التشهد في الصلاة: التحياتُ لله

الصالحين، قال زهير: أراه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أيضاً - شك في هاتين الكلمتين - إذا فعلت هذا أو قضيتَ فقد قضيتَ صلاتك إن شئتَ أن تقوم فقم، وإن شئتَ أن تقعد فاقعد» . وقد مرَّ في بحث [التَّشهُّد وهيئة الجلوس له] فلو كانت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفروضة واجبة لما جاز هذا القول «إذا فعلت هذا أو قضيت فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم» عقب التشهد. والحديث واضح الدلالة تماماً.

ص: 290

ب- حديث ابن ماجة من طريق أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل «ما تقول في الصلاة؟ قال: أتشهَّد ثم أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، أمَا والله ما أُحْسِنُ دندنتَك ولا دندنة معاذ، فقال: حولها ندندن» . فهذا رجل يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يقول في الصلاة فيجيبه «أتشهد ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار» وليس في جوابه إشارة إلى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فلم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم قراءته، والسكوت منه صلى الله عليه وسلم في معرض الحاجة بيان وتشريع، فلو كانت الصلاة عليه واجبة لوجب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبيِّنَها لهذا الرجل، فلما لم يفعل فقد دل ذلك على عدم وجوب هذه الصلاة.

ص: 291

ج - حديث أبي داود من طريق أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخِر فليتعوَّذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شرِّ المسيح الدجال» . فلو كانت الصلاة المخصوصة مفروضةً لقال عليه الصلاة والسلام مثلاً (إذا فرغ أحدكم من الصلاة عليَّ فلْيتعوذ بالله من أربع) ، فلما لم يذكرها، ولما جعل الدعاء عقب التشهد، فقد دل على أن هذه الصلاة ليست من المفروضات على المسلمين. ومثل هذا الحديث في الدلالة ما رواه ابن ماجة من طريق جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا التشهد كما يعلِّمنا السورة من القرآن: بسم الله وبالله، التحياتُ لله والصلواتُ والطيباتُ له، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار» . - وقد أشرت إلى هذا الحديث في بحث [التشهد وهيئة الجلوس له]- فقد جعل الدعاء يعقُبُ التشهد مباشرة دون فاصل من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

د - الحديث المار وفيه الطلب من المسلمين أن يُصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة - وهو الحديث الذي رواه ابن خُزَيمة والحاكم وأحمد - إن كَوْنَ هذا الطلب قد جاء بفعلٍ فيه قُربة إلى الله سبحانه، وإن كَوْنَ هذه القُربة قد ثبت بالقرائن أنها ليست مفروضة، فلم يبق إلا أن تكون مندوبةً ومستحبَّةً.

أما ما رُوي عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أنه قال «لو صليت صلاة لا أُصلي فيها على محمد وعلى آل محمد ما رأيت أنها تتم» فقد رواه البيهقي وقال (تفرَّد به جابر الجُعفي وهو ضعيف) . وكذَّبه أبو حنيفة وغيره، فالحديث لا يصلح للاستدلال، إضافة إلى أنه قولُ صحابي، وقول الصحابي ليس دليلاً شرعياً.

ص: 292