الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هناك أفعال وردت في النصوص، نهى عنها الشرع في الصلاة، منها ما كان النهي عنها نهياً غير جازم، وهي الأفعال المكروهة في الصلاة، ومنها ما كان النهي عنها نهياً جازماً، وهي الأفعال المحرَّمة في الصلاة، كما أنَّ هناك حالاتٍ وردت في النصوص، نهى الشرع فيها عن أداء الصلاة نهياً غير جازم، وهي الحالات التي تُكره فيها الصلاةُ. فأذكر الأفعال المكروهة أولاً، ثم أذكر الحالات التي تُكره فيها الصلاةُ، ثم أذكر الأفعال المحرَّمة، بشئ من التفصيل.
أ. الأفعال المكروهة في الصلاة
مرَّ معنا في أبحاثنا الماضية عدد من الأفعال المكروهة، ونحن نشير إليها هنا دون إعادة بحث، ثم نتحدث عن الأفعال المكروهة المتبقية قاصدين جمع جميع الأفعال المكروهة في موضع واحدٍ تيسيراً لدراستها والإحاطة بها.
أما الأفعال المكروهة التي سبق بحثها فهي:
1-
التَّخصُّر: أي وضع اليدين على الخاصرتين. انظر بحث [وضع اليدين في الصلاة] فصل [صفة الصلاة] .
2-
اشتمال الصَّمَّاء: أي أن يجلِّل المصلي بدنَه بثوب بحيث لا يرفع منه جانباً، ولا يُبقي منه ما يُخرج يديه منه. انظر بحث [الثوب في الصلاة] فصل [أحوال المُصلي] .
3-
التَّلثُّم: أي تغطية الفم بثوبٍ وشبهِه. انظر بحث [الثوب في الصلاة] فصل [أحوال المصلي] .
4-
الاعتماد على اليدين: أُنظر بحث [التشهُّد وهيئة الجلوس له] فصل [صفة الصلاة] .
5 -
كفُّ الثوب: أي لملمته وجمع أطرافه باليدين للحيلولة دون سقوطه على الأرض عند السجود. انظر بحث [الثوب في الصلاة] فصل [أحوال المصلي] .
6-
كفُّ الشَّعَر الطويل: أي جعله ضفائر وعقصه وربطه، للحيلولة دون سقوطه على الأرض عند السجود. انظر بحث [الثوب في الصلاة] فصل [أحوال المصلي] . وأُضيف إلى ما سبق إيراده من أدلة ما رواه أبو سعيد المقبري «أنه رأى أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بحسن بن علي، وحسن يصلي قد غرز ضَفْريه في قفاه، فحلَّهُما أبو رافع، فالتفت حسن إليه مُغْضَباً، فقال أبو رافع: أَقْبِل على صلاتك ولا تغضب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذاك كِفْلُ الشيطان، يقول مقعد الشيطان - يعني مغرز ضَفْريه» رواه ابن خُزَيمة وأبو داود والترمذي وابن حِبَّان. قوله ضَفريه: أي عقيصتيه، والضَّفْر والعقيصة هما الشَّعر المنسوج أو المجدول. وما رواه كُرَيب مولى ابن عباس «أن عبد الله بن عباس رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسُه معقوصٌ مِن ورائه، فقام وراءه فجعل يحله، وأقرَّ له الآخَر، فلمَّا انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال: ما لك ولرأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف» رواه أبو داود ومسلم وأحمد والنَّسائي وابن حِبَّان.
ونعرض الآن للأفعال المكروهة المتبقية:
7-
التشبيك بين الأصابع: يُكره للمصلي أن يشبِّكَ بين أصابعه في الصلاة من حين خروجه من بيته إلى أن يفرغ من صلاته، فيُكره له أن يشبِّك بين أصابعه وهو ذاهب إلى المسجد، وكذلك وهو ماكثٌ فيه، سواء كان يصلي أو ينتظر الصلاة، وطبعاً وهو يصلي كذلك، ففي هذه الأحوال الثلاث يكره التشبيك بين الأصابع، فعن أبي أُمامة الخياط «أن كعب بن عُجْرَة أدركه وهو يريد المسجد قال: فوجدني وأنا مشبِّك يديَّ إحداهما بالأخرى، قال: ففتق يديَّ ونهاني عن ذلك وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم فأحْسَنَ وضوءَه، ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبِّكنَّ يده فإنه في صلاة» رواه ابن حِبَّان. وروى أحمد وابن خُزَيمة الجزء الأخير منه، إلا أنهما ذكرا اسم أبي ثمامة. وعن أبي هريرة أنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم «إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل هكذا، وشبَّك بين أصابعه» رواه الحاكم وابن خُزَيمة. وقد مرَّ في بحث [أدب المسجد] فصل [المساجد وأماكن الصلاة] فهذان دليلان على كراهية التشبيك في أثناء الذهاب إلى المسجد.
وعن كعب بن عُجْرَة رضي الله عنه قال «دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شبَّكت بين أصابعي فقال لي: يا كعب إذا كنت في المسجد فلا تُشبِّك بين أصابعك، فأنت في صلاةٍ ما انتظرتَ الصلاة» رواه أحمد وأبو داود. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا كان أحدكم في المسجد فلا يُشَبِّكنَّ، فإن التَّشبيك من الشيطان، وإنَّ أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه» رواه أحمد. وقد مرَّ هذا الحديث والذي قبله في بحث [أدب المسجد] فصل [المساجد وأماكن الصلاة] . فهذان دليلان على كراهية التشبيك في أثناء المُكث في المسجد.
وروى ابن ماجة من طريق كعب بن عُجْرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد شبَّك أصابعه في الصلاة، ففرَّج بين أصابعه» . فهذا دليلٌ على كراهية التشبيك في أثناء الصلاة، إضافةً إلى ما ورد في النصوص السابقة التي تقول إن مَن «أتى المسجد كان في صلاة» ، «إنَّ أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد» ، «إذا كنت في المسجد فلا تشبِّك بين أصابعك، فأنت في صلاة ما انتظرت الصلاة» .
8-
مسح موضع السجود أكثرَ من مرة: وذلك أن المسلم إذا صلى في مكان فيه تراب خشنٌ أو حصى أو ما يشبه ذلك وأراد السجود، أُبيح له أن يمسح بيده موضع جبهته مرة واحدة فحسب، وكُره له أن يزيد عن واحدة، فعن مُعيقيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تمسح وأنت تصلي، فإن كنت فاعلاً فواحدة، تسويةَ الحصا» رواه أبو داود. ورواه أحمد والترمذي وابن خُزَيمة وابن حِبَّان. ورواه مسلم بلفظ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يُسوِّي التراب حيث يسجد قال: إن كنت فاعلاً فواحدة» . ولمسلم رواية أخرى بلفظ «ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المسح في المسجد - يعني الحصى - قال: إن كنت فاعلاً فواحدة» . وقد مرَّت هذه الروايات كلها في بحث [العمل القليل] المار قبل قليل.