الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذاً بالقاعدة التي اعتمدناها في فصل [صلاة التطوع] فإنَّا نقول إن لصلاة الجمعة سنة مؤكدة راتبة بعدية هي ركعتان اثنتان فحسب، وإن لها ركعتين أُخريين بعديتين ملحقتين بالسنة المؤكدة الراتبة، فيُسنُّ الإتيان بركعتين اثنتين عقب صلاة الجمعة، وإن أتى بأربع ركعات كان ذلك أفضل. والأفضل أن تُؤدَّى السُّنَّة البعدية في البيت، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين» رواه البخاري. ورواه مسلم ولفظه «كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته» . وعنه رضي الله عنه «أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك» رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي والترمذي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعاً - وفي رواية - فإن عجل بك شئ فصلِّ ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت» رواه مسلم وأحمد. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا صلى أحدكم الجمعة فلْيُصلِّ بعدها أربعاً» رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي والترمذي.
فضل يوم الجمعة
يوم الجمعة أفضل الأيام على الإطلاق، فهو أفضل من يوم الفطر ومن يوم الأضحى ومن يوم عرفة، فالأحاديث التي جعلت يوم عرفة أفضل الأيام هي أدنى مرتبة من أحاديث تفضيل الجمعة على سائر الأيام. ففي يوم الجمعة خلق الله آدم عليه السلام، وفيه أدخله الله الجنة، وفيه أخرجه منها، وفيه توفَّاه الله سبحانه، وفي يوم الجمعة ساعة يُستجاب فيها الدعاء، وفيه تقوم القيامة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس يومُ الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة» رواه مسلم وأحمد والترمذي. وعن أبي لبابة البدري بن عبد المنذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «سيد الأيام يوم الجمعة وأعظمها عند الله تعالى، وأعظم عند الله عز وجل من يوم الفطر ويوم الأضحى، وفيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفَّى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل العبدُ فيها شيئاً إلا آتاه الله تبارك وتعالى إياه ما لم يسأل حراماً، وفيه تقوم الساعة، ما من ملَكٍ مقرَّب ولا سماءٍ ولا أرضٍ ولا رياحٍ ولا جبالٍ ولا بحرٍ إلا هن يُشفقن من يوم الجمعة» رواه أحمد. ورواه ابن ماجة والبزَّار والطبراني باختلاف في اللفظ.
أما الساعة التي يستجاب فيها الدعاء في يوم الجمعة فهي واقعةٌ ما بين صلاة العصر وغروب الشمس على الرأي الأصحِّ، فلْيجتهد المسلمون في الدعاء في هذه الساعة، وليثقوا باستجابة الله سبحانه لدعائهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: فيه ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائم يصلي، يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه، وأشار بيده يُقلِّلها» رواه البخاري ومسلم وأحمد والنَّسائي ومالك. قوله يقللها: أي أنها ساعة قصيرة. وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم يسأل الله عز وجل فيها إلا أعطاه إياه وهي بعد العصر» رواه أحمد والبزَّار. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «يوم الجمعة ثِنتا عشرة، يريد ساعة، لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئاً إلا آتاه الله عز وجل، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر» رواه أبو داود والنَّسائي والحاكم.
وقد أشكلت على الناس العبارة التي تقول «لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائم يصلي» ، وذلك لأن آخر ساعة من النهار وبعد صلاة العصر لا صلاة فيها، فكيف يقال «وهو قائم يصلي» ؟ والجواب على هذا الإشكال هو أن من جلس بعد الصلاة، أو جلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة، فعن أبي سلمة «قلت لعبد الله بن سلام: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في صلاة وليست بساعة صلاة، قال: أَوَ لم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منتظر الصلاة في صلاة؟ قلت: بلى هي والله هي» رواه أحمد وابن خُزَيمة والحاكم. وعن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سلام قال «قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس: إنا نجد في كتاب الله في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو في الصلاة فيسأل الله عز وجل شيئاً إلا أعطاه ما سأله، فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بعض ساعة، قال فقلت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو النضر قال أبو سلمة: سألته: أية ساعة هي؟ قال: آخر ساعات النهار، فقلت: إنها ليست بساعة صلاة، فقال: بلى إنَّ العبد المسلم في صلاة إذا صلى ثم قعد في مصلاه لا يحبسه إلا انتظار الصلاة» رواه أحمد وابن ماجة.