الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذن فإن الوليد هذا كثير الخطأ، ويدلِّس، ويروي أحاديث باطلة، واختلطت عليه الأحاديث، ويروي عن كذابين ويخفيهم من السند، الخ، فهل يصح لنا بعد كل هذا التجريح من كبار علماء الحديث أن نقبل بروايته التي انفرد بها وتتضمن معجزات وخوارق؟ ثم نقوم بالبناء عليها فنستنبط حكم التقدير ونقول به؟
لهذه الأسباب الخمسة نقرر مطمئنين أن هذا الحديث لا يصلح للاستدلال على مسألتنا، فيبقى الحكم العام وهو المواقيت المعلومة الثابتة، يجب القول بها بخصوصنا وبخصوص سكان أية بقعة من بقاع الأرض، لأن هذه المواقيت كما أسلفنا لم تنسخ ولم يقع فيها استثناء.
فضل صلاتي الصبح والعصر
قلنا في بحث [وقت صلاة العصر] إن الله سبحانه قد خص صلاة العصر بمزيد ذكرٍ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خص صلاة العصر بمزيد ذكرٍ وتفضيل، ونقول هنا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر لصلاتي الصبح والعصر فضلاً مشتركاً زائداً على فضل سائر الصلوات، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون» رواه مسلم. ورواه أحمد والبخاري والنَّسائي وابن خُزَيمة باختلاف في الألفاظ.
قضاء الصلاة الفائتة
إذا خرجت الصلاة عن وقتها اعتُبرت فائتة، والفائتة قد تكون لنسيانٍ أو لنومٍ، وقد تكون لتقصيرٍ متعمَّد، فإن كانت الصلاة قد فاتت لنوم أو لنسيان، فيجب أداؤها على النحو التالي:
1-
تُؤدَّى صلاة النوم والنسيان وقت الاستيقاظ مباشرة ووقت تذكُّرِها، لأن ذلك هو وقتها لا يحل تأخيرها عنه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فلْيصلِّها إذا ذكرها فإن الله يقول: أَقِم الصلاة لذكري» رواه مسلم وأحمد.
2-
إذا أراد المسلم أداء صلاة منسيَّة فائتة لتشاغلٍ أو نوم في وقت صلاة مكتوبة لم يُصلِّها بعدُ، قدَّم الصلاة الفائتة، ثم صلى المكتوبة، فقد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه «أن عمر بن الخطاب يوم الخندق جعل يسب كفار قريش وقال: يا رسول الله ما كدتُ أن أُصلي العصر حتى كادت أن تغرب الشمس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فوالله إن صليتُها، فنزلنا إلى بُطْحان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب» رواه مسلم. وهذه الصلاة الفائتة لنوم أو نسيان وتشاغل إن أُدِّيت على النحو السابق لم يلحق صاحبها إثم، لأن صاحبها بأدائه لها يكون قد كفَّر عن صلاته الفائتة هذه، فقد روى أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال «مَن نسي صلاةً فلْيُصَلِّها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك - قال قتادة {وأقِم الصَّلاةَ لِذِكْرِي} » رواه مسلم والبخاري وأحمد.
أمَّا من فاتته صلاةٌ بتقصيرٍ متعمَّد دون عذر شرعي، فإنه يأثم إثماً عظيماً ويحتاج عند ذلك إلى توبة نصوحٍ من ذنبه الكبير هذا، وهذه الصلاة الفائتة لا كفارة لها، لأن الكفارة لا تكون إلا لفوات صلاة بسبب شرعي كنوم أو نسيان وغفلة لا غير، وإذا قضى هذا المقصِّر صلاته الفائتة، فإن الإثم الذي لحقه لا يسقط عنه، وأرجو أن ينتفع من القضاء هذا، وأن يكون ذلك دالاً على صدق توبته.
وإذا كان قضاء المسلم لصلواته الفائتة في حالة الترك المتعمد لا يُسقط الإثم عنه، فأحرى بقضاء غيره عنه في حالة وفاته وعليه صلواتٌ متروكة أن لا يُسقط الإثم عنه، فالصلاة المقبولة تكون من صاحبها وتكون في وقتها، قال تعالى {إنَّ الصَّلاةَ كانَتْ على المؤْمِنِيْنَ كِتَابَاً مَوْقُوْتَاً} الآية 103 من سورة النساء. ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر بأن يقضي المسلم صلاة فائتة عن غيره المسلم، أو أن أحداً قضى عن مسلمٍ صلاةً فائتة وأقرَّه الرسول صلى الله عليه وسلم على فعله، والعبادات توقيفية لا يصح فيها القياس إلا إذا وُجدت العلة الظاهرة في النص.
أما عن كيفية صلاة الفائتة فكما يلي: من صلى الفائتة صلاها على حالها وعلى هيئتها كما لو كانت غير فائتة وفي وقتها، فيصليها كما هي من حيث الجهر والإسرار والإقامة والجماعة، فلو فاتته صلاة الصبح وصلاها في النهار عقِبَ طلوع الشمس، شُرع له أن يقيم ويصليها جهرية ويصليها في جماعة، وإن فاتته صلاة العصر وذكرها في الليل صلاها بإقامةٍ صلاةً سِرِّية، وصلاها في جماعة، فعن أبي قتادة رضي الله عنه في قصة نومهم عن صلاة الفجر قال «
…
ثم أذَّن بلالٌ بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم» رواه مسلم. والمقصود بالركعتين ركعتا السُّنَّة لصلاة الفجر، والمقصود بالغداة صلاة الفجر.