الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنقول ما يلي: إن هذا الحديث مداره على هشام - بن حسان - الذي رواه عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر. وبالرجوع إلى صحيح ابن خزيمة نجد لهذا الحديث عدة طرق عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر وجميع هذه الطرق باستثناء طريق هشام بن حسان تذكر لفظة (يقطع الصلاة) وهي اللفظة نفسها التي وردت في رواية مسلم المارة قبل قليل، ومن الرواة الذين رووا هذا الحديث بلفظة (يقطع الصلاة) عن حميد بن هلال أحمد بن منيع وسهل بن أسلم وسالم بن الزناد، فهولاء الثلاثة وآخرون غيرهم قد رووا عن حميد بن هلال لفظة (يقطع الصلاة) ولم يَروِ لفظة (تعاد الصلاة) إلا هشام بن حسان عن حميد بن هلال، ولا شك في أننا مضطرون لأخذ رواية الكثيرين المعتضدة برواية مسلم القائلة بالقطع، ورد روايةٍ غريبةٍ انفرد بها هشام بن حسان تقول بالإعادة، لأن الروايات كلها إنما هي رواية واحدة تذكر واقعة واحدة ولا بد ولا مندوحة عن ترجيح إحدى الروايات على غيرها. وبالترجيح نعتمد رواية مسلم والكثيرين من الرواة التي فيها لفظة (يقطع الصلاة) ونرد رواية غريبة من طريق هشام وحده بلفظة (تعاد الصلاة) وبذلك يثبت فهمنا من أن القطع الوارد في الأحاديث يعني إلحاق النقص فحسب. وهذا المعنى هو ما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم من القطع الوارد في الأحاديث، فقد رُوي أن عمر رضي الله عنه قال «لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلَّى إلا إلى شئ يستره من الناس» رواه أبو نعيم. ورُوي أن عبد الله بن مسعود قال «إن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته» رواه ابن أبي شيبة.
الصلاةُ إلى نائم أو بهيمة
يجوز أن يكون في قِبلة المصلي نائمٌ ذكراً كان أو أُنثى، أو دابة، بل يجوز له أنْ يَتَّخذَ هؤلاء سُترةً له، وهذا القول لا يتنافى مع القول بحُرمة مرور المرأة وقطعها للصلاة، وحُرمة مرور الذكر أيضاً، ذلك أن الحرام مرور الرجل ومرور المرأة، أما نومهما أمام المصلي واعتراضهما القِبلة فلا شئ فيه لأنه أمر آخر، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يعرِّض راحلته فيصلي إليها
…
» رواه البخاري. وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت «لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيصلي من الليل، وإني لمعترضةٌ بينه وبين القِبلة على فراش أهله» رواه البخاري. وعنها رضي الله عنها قالت «والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وإني على السرير بينه وبين القِبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس، فأُوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنسلَّ من عند رجليه» رواه مسلم. ففي هاتين الروايتين الصحيحتين كانت عائشة معترضة وهي مضطجعة، فصلى إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، مما يدل على جواز ذلك، ومغايرةِ ذلك للمرور الذي ورد النهي عنه، وأنه يقطع الصلاة.
فمرور المرأة بين يدي المصلي يقطع عليه صلاته، أما صلاته إليها وهي نائمة أو مستلقية فجائز. وغنيٌّ عن البيان أن الصلاة إلى المرأة النائمة إنما تحصل عندما تكون المرأة من الأرحام المحرمين دون النساء الأجنبيات لما لذلك من الفتنة وانشغال ذهن المصلي، وكلاهما ورد النهي عنه.