الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقتال المسلم والطعن في النسب والنياحة على الميت وادّعاء الشخص لغير أبيه وكتمان العطاء وجحود المرأة فضل زوجها وإحسانه هي بلا شك معاصٍ فحسب وليست أفعالاً تُخرج من الملة، وما إطلاق الكفر عليها إلا لمجرد التغليظ الشديد عليها. وقد أُستُعملت لفظة الكفر هنا بمعناها اللغوي وتعني السّتر والغطاء، يقال كفر الشّئ إذا ستره وغطاه، ويقال كفر الزارع البذر بالتراب إذا غطّاه، وقد ورد استعمال هذه اللفظة في كتاب الله بهذا المعنى، فقال تعالى {وَعَدَ اللهُ الذّينَ آمنوا مِنْكمْ وَعَمِلوا الصّالحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهمْ في الأرضِ
…
ومنْ كَفَرَ بعْدَ ذلك فَأولئِكَ هُمُ الفَاسِقون} الآية 55 من سورة النور. فقوله - ومن كفر - فسّرها المفسرون بأنها كُفر النعمة، وقال سبحانه {أَفَبِالباطِلِ يؤْمِنون وَبِنِعْمَةِ اللهِ همْ يكْفُرون} الآية 72 من سورة النحل. فسّرتها الآية التي قبلها {
…
أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدون} .
فالكفر يطلق على الخروج من الملّة، وقد يطلق على أفعالٍ محرّمة لا تُخْرِجُ من الملّة، والقرينةُ هي التي تحددُ أيّاً من المعنيين هو المقصود، وحيث أن النصوص التي وصفت ترك الصلاة بأنهُ كفر قد وُجِدت قرينةٌ منها تصرفها إلى المعنى اللغوي فحسب، وهي التي ذكرناها سابقاً، فإنه لا يصح معها أن نعتبر ترك الصلاة خروجاً من الملة، وأن من اعتبروا ترك الصلاة كفراً إنما أخطأوا فيما ذهبوا إليه.
الصلوات المكتوبة ومواقيتها
فرَض الله سبحانه على المسلمين خمس صلوات في اليوم والليلة هي صلاة الفجر أو صلاة الصبح أو صلاة الغداة وهي ركعتان، وصلاة الظهر وهي أربع ركعات، وصلاة العصر أو الصلاة الوسطى وهي أربع ركعات، وصلاة المغرب وهي ثلاث ركعات، وصلاة العشاء أو صلاة العَتَمَة وهي أربع ركعات، فعن معاذ رضي الله عنه قال «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأَعْلمْهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة
…
» رواه مسلم.
وقد عين الشرع لكل صلاة من هذه الصلوات الخمس ميقاتاً، فقد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فقال: قم فَصَلِّه، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر فقال: قم فَصَلِّه، فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مثله، ثم جاءه المغرب فقال: قم فَصَلِّه، فصلى حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء فقال: قم فَصَلِّه، فصلى حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر فقال: قم فَصَلِّه، فصلى حين برق الفجر، أو قال حين سطع الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر فقال: قم فَصَلِّه، فصلى الظهر حين صار ظل كل شئ مثلَه، ثم جاءه للعصر فقال: قم فصَلِّه، فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مِثْليه، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتاً واحداً لم يزل عنه، ثم جاءه للعشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال ثُلُث الليل، فصلى العشاء، ثم جاءه للفجر حين أسفر جداً فقال: قم فصَلِّه، فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين وقت» رواه أحمد والنَّسائي. وقال البخاري (هو أصح شئ في المواقيت) . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «وقت الظهر ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس، ووقت المغرب ما لم يَسقط ثَوْرُ الشَّفَق، ووقت العشاء إلى نصف الليل، ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس» رواه مسلم وأحمد والنَّسائي.
وبالنظر في هذين الحديثين يتبين أن مواقيت الصلاة هنا هي المواقيت المختارة دون المواقيت الجائزة، أي هي المواقيت التي يُندَب للمسلمين أداء الصلوات فيها، وهي المواقيت نفسها التي واظب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أداء الصلوات المفروضة فيها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت «ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة لوقتها الآخر حتى قبضه الله» رواه الحاكم.