المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في أرض الصلح والعنوة وما لم يوجف عليه بقتال - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ٣

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَاب الجِهادِ

- ‌إِبَاحَةُ القِتَالِ قَبلَ الدَّعوةِ، وفِي الدَّعْوَةِ قَبْلَهُ، ومَا يُوصى بِهِ للغُزَاةِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الغَادِرِ

- ‌بَابُ الحَرْبُ خدعَةٌ

- ‌النَّهي عَنْ تَمَنِّي لِقَاء العَدو

- ‌مَنْ أَرَادَ غَزوَةً فَوَرَّى بِغَيرِهَا ووَقْتُ الغَارَةِ ومَنْ أَحَبَّ الخُرُوج يَومَ الخمِيسِ

- ‌تَحْرِيقُ النَّخْلِ وقَطْعِهَا

- ‌تَحْلِيلُ الغَنَائِمِ

- ‌فِي النَّفْلِ والقسْمَةِ وَمَا جَاءَ فِي سَلَبِ القَتِيلِ

- ‌بَابُ فَكَاكِ الأَسيرِ

- ‌بَابٌ فِي أَرْضِ الصُّلحِ والعَنْوَةِ ومَا لم يُوجَفْ عَلَيهِ بِقِتَال

- ‌قسْمُ الغَنِيمةِ

- ‌بَابُ إِذَا غَنِمَ المشْركُون مَال الْمُسْلِم ثمَّ وَجَدَهُ الْمُسْلِمُ

- ‌باب

- ‌الْمَنُّ عَلَى الأسِيرِ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلٍ

- ‌بابٌ

- ‌ذِكْرُ يَوْمَ الحُدَيبِيَةِ

- ‌الوَفَاءُ بالعَهْدِ

- ‌ذكْرُ مَا أوذِيَ بِه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ

- ‌قِصَّةُ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ

- ‌غَزْوَةُ خَيبَرٍ والخَنْدَقِ وذِي قَرَدٍ

- ‌بَعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِدًا إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ

- ‌قَتْلُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ وخُبَيبِ بْنِ عَدِي رضي الله عنهما

- ‌الغَزْو بِالنِّسَاءِ

- ‌عَدَد غَزَواتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌لا يُسْتعَان بالمشْرِكينَ في قِتَال العَدُوِّ

- ‌بَابٌ

- ‌في الْجِزْيَةِ

- ‌ باب

- ‌فَضْلُ قُرَيشٍ

- ‌الاسْتِخْلافُ وتَرْكِهِ

- ‌فِيمَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ

- ‌بَابُ مَنْ تَأَمَّرَ في الحَرْبِ مِنْ غَيرِ إِمْرةٍ إِذَا خَافَ العَدُوّ

- ‌في الإمَامِ العَادِلِ

- ‌بَابُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ، ومَا جَاءَ في الأَمِيرِ الغَاشِّ لِرَعِيَّتِهِ

- ‌في الْغَلُولِ وَفِي الأمِيرِ يَقْبَلُ الْهَدِيَةَ

- ‌الطَّاعَةُ للأَمِيرِ

- ‌بَيعَةُ الرِضْوَانِ

- ‌بَابُ لا هِجْرَةَ بَعْد الفَتْحِ

- ‌بَيعَةُ النِّسَاءِ

- ‌بَيعَةُ الصَّغِيرِ

- ‌البَيعَةُ عَلَى السَّمْع والطَّاعَةِ

- ‌الحَدُّ بَينَ الْكَبِيرِ والصَّغِيرِ

- ‌النَّهِي أَن يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌المُسَابَقَةُ بَيْنَ الخَيلِ

- ‌بَابُ فَضِيلَةِ الخيلِ

- ‌فَضْلُ الجِهَادِ

- ‌بَابٌ

- ‌فَضْلُ الغَزْوِّ فِي البَحْرِ

- ‌فِي فَضْل الرِبَاطِ وعَدَد الشُّهدَاءِ وفِي فَضِيلةِ الرَّمِي

- ‌بَابٌ

- ‌بابٌ فِي التعْقِيبِ

- ‌فِي سَيْرِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ

- ‌قوله عليه السلام: " (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمتِي ظَاهِرِينَ

- ‌بَابٌ

- ‌النَّهْي أَن يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيلًا

- ‌بَابُ تَلَقّي الغَازِي

- ‌كِتَابُ الصَّيدِ والذبَائِح

- ‌فِي العَقِيقَةِ

- ‌كتَابُ الأَشْرِبَةِ والأَطْعِمَةِ

- ‌بَابٌ فِي اللِّبَاسِ والزِّينَةِ

- ‌بَابُ الانْتِعَالِ

- ‌بَابُ الصُّوَرِ

- ‌بَابُ الجَرَسِ

- ‌النَّهْي عَنْ القَزَع وَعَنْ وَصلِ الشَّعرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ لَعنِ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌ باب

- ‌في الأسْمَاءِ والكُنَى

- ‌بَابٌ فِي الاستئْذَانِ والسَّلامِ

- ‌بَابٌ

- ‌فِي التَّنَاجِي

- ‌بَابٌ فِي الرُّقي والطِّبِ

- ‌بَابٌ فِي الطاعُونِ

- ‌بَابٌ فِي العَدْوَى والطِّيَرَةِ والفَأْلِ والشُّؤْمِ

- ‌بَابٌ فِي الكُهَّانِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ فِي قَتْلِ الحَيَّاتِ

- ‌بَابٌ فِي قَتْلِ النَّمْلِ

- ‌بَابٌ فِي الرِّفْقِ بالبَهَائِمِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ سَبِ الدَّهْرِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ أَن يَقُولَ عَبْدِي أَو أَمَتِي

- ‌بَابُ النَّهْي أَن يَقُولَ خَبُثَتْ نَفْسِي

- ‌بَابٌ فِي الطِّيبِ

- ‌بَابُ فِي الشِّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي النَّرْدَشِيرِ

- ‌بَابٌ فِي الرُّؤْيَا

- ‌كِتَابُ المَنَاقِبِ

- ‌ذِكْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ عِيسى بْنِ مَرْيَم عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ ومُوسَى وَلُوطَ وَيُونُسَ وَيُوسُفَ وَزَكَرِيَا ودَاوُدَ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلام

- ‌قِصَّةُ مُوسَى والخَضِرِ صَلَّى الله عَلَيهمَا وَسَلَّمَ

- ‌قِصةُ أَبِي بَكْر الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنهما

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَبَيعَةُ عُثْمانَ، وفَضَائِلُهُ

- ‌ذِكْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، وَالزُّبَيرِ بْنِ العَوَّامِ، وَأَبِي عُبَيدَةَ بْنِ الْجَرَّاع، وَسَعِيد بْنِ زَيدٍ رضي الله عنه أجمعين

- ‌ذِكْرُ الحَسَن والحُسَين رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ زَيدِ بْنِ حَارِثَةَ، وابْنِهِ أُسَامَةَ، وعَبْد اللهِ بن الزُّبَيرِ، وعَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ جَعْفَر بْنِ أَبِي طَالِبٍ وخَالِد بْنِ الوَلِيدِ

- ‌ذِكْرُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيلِدٍ وعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما

- ‌ذَكْرُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها

- ‌ذِكْرُ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ وزَينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أُمَّيِّ الْمُؤمِنِين رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ أُمِّ أَيمَن وأُمِّ سُلَيم رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ أَبِي طَلْحةَ وبِلال وعَبْد اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ أبِي بن كَعبٍ، وَسَعدِ بْنِ مُعَاذٍ، وأَبِي زَيدٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ أَبِي دُجَانَةَ سِمَاك بْنِ خَرَشَةَ وعَبْد اللهِ بْنِ حَرَامٍ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ جُلَيبِيبِ وعَمرِو بْنِ تَغْلِب

- ‌ذِكْرُ عمَّار بنِ يَاسرٍ وحُذَيفَةَ بْنِ اليَمَانِ وحَارِثَةَ بْنِ سرُاقَةَ

- ‌ذِكْرُ أَبِي ذَرِّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادة

- ‌ذِكْر جَرِير بْنِ عَبْد اللهِ وعَبْدِ اللهِ بْنِ عَباس وعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ خُزَيمَةَ بْنِ ثَابِت ومُعَاويَةَ بْنِ أَبِي سفْيَان

- ‌ذِكْرُ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمرٍو وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌ذِكْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ حَسَّان بْنِ ثَابِت وأَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وأصحَابِ الشَّجَرَةِ، وأَبِي سُفْيَان، وأصحَابِ الهِجْرَتَينِ، وذِكْرُ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيس الأَشْعَرِيّ

- ‌ذكْرُ سَلْمَان وَصُهَيبٍ وبِلالٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ أسَيدِ بْنِ حُضَيرٍ وعَبَّادِ بْنِ بِشْر وقَيسِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌ذِكْرُ الأنْصَار

- ‌ذِكْرُ أَسْلَمِ وغِفَار وغَيرهما

- ‌ذِكْرُ نِسَاءِ قُرَيشٍ

- ‌فِي الْمُؤاخَاةِ والحِلْف

- ‌ذِكْرُ أوَيسِ بْنِ عَامِرٍ القَرَنِيِّ

- ‌بَابُ بِرِّ الوَلِدَينِ

- ‌بَابٌ فِي البِرِ والإِثْمِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ والنَّهْي عَنِ التَّقَاطع

- ‌بَابُ مَا يَكُون مِنِ الظنِّ

- ‌بَابٌ في الْمُتَحابِّينَ في اللهِ عز وجل

- ‌بَابٌ في عِيادَةِ المَرِيضِ وثَوَابِ المَصَائِبِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ في الترَاحُم والتعَاون والعَفْو والتواضُعِ

- ‌بَابٌ

- ‌في سَتْرِ الْمُسْلِمِ والْمُدَارَاةِ والرِّفقِ

- ‌بَابٌ في اللَّعنِ

- ‌بَابٌ في ذِي الوَجْهَينِ

- ‌بَابُ مَا جَاء في الكَذِبِ في الإِصْلاحِ بَينَ النَّاسِ في الحَرْبِ

- ‌بَابٌ في الصِّدْقِ والكَذِبِ والنَّمِيمَةِ

- ‌بَابٌ في الغَضَبِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ ضَرْبِ وَجْهِ المُسْلِمِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ يُعَذب النَّاسَ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ مَرَّ بِسِهَامٍ في يَدِهِ

- ‌النهْي أَن يُشِيرَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَخِيه بِالسِّلاحِ

- ‌في إِمَاطَةِ الأذَى عَنِ الطَرِيقِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بَابٌفي الكِبْرِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌‌‌بَابٌفي حُسْنِ الجِوارِ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ في الإحْسَانِ إِلَى البَنَاتِ وفِيمَن مَاتَ لَهُ وَلَدٌ

- ‌بَابٌ

الفصل: ‌باب في أرض الصلح والعنوة وما لم يوجف عليه بقتال

مَا (1) أَعْلَمُهُ إلا فَهْمًا (2) يُعْطِيهِ اللهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَال: قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَال: الْعَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ (3). خرَّجه في باب "فكاك الأسير".

3023 -

(3) وخرَّج في "المغازي" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رِجَالًا (4) مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأذَنُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، قَال:(لا وَاللهِ لا تَدَعُونَ (5) مِنْهُ دِرْهَمًا) (6). [قال في موضع آخر: "لا تَذَرُونَ"](7). وخرَّجه في العتق أيضًا في بَاب "إِذَا أُسِرَ أَخُو (8) الرَّجُلِ أَوْ عَمُّهُ هَلْ يُفَادَى إِذَا كَانَ مُشْرِكًا" قال: وَقَال أَنَسٌ: قَال الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَادَيتُ نَفْسِي وَفَادَيتُ عَقِيلًا، قَال: وَكَانَ عَلِيٌّ لَهُ نَصِيبٌ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي أَصَابَ مِنْ عَقِيلٍ أَخِيهِ وَعَبَّاسٍ. وخرُّجه أَيضًا في باب "فداء المشركين" من كتاب "الجهاد".

‌بَابٌ فِي أَرْضِ الصُّلحِ والعَنْوَةِ ومَا لم يُوجَفْ عَلَيهِ بِقِتَال

3024 -

(1) مسلم. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيتُمُوهَا أَقَمْتُمْ فِيهَا فَسَهْمُكُمْ فِيهَا، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ)(9). لم يخرج البخاري هذا الحديث.

(1) في (أ): "وما".

(2)

في (أ): "فهم".

(3)

البخاري وقد تقدم برقم (2882).

(4)

في (أ): "رجلًا".

(5)

في (أ): "يدعون".

(6)

البخاري (7/ 321 رقم 4018)، وانظر (2537، 3048).

(7)

ما بين المعكوفين ليس في (ك).

(8)

في (ك): "أخي".

(9)

مسلم (3/ 1376 رقم 1756).

ص: 20

3025 -

(2) وخرَّج عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَال: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَوْلا أَنْ أَتْرُكَ النَّاسَ بَبَّانًا (1)(2) لَيسَ (3) لَهُمْ شَيءٌ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيبَرَ (4)، [وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا (5). وفي لفظ آخر: لَوْلا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فُتِحَتْ عَلَيهِمْ قَرْيَةٌ إِلا قَسَمْتُهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيبَرَ، (6). خرَّج الحديثين في "المغازي" وفي "أوقاف النبي صلى الله عليه وسلم وأرض الخراج" من كتاب "الحرث (7) ".

3026 -

(3) مسلم. عَنْ عُمَرَ بْنِ (8) الخَطَّابِ قَال: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيهِ الْمُسْلِمُونَ (9) بِخَيلٍ وَلا رِكَابٍ، فَكَانَتْ (10) لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ (11) وَالسِّلاح عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ (12).

3027 -

(4) وعَن مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدثَان قَال: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالى النَّهَارُ (13)، قَال (14): فَوَجَدْتُهُ فِي بَيتِهِ جَالِسًا عَلَى

(1) في (ك): "بياتًا".

(2)

"بيَّانًا" والببان المعدم، ومعناه: لأسوين بينهم في العطاء حتى يكونوا شيئًا واحدًا لا فضل لأحد على غيره.

(3)

في (أ): "ليست".

(4)

يا حاشية (أ): "البا بالبارع الحاوي".

(5)

البخاري (7/ 490 رقم 4235)، وانظر (2334، 3125، 4236).

(6)

ما بين المعكوفين ليس في (أ).

(7)

في (ك): "الحرب".

(8)

في (أ) تكرر قوله: "بن" وجاء بينهما "وفي".

(9)

"يوجف عليه المسلمون" الإيجاف: سرعة السير.

(10)

في (أ): "وكانت".

(11)

"الكراع": الخيل.

(12)

مسلم (3/ 1376 - 1377 رقم 1757)، البخاري (6/ 93 رقم 2904)، وانظر (3094، 4033، 7305، 6728، 5358، 4885).

(13)

"تعالى النهار" أي: ارتفع.

(14)

في (ك): "فقال".

ص: 21

سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ (1) مُئَّكِئًا عَلَى وسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَال لِي (2): يَا مَالُ (3) إِنَّهُ قَدْ دَفَّ (4) أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ (5)، فَخُذْهُ فَاقْسِمْهُ بَينَهُمْ. قَال: قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا غَيرِي، قَال: خُذْ يَا مَالُ، قَال: فَجَاءَ يَرْفَا فَقَال: هَلْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيرِ وَسَعْدٍ؟ فَقَال عُمَرُ: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَ فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ؟ قَال: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا، فَقَال عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَينِي وَبَينَ هَذَا الْكَاذِبِ الآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ، فَقَال: الْقَوْمُ أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاقْضِ بَينَهُمْ وَأَرِحْهُمْ، فَقَال: مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لِذَلِكَ. فَقَال عُمَرُ: اتَّئِدَا (6) أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ وَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ؟ ) قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ؟ ) قَالا (7): نَعَمْ. قَال عُمَرُ: إِنْ كَانَ اللهُ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِخَاصَّةٍ لَمْ يُخَصِّصْ بِهَا أَحَدًا غَيرَهُ، قَال:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ (8) وَلِذِي الْقُرْبَى} (9)، مَا أَدْرِي هَلْ (10) قَرَأَ الآيَةَ الَّتِي

(1)"رُماله" الرُّمال: هو ما ينسج من سعف النخيل.

(2)

قوله: "لي" ليس في (ك).

(3)

في (ك) وُضع ألف فوق اللام فأشبهت أن تكون: "مالا".

(4)

الدَّف: المشي بسرعة، وقيل السير اليسير.

(5)

"برضخ": هي العطية القليلة.

(6)

في (ك): "ابتدآ".

(7)

في (أ): "قالوا" وفي الحاشية: "قالا" وفوقها "الأصل".

(8)

في (أ): "ولرسوله".

(9)

سورة الحشر، آية (7).

(10)

قوله: "هل" ليس في (أ).

ص: 22

قَبْلَهَا أَمْ لا؟ قَال: فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَينَكُمْ (1) أَمْوَال بَنِي النَّضِيرِ، فَوَاللهِ مَا اسْتَأْثَرَ عَلَيكُمْ وَلا أَخَذَهَا دُونَكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ مِنْهُ نَفَقَتَه سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ، ثُمَّ قَال: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ (2) الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ أَتَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ نَشَدَ عَلِيًّا وَعَبَّاسًا بِمِثْلِ مَا نَشَدَ (3) بهِ الْقَوْمَ: أَتَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ. قَال: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَليُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجِئْتُمَا تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا! فَقَال أَبُو بَكْرٍ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ). فَرَأَيتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارًّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ، فَرَأَيتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا خَائِنًا غَادِرًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ بَارٌّ تَابِعٌ لِلْحَقِّ فَوَلِيتُهَا، ثُمَّ جِئْتَنِي أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ فَقُلْتُمَا (4): ادْفَعْهَا إِلَينَا. فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتمَا دَفَعْتُهَا إِلَيكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيكُمَا عَهْدَ اللهِ أَنْ تَعْمَلا فِيهَا بِالَّذِي كَانَ يَعْمَلُ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (5) فَأَخَذْتُمَاهَا (6) بِذَلِكَ، قَال: أَكَذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ. قَال: ثُمَّ جِئْتُمَانِي لأَقْضِيَ بَينَكُمَا، وَلا وَاللهِ لا أَقْضِي بَينَكُمَا بِغَيرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ (7). وفي لفظ آخر: فَكَانَ (8) يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُ

(1) قوله: "بينكم" ليس في (ك).

(2)

"أنشدكم بالله" أي: أسألكم بالله.

(3)

في (ك): "أنشد".

(4)

في (أ): "نقلتم".

(5)

في (ك): "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل فيها".

(6)

في (أ): "فأخذتها".

(7)

انظر الحديث رقم (3) في هذا الباب.

(8)

في (أ): "وكان".

ص: 23

سَنَةً. وَرُبَّمَا قَال مَعْمَرٌ: يَحْبِسُ قُوتَ أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مَجْعَلَ مَالِ اللهِ عز وجل. في بعض طرق البخاري: فَاسْتَبَّ عَليٌّ وَعَبَّاسٌ. وليس في شيء من طرقه ذكر ما كان بينهما إلا قول عبَّاسٍ فِي عليّ الظالم، بمثل ما ذكره مسلم. [وفي بعض طرق البخاري: أَنَّه قَرَأ الآيَةَ التي قَبْلَ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ} (1). وفي بعضها: ثُمَّ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيكُمَا قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيكُمَا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا (2) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ (3) وَلِيتُهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَينَا (4) فَبِذَلِكَ (5) دَفَعْتُهَا إِلَيكُمَا، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيهِمَا بِذَلِكَ؟ قَال الرَّهْطُ: نَعَمْ. ثُمَّ أقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالعَبَّاسٍ فَقَال: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ. وفيه: فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ فَإِنِّي أَكْفِيكُمَاهَا. وفي بعضها أيضًا: قَال أَبُو بَكْرٍ: أنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَبَضَها فَعَمِلَ فِيها بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيتُماه كَذَا؟ . ولم يذكر ماكان بينهما مما ذكره مسلم، ولم يذكر قول عمر عن نفسه: فَرَأَيتُمَانِي كَاذِبًا، إلى قوله: للحق. وقَال: فَقَبَضْتُها سَنَتَينِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ. وفي آخر: سَنَتَينِ مِنْ إِمَارَتِي. وفي بعض ألفاظه: إِنِّما جَاءَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّذِي (6) أَفَاءَ اللهُ

(1) ما بين المعكوفين في (ك) مضروب عليه بعلامة الإلغاء: "لا"، "إلى".

(2)

قوله: "فيها" ليس في (أ).

(3)

في (أ): "مذ".

(4)

في (أ): "إليكما".

(5)

في (أ): "وبذلك".

(6)

في (أ): "التي".

ص: 24

عَلَى رَسُولِهِ مِن بَنِي النَّضِيرِ. وفيه من قول عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:(لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ. وقال في الحديث عن قول عُمَر لعَليٍّ وعَبَّاسٍ: وَاللهِ مَا اخْتَارَهَا دُونَكُمْ، وَلا اسْتَأثَرَهَا عَلَيكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثْهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ. وذَكر الحديث، ولم يذكر في شيء من طرق هذا الحديث مجئ علي والعباس إلى أبي بكر في هذه القصة.

وقال أَبُو دَاوُد وذَكَرَ هَذَا الحَدِيثَ: إِنَّمَا سَأَلاهُ أَنْ يَكُونَ يُصَيِّرُهُ بَينَهُمَا نِصْفَينِ لا (1) أَنَّهُمَا جَهِلا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). فَإِنَّهُمَا كَانَا لا يَطْلُبَانِ إِلا الصَّوَابَ. فَقَال عُمَرُ: لا أُوقِعُ عَلَيهِمَا اسْمَ الْقَسْمِ أَدَعُهُ عَلَى (2) مَا هُوَ عَلَيهِ (3).

3028 -

(5) مسلم. عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالتْ عَائِشَةُ لَهُنَّ: ألَيسَ قَدْ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ)(4).

3029 -

(6) وعَن عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصَدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيهِ بِالْمَدِينَةِ، وَفدَكٍ (5)،

(1) في (أ): "إلا".

(2)

قوله: "على" ليس في (ك).

(3)

"سنن أبي داود"(3/ 368 - 371 بعد رقم 2963) في كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في صفايا رسول الله من الأموال.

(4)

مسلم (3/ 1379 رقم 1758)، البخاري (7/ 335 - 336 رقم 4033)، وانظر (6727، 6730).

(5)

"فدك" قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاثة، أفاءها الله على رسوله في سنة سبع صلحًا.

ص: 25

وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيبَرَ؟ فَقَال أَبُو (1) بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ). وَإِنِّي وَاللهِ لا أُغَيِّرُ شَيئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِيهَا، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها شَيئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها فِي ذَلِكَ عَلَى أَبي بَكْرٍ، قَال: فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتى تُوُفّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه لَيلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا (2) بَكْرٍ رضي الله عنه وَصَلَّى عَلَيهَا عَلِيٌّ، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ جِهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا وَلا يَأْتِنَا مَعَكَ أَحَدٌ (3) كَرَاهِيَةَ (4) مَحْضَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَال عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: وَاللهِ لا تَدْخُلْ عَلَيهِمْ وَحْدَكَ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: مَا عَسَاهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي (5)، وَاللهِ لآَتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ قَال: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيكَ (6) خَيرًا سَاقَهُ اللهُ إِلَيكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَينَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَحْنُ نَرَى لَنَا حَقًّا لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ أَبَا (7) بَكْرٍ حَتَّى فَاضَتْ عَينَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ

(1) في (أ): "أبي".

(2)

في (أ): "أبي".

(3)

في (أ): "أحدًا".

(4)

في (ك): "كراهة".

(5)

في حاشية (أ): "ما عساهم يفعلون بي".

(6)

"تنفس عليك": هو قريب من معنى الحسد.

(7)

في (أ): "أبو".

ص: 26

أَبُو بَكْرٍ قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ (1) بَينِي وَبَينَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَإِنِّي لَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْحَقِّ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلا صَنَعْتُهُ، فَقَال عَلِيٌّ لأَبِي بَكْرٍ مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى أبو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلا إِنْكَارًا (2) لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِي الأَمْرِ نَصِيبًا وَاسْتُبِدَّ عَلَينَا بِهِ، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: أَصَبْتَ. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إلَى عَلِيٌّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ (3). وفي طريق أخرى: ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ.

3030 -

(7) وعَن عَائِشَةَ أيضًا، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيهِ، فَقَال لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: (لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). قَال: وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خيبَرَ وَفَدَكٍ وَصَدَقَتِهِ

(1)"شجر": معناها: الاختلاف.

(2)

في (أ): "إنكار".

(3)

مسلم (3/ 1380 - 1381 رقم 1759)، البخاري (6/ 196 - 197 رقم 3092)، وانظر (3711، 4035، 4240، 6725).

ص: 27

بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيهَا ذَلِكَ، وَقَال: لَسْتُ تَارِكًا شَيئًا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إِلا عَمِلْتُ بِهِ، إِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكت شَيئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ، فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَغَلَبَهُ عَلَيهَا عَلِيٌّ، وَأَمَّا خَيبَرُ وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهُمَا (1) عُمَرُ، وَقَال: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ (2) وَنَوَائِبِهِ (3)، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ، قَال: فَهُمَا صَدَقَة رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (4) عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ (5).

3031 -

(8) ذَكرَ البخاري في بعض الطرق: أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ أَرْسَلا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وقال: أَرْضَه مِنْ فَدَكَ. وذكر البخاري أيضًا: عَن عَائِشَةَ قَالت: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ، فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلا تَتَّقِينَ اللهَ أَلَمْ تَعْلَمْنَ (6) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: (لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ -يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ- إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ). فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ، فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ مَنَعَهَا عَلِيٌّ عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيهَا، ثُمَّ كَانَتْ (7) بِيَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَينِ (8) بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَينٍ، وَحَسَنِ بْنِ حُسَينِ كِلاهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلانِهَا، ثُمَّ بيَدِ زَيدِ بْنِ حَسَنٍ، وَهِيَ صَدَقَةُ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَقًّا (9). وفي بعض طرقه: إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ يَعْنِي مَال اللهِ لَيسَ لَهُمْ

(1) في (أ): "فأمسكها".

(2)

في (ك): "تعدوه".

(3)

"لحقوقه التي تعروه ونوائبه" معناه: ما يطرأ عليه من الحقوق الواجبة والمندوبة التي تعتريه، وما ينوب الإنسان من الحوادث والمهمات.

(4)

قوله: "صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم" ليس في (ك).

(5)

انظر الحديث رقم (6) في هذا الباب.

(6)

في (ك): "يعلمن".

(7)

في (أ): "كان".

(8)

في (ك): "الحسين".

(9)

انظر الحديث رقم (5) في هذا الباب.

ص: 28