المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ٣

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَاب الجِهادِ

- ‌إِبَاحَةُ القِتَالِ قَبلَ الدَّعوةِ، وفِي الدَّعْوَةِ قَبْلَهُ، ومَا يُوصى بِهِ للغُزَاةِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الغَادِرِ

- ‌بَابُ الحَرْبُ خدعَةٌ

- ‌النَّهي عَنْ تَمَنِّي لِقَاء العَدو

- ‌مَنْ أَرَادَ غَزوَةً فَوَرَّى بِغَيرِهَا ووَقْتُ الغَارَةِ ومَنْ أَحَبَّ الخُرُوج يَومَ الخمِيسِ

- ‌تَحْرِيقُ النَّخْلِ وقَطْعِهَا

- ‌تَحْلِيلُ الغَنَائِمِ

- ‌فِي النَّفْلِ والقسْمَةِ وَمَا جَاءَ فِي سَلَبِ القَتِيلِ

- ‌بَابُ فَكَاكِ الأَسيرِ

- ‌بَابٌ فِي أَرْضِ الصُّلحِ والعَنْوَةِ ومَا لم يُوجَفْ عَلَيهِ بِقِتَال

- ‌قسْمُ الغَنِيمةِ

- ‌بَابُ إِذَا غَنِمَ المشْركُون مَال الْمُسْلِم ثمَّ وَجَدَهُ الْمُسْلِمُ

- ‌باب

- ‌الْمَنُّ عَلَى الأسِيرِ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلٍ

- ‌بابٌ

- ‌ذِكْرُ يَوْمَ الحُدَيبِيَةِ

- ‌الوَفَاءُ بالعَهْدِ

- ‌ذكْرُ مَا أوذِيَ بِه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ

- ‌قِصَّةُ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ

- ‌غَزْوَةُ خَيبَرٍ والخَنْدَقِ وذِي قَرَدٍ

- ‌بَعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِدًا إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ

- ‌قَتْلُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ وخُبَيبِ بْنِ عَدِي رضي الله عنهما

- ‌الغَزْو بِالنِّسَاءِ

- ‌عَدَد غَزَواتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌لا يُسْتعَان بالمشْرِكينَ في قِتَال العَدُوِّ

- ‌بَابٌ

- ‌في الْجِزْيَةِ

- ‌ باب

- ‌فَضْلُ قُرَيشٍ

- ‌الاسْتِخْلافُ وتَرْكِهِ

- ‌فِيمَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ

- ‌بَابُ مَنْ تَأَمَّرَ في الحَرْبِ مِنْ غَيرِ إِمْرةٍ إِذَا خَافَ العَدُوّ

- ‌في الإمَامِ العَادِلِ

- ‌بَابُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ، ومَا جَاءَ في الأَمِيرِ الغَاشِّ لِرَعِيَّتِهِ

- ‌في الْغَلُولِ وَفِي الأمِيرِ يَقْبَلُ الْهَدِيَةَ

- ‌الطَّاعَةُ للأَمِيرِ

- ‌بَيعَةُ الرِضْوَانِ

- ‌بَابُ لا هِجْرَةَ بَعْد الفَتْحِ

- ‌بَيعَةُ النِّسَاءِ

- ‌بَيعَةُ الصَّغِيرِ

- ‌البَيعَةُ عَلَى السَّمْع والطَّاعَةِ

- ‌الحَدُّ بَينَ الْكَبِيرِ والصَّغِيرِ

- ‌النَّهِي أَن يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌المُسَابَقَةُ بَيْنَ الخَيلِ

- ‌بَابُ فَضِيلَةِ الخيلِ

- ‌فَضْلُ الجِهَادِ

- ‌بَابٌ

- ‌فَضْلُ الغَزْوِّ فِي البَحْرِ

- ‌فِي فَضْل الرِبَاطِ وعَدَد الشُّهدَاءِ وفِي فَضِيلةِ الرَّمِي

- ‌بَابٌ

- ‌بابٌ فِي التعْقِيبِ

- ‌فِي سَيْرِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ

- ‌قوله عليه السلام: " (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمتِي ظَاهِرِينَ

- ‌بَابٌ

- ‌النَّهْي أَن يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيلًا

- ‌بَابُ تَلَقّي الغَازِي

- ‌كِتَابُ الصَّيدِ والذبَائِح

- ‌فِي العَقِيقَةِ

- ‌كتَابُ الأَشْرِبَةِ والأَطْعِمَةِ

- ‌بَابٌ فِي اللِّبَاسِ والزِّينَةِ

- ‌بَابُ الانْتِعَالِ

- ‌بَابُ الصُّوَرِ

- ‌بَابُ الجَرَسِ

- ‌النَّهْي عَنْ القَزَع وَعَنْ وَصلِ الشَّعرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ لَعنِ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌ باب

- ‌في الأسْمَاءِ والكُنَى

- ‌بَابٌ فِي الاستئْذَانِ والسَّلامِ

- ‌بَابٌ

- ‌فِي التَّنَاجِي

- ‌بَابٌ فِي الرُّقي والطِّبِ

- ‌بَابٌ فِي الطاعُونِ

- ‌بَابٌ فِي العَدْوَى والطِّيَرَةِ والفَأْلِ والشُّؤْمِ

- ‌بَابٌ فِي الكُهَّانِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ فِي قَتْلِ الحَيَّاتِ

- ‌بَابٌ فِي قَتْلِ النَّمْلِ

- ‌بَابٌ فِي الرِّفْقِ بالبَهَائِمِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ سَبِ الدَّهْرِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ أَن يَقُولَ عَبْدِي أَو أَمَتِي

- ‌بَابُ النَّهْي أَن يَقُولَ خَبُثَتْ نَفْسِي

- ‌بَابٌ فِي الطِّيبِ

- ‌بَابُ فِي الشِّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي النَّرْدَشِيرِ

- ‌بَابٌ فِي الرُّؤْيَا

- ‌كِتَابُ المَنَاقِبِ

- ‌ذِكْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ عِيسى بْنِ مَرْيَم عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ ومُوسَى وَلُوطَ وَيُونُسَ وَيُوسُفَ وَزَكَرِيَا ودَاوُدَ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلام

- ‌قِصَّةُ مُوسَى والخَضِرِ صَلَّى الله عَلَيهمَا وَسَلَّمَ

- ‌قِصةُ أَبِي بَكْر الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنهما

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَبَيعَةُ عُثْمانَ، وفَضَائِلُهُ

- ‌ذِكْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، وَالزُّبَيرِ بْنِ العَوَّامِ، وَأَبِي عُبَيدَةَ بْنِ الْجَرَّاع، وَسَعِيد بْنِ زَيدٍ رضي الله عنه أجمعين

- ‌ذِكْرُ الحَسَن والحُسَين رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ زَيدِ بْنِ حَارِثَةَ، وابْنِهِ أُسَامَةَ، وعَبْد اللهِ بن الزُّبَيرِ، وعَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ جَعْفَر بْنِ أَبِي طَالِبٍ وخَالِد بْنِ الوَلِيدِ

- ‌ذِكْرُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيلِدٍ وعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما

- ‌ذَكْرُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها

- ‌ذِكْرُ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ وزَينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أُمَّيِّ الْمُؤمِنِين رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ أُمِّ أَيمَن وأُمِّ سُلَيم رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ أَبِي طَلْحةَ وبِلال وعَبْد اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ أبِي بن كَعبٍ، وَسَعدِ بْنِ مُعَاذٍ، وأَبِي زَيدٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ أَبِي دُجَانَةَ سِمَاك بْنِ خَرَشَةَ وعَبْد اللهِ بْنِ حَرَامٍ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ جُلَيبِيبِ وعَمرِو بْنِ تَغْلِب

- ‌ذِكْرُ عمَّار بنِ يَاسرٍ وحُذَيفَةَ بْنِ اليَمَانِ وحَارِثَةَ بْنِ سرُاقَةَ

- ‌ذِكْرُ أَبِي ذَرِّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادة

- ‌ذِكْر جَرِير بْنِ عَبْد اللهِ وعَبْدِ اللهِ بْنِ عَباس وعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ خُزَيمَةَ بْنِ ثَابِت ومُعَاويَةَ بْنِ أَبِي سفْيَان

- ‌ذِكْرُ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمرٍو وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌ذِكْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ حَسَّان بْنِ ثَابِت وأَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وأصحَابِ الشَّجَرَةِ، وأَبِي سُفْيَان، وأصحَابِ الهِجْرَتَينِ، وذِكْرُ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيس الأَشْعَرِيّ

- ‌ذكْرُ سَلْمَان وَصُهَيبٍ وبِلالٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ أسَيدِ بْنِ حُضَيرٍ وعَبَّادِ بْنِ بِشْر وقَيسِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌ذِكْرُ الأنْصَار

- ‌ذِكْرُ أَسْلَمِ وغِفَار وغَيرهما

- ‌ذِكْرُ نِسَاءِ قُرَيشٍ

- ‌فِي الْمُؤاخَاةِ والحِلْف

- ‌ذِكْرُ أوَيسِ بْنِ عَامِرٍ القَرَنِيِّ

- ‌بَابُ بِرِّ الوَلِدَينِ

- ‌بَابٌ فِي البِرِ والإِثْمِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ والنَّهْي عَنِ التَّقَاطع

- ‌بَابُ مَا يَكُون مِنِ الظنِّ

- ‌بَابٌ في الْمُتَحابِّينَ في اللهِ عز وجل

- ‌بَابٌ في عِيادَةِ المَرِيضِ وثَوَابِ المَصَائِبِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ في الترَاحُم والتعَاون والعَفْو والتواضُعِ

- ‌بَابٌ

- ‌في سَتْرِ الْمُسْلِمِ والْمُدَارَاةِ والرِّفقِ

- ‌بَابٌ في اللَّعنِ

- ‌بَابٌ في ذِي الوَجْهَينِ

- ‌بَابُ مَا جَاء في الكَذِبِ في الإِصْلاحِ بَينَ النَّاسِ في الحَرْبِ

- ‌بَابٌ في الصِّدْقِ والكَذِبِ والنَّمِيمَةِ

- ‌بَابٌ في الغَضَبِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ ضَرْبِ وَجْهِ المُسْلِمِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ يُعَذب النَّاسَ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ مَرَّ بِسِهَامٍ في يَدِهِ

- ‌النهْي أَن يُشِيرَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَخِيه بِالسِّلاحِ

- ‌في إِمَاطَةِ الأذَى عَنِ الطَرِيقِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بَابٌفي الكِبْرِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌‌‌بَابٌفي حُسْنِ الجِوارِ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ في الإحْسَانِ إِلَى البَنَاتِ وفِيمَن مَاتَ لَهُ وَلَدٌ

- ‌بَابٌ

الفصل: ‌ذكر خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما

السَّلامُ عَلَيكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَينِ (1).

4294 -

(4) وَعَنْ قَيسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَال: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلا صَفِيحَةٌ (2) يَمَانِيَةٌ (3). وفِي آخَر: صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَةٌ.

‌ذِكْرُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيلِدٍ وعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما

4295 -

(1) مسلم. عَنْ وَكِيع بْنِ الجَرَّاحِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلِبٍ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (خَيرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَيرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خوَيلْدٍ). وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ (4). لم يقل البخاري: وأَشَارَ إلى آخره.

4296 -

(2) مسلم. عَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِي قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ غَيرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، وَآسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ (5) عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) (6).

(1) البخاري (7/ 75 رقم 3709)، وانظر (4264).

(2)

الصفيحة: هي السيف العريض.

(3)

البخاري (7/ 515 رقم 4265)، وانظر (4266).

(4)

مسلم (4/ 1886 رقم 2430)، البخاري (6/ 470 رقم 3432)، وانظر (3815).

(5)

"الثريد": هو الخبز يبل بماء القدر، ولا يكون إلَّا من لحم، والعرب قل ما تتخذ طبيخًا لاسيما بلحم، ولذا كان له عندهم فضل فِي اللذة والقوة على غيره من الأطعمة.

(6)

مسلم (4/ 1886 - 1887 رقم 2431)، البخاري (6/ 446 رقم 3411)، وانظر (3433، 3769، 5418).

ص: 568

4297 -

(3) وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: أَتَى جِبْرِيلُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأ عليها السلام مِنْ رَبِّهَا عز وجل وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ (1) لا صَخَبَ فِيهِ وَلا نَصَبَ) (2)(3).

4298 -

(4) وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَال: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَكَانَ (4) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَشَّرَ خَدِيجَةَ بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ؟ قَال: نَعَمْ بَشَّرَهَا بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لا صَخَبَ فِيهِ وَلا نَصَبَ (5).

4299 -

(5) وَعَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: بَشَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ (6).

4300 -

(6) وَعَنهَا قَالتْ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلاثِ سِنِين، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيتٍ مِنْ قَصَبٍ فِي الْجَنةِ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ

(1)"بيت فِي الجنّة من قصب" قال العلماء المراد قصب اللولؤ المجوف كالقصر المنيف، وقيل: قصب من ذهب منظوم بالجوهر.

(2)

"لا صخب فيه ولا نصب" الصحب: الصوت المختلط المرتفع، والنصب: المشقة والتعب.

(3)

مسلم (4/ 1887 رقم 2432)، البخاري (7/ 133 - 134 رقم 2820)، وانظر (7497).

(4)

فِي (أ): "كان".

(5)

مسلم (4/ 1887 - 1888 رقم 2433)، البخاري (3/ 615 رقم 1791)، و (3819).

(6)

مسلم (4/ 1888 رقم 2434)، البخاري (7/ 133 رقم 3816)، وانظر (3817، 3188، 5229، 6004، 7484).

ص: 569

يُهْدِيهَا إِلَى خَلائِلِهَا (1)(2). وَفِي طَرِيقٍ أُخْرَى من الزيادة: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ، فَقَال:(إِنِّي رُزِقْتُ حُبَّهَا). وَفِي أُخْرَى: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ لِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ إِيَّاهَا وَمَا رَأَيتُهَا قَطُّ.

زاد البخاري: رُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَة إِلا خَدِيجَةُ فَيَقُولُ: (إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ). ولم يقل: "رُزِقْتُ حُبَّهَا". وقال في الحديث الأول: فَيُهْدِي فِي خَلائِلَها مِنْهَا مَا يُشْبِعُهُنَّ.

4301 -

(7) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: لَمْ يَتَزَوَّج النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَاتَتْ (3).

4302 -

(8) البخاري. عَنْ عُرْوَةَ قَال: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ (4) بِثَلاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَينِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، تمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْع سِنِينَ (5). لم يذكر مسلم تاريخ موت خديجة.

4303 -

(9) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتِ: اسْتَأْذَنَتْ هَالةُ بِنْتُ خُوَيلْدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَال:(اللَّهُمَّ هَالةُ بِنْتُ خُوَيلِدٍ). فَغِرْتُ فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ

(1)"خلائلها" أي: صدائقها، جمع خليلة وهي الصديقة.

(2)

مسلم (4/ 1888 رقم / 2435)، وانظر الحديث الَّذي قبله.

(3)

مسلم (4/ 1889 رقم 2436).

(4)

قوله: "إلى المدينة" ليس فِي (ك).

(5)

البخاري (7/ 224 رقم 3896)، وانظر (3894، 5133، 5134، 5156، 5158، 5160).

ص: 570

قُرَيشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَينِ (1) هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ فَأَبْدَلَكَ اللهُ عز وجل خَيرًا مِنْهَا (2).

ذكره البخاري ولم يصل به سنده.

4304 -

(10) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ ثَلاثَ لَيَالٍ جَاءَنِي بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ (3)، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَأَقُولُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ) (4). لفظ (5) البخاري فِي هذا: قَالتْ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أُرِيتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ مَرَّتَينِ، وَرَأَيتُ الْمَلَكَ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَقُلْتُ لَهُ: اكَشَفَ، فَكَشَفَ، فَإِذَا هِيَ (6) أَنْتِ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ، ثُمَّ أُرِيتُكِ (7) يَحْمِلُكِ فِي (8) سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقُلْتُ: اكْشِفْ، فَكَشَفَ، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُنْ (9) هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ). وفِي لَفْظٍ آخر: (أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَينِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حرِيرٍ .. ).

(1)"حمراء الشدقين" أي: سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق لشدقها بياض شيء من الأسنان وإنما بقى فيه حمرة لثاتها.

(2)

مسلم (4/ 1889 رقم 2437)، البخاري (7/ 134 رقم 3821) معلقًا.

(3)

"سرقة من حرير" السرقة: هي الشقق البيض من الحرير.

(4)

مسلم (4/ 1889 - 1890 رقم 2438)، البخاري (7/ 223 - 224 رقم 3895)، وانظر (5078، 1125، 2015، 7017).

(5)

فِي (ك): "ولفظ".

(6)

فِي (أ): "هو" وفي حاشيتها: "هي" وعليها "خ".

(7)

فِي (ك): "رأيتك".

(8)

فِي (ك): "من".

(9)

فِي حاشية (أ): "يك" وعليها "خ".

ص: 571

4305 -

(11) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: قَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ (1) غَضْبَى). قَالتْ (2): فَقُلْتُ: وَمِنْ أَينَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَال: (أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ: لا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ). قَالتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَهْجُرُ إِلا اسْمَكَ (3).

4306 -

(12) وَعَنْهَا، أَنَّهَا كَانتْ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالتْ: وَكَانَتْ (4) تَأْتِينِي صَوَاحِبِي فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ (5) مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ (6)(7). وفِي رِوَايَة: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ (8) فِي بَيتِهِ وَهُنَّ اللُّعَبُ. ولم يقل البخاري: فِي بَيتِهِ، وقال: يُسَرِّبْهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي.

4307 -

(13) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ مَرْضَاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (9).

4308 -

(14) البخاري. عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُنَّ حِزبينِ، فَحِزْبٌ فِيهِ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالْحِزْبُ الآخَرُ: أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1) فِي (ك): "عني".

(2)

فِي (ك): "قال".

(3)

مسلم (4/ 1890 رقم 2439)، البخاري (9/ 325 رقم 5228)، وانظر (6078).

(4)

كذا فِي حاشية (أ) وعليه "خ"، وفي (أ):"كان"، وفي (ك):"كن".

(5)

"ينقمعن" أي: يتغيبن حياء منه وهيبة وقد يدخلن فِي بيت ونحوه.

(6)

"يسربهن إلى": يرسلهن.

(7)

مسلم (4/ 1890 - 1891 رقم 2440)، البخاري (10/ 526 رقم 6130).

(8)

فِي (ك): "بالنيات".

(9)

مسلم (14/ 189 رقم 2441)، البخاري (5/ 203 رقم 2574)، وانظر (2580).

ص: 572

عَائِشَةَ، فَإذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ بِهَا (1) إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا كَلِّمِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُ الناسَ فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا (2) إِلَيهِ حَيثُ كَانَ مِنْ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيئًا، فَسَأَلْنَهَا؟ فَقَالتْ: مَا قَال لِي شَيئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ، فَكَلَّمَتْه حِينَ دَارَ إِلَيهَا أَيضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا (3) شَيئًا، فَسَأَلْنَهَا؟ فَقَالتْ: مَا قَال لِي شَيئًا. فَقلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَأرَ إِلَيهَا فَكَلَّمَتْهُ (4)، فَقَال لَهَا:(لا تُؤذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلا عَائِشَةَ). قَالتْ: فَقَالتْ: أَتُوبُ إِلَى اللهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ. ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلْنَهَا (5) إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ (6) اللهَ الْعَدْلَ (7) فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَال:(يَا بُنيَّةُ أَلا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ ). فَقَالتْ: بَلَى. فَرَجَعَتْ إِلَيهِنَّ فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيهِ فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَينَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فَأَتَتْهُ فَأَغْلَظَتْ، وَقَالتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشْدْنَكَ اللهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى

(1) فِي (ك): "بعث بها صاحب الهدية"

(2)

فِي (ك): "فليهد بها".

(3)

قوله: "لها" ليس فِي (ك).

(4)

فِي (ك): "فكلمته أيضًا".

(5)

(ك): "فأرسلن".

(6)

وضع فوق: "ينشدنك" فِي (أ): "خ"، وفي الحاشية:"يسألنك" وعليها "خ".

(7)

"ينشدنك الله العدل" معناه: يسألنك بالله التسوية بينهم فِي محبة القلب.

ص: 573

تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ، فَسَبَّتْهَا حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَكَلَّمُ (1)؟ قَال: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَردُّ عَلَى زَينَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالتْ: فَنَظرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَائِشَةَ وَقَال: (إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ)(2). خرَّجه فِي كتاب "الهبة"، وخرَّجه فِي "المناقب" وفيه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْرَضَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَمَّا كَلَّمَتْهُ فِي شَانِ عَائِشَةَ فِي المَرَّتَينِ. قَال فِي الثَالِثَةِ: (يَا أُمَّ سَلَمَةَ لا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَالله مَا نَزَلَ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيرَهَا). والأَول أَتَم.

4309 -

(15) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم[إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم](3) فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي، فَأَذِنَ لَهَا فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيكَ (4) يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ (5) أَبِي قُحَافَةَ، وَأَنَا سَاكِتَة، قَالتْ: فَقَال لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَي بُنيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ ). فَقَالتْ: بَلَى. قَال: (فَأَحِبِّي هَذِهِ). قَالتْ: فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالتْ، وَبِالَّذِي قَال لَهَا رَسُولُ اللهِ، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نُرَاكِ أَغْنَيتِ عَنَّا مِنْ شَيءٍ، فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ (5) أَبِي قُحَافَةَ، فَقَالتْ

(1) فِي (ك): "تتكلم".

(2)

البخاري (5/ 205 - 206 رقم 2581)، وانظر (3775).

(3)

ما بين المعكوفين ليس فِي (ك).

(4)

قوله: "إليك" ضرب عليه فِي (أ).

(5)

فِي (ك): "بنت".

ص: 574

فَاطِمَةُ: وَاللهِ لا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا، قَالتْ عَائِشَةُ: فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم زَينَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِيني (1) مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَط خَيرًا فِي الدّينِ مِنْ زَينَبَ، وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بهِ وَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ (2) كَانتْ فِيهَا تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيئَةَ (3)، قَالتْ: فَاسْتَأذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَيهِ فَاطِمَةُ وَهُوَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، قَالتْ: ثُمَّ وَقَعَتْ بِي (4) فَاسْتَطَالتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا؟ قَالتْ: فَلَمْ تَبْرَحْ زَينَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يَكْرَه أَنْ أَنْتَصِرَ، قَالتْ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيتُ (5) عَلَيهَا (6)، قَالتْ: فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَبَسَّمَ: (إِنهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ)(7). وفِي رِوَايَة: لَمْ أَنْشَبْهَا أَنْ أَثْخَنْتُهَا غَلَبَةً (8).

(1)"تساميني" أي: تعادلني وتضاهيني فِي الحظوة والمنزلة والرفيعة، مأخوذ من السمو والارتفاع.

(2)

"سورة من حدة" السورة: الثوران وعجلة الغضب، وأما الحدة: فهي شدة الخلق وثورانه.

(3)

فِي (ك): "الفئة". والفيئة: الرجوع، أي: إذا وقع منها ذلك رجعت عنه سريعًا ولا تصر عليه.

(4)

"وقعت بي" أي: استطالت عليّ ونالت مني بالوقيعة فِيَّ.

(5)

نقطها الناسخ فِي (أ) بحيث تقرأ: "أنحيت"، و"أثخنت" وكتب فوقها "معًا".

(6)

"أنحيت عليها" أي: قصدتها واعتمدتها بالمعارضة.

(7)

مسلم (4/ 1891 - 1892 رقم 2442)، وتقدم عند البخاري فِي الَّذي قبله.

(8)

"لم أنشب أن أثخنتها غلبة" معنى لم أنشبها: لم أمهلها، وأثخنتها: أي: قمعتها وقهرتها.

ص: 575

لم يذكر البخاري قول عائشة فِي زينب وثناءها عليها، ولا ذكر الحدة [التي كانت فيها](1).

4310 -

(16) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ فَالتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيَتَفَفدُ يَقُولُ: أَينَ أَنَا الْيَوْمَ أَينَ أَنَا غَدًا؟ اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، قَالتْ: فَلَمَّا كَانَ يَومِي قَبَضَهُ اللهُ بَينَ سَحْرِي وَنَحْرِي (2). زاد البخاري: وَدُفِنَ فِي بَيتِي. وله فِي لفظ آخر: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ جَعَلَ يَدُورُ فِي نِسَائِهِ وَيَقُولُ: (أَينَ أَنَا غَدًا، أَينَ أَنَا غَدًا؟ ). حِرْصًا عَلَى بَيتِ عَائِشَةَ قَالتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ. وفِي لَفْظٍ آخر: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ.

4311 -

(17) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ قَبْلَ أنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ (3) إِلَى صَدْرِي (4)، وَأَصْغَتْ إِلَيهِ وَهُوَ يَقُولُ:(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَألْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ)(5).

4312 -

(18) وَعَنْهَا قَالتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَينَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالتْ: فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ: ({مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ

(1) ما بين المعكوفين ليس فِي (أ).

(2)

مسلم (4/ 1893 رقم 2443)، البخاري (2/ 377 رقم 890)، وانظر (1389، 3100، 3774، 4438، 4446، 4449، 4450، 4451، 5217، 6510).

(3)

فِي "مسلم" وحاشية (أ): "المسند" وعليه: "صح".

(4)

فِي "مسلم" وحاشية (أ): "صدرها" وعليه "خ".

(5)

مسلم (4/ 1893 رقم 2444)، والبخاري كما فِي الَّذي قبله.

ص: 576

وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}) (1). قَالتْ: فَظننْتُهُ خُيِّرَ حِينَئذٍ (2). في بعض طرق البخاري: بُحَّة شَدِيدَة. وفي بعضها: قُلْتُ: إِذَنْ لا يُجَاورنَا.

4313 -

(19) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ أَيضًا قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: (إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يُرَى مَقْعَدُهُ فِي (3) الْجَنَّةِ، ثمَّ يُخيَّرُ). قَالتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيهِ سَاعَةٌ، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْف (4)، ثُمَّ قَال:(اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى). قَالتْ عَائِشَةُ قُلْتُ: إِذًا لا يَخْتَارُنَا. قَالتْ عَائِشَةُ: وَعَرَفْتُ الْحَدِيث الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي قَوْلِهِ: (إِنَّهُ لَم يُقْبَضْ نَبِيٌّ (5) قَط حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخيَّرُ). قَالتْ عَائِشَةُ: فَكَانتْ تِلْكَ آخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى)(6).

4314 -

(20) وَعَنْهَا قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَينَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، فَخَرَجَتَا مَعَهُ جَمِيعًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ باللَّيلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتحَدَّثُ مهعَهَا، فَقَالتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: أَلا تَركَبِينَ اللَّيلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ، فَتَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ قَالتْ: بَلَى. فَرَكِبَتْ عَائِشَةُ عَلَى بَعِيرِ حَفْصَةَ، وَرَكِبَتْ حَفْصَةُ عَلَى بَعِيرِ عَائِشَةَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيهِ حَفْصَةُ فَسَلَّمَ، ثُمَّ سَارَ مَعَهَا حَتَّى نَزَلُوا فَافْتَقَدَتْهُ

(1) سورة النساء، آية (69).

(2)

انظر الحديث الَّذي قبله.

(3)

فِي (ك) وحاشية (أ): "من"، وعليه "خ".

(4)

"فأشخص بصره إلى السقف" أي: رفعه إلى السماء ولم يطرف.

(5)

قوله: "نبي" ليس فِي (أ).

(6)

انظر الحديث رقم (16 و 17) فِي هذا الباب.

ص: 577

عَائِشَةُ فَغَارَتْ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ تَجْعَلُ رِجْلَهَا بَينَ الإِذْخِرِ وَتَقُولُ: يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي، رَسُولُكَ وَلا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيئًا (1).

4315 -

(21) وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ)(2).

4316 -

(22) وَعَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا عَائِشُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيكِ السَّلامَ). فَقَالتْ: وَعَلَيهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ. قَالتْ: وَهُوَ يَرَى مَا لا أَرَى (3). وفي (4) بعض طرق البخاري: يَرَى مَا لا نَرَى. تُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وزاد: وَبَرَكَاتُهُ.

4317 -

(23) وَخَرَّجَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ قَال: اسْتَأذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قُبَيلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائشَةَ وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ، قَالتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ، فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ، قَالتْ: ائْذَنُوا لَهُ. فَقَال: كَيفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالتْ (5): بِخَيرٍ إِنِ اتَّقَيتُ. قَال: فَأَنْتِ بِخَيرٍ إِنْ شَاءَ اللهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ. وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيرِ خِلافَهُ، فَقَالتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى (6) عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ (7) أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا (8).

(1) مسلم (4/ 1894 - 1895 رقم 2445)، البخاري (9/ 310 رقم 5211).

(2)

مسلم (4/ 1895 رقم 2446)، البخاري (7/ 106 رقم 3770)، وانظر (5419، 5428).

(3)

مسلم (4/ 1895 رقم 2447)، البخاري (6/ 305 رقم 3217)، وانظر (3768، 6201، 6249، 6253).

(4)

فِي حاشية (أ): "وفي أخرى: ما ترى لا أرى".

(5)

فِي (ك): "فقالت".

(6)

فِي (أ): "وأثنى".

(7)

فِي (أ): "وودت".

(8)

البخاري (8/ 482 - 483 رقم 4753)، وانظر (3771، 4754).

ص: 578

4318 -

(24) وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَال: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه (1).

4319 -

(25) وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيرِ: لا تَدْفِنِّي مَعَهُمْ، وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيع، لا أُزَكَّى بِهِ (2) أَبَدًا (3).

4320 -

(26) مسلم. عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيئًا. قَالتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ (4) عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْرٍ لا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى وَلا سَمِينٌ فينْتَقَلَ (5). قَالتِ (6) الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لا أَبُثُّ خَبَرَهُ (7)، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لا أَذَرَهُ (8)، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وبجَرَهُ (9). قَالتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ (10) إِنْ أَنْطِقْ

(1) البخاري (7/ 106 رقم 3771)، وانظر (4753، 4754).

(2)

"لا أزكى به" أي لا يُثنى عليَّ بسببه ويجعل لي بذلك مزية وفضل.

(3)

البخاري (3/ 255 رقم 1391)، وانظر (7327).

(4)

المراد بالغث: الهزول. فالمعنى: أنَّه قليل الخير من أوجه: منها: كونه كلحم الجمل لا كلحم الضأن، ومنها: أنَّه مهزول ردئ، ومنها: أنَّه صعب التناول لا يوصل إليه إلَّا بمشقة.

(5)

في حاشية (أ): "فينتقي".

(6)

في (ك): "وقالت".

(7)

"لا أبث خبره" أي: لا أنشره وأذيعه.

(8)

"إني أخاف ألا أذره" فيه تأويلان: قيل أن الهاء عائدة على خبره، فالمعنى أن خبره طويل إن شرعت لا تفصيله لا أقدر على إتمامه لكثرته، وقيل: إن الهاء عائدة على الزوج وتكون لا زائدة ومعناه إني أخاف أن يطلقني فأذره.

(9)

"أذكر عجره وبجره" المراد بهما عيوبه، والعجر: أن يتعقد العصب والعروق حتَّى تراها ناتئة من الجسد، والبجر نحوها إلَّا أنها لا البطن خاصة، ورجل أبجر: أي عطم البطن.

(10)

"زوجي العشنق" أي: الطويل بلا نفع.

ص: 579

أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ (1). قَالتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيلِ تِهَامَةَ لا حَرَّ وَلا قُرَّ وَلا مَخَافَةَ وَلا سَآمَةَ (2). قَالتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ (3). قَالتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ (4)، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ (5)، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلا يُولِجُ الْكَفَّ ليَعْلَمَ الْبَثَّ (6). قَالتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ (7) طَبَاقَاءُ (8) كُل دَاءٍ لَهُ دَاءٌ شَجَّكِ أَوْ

(1)"إِن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق" المراد: إن ذكرت عيوبه طلقني، وإن سكت عنها علقني فتركني لا عزباء ولا مزوجة.

(2)

"زوجي كليل تهامة

الخ" هذا مدح بليغ، ومعناه: ليس فيه أذى بل هو راحة ولذاذة عيش، كليل تهامة معتدل ليس فيه حر ولا برد مفرط، ولا أخاف له غائلة، لكرم أخلاقه، ولا يسأمني ويملّ صحبتي.

(3)

"زوجي إن دخل فهد

الخ" هذا أيضًا مدح فقولها: فهد تصفه إذا دخل البيت بكثرة النوم والغفلة فِي منزله عن تعهد ما ذهب من متاعه وما بقي، وقولها: وإذا خرج أسد، هو وصف بالشجاعة، ومعناه: إِذا صار بين الناس أو خالط الحرب كان كالأسد.

(4)

"زوجي إذا أكل لف" اللف فِي الطعام: الإِكثار منه مع التخليط من صنوفه حتَّى لا يبقى منها شيئًا.

(5)

"وإن شرب اشتف" والاشتفاف فِي الشرب: أن يستوعب جميع ما فِي الإناء.

(6)

"ولا يولج الكف

الخ": قيل معناه: إن اضطجع ورقد التف فِي ثيابه فِي ناحية ولم يضاجعني ليعلم ما عندي من محبته، وقيل: إنه لا يفتقد أموري ومصالحي.

(7)

"زوجي غياياء أو عياياء" قيل وصفته بثقل الروح وأنه كالظل المتكاثف المظلم الَّذي لا إشراق فيه.

(8)

"طباقاء" المطبقة عليه أموره حمقًا، وقيل: هو العيي الأحمق الفدم وقولها: "شجك" هو جرحك فِي الرأس، و"فلك" الفل: الكسر والضرب، معناه: أنها معه بين شج الرأس وضرب وكسر عضو أو جمع بينهما.

ص: 580

فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ. قَالتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ (1) (2). قَالتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ (3)، طَويلُ النِّجَادِ (4)، عَظِيمُ الرَّمَادِ (5)، قَرِيبُ الْبَيتِ مِنَ النَّادِ (6). قَالتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، فَمَا مَالِكٍ مَالِكٌ خَيرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلاتُ (7) الْمَسَارِح، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ (8). قَالتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ (9)، وَمَلأَ مِن شَحْمٍ عَضُدَيَّ (10)،

(1) زاد فِي (ك): "وأنا أغلبه والناسَ يغلب".

(2)

"زوجي الريح ريح زرنب والمس مس أرنب" الزرنب: نوع من الطيب أرادت طيب ريح جسده وثيابه، والمسّ مس أرنب: صريح فِي لين الجانب وكرم الخلق.

(3)

"رفيع العماد": وصفه بالشرف وسناء الذكر. وقيل: إن بيته الَّذي يسكنه رفيع العماد ليراه الضيفان وأصحاب الحوائج فيقصدوه.

(4)

"طويل النجاد": تصفه بطول القامة، والنجاد حمائل السيف.

(5)

"عظيم الرماد": تصفه بالجود وكثرة الضيافة من اللحوم والخبز فيكثر وقوده فيكثر رماده.

(6)

"قريب البيت من الناد": النادي، والناد، والندى والمنتدى: مجلس القوم وصفته بالكرم والسؤدد.

(7)

فِي حاشية (أ): "قليل" وعليها "خ".

(8)

"زوجي مالك

الخ" معناه: أن له إِبلًا كثيرًا لا يوجهها تسرح إِلا قليلًا قدر الضرورة، ومعظم أوقاتها تكون باركة بفنائه، فإذا نزل به الضيفان كانت الإبل حاضرة، فيقريهم من ألبانها ولحومها. والمزهر: العود الَّذي يضرب. أرادت أن زوجها عوّد إبله إذا نزل به الضيفان نحر لهم منها وأتاهم بالعيدان والمعازف والشراب، فإذا سمعت الإبل المزهر علمن أنه قد جاءه الضيفان وأنهن منحورات هوالك. وقيل غير ذلك.

(9)

"أناس من حلى أذنيّ": النوس الحركة من كل شيء متدل، ومعناه حلاني قرطة وشنوفًا فهي تنوس أي تتحرك لكثرتها.

(10)

"وملأ من شحم عضدي" معناه: أسمنني وملأ بدني شحمًا.

ص: 581

وَبَجَّحَنِي فَبَجَحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي (1)، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيمَةٍ بِشِقٍّ (2) فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ (3)، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصبَحُ (4)، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ (5)، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ:[فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ (6)، وَبَيتُهَا فَسَاحٌ (7)، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ: فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ](8) مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ (9)، ويُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ (10)، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ: فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا،

(1)"وبجحني فبجحت إليّ نفسي" معناه: فرحني ففرحت. وقيل: عظمني فعظمت.

(2)

"وجدني فِي أهل غنيمة بشق": أي بشق جبل لقلتهم وقلة غنمهم.

(3)

"فجعلني فِي أهل صهيل وأطيط وداش ومنق" الصهيل: أصوات الخيل، والأطيط: أصوات الإبل وحنينها، ودائس: هو الَّذي يدوس الزرع فِي بيدره، ومنق: والمراد به الَّذي ينقى الطعام أي: يخرجه من بيته وقشوره، والمقصود: أنَّه صاحب زرع يدوسه وينقيه.

(4)

"وأرقد فأتصبح" أنام الصبحة، وهي بعد الصباح، أي أنها مكفية بمن يخدمها فتنام.

(5)

"وأشرب فأتقنح" هو بالنون بعد القاف، وقال بعضهم: فأتقمح بالميم، فأيهما معناه: أروى حتَّى أدع الشراب من شدة الري، ومنه: قمح البعير يقمح إذا رفع رأسه من الماء بعد الري. ومن قال بالنون معناه: أقطع المشرب وأتمهل فيه.

(6)

"عكومها رداح" العكوم: الأعدال والأوعية التي فيها الطعام والأمتعة، ورداح: أي عظام كبيرة، ومنه قيل للمرأة: رداح إذا كانت عظيمة.

(7)

"وبيتها فساح" أي واسع.

(8)

ما بين المعكوفين ليس فِي (ك).

(9)

"مضجعه كمسل شطبة" شطبة: هي ما شطب من جريد النخل أي: شق وهي السعفة، لأن الجريدة تشقق منها قضبان رقاق، ومرادها أنَّه مهفهف خفيف اللحم كالشطبة وهو مما يمدح به الرجل.

(10)

"ويشبعه ذراع الجفرة" الجفرة: هي الأنثى من أولاد المعز، وقيل: من الضأن، والمراد أنَّه قليل الأكل، والعرب تمدح به.

ص: 582

وَطَوْعُ أُمِّهَا (1)، وَمِلْءُ كِسَائِهَا (2)، وَغَيظُ جَارَتِهَا (3)، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ: فَمَا جَارِيَةُ (4) أَبِي زَرْعٍ لا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا (5)، وَلا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا (6)، وَلا تَمْلأُ بَيتَنَا تَعْشِيشًا (7). قَالتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ (8)، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَينِ يَلْعَبَانِ مِنْ تحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَينِ (9)، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا (10)، وَأَخَذَ خَطِّيًّا (11)،

(1)"طوع أبيها وطوع أمها" أي: مطيعة لهما، منقادة لأمرهما.

(2)

"ملء كسائها" أي: ممتلئة الجسم سمينة.

(3)

"وغيظ جارتها" قالوا المراد بجارتها: ضرتها، يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها، وعفتها وأدبها.

(4)

فِي (ك): "جارته".

(5)

"لا تبث حديثنا تبثيثا" أي: لا تشيعه وتظهره بل تكتم سرنا وحديثنا كله.

(6)

"ولا تنقث ميرتنا تنقيثا" الميره: الطعام المجلوب، ومعناه لا تفسده ولا تفرقه ولا تذهب به، وهو وصفها بالأمانة.

(7)

"ولا تملأ بيتنا تعشيشًا" أي: لا تترك الكناسة والقمامة فيه متفرقة كعش الطائر، بل هي مصلحة للبيت معتنية بتنظيفه.

(8)

"والأوطاب تمخض" الأوطاب: جمع وطب هي أسقية اللبن التي يمخض فيها،

(9)

"يلعبان تحت خصرها برمانتين" قال أبو عبيد: معناه: أنها ذات كفل عظيم فإذا استلقت على قفاها نتأ الكفل بها من الأرض، حتَّى تصير تحتها فجوة يجري فيها الرمان. وقيل غير ذلك.

(10)

"رجلًا سريًّا ركب شريًّا" سريا معناه: سيدًا شريفًا. وشريًّا: هو الفرس الَّذي يستشري فِي سيره أي يلح ويمضي.

(11)

"وأخذ خطيًّا" الخطي: الرمح، منسوب إلى الخط، قرية من سيف البحر أي ساحله عند عثمان والبحرين.

ص: 583