المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ٣

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَاب الجِهادِ

- ‌إِبَاحَةُ القِتَالِ قَبلَ الدَّعوةِ، وفِي الدَّعْوَةِ قَبْلَهُ، ومَا يُوصى بِهِ للغُزَاةِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الغَادِرِ

- ‌بَابُ الحَرْبُ خدعَةٌ

- ‌النَّهي عَنْ تَمَنِّي لِقَاء العَدو

- ‌مَنْ أَرَادَ غَزوَةً فَوَرَّى بِغَيرِهَا ووَقْتُ الغَارَةِ ومَنْ أَحَبَّ الخُرُوج يَومَ الخمِيسِ

- ‌تَحْرِيقُ النَّخْلِ وقَطْعِهَا

- ‌تَحْلِيلُ الغَنَائِمِ

- ‌فِي النَّفْلِ والقسْمَةِ وَمَا جَاءَ فِي سَلَبِ القَتِيلِ

- ‌بَابُ فَكَاكِ الأَسيرِ

- ‌بَابٌ فِي أَرْضِ الصُّلحِ والعَنْوَةِ ومَا لم يُوجَفْ عَلَيهِ بِقِتَال

- ‌قسْمُ الغَنِيمةِ

- ‌بَابُ إِذَا غَنِمَ المشْركُون مَال الْمُسْلِم ثمَّ وَجَدَهُ الْمُسْلِمُ

- ‌باب

- ‌الْمَنُّ عَلَى الأسِيرِ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلٍ

- ‌بابٌ

- ‌ذِكْرُ يَوْمَ الحُدَيبِيَةِ

- ‌الوَفَاءُ بالعَهْدِ

- ‌ذكْرُ مَا أوذِيَ بِه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ

- ‌قِصَّةُ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ

- ‌غَزْوَةُ خَيبَرٍ والخَنْدَقِ وذِي قَرَدٍ

- ‌بَعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِدًا إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ

- ‌قَتْلُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ وخُبَيبِ بْنِ عَدِي رضي الله عنهما

- ‌الغَزْو بِالنِّسَاءِ

- ‌عَدَد غَزَواتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌لا يُسْتعَان بالمشْرِكينَ في قِتَال العَدُوِّ

- ‌بَابٌ

- ‌في الْجِزْيَةِ

- ‌ باب

- ‌فَضْلُ قُرَيشٍ

- ‌الاسْتِخْلافُ وتَرْكِهِ

- ‌فِيمَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ

- ‌بَابُ مَنْ تَأَمَّرَ في الحَرْبِ مِنْ غَيرِ إِمْرةٍ إِذَا خَافَ العَدُوّ

- ‌في الإمَامِ العَادِلِ

- ‌بَابُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ، ومَا جَاءَ في الأَمِيرِ الغَاشِّ لِرَعِيَّتِهِ

- ‌في الْغَلُولِ وَفِي الأمِيرِ يَقْبَلُ الْهَدِيَةَ

- ‌الطَّاعَةُ للأَمِيرِ

- ‌بَيعَةُ الرِضْوَانِ

- ‌بَابُ لا هِجْرَةَ بَعْد الفَتْحِ

- ‌بَيعَةُ النِّسَاءِ

- ‌بَيعَةُ الصَّغِيرِ

- ‌البَيعَةُ عَلَى السَّمْع والطَّاعَةِ

- ‌الحَدُّ بَينَ الْكَبِيرِ والصَّغِيرِ

- ‌النَّهِي أَن يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌المُسَابَقَةُ بَيْنَ الخَيلِ

- ‌بَابُ فَضِيلَةِ الخيلِ

- ‌فَضْلُ الجِهَادِ

- ‌بَابٌ

- ‌فَضْلُ الغَزْوِّ فِي البَحْرِ

- ‌فِي فَضْل الرِبَاطِ وعَدَد الشُّهدَاءِ وفِي فَضِيلةِ الرَّمِي

- ‌بَابٌ

- ‌بابٌ فِي التعْقِيبِ

- ‌فِي سَيْرِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ

- ‌قوله عليه السلام: " (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمتِي ظَاهِرِينَ

- ‌بَابٌ

- ‌النَّهْي أَن يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيلًا

- ‌بَابُ تَلَقّي الغَازِي

- ‌كِتَابُ الصَّيدِ والذبَائِح

- ‌فِي العَقِيقَةِ

- ‌كتَابُ الأَشْرِبَةِ والأَطْعِمَةِ

- ‌بَابٌ فِي اللِّبَاسِ والزِّينَةِ

- ‌بَابُ الانْتِعَالِ

- ‌بَابُ الصُّوَرِ

- ‌بَابُ الجَرَسِ

- ‌النَّهْي عَنْ القَزَع وَعَنْ وَصلِ الشَّعرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ لَعنِ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌ باب

- ‌في الأسْمَاءِ والكُنَى

- ‌بَابٌ فِي الاستئْذَانِ والسَّلامِ

- ‌بَابٌ

- ‌فِي التَّنَاجِي

- ‌بَابٌ فِي الرُّقي والطِّبِ

- ‌بَابٌ فِي الطاعُونِ

- ‌بَابٌ فِي العَدْوَى والطِّيَرَةِ والفَأْلِ والشُّؤْمِ

- ‌بَابٌ فِي الكُهَّانِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ فِي قَتْلِ الحَيَّاتِ

- ‌بَابٌ فِي قَتْلِ النَّمْلِ

- ‌بَابٌ فِي الرِّفْقِ بالبَهَائِمِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ سَبِ الدَّهْرِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ أَن يَقُولَ عَبْدِي أَو أَمَتِي

- ‌بَابُ النَّهْي أَن يَقُولَ خَبُثَتْ نَفْسِي

- ‌بَابٌ فِي الطِّيبِ

- ‌بَابُ فِي الشِّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي النَّرْدَشِيرِ

- ‌بَابٌ فِي الرُّؤْيَا

- ‌كِتَابُ المَنَاقِبِ

- ‌ذِكْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ عِيسى بْنِ مَرْيَم عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ ومُوسَى وَلُوطَ وَيُونُسَ وَيُوسُفَ وَزَكَرِيَا ودَاوُدَ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلام

- ‌قِصَّةُ مُوسَى والخَضِرِ صَلَّى الله عَلَيهمَا وَسَلَّمَ

- ‌قِصةُ أَبِي بَكْر الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنهما

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَبَيعَةُ عُثْمانَ، وفَضَائِلُهُ

- ‌ذِكْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، وَالزُّبَيرِ بْنِ العَوَّامِ، وَأَبِي عُبَيدَةَ بْنِ الْجَرَّاع، وَسَعِيد بْنِ زَيدٍ رضي الله عنه أجمعين

- ‌ذِكْرُ الحَسَن والحُسَين رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ زَيدِ بْنِ حَارِثَةَ، وابْنِهِ أُسَامَةَ، وعَبْد اللهِ بن الزُّبَيرِ، وعَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ جَعْفَر بْنِ أَبِي طَالِبٍ وخَالِد بْنِ الوَلِيدِ

- ‌ذِكْرُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيلِدٍ وعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما

- ‌ذَكْرُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها

- ‌ذِكْرُ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ وزَينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أُمَّيِّ الْمُؤمِنِين رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ أُمِّ أَيمَن وأُمِّ سُلَيم رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ أَبِي طَلْحةَ وبِلال وعَبْد اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ أبِي بن كَعبٍ، وَسَعدِ بْنِ مُعَاذٍ، وأَبِي زَيدٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ أَبِي دُجَانَةَ سِمَاك بْنِ خَرَشَةَ وعَبْد اللهِ بْنِ حَرَامٍ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ جُلَيبِيبِ وعَمرِو بْنِ تَغْلِب

- ‌ذِكْرُ عمَّار بنِ يَاسرٍ وحُذَيفَةَ بْنِ اليَمَانِ وحَارِثَةَ بْنِ سرُاقَةَ

- ‌ذِكْرُ أَبِي ذَرِّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادة

- ‌ذِكْر جَرِير بْنِ عَبْد اللهِ وعَبْدِ اللهِ بْنِ عَباس وعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ خُزَيمَةَ بْنِ ثَابِت ومُعَاويَةَ بْنِ أَبِي سفْيَان

- ‌ذِكْرُ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمرٍو وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌ذِكْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ حَسَّان بْنِ ثَابِت وأَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وأصحَابِ الشَّجَرَةِ، وأَبِي سُفْيَان، وأصحَابِ الهِجْرَتَينِ، وذِكْرُ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيس الأَشْعَرِيّ

- ‌ذكْرُ سَلْمَان وَصُهَيبٍ وبِلالٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ أسَيدِ بْنِ حُضَيرٍ وعَبَّادِ بْنِ بِشْر وقَيسِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌ذِكْرُ الأنْصَار

- ‌ذِكْرُ أَسْلَمِ وغِفَار وغَيرهما

- ‌ذِكْرُ نِسَاءِ قُرَيشٍ

- ‌فِي الْمُؤاخَاةِ والحِلْف

- ‌ذِكْرُ أوَيسِ بْنِ عَامِرٍ القَرَنِيِّ

- ‌بَابُ بِرِّ الوَلِدَينِ

- ‌بَابٌ فِي البِرِ والإِثْمِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ والنَّهْي عَنِ التَّقَاطع

- ‌بَابُ مَا يَكُون مِنِ الظنِّ

- ‌بَابٌ في الْمُتَحابِّينَ في اللهِ عز وجل

- ‌بَابٌ في عِيادَةِ المَرِيضِ وثَوَابِ المَصَائِبِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ في الترَاحُم والتعَاون والعَفْو والتواضُعِ

- ‌بَابٌ

- ‌في سَتْرِ الْمُسْلِمِ والْمُدَارَاةِ والرِّفقِ

- ‌بَابٌ في اللَّعنِ

- ‌بَابٌ في ذِي الوَجْهَينِ

- ‌بَابُ مَا جَاء في الكَذِبِ في الإِصْلاحِ بَينَ النَّاسِ في الحَرْبِ

- ‌بَابٌ في الصِّدْقِ والكَذِبِ والنَّمِيمَةِ

- ‌بَابٌ في الغَضَبِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ ضَرْبِ وَجْهِ المُسْلِمِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ يُعَذب النَّاسَ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ مَرَّ بِسِهَامٍ في يَدِهِ

- ‌النهْي أَن يُشِيرَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَخِيه بِالسِّلاحِ

- ‌في إِمَاطَةِ الأذَى عَنِ الطَرِيقِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بَابٌفي الكِبْرِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌‌‌بَابٌفي حُسْنِ الجِوارِ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ في الإحْسَانِ إِلَى البَنَاتِ وفِيمَن مَاتَ لَهُ وَلَدٌ

- ‌بَابٌ

الفصل: ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل

أَعْطَاهُ. قال أَنَسٌ: وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأسْأَلَهُ (1) مَا كَانَ أَهْلُهُ أَعْطوْهُ، أَوْ بَعْضَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيمَنَ، فَأَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِيهِنَّ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ في عُنُقِي، وَقَالتْ: وَاللهِ لا نُعْطِيكَهُنَّ وَقَدْ أَعْطَانِيهِنَّ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(يَا أُمَّ أَيمَنَ اتْرُكِيهِ، وَلَكِ كَذَا وَكَذَا). وَتَقُولُ (2): وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: كَذَا حَتَّى أَعْطَاهَا عَشْرَةَ أَمْثَالِهِ، أَوْ قَرِيِبًا مِنْ عَشْرَةِ أَمْثَالِهِ (3).

3053 -

(3) وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفلٍ قَال: أَصَبْتُ جِرَابًا (4) مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيبَرَ، قَال: فَالْتَزَمْتُهُ فَقُلْتُ: لا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيئًا. قَال: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتَبَسِّمًا (5). وفي لفظ آخر: قَال: رُمِيَ إِلَينَا جرَابٌ فِيهِ طَعَامٌ وَشَحْمٌ يَوْمَ خَيبَرَ، فَوَثَبْتُ لآخُذَهُ، قَال: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَحْيَيتُ مِنْهُ. لم يخرج البخاري اللفظ الأول قبل هذا، وقَال: كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيبَرَ. وخرَّج عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: كُنَّا نُصِيبُ في مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ وَلا نَرْفَعُهُ (6).

‌كِتَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلٍ

3054 -

(1) مسلم. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيهِ،

(1) في (ك): "فنسأله".

(2)

في (أ): "ويقول"، وفي (ك) غير منقوطة، والمثبت من "صحيح مسلم".

(3)

انظر الحديث رقم (1) في هذا الباب.

(4)

الجراب: وعاء من جلد.

(5)

مسلم (3/ 1393 رقم 1772)، البخاري (6/ 255 رقم 3153)، وانظر (5508، 4214).

(6)

البخاري (6/ 255 رقم 3154).

ص: 41

قَال: انْطَلَقْتُ في الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَينِي وَبَينَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: فَبَينَمَا (1) أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى هِرَقْلَ، قَال: وَكَانَ دَحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى (2) إلَى هِرَقْلَ، فَقَال هِرَقْلُ: هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنهُ نَبِيٌّ؛ قَالُوا (3): نَعَمْ. قَال: فَدُعِيتُ في نَفَرٍ مِنْ قُرَيشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ، فَأَجْلَسَنَا بَينَ يَدَيهِ، فَقَال: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنهُ نَبِيٌّ؟ قَال أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا. فَأَجْلَسُونِي بَينَ يَدَيهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي، فَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَال: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنِ هَذَا (4) الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنهُ نَبِيٌّ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ، قَال: فَقَال أَبُو سُفْيَانَ: وَايمُ اللهِ لَوْلا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ، ثُمَّ قَال لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُ كَيفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ (5)؟ قَال قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ. قَال: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟ قُلْتُ: لا. قَال: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال؟ قُلْتُ: لا. قَال: وَمَنِ اتَّبَعَهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَال: أَيزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: لا، بَلْ يَزِيدُونَ. قَال: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِيِنِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ؟ قَال قُلْتُ: لا. قَال: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَكَيفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قَال قُلْتُ: يَكُونُ الْحَرْبُ بَينَنَا وَبَينَهُ سِجَالًا (6) يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ. قَال: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لا، وَنَحْنُ مِنْهُ

(1) في (ك): "فبينا".

(2)

"بصرى": هي مدينة حوران ذات قلعة وأعمال قريبة من طرف البرية التي بين الحجاز والشام.

(3)

في (ك): "فقالوا".

(4)

قوله: "هذا" ليس في (ك).

(5)

"حسبه فيكم" أي: نسبه.

(6)

"سجالًا" أي نوبا، نوبة لنا ونوبة له.

ص: 42

في مُدَّةٍ لا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا. قَال: فَوَاللهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيئًا غَيرَ هَذِهِ، قَال: فَهَلْ قَال هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ (1) قَبْلَهُ؟ قَال: قُلْتُ: لا. قَال لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ في أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ في (2) آبَائِهِ مَلِكٌ (3)، فَزَعَمْتَ أَنْ لا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ، فَقُلْتَ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال، فَزَعَمْتَ أَنْ لا، فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ، وَسَأَلتكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِيِنِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ فِيهِ (4) سَخْطَةً لَهُ (5)، فَزَعَمْتَ أَنْ لا فَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ (6)، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أَنهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ، فَزَعَمْتَ أَنكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَينَكُمْ وَبَينَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، ثُمَّ تَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لا يَغْدِرُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَال هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لا، فَقُلْتُ: لَوْ قَال هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ، ثُمَّ قَال: بِمَ يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ، قَال: إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا

(1) في (أ): "أحدًا".

(2)

في (ك): "من".

(3)

في (ك): "من ملك".

(4)

في (ك): "يدخل فيه".

(5)

"سخطة له" السخط: كراهة الشيء وعدم الرضا به.

(6)

"بشاشة القلوب" يعني: انشراح الصدور.

ص: 43

إِنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيهِ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ. قَال: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَينِ، وَإِنْ تَوَلَّيتَ فَإِنَّ عَلَيكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ (1)، وَ {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَينَنَا وَبَينَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ} إِلَى قَوْلِهِ:{اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (2)]. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغْطُ، وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا، قَال فَقُلْتُ لأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ (3)، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ (4)، قَال: فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ عَلَيَّ الإِسْلامَ (5).

وزاد في لفظ آخر: وَكَانَ قَيصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيليَاءَ (6) شُكْرًا لِمَّا أَبْلاهُ اللهُ، وفيه:"مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ. وَقَال: "إِثْمَ الأرِيسِيِّينَ (7)". وَقَال: "بِدَاعِيَةِ الإِسْلامِ".

(1)"الأريسين" الأشهر: أنهم الأكارون أي: الفلاحون والزارعون.

(2)

سورة آل عمران، الآية (64).

(3)

"لقد أمر أمر ابن أبي كبشة" قوله: أمر: أي عظم، وابن ابى كبشة: قيل: هو رجل من خزاعة كان يعبد الشعرى ولم يوافقه أحد من العرب في عبادتها فشبهوا النبي صلى الله عليه وسلم به لمخالفته إياهم في دينهم كما خالفهم أبو كبشة، وقيل غير ذلك.

(4)

بنو الأصفر: هم الروم.

(5)

مسلم (3/ 1393 - 1397 رقم 1773)، البخاري (6/ 109 - 111 رقم 2940)، وانظر (7، 51، 2681، 2804، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7541، 7196).

(6)

"إيلياء": هو بيت المقدس.

(7)

في حاشية (أ): "اليريسيين" وعليها "خ".

ص: 44

خرَّجه البخاري في "باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس (1) إلى الإسلام"، عَنْ (2) ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى قَيصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيهِ دِحْيَةَ (3)، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيصَرَ، وقَال فِيه: فَأَخْبَرَنِي أَبو سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ في رِجَالٍ مِنْ قُرَيشٍ قَدِمُوا في تِجَارةٍ في الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَينَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَينَ كُفَّارِ قُرَيشٍ. قَال أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيصَرَ بِبَعْضِ الشَّامِ، فَانْطُلِقَ بِي وَبِأَصْحَابِي حَتَّى قَدِمْنَا إِيِليَاءَ فَأُدْخِلْنَا عَلَيهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ في مَجْلِسِ مُلْكِهِ وَعَلَيهِ التَّاجُ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، فَقَال لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نبِيٌّ؟ قَال أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْربهُمْ إِلَيهِ نَسَبًا. قَال: مَا قَرَابَةُ مَا (4) بَينَكَ وَبَينَهُ، فَقُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي، وَلَيسَ في الرَّكْبِ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيرِي، فَقَال قَيصَرُ: أَدْنُوهُ وَأَمَرَ بِأَصْحَابِي فَجُعِلُوا خَلْف ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي، وفِيه: قَال فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ؟ قَال: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَلا نُشركُ بِهِ شَيئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ أبَاؤُنَا، وَيَأمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ (5) وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ. وقَال فِيه: وَسَأَلْتُكَ بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأمَانَةِ، قَال: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنهُ خَارِجٌ، وقَال فِيه: وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ يُخالِطُ بَشَاشَةَ الْقُلُوبَ لا يَسْخَطُهُ أَحَد.

(1) قوله: "الناس" ليس في (ك).

(2)

في (ك): "وعن".

(3)

في (ك): "إلى دحية".

(4)

قوله: "ما" ليس في (ك).

(5)

في حاشية (أ): "والصدق".

ص: 45

وفِي آخره: قَال أَبُو سُفْيَانَ: وَاللهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا مُسْتَيقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ قَلْبِي (1) الإِسْلامَ وَأَنَا كَارِهٌ. وخرَّجه في أول كتابه وزاد فيه قال: وَكَانَ ابْنُ النَّاطُورِ صَاحِبُ إِيليَاءَ، وَهِرَقْلَ سُقُفًّا (2) عَلَى نَصَارَى أَهْلِ الشَّامِ يُحَدِّثُ: أَنَّ هِرَقْلَ قَدِمَ إِيليَاءَ أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ (3)، فَقَال بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ (4): قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيئَتَكَ، قَال ابْنُ النَّاطُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً (5) يَنْظُرُ في النُّجُومِ، فَقَال لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي نَظَرْتُ اللَّيلَةَ حِينَ نَظَرْتُ في النُّجُومِ أنَّ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيسَ يَخْتَتِنُ إِلا الْيَهُودُ، فَلا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ فَلْيَقْتُلُوا (6) مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْيَهُودِ، فَبَينَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَال: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لا؟ فَنَظُرُوا إِلَيهِ فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْعَرَبِ؟ فَقَال: هُمْ يَختتِنُونَ. فَقَال هِرَقْلُ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ، ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَّةَ (7)، وَكَانَ نَظِيرَهُ في الْعِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ فَلَمْ يَرِمْ (8) حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأىَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ في دَسْكَرَةٍ (9) لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَال: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ في الْفَلاحِ وَالرُّشْدِ،

(1) في (ك): "عليَّ".

(2)

الأسقف والسقف: رئيس دين النصارى.

(3)

"خبيث النفس": رديء النفس غير طيبها أي: مهمومًا.

(4)

"بطارقته" جمع بطريق، وهم خواص دولة الروم.

(5)

"حزاءًا" أي: كاهنا.

(6)

في (ك) منقوطة من أعلى وأسفل: "فليقتلوا" و"فلتقتلوا".

(7)

"برومية" هي مدينة معروفة للروم.

(8)

"فلم يرم" أي: لم يبرح مكانه.

(9)

الدسكرة: القصر الَّذي حوله بيوت.

ص: 46

وَأنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ؟ فَتُبَايِعُوا (1) هَذَا النَّبِيَّ، فَحَاصُوا حَيصَةَ (2) حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ وَيَئِسَ مِنَ الإِيمَانِ قَال: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَال: إِنِّي قُلْتُ مَقَالتِي آنِفًا أَخْتَبِر بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ (3) ذَلكَ آخرَ شَأْنِ هرَقْلَ.

3055 -

(2) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى كِسْرَى (4) وَإِلَى قَيصَرَ (5) وَإِلَى النَّجَاشِيِّ (6)، وَإِلَى كلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إلَى اللهِ عز وجل، وَلَيسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (7). لم يخرج البخاري هذا الحديث إلا قصة الكتاب إلى قيصر فإنه أخرجها من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي سفيَانَ كَمَا تقدَّم في الحدِيثِ قَبل.

3056 -

(3) وخرَّج عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيضًا؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظيمِ الْبَحْرَينِ، فَدَفَعَة عَظيمُ الْبَحْرَينِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ (8) أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَال: فَدَعَا عَلَيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ (9). خرَّجه في كتاب "العلم" في باب (10)" ما يذكر في المناولة" و "كتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان" وخرَّجه في آخر "المغازي" وفي "الجهاد" في بعض طرقه أنَّه عليه السلام بعثه مع عبد الله بن حذافة السَّهمي.

(1) في (ك): "فبايعوا".

(2)

"حاصوا حيصة" أي: نفروا.

(3)

في (أ): "وكان".

(4)

"كسرى": لقب لكل ملك مَنْ ملوك الفرس.

(5)

"قيصر": لقب مَن مَلَك الروم.

(6)

"النجاشي": لقب لكل مَن مَلَك الحبشة.

(7)

مسلم (3/ 1397 رقم 1774).

(8)

في (أ): "فحسب".

(9)

البخاري (1/ 154 رقم 64)، وانظر (2939، 4424، 7264).

(10)

في (ك): "كتاب".

ص: 47