الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَلَيسَ فِيكم أَوْ مِنْكُم صَاحِبُ السِّرِّ الذي لا يَعلَمُهُ غَيرُهُ؟ يَعْنِي حُذَيفَةَ، قَال: قُلْتُ: بَلَى. قَال: أَلَيسَ فِيكُم أَوْ مِنْكُمِ الذي أَجَارَهُ الله عَلَى لِسَانِ نَبِيِّه؟ يَعنِي (1) مِنَ الشَّيطَانِ يَعنِي عَمَّارًا، قُلْتُ: بَلَى. قَال: أَلَيسَ فِيكُم أَوْ مِنْكُم صَاحبُ السِّوَاكِ أَو السِّوَاد (2)؟ قَال: بَلَى. قَال: كَيفَ كَانَ عَبْدُ اللهِ يَقْرَأُ {وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} (3)؟ قُلْتُ: وَالذكَرِ وَالأُنْثَى، قَال: مَا زَال بِي هؤُلاءِ حَتى كَادُوا يَسْتَنْزِلُونَنِي عَنْ شَيءٍ سَمِعتُهُ مِنْ النبِيّ صلى الله عليه وسلم (4). وفي طريق أخرى: صَاحِبُ النعلَينِ وَالوسَادَةِ والْمَطْهرَةِ، وفي آخر: صَاحِبُ السِّوَاكِ وَالْوسَادَةِ.
4364 -
(2) وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَلِكٍ قَال: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بدرٍ وَهُوَ غُلامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالتْ (5): يَا رَسُولَ الله قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنةِ أَصبر وَأَحتَسِبْ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصنَعُ، فَقَال:(وَيحَكِ أَوَهبِلتِ (6)، أَوَ جَنَّةٌ وَاحِدَة هِيَ إِنها (7) جِنَان كَثِيرَة، وَإِنهُ لَفِي (8) جَنةِ الْفردوْسِ) (9).
ذِكْرُ أَبِي ذَرِّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادة
4365 -
(1) مسلم. عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الصَّامِتِ قَال: قَال إبو ذَر: خَرَجْنَا مِنْ (10) قَوْمِنَا غِفَارٍ وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيس
(1) كتب فوق "يعني" في (أ): "خ".
(2)
في حاشية (أ): "السواد: الكلام الخفي شبه السر".
(3)
سورة الليل، آية (1 و 2).
(4)
البخاري (7/ 90 - 91 رقم 3743)، وانظر (3287، 4943، 3742، 6278، 4944).
(5)
قوله: "فقالت" ليس في (ك).
(6)
في (ك): "أهبلت".
(7)
في (أ): "هي إنما هي".
(8)
في حاشية (أ): "في" وعليها "خ".
(9)
البخاري (11/ 415 رقم 6550)، وانظر (2809، 3982، 6567).
(10)
في (ك): "مع".
وَأُمُّنَا فَنَزَلْنَا عَلَى خَالي لَنَا فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحسَنَ إِلَينَا، فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ فَقَالُوا: إِنك إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكَ خَالفَ إِلَيهم أُنَيسٌ، فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا عَلَينَا (1) الذي قِيلَ لَهُ، فَقُلْتُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعرُوفِكَ فَقَد كَدَّرتَهُ وَلا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ، فَقَرَّبْنَا صِرمَتَنَا (2) فَاحتَمَلْنَا عَلَيها، وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يبكِي، فَانْطَلَقْنَا (3) حَتى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكةَ، فَنَافَرَ أُنَيسٌ (4) عَنْ صِرمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِها، فَأَتَيَا الْكَاهِنَ فَخيَّرَ أُنَيسًا، فَأَتَى (5) أُنَيسٌ بِصِرمَتِنَا وَمِثْلِها مَعَها، قَال: وَقَد صَليتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بِثَلاثِ سِنِينَ، قُلْتُ لِمَن؟ قَال: لِلهِ. قُلْتُ: فَأَينَ تَوَجهُ؟ قَال: أَتَوَجَّهُ حَيثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي أُصَلِّي عِشَاء حَتى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ الليلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ (6) حَتى تَعْلُوَنِي الشَّمسُ، فَقَال أُنَيسٌ: إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكةَ فَاكْفِنِي، فَانْطَلَقَ أُنَيسٌ حَتى أَتَى مَكةَ فَرَاثَ (7) عَلَى ثُمَّ جَاءَ، فَقُلْتُ: مَا صَنَعتَ؟ قَال: لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكةَ عَلَى في دينك يَزْعُمُ أَنَّ الله أَرسَلَهُ، قُلْتُ: فَمَا يَقُولُ الناسُ؟ قَال: يَقُولُونَ شَاعِر كَاهِنٌ سَاحِرٌ، وَكَانَ أُنَيسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ، قَال أُنَيسٌ: لَقَد سَمِعْتُ قَوْلَ الْكهنَةِ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِم، وَلَقَد وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشعرِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعدِي (8) أَنهُ شِعرٌ، وَاللهِ إِنهُ لَصَادِقٌ وَإِنهم لَكَاذِبُونَ. قَال: قُلْتُ: فَاكْفِنِي حَتى أَذْهبَ
(1)"فنثا علينا": أي: أشاعه وأفشاه وأظهره.
(2)
"فقربنا صرمتنا" الصِّرمة: هي القطعة من الإبل، وتطلق على القطعة من الغنم.
(3)
في (ك): "وانطلقنا".
(4)
"فنافر أنيس" أي تراهن هو وآخر أيهما أفضل وكان الرهن صرمة ذا وصرمة ذاك فأيهما أفضل أخذ الصرمتين جميعًا.
(5)
في (ك): "وأتى".
(6)
"كأني خفاء" الخفاء: هو الكساء.
(7)
"فراث عليّ " أي: أبطأ.
(8)
في (أ): "بعربي".
فَأَنْظرُ قَال: فَأَتَيتُ مَكةَ فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا (1) مِنْهُم فَقُلْتُ: أَينَ هذَا الذي تَدعُونَهُ الصَّابِئَ؟ فَأَشَارَ إلَيَّ فَقَال: الصَّابِئَ، فَمَال عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُل مَدَرَةٍ (2) وَعَظْمٍ حَتى خَرَزتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، قَال: فَازتَفَعتُ حِينَ ازتَفَعتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، قَال: فَأَتيتُ زمزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّي الدِّمَاءَ (3) وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِها، وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَا ابْنَ أَخِي ثَلاثِينَ بَينَ لَيلَةٍ وَيَوْمٍ مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلا مَاءُ زَمزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطني (4)، وَمَا وَجَدتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعِ (5) قَال: فَبَينَا أَهْلِ مَكةَ فِي لَيلَةٍ قَمرَاءَ إِضْحِيَانَ (6) إِذْ ضُرِبَ عَلَى أَسْمِخَتِهِم (7)، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيتِ أَحَدٌ وَامرأتَانِ مِنْهُم تدعُوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ، قَال: فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوَافِهِمَا فَقُلْتُ: أَنكحَا أَحَدَهُمَا الأُخْرَى، قَال: فَمَا تَنَاهتَا (8) عَنْ قَوْلِهِمَا، قَال: فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوافِهِمَا فَقُلْتُ: هن مِثْلُ الْخَشَبَةِ (9) غَيرَ أَنِّي لا أَكْنِي، فَانْطَلَقَتَا تُوَلْولانِ (10) وَتَقُولانِ: لَوْ كَانَ هاهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا، قَال: فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأبو بَكْر وَهُمَا هابِطَانِ، فَقَال:(مَا لَكُمَا؟ ) فَقَالتَا (11): الصَّابِئُ بَينَ الْكعبَةِ وَأَسْتَارها، قَال:(مَا قَال لَكُمَا؟ ). قَالتَا: إِنهُ قَال لَنَا كَلِمَةً تَفلأُ الْفَمَ (12). وَجَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتى استَلَمَ الْحَجَرَ
(1)"فتضعفت رجلًا" يعني: نظرت إلى أضعفهم فسألته.
(2)
مدرة: أي قطع الطين اليابسة.
(3)
في (أ): "الدم".
(4)
"تكسرت عكن بطني" يعني: انثنت لكثرة السمن وانطوت.
(5)
"سخفة جوع": هي رقة الجوع وضعفه.
(6)
"قمراء إضحيان" قمراء: معناه: مقمرة طالعة قمرها. وإضحيان: أي مشيئة.
(7)
المراد بأسمختهم هنا الآذان، أي: ناموا.
(8)
في (ك): "ثناهما".
(9)
"هن مثل الخشبة" الهن والهنة: هو كناية عن كل شيء، وأراد بذلك سب إساف ونائلة وغيظ الكفار بذلك.
(10)
الولولة: الدعاء بالويل.
(11)
في (ك): "قالت".
(12)
"كلمة تملأ الفم" أي عظيمة لا شيء أقبح منها.
وَطَافَ بِالْبَيتِ هُوَ وَصَاحِبُهُ ثُمَّ صَلى، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَال أبو ذَر: فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيكَ يَا رَسُولَ الله، فَقَال:(وَعَلَيكَ وَرَحمَةُ الله). ثُمَّ قَال: (مَنْ أَنْتَ؟ ) قَال (1) قُلْتُ: أَنَا مِنْ غِفَارٍ. قَال: فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلَى جَبْهتِهِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كَرِة أَنِ انْتَمَيتُ إِلَى غِفَارٍ، فَذهبْتُ أخُذُ بِيَدِهِ فَدَفَعَنِي (2) صَاحِبُهُ، وَكَانَ أَعلَمَ بِهِ مِنِّي (3)، لُمَ رَفَعَ رَأسَهُ فَقَال:(مَتَى كُنْتَ هاهُنَا؟ ). قَال: قَدْ كُنْتُ هاهُنَا مُنْذُ ثَلاثِينَ بَينَ لَيلَةٍ وَيَوْمٍ (4). قَال: (فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ ). قَال قُلْتُ: مَا كانَ لِي طَعَامٌ إِلا مَاءُ زَمزَمَ فَسَمِنْتُ حَتى تَكَسَرَتْ عُكَنُ بَطني وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ. قَال: (إِنها مُبَارَكَة إِنَّها طَعَامُ طُعمٍ). فَقَال أبو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ الله ائذَنْ لِي فِي طَعَامِهِ الليلَةَ، فَانْطلقَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بَكْرٍ وَانْطلقْتُ مَعَهُمَا، فَفَتَحَ أَبو بَكْر بَابًا فَجَعَلَ يَقْبض لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطائِفِ، وَكَانَ (5) ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَفتُهُ بِها، ثُمَّ غَبَرتُ مَا غَبَرتُ (6)، ثُمَّ أَتَيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَال:(إنهُ قَدْ وُجهتْ لِي أَرضٌ (7) ذَاتُ نَخْلٍ لا أُرَاها إِلا يَثْرِبَ، فَهلْ أَنْتَ مُبَلِّغ عَنِّي قَوْمَكَ عَسَى الله أَنْ يَنْفَعَهُم بِكَ وَيأجُرَكَ فِمِهم؟ ). فَأَتَيتُ أُنَيسًا فَقَال: مَا صَنَعت؟ قُلْتُ: صَنَعتُ أَنِّي أَسْلَمتُ وَصَدَّقْتُ. فَقَال: مَا بِي رَغْبَة عَنْ دِينكَ (8) فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمتُ وَصَدَّقتُ، فَأَتَينَا أُمَّنَا فَقَالتْ: مَا بِي
(1) في حاشية (أ): "بلغ مقابلة".
(2)
في حاشية (أ): "فقدعني" وعليها "خ".
(3)
في (ك): "مني به".
(4)
في (ك): "يوم وليلة".
(5)
في (ك): "فكان".
(6)
"ثم غبرت ما غبرت" أي: بقيت ما بقيت.
(7)
"وجهت إلى أرض" أي: أريت جهتها.
(8)
في (ك): "ما بي عن دينك رغبة".
رَغْبَة عَنْ دِينكُمَا، فَإِنِّي قَدْ أَسْلمتُ وَصَدَّقْتُ، فَاحتَمَلْنَا حَتى أَتَينَا قَوْمَنَا غِفَارًا فَأَسْلَمَ نِصفُهُم، وَكَانَ يَؤُمُّهُم أَيمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ وَكَانَ سَيِّدَهُم، وَقَال نِصفُهُم: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَسْلَمنَا، فَقَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة فَأَسْلَمَ نِصفُهُمُ الْبَاقِي، وَجَاءَتْ أَسْلَمُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله إِخْوَتُنَا نُسْلِمُ عَلَى الذي أَسْلَمُوا عَلَيهِ فَأَسْلَمُوا، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(غِفَارُ غَفَرَ الله لَها، وَأسْلَمُ سَالمَها الله)(1). وفِي رِوَايَة: فَاكْفِنِي حَتى أَذْهبَ فَأَنْظرُ، قَال: نَعَم، وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَهْلِ مَكةَ فَإِنهُمِ قَدْ شَنِفُوا لَهُ وَتَجَهَّمُوا (2). وَفِي أخْرَى: قَال أبو ذَر: يَا ابْنَ أَخِي صَليتُ سَنتينِ قَبْلَ مَبْعَثِ النبِيّ صلى الله عليه وسلم. وفيها: وَتَنَافَرَا إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْكُهَّانِ، فَلَم يَزَلْ أَخِي أُنَيسٌ يَمدَحُهُ ويثْنِي عَلَيهِ حَتى غَلَبَهُ، فَأَخَذْنَا صِرمَتَهُ فَضَممْنَاها إِلَى صِرمَتِنَا. وفيها: فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بِالْبَيتِ وَصَلَّى رَكْعَتَينِ خَلْفَ الْمَقَامِ، قَال: فَأَتَيتُهُ فَإِنِّي لأَوَّلُ الناسِ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، قَال قُلْتُ: السَّلامُ عَلَيكَ يَا رَسُولَ الله، قَال:(وَعَلَيكَ مَنْ أَنْتَ؟ ). وفيها: قَال: (مُنْذُ (3) كَم أَنْتَ هاهُنَا؟ ). قَال قُلْتُ: مُنْذُ خَمسَ عَشَرَةَ. وَفيهِا: قَال أَبو بَكْرٍ: أَتْحِفْنِي بِضِيَافَتِهِ الليلَةَ. لم يخرج البخاري هذا الحديث بهذا اللفظ في إسلام أبي ذر. أخرج حديث ابن عباس الذي يأتي بعد من حديث مسلم.
4366 -
(2) قَال مسلم. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَر مَبْعَثُ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكةَ قَال لأخِيهِ: اركَبْ إِلَى هذَا الْوَادِي فَاعلَم لِي عِلْمَ هذَا الرَّجُلِ الذي
(1) مسلم (4/ 1919 - 1922 رقم 2473).
(2)
"شنفوا له وتجهموا" أي: أبغضوه، وتجهموا: أي: قابلوه بوجوه غليظة كريهة.
(3)
في (ك): "مذ".
يَزْعُمُ أَنهُ يأتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، فَاسْمَع مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِني، فَانْطَلَقَ الآخَرُ حَتى قَدِمَ مَكةَ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَبِي ذَر فَقَال: رَأَيتُهُ يأمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ وَكَلامًا مَا هُوَ بِالشّعرِ، فَقَال: مَا شَفَيتَنِي فِيمَا أَردتُ، فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شنةً لَهُ (1) فِيها مَاءٌ حَتى قَدِمَ مَكةَ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلا يَعرِفُهُ وَكَرِة أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتى أَدرَكَهُ يَعنِي الليلَ، فَاضْطَجَعَ فَرَآهُ عَليٌّ فَعَرَفَ أَنهُ غَرِيبٌ، فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ فَلَم يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيءٍ حَتى أَصبَحَ، ثُمَّ احتَمَلَ قِربَتَهُ وَزَادَهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلا يَرَى النبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَتى أَمْسَى، فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ، فَمَرَّ بِهِ عَلِي فَقَال عَلِيّ: مَا آنَّ (2) لِلرَّجُلِ أَنْ يَعلَمَ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ، فَذَهبَ بِهِ مَعَهُ وَلا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيءٍ، حَتى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثالِثِ فَعَلَ (3) مِثْلَ ذَلِكَ فَأَقَامَهُ (4) عَلِي مَعَهُ، ثُمَّ قَال لَهُ: أَلا تُحَدِّثُنِي مَا (5) الذي أَقْدَمَكَ هذَا الْبَلَدَ؟ قَال (6): إِنْ أَعطيتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرشِدَنِّي فَعَلْتُ، فَأَخْبَرَهُ (7)، فَقَال: فَإِنهُ حَقّ وَهُوَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا أَصبَحتَ فَاتبِعنِي فَإِنِّي إنْ رَأَيتُ شَيئًا أَخَافُ عَلَيكَ قلت كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ، فَإنْ مَضَيتُ فَاتبِعنِي حَتَّى تَدخُلَ مَدخَلِي فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ مَعَهُ فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ، فَقَال لَهُ (8) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(ارجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبرهُم حَتى يأتِيَكَ أَمْرِي). فَقَال: وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
(1)"شنة": هي القربة البالية.
(2)
في حاشية (أ): "أنى" وعليها "خ".
(3)
كتب في حاشية (أ): "فعلت"، وعليه "خ".
(4)
في (ك): "فقامه".
(5)
قوله: "ما" ليس في (ك).
(6)
في (ك): "فقال".
(7)
في حاشية عن نسخة أخرى (أ): "فأخبرته".
(8)
قوله: "له" ليس في (أ).
لأَصرُخَنَّ بِها بَينَ ظَهْرَانَيهم، فَخَرَجَ حَتى أتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأعلَى صَوْتِهِ: أَشْهدُ أَنْ لا إِلَه إِلا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَثَارَ الْقَوْمُ فَضَربوهُ حَتى أَضْجَعُوهُ، وَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأكَبَّ عَلَيهِ فَقَال: وَيلَكم أَلَسْتُم تعلَمُونَ أَنهُ مِنْ غِفَار وَأَنَّ طَرِيقَ تُجَّارِكُم إِلَى الشَّامِ عَلَيهِم فَأَنْقَذَهُ مِنْهُم، ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِها وَثَارُوا إِلَيهِ فَضَربوهُ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيهِ فَأَنْقَذَهُ (1). خرَّجه البخاري في "إسلام أبي ذر" بنحو هذا. وله فِي طريق أخرى هذه أتم منها بينهما يسير، قال في تلك الطريق: رَأَيتُ رجلا يَأمُرُ بِالْخَيرِ وَيَنهى عَنِ الشَّرِّ، وقَال: فَمَرَّ بِي عَلِيّ فَقَال: كَأَنَّ الرَّجُلَ غَرِيبٌ؟ قُلْتُ (2): نَعَم. قَال: فَانْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ قَال: فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ لا يَسْأَلُنِي عَنْ شَيءٍ وَلا أُخْبِرُهُ، وقال فيه مِنْ قَولِه لِعَلِي: بَلَغَنِي أَنهُ قَدْ خَرَجَ ها هُنَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنهُ نَبيٌّ، فَأَرسَلْتُ أَخِي لِيُكَلِّمَهُ فَرَجَعَ وَلَم يَشفِنِي مِنَ الْخَبَرِ، فَأَردتُ أَنْ أَلْقَاهُ، فَقَال: أَمَا إِنكَ قَدْ رَشَدتَ هذَا وَجْهِي إِلَيهِ فَاتبِعنِي ادخُلْ حَيثُ أَدخُلُ، فَإِنِّي إِنْ رَأَيتُ أَحَدًا أَخَافُهُ عَلَيكَ قمت إِلَى الْحَائِطِ كَأَنِّي أُصلِحُ نعلِي وَامضِ أَنْتَ، فَمَضَى وَمَضَيتُ مَعَهُ حَتى دَخَلَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: اعرِضْ عَلَيَّ الإِسْلامَ، فَعَرَضَهُ فَأَسْلَمتُ (3) مَكَانِي، فَقَال لِي:(يَا أَبا ذَر اكتم هذَا الأَمرَ وَارجِع إِلَى بَلَدِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنَا (4) فَأَقْبِلْ). فَقُلْتُ: وَالذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَصرُخَنَّ بِها .. وذكر الحديث. وذكر أَيضًا شربه من ماء زمزم، ولم يذكر المدة، ولا قول النبي صلى الله عليه وسلم في ماء زمزم.
(1) مسلم (4/ 1923 - 1925 رقم 2474)، البخاري (7/ 173 رقم 3861)، وانظر (3522).
(2)
في (ك): "فقلت".
(3)
في (ك): "وأسلمت".
(4)
في حاشية (أ): "ظهوري" وعليها "خ".