المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌غزوة خيبر والخندق وذي قرد - الجمع بين الصحيحين لعبد الحق - جـ ٣

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَاب الجِهادِ

- ‌إِبَاحَةُ القِتَالِ قَبلَ الدَّعوةِ، وفِي الدَّعْوَةِ قَبْلَهُ، ومَا يُوصى بِهِ للغُزَاةِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الغَادِرِ

- ‌بَابُ الحَرْبُ خدعَةٌ

- ‌النَّهي عَنْ تَمَنِّي لِقَاء العَدو

- ‌مَنْ أَرَادَ غَزوَةً فَوَرَّى بِغَيرِهَا ووَقْتُ الغَارَةِ ومَنْ أَحَبَّ الخُرُوج يَومَ الخمِيسِ

- ‌تَحْرِيقُ النَّخْلِ وقَطْعِهَا

- ‌تَحْلِيلُ الغَنَائِمِ

- ‌فِي النَّفْلِ والقسْمَةِ وَمَا جَاءَ فِي سَلَبِ القَتِيلِ

- ‌بَابُ فَكَاكِ الأَسيرِ

- ‌بَابٌ فِي أَرْضِ الصُّلحِ والعَنْوَةِ ومَا لم يُوجَفْ عَلَيهِ بِقِتَال

- ‌قسْمُ الغَنِيمةِ

- ‌بَابُ إِذَا غَنِمَ المشْركُون مَال الْمُسْلِم ثمَّ وَجَدَهُ الْمُسْلِمُ

- ‌باب

- ‌الْمَنُّ عَلَى الأسِيرِ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى هِرَقْلٍ

- ‌بابٌ

- ‌ذِكْرُ يَوْمَ الحُدَيبِيَةِ

- ‌الوَفَاءُ بالعَهْدِ

- ‌ذكْرُ مَا أوذِيَ بِه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ

- ‌قِصَّةُ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ

- ‌غَزْوَةُ خَيبَرٍ والخَنْدَقِ وذِي قَرَدٍ

- ‌بَعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِدًا إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ

- ‌قَتْلُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ وخُبَيبِ بْنِ عَدِي رضي الله عنهما

- ‌الغَزْو بِالنِّسَاءِ

- ‌عَدَد غَزَواتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌لا يُسْتعَان بالمشْرِكينَ في قِتَال العَدُوِّ

- ‌بَابٌ

- ‌في الْجِزْيَةِ

- ‌ باب

- ‌فَضْلُ قُرَيشٍ

- ‌الاسْتِخْلافُ وتَرْكِهِ

- ‌فِيمَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ

- ‌بَابُ مَنْ تَأَمَّرَ في الحَرْبِ مِنْ غَيرِ إِمْرةٍ إِذَا خَافَ العَدُوّ

- ‌في الإمَامِ العَادِلِ

- ‌بَابُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ، ومَا جَاءَ في الأَمِيرِ الغَاشِّ لِرَعِيَّتِهِ

- ‌في الْغَلُولِ وَفِي الأمِيرِ يَقْبَلُ الْهَدِيَةَ

- ‌الطَّاعَةُ للأَمِيرِ

- ‌بَيعَةُ الرِضْوَانِ

- ‌بَابُ لا هِجْرَةَ بَعْد الفَتْحِ

- ‌بَيعَةُ النِّسَاءِ

- ‌بَيعَةُ الصَّغِيرِ

- ‌البَيعَةُ عَلَى السَّمْع والطَّاعَةِ

- ‌الحَدُّ بَينَ الْكَبِيرِ والصَّغِيرِ

- ‌النَّهِي أَن يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ

- ‌المُسَابَقَةُ بَيْنَ الخَيلِ

- ‌بَابُ فَضِيلَةِ الخيلِ

- ‌فَضْلُ الجِهَادِ

- ‌بَابٌ

- ‌فَضْلُ الغَزْوِّ فِي البَحْرِ

- ‌فِي فَضْل الرِبَاطِ وعَدَد الشُّهدَاءِ وفِي فَضِيلةِ الرَّمِي

- ‌بَابٌ

- ‌بابٌ فِي التعْقِيبِ

- ‌فِي سَيْرِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ

- ‌قوله عليه السلام: " (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمتِي ظَاهِرِينَ

- ‌بَابٌ

- ‌النَّهْي أَن يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيلًا

- ‌بَابُ تَلَقّي الغَازِي

- ‌كِتَابُ الصَّيدِ والذبَائِح

- ‌فِي العَقِيقَةِ

- ‌كتَابُ الأَشْرِبَةِ والأَطْعِمَةِ

- ‌بَابٌ فِي اللِّبَاسِ والزِّينَةِ

- ‌بَابُ الانْتِعَالِ

- ‌بَابُ الصُّوَرِ

- ‌بَابُ الجَرَسِ

- ‌النَّهْي عَنْ القَزَع وَعَنْ وَصلِ الشَّعرِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ لَعنِ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌ باب

- ‌في الأسْمَاءِ والكُنَى

- ‌بَابٌ فِي الاستئْذَانِ والسَّلامِ

- ‌بَابٌ

- ‌فِي التَّنَاجِي

- ‌بَابٌ فِي الرُّقي والطِّبِ

- ‌بَابٌ فِي الطاعُونِ

- ‌بَابٌ فِي العَدْوَى والطِّيَرَةِ والفَأْلِ والشُّؤْمِ

- ‌بَابٌ فِي الكُهَّانِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ فِي قَتْلِ الحَيَّاتِ

- ‌بَابٌ فِي قَتْلِ النَّمْلِ

- ‌بَابٌ فِي الرِّفْقِ بالبَهَائِمِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ سَبِ الدَّهْرِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ أَن يَقُولَ عَبْدِي أَو أَمَتِي

- ‌بَابُ النَّهْي أَن يَقُولَ خَبُثَتْ نَفْسِي

- ‌بَابٌ فِي الطِّيبِ

- ‌بَابُ فِي الشِّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي النَّرْدَشِيرِ

- ‌بَابٌ فِي الرُّؤْيَا

- ‌كِتَابُ المَنَاقِبِ

- ‌ذِكْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ عِيسى بْنِ مَرْيَم عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ ومُوسَى وَلُوطَ وَيُونُسَ وَيُوسُفَ وَزَكَرِيَا ودَاوُدَ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلام

- ‌قِصَّةُ مُوسَى والخَضِرِ صَلَّى الله عَلَيهمَا وَسَلَّمَ

- ‌قِصةُ أَبِي بَكْر الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنهما

- ‌مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَبَيعَةُ عُثْمانَ، وفَضَائِلُهُ

- ‌ذِكْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، وَالزُّبَيرِ بْنِ العَوَّامِ، وَأَبِي عُبَيدَةَ بْنِ الْجَرَّاع، وَسَعِيد بْنِ زَيدٍ رضي الله عنه أجمعين

- ‌ذِكْرُ الحَسَن والحُسَين رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ زَيدِ بْنِ حَارِثَةَ، وابْنِهِ أُسَامَةَ، وعَبْد اللهِ بن الزُّبَيرِ، وعَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ جَعْفَر بْنِ أَبِي طَالِبٍ وخَالِد بْنِ الوَلِيدِ

- ‌ذِكْرُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيلِدٍ وعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما

- ‌ذَكْرُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها

- ‌ذِكْرُ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ وزَينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أُمَّيِّ الْمُؤمِنِين رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ أُمِّ أَيمَن وأُمِّ سُلَيم رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ أَبِي طَلْحةَ وبِلال وعَبْد اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ أبِي بن كَعبٍ، وَسَعدِ بْنِ مُعَاذٍ، وأَبِي زَيدٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ أَبِي دُجَانَةَ سِمَاك بْنِ خَرَشَةَ وعَبْد اللهِ بْنِ حَرَامٍ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ جُلَيبِيبِ وعَمرِو بْنِ تَغْلِب

- ‌ذِكْرُ عمَّار بنِ يَاسرٍ وحُذَيفَةَ بْنِ اليَمَانِ وحَارِثَةَ بْنِ سرُاقَةَ

- ‌ذِكْرُ أَبِي ذَرِّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادة

- ‌ذِكْر جَرِير بْنِ عَبْد اللهِ وعَبْدِ اللهِ بْنِ عَباس وعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطابِ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ خُزَيمَةَ بْنِ ثَابِت ومُعَاويَةَ بْنِ أَبِي سفْيَان

- ‌ذِكْرُ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمرٍو وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

- ‌ذِكْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ حَسَّان بْنِ ثَابِت وأَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وأصحَابِ الشَّجَرَةِ، وأَبِي سُفْيَان، وأصحَابِ الهِجْرَتَينِ، وذِكْرُ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيس الأَشْعَرِيّ

- ‌ذكْرُ سَلْمَان وَصُهَيبٍ وبِلالٍ رضي الله عنهم

- ‌ذِكْرُ أسَيدِ بْنِ حُضَيرٍ وعَبَّادِ بْنِ بِشْر وقَيسِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌ذِكْرُ الأنْصَار

- ‌ذِكْرُ أَسْلَمِ وغِفَار وغَيرهما

- ‌ذِكْرُ نِسَاءِ قُرَيشٍ

- ‌فِي الْمُؤاخَاةِ والحِلْف

- ‌ذِكْرُ أوَيسِ بْنِ عَامِرٍ القَرَنِيِّ

- ‌بَابُ بِرِّ الوَلِدَينِ

- ‌بَابٌ فِي البِرِ والإِثْمِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ والنَّهْي عَنِ التَّقَاطع

- ‌بَابُ مَا يَكُون مِنِ الظنِّ

- ‌بَابٌ في الْمُتَحابِّينَ في اللهِ عز وجل

- ‌بَابٌ في عِيادَةِ المَرِيضِ وثَوَابِ المَصَائِبِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ في الترَاحُم والتعَاون والعَفْو والتواضُعِ

- ‌بَابٌ

- ‌في سَتْرِ الْمُسْلِمِ والْمُدَارَاةِ والرِّفقِ

- ‌بَابٌ في اللَّعنِ

- ‌بَابٌ في ذِي الوَجْهَينِ

- ‌بَابُ مَا جَاء في الكَذِبِ في الإِصْلاحِ بَينَ النَّاسِ في الحَرْبِ

- ‌بَابٌ في الصِّدْقِ والكَذِبِ والنَّمِيمَةِ

- ‌بَابٌ في الغَضَبِ

- ‌بَابُ النَّهْي عَنْ ضَرْبِ وَجْهِ المُسْلِمِ

- ‌بَابُ فِيمَنْ يُعَذب النَّاسَ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ مَرَّ بِسِهَامٍ في يَدِهِ

- ‌النهْي أَن يُشِيرَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَخِيه بِالسِّلاحِ

- ‌في إِمَاطَةِ الأذَى عَنِ الطَرِيقِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌بَابٌفي الكِبْرِ

- ‌بَابٌ

- ‌‌‌‌‌بَابٌفي حُسْنِ الجِوارِ

- ‌‌‌بَابٌ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابٌ في الإحْسَانِ إِلَى البَنَاتِ وفِيمَن مَاتَ لَهُ وَلَدٌ

- ‌بَابٌ

الفصل: ‌غزوة خيبر والخندق وذي قرد

فَلَمْ أَدْرِ أَينَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ. قَال: مَنْ هَذَا؟ قَال: فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرُبهُ وَصَاحَ، فَلَمْ تُغْنِ شَيئًا، قَال: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَال (1): أَلا أُعْجِبُكَ؟ ! لأُمِّكَ الْوَيلُ! ، دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيفِ. قَال: فَعَمَدْتُ لَهُ أَيضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيئًا، فَصَاحَ وَقَامَ، قَال: ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيئَةِ الْمُغِيثِ فَإِذَا (2) هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيفَ فِي بَطْنِهِ (3) ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيتُ السُّلَّمَ أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ فَقُلْتُ فَأَسْقُطُ مِنْهُ، فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا ثُمَّ أَتَيتُ أَصْحَابِي أَحْجُلُ (4)، فَقُلْتُ انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنِّي لا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ، فَقَال: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ. قَال: فَقُمْتُ أَمْشِي مَا بِي قَلَبَةٌ فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَشَّرْتُهُ (5).

لم يذكر مسلم قصة أبي رافع واسمه عبد الله بن أبي الحُقَيقِ، ويقال: سلام، وكان بعد كعب بن الأشرف يعني بعد قتل كعب.

‌غَزْوَةُ خَيبَرٍ والخَنْدَقِ وذِي قَرَدٍ

3113 -

(1) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا خَيبَرَ قَال: فَصَلَّينَا عِنْدَهَا صَلاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ،

(1) في (أ): "وقال".

(2)

في "أ": "وإذا".

(3)

في (ك): "على بطنه".

(4)

"أحجل" الحجل: هو أن يرفع رجلًا ويقف على أخرى من العرج، وقد يكون بالرجلين معًا.

(5)

انظر الحديث الذي قبله.

ص: 94

وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ، فَأَجْرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي زُقَاقِ خَيبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَانْحَسَرَ الإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنِّي لأَرَى بَيَاضَ فَخِذَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَال:(اللهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}). قَالهَا ثَلاثَ مِرَارٍ، قَال: وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ. قَال عَبْدُ الْعَزِيزِ (1): وَقَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَالْخَمِيسَ. قَال: وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً (2).

3114 -

(2) وعَنْهُ قَال: كُنْتُ رَدِيفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيبَرَ وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: فَأَتَينَاهُمْ حِينَ بَزَغَتِ (3) الشَّمْسُ، وَقَدْ أَخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ وَخَرَجُوا بِفُؤُوسِهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ (4) وَمُرُورِهِمْ (5)، فَقَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسَ! قَال (6): وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (خَرِبَتْ خَيبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ)(7). قَال: فَهَزَمَهُمُ اللهُ عز وجل (8).

البخاري. عَنْ أَنَسٍ؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يَغْدُ بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ (9)، وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيهِمْ، قَال: فَخَرَجْنَا إِلَى خَيبَرَ فَانْتَهَينَا إِلَيهِمْ لَيلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا

(1) هو عبد العزيز بن صهيب الراوي عن أنس.

(2)

مسلم (3/ 1426 - 1427 رقم 1365)، البخاري (1/ 479 - 480 رقم 371)، وانظر (610، 947، 2228، 2235، 2889، 2893، 3086، 3085، 2991، 2945، 2944، 2943، 3647، 3367، 4083، 4084، 4197، 4198، 4199، 4200، 4201 ، 4211، 4212، 5085، 4213، 5159، 5169، 5387، 5425، 5528، 5968، 6185، 6363، 6369، 7333).

(3)

في (ك): "نزغت".

(4)

في (أ): "ومكايلهم".

(5)

"مرورهم" هي المساحي، وقيل: حبالهم.

(6)

قوله: "قال" ليس في (أ).

(7)

قوله: "المنذرين" ليس في (أ).

(8)

انظر الحديث رقم (1).

(9)

في (ك): "نصبح".

ص: 95

رَكِبَ، وَرَكِبْتُ خَلْفَ أَبِي طَلْحَةَ .. وذكَر الحديث. وفي لفظ آخر: وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ مَا أَصْبَحَ. خرَّجه في باب "دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإِسلام"، وفيه: في طريق آخر: فَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيلٍ لا يُغِيرُ عَلَيهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ. وقَال: فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَتَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِيَة. وفي آخر: لَمْ يَقْرَبْهُمْ حَتَّى يُصْبِحَ، بَدَل: لَمْ يَغْدُ (1). وخرَّج في باب "التكبير عند الحرب" عَنْ أَنَسٍ أَيضًا قَال: صبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيبَرَ، وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي عَلَى أَعْنَاقِهم، فَلَمَّا رَأَوْهُ (2) قَالُوا: هَذَا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَلَجَئُوا إِلَى الْحِصْنِ، فَرَفَعَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيهِ وَقَال:(اللهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيبَرُ). وذَكَر الحَديث. وفي بعض الطرق: مُحَمَّدٌ وَالله، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. زاد البخاري رَفع اليَدَينِ. وقوله: قَتَلَ الْمُقَاتِلَة، وقد تقدم ذِكر السَّبِي والتَّكبِير واستِمَاع الأذَان لمسلم، وكَذَلِك وَقْتُ الغَارَةِ وقَدْ (3) تَقدَّم لَه. خرَّجه في كتاب "الصلاة".

3115 -

(3) مسلم. عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيبَرَ فَسَرَينَا لَيلًا، فَقَال رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ: أَلا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيهَاتِكَ، وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ وَيَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَينَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّينَا

فَاغْفِرْ بِذَلِكَ مَا اقْتَفَينَا

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَينَا

وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَينَا

إِنا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَينَا

وَبِالصِّيَاح عَوَّلُوا عَلَينَا

(1) في (ك): "يغزو".

(2)

في (أ): "رآه".

(3)

في (ك): "قد".

ص: 96

فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ ). قَالُوا (1): عَامِرٌ. قَال (2): (يَرْحَمُهُ اللهُ). فَقَال رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللهِ لَوْلا أَمْتَعْتَنَا بِهِ. قَال: فأَتَينَا خَيبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا (3) مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ (4)، ثُمَّ إِنَّ اللهَ عز وجل فَتَحَهَا عَلَيهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيءٍ تُوقِدُونَ؟ ). قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ. قَال: (أَيُّ اللَّحْمِ؟ ). قَالُوا: لَحْمُ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا). فَقَال رَجُلٌ: أَوْ يُهْرِيقُوهَا (5) وَيَغْسِلُونَهَا، قَال: (أَوْ ذَاكَ). فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ فَرَجَعَ ذُبَابُ سَيفِهِ فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، فَلَمَّا قَفَلُوا قَال سَلَمَةُ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي: فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاكِتًا (6) قَال: (مَا لَكَ يَا سَلَمَةَ؟ ). قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا أُحْبِطَ عَمَلُهُ. قَال: (مَنْ قَالهُ؟ ). قُلْتُ: فُلانٌ وَفُلانٌ وَأُسَيدُ بْنُ حُضَيرٍ الأَنْصَارِيُّ. فَقَال: (كَذَبَ مَنْ قَالهُ (7)، إِنَّ لَهُ لأَجْرَينِ -وَجَمَعَ بَينَ إِصْبَعَينِ- إِنهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَربِيٌّ مَشَى فِيهَا مِثْلَهُ) (8). وفي بعض طرق البخاري: (إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ وَأَيُّ قَتْلٍ يَزِيدُهُ عَلَيهِ). وخرَّجه في "غزوة خيبر" قال فيه: قَال سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي قَال: (مَا لَكَ؟ ). وذكر الحديث.

(1) في (ك): "فقالوا".

(2)

في (ك): "فقال".

(3)

في (أ): "أصبنا".

(4)

"مخمصة" أي: جوع.

(5)

في (أ): "تَهريقوها"، وفي (ك):"أيهريقوها"، والمثبت من "صحيح مسلم".

(6)

في (أ): "شاكيًا".

(7)

في (أ): "قال".

(8)

مسلم (3/ 1427 - 1439 رقم 1802)، البخاري (5/ 121 رقم 2477)، وانظر (4196، 5497، 6148، 6331، 6891).

ص: 97

وفيه: (قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ). كما قال مسلم. وقال في طريق أخرى: "نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ". بالنون. وفِي رِوَايةٍ الحموي: إِنا إِذَا صِيحَ (1) بِنَا أَتَينَا.

3116 -

(4) مسلم. عَنْ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَع قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيبَرَ قَاتَلَ أَخِي قِتَالًا شَدِيدًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَارْتَدَّ عَلَيهِ سَيفُهُ فَقَتَلَهُ، فَقَال أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ وَشَكُّوا فِيهِ رَجُلٌ مَاتَ فِي سِلاحِهِ، وَشَكُّوا فِي بَعْضِ أَمْرِهِ، فَقَال سَلَمَةُ: فَقَفَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي أَنْ أَرْجُزَ (2) بِكَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اعْلَمُ مَا تَقُولُ. قَال: فَقُلْتُ:

وَاللهِ لَوْلا اللهُ مَا اهْتَدَينَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّينَا

فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (صَدَقْتَ).

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَينَا

وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَينَا

فَلَمَّا قَضَيتُ رَجَزِي (3) قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَال هَذَا؟ ). قُلْتُ: قَالهُ أَخِي. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَرْحَمُهُ اللهُ). قَال: فَقُلْتُ: والله يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ نَاسًا لَهَابُونَ الصَّلاةَ عَلَيهِ يَقُولُونَ: رَجُلٌ مَاتَ بِسِلاحِهِ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا)(4). لم يخرج البخاري هذا اللفظ. وفِي رِوَايةٍ لمسلم: (كَذَبُوا مَاتَ جَاهِدًا (5) مُجَاهِدًا، فَلَهُ أَجْرَهُ مَرَّتَينِ). وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيهِ.

3117 -

(5) مسلم. عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ

(1) في (ك): "صبح".

(2)

في (أ): "أزجر".

(3)

في النسختين: "زجري"، والمثبت من "صحيح مسلم".

(4)

انظر الحديث الذي قبله.

(5)

في (ك): "جاهد".

ص: 98

الأَحْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ، وَلَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ:

لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَينَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّينَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا

إِنَّ الأُولَى قَدْ أَبَوْا (1) عَلَينَا

قَال وَرُبَّمَا قَال:

إِنَّ الْمَلا قَدْ أَبَوْا (1) عَلَينَا

إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَينَا

وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ (2). وفِي رِوَايةٍ:

إِنَّ الأُولَى قَدْ بَغَوْا عَلَينَا

3118 -

(6) وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَال: جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَافِنَا، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

(اللَّهُمَّ لا عَيشَ إِلا عَيشُ الآخِرَةِ

فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ) (3)

وقَال البخاري في بعض طرقه لحديث سهل: "فَاغْفِرْ للأَنْصَارِ والْمُهَاجِرَهْ".

خرّجه في "الرقاق". وفي بعض الروايات: ونَحْنُ نَنْقِل التُّرَابَ عَلَى أَكْتَافِنا.

3119 -

(7) مسلم. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال:

(اللَّهُمَّ لا عَيشَ إِلا عَيشُ الآخِرَهْ

فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ) (4)

وفِي رِوَايةٍ: فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَه.

3120 -

(8) وعَنْ أَنَسٍ أَيضًا: كَانُوا يَرْتَجِزُونَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ وَهُمْ

(1) في (ك): "بغوا".

(2)

مسلم (1430 - 1431 رقم 1803)، البخاري (6/ 46 رقم 2836)، وانظر (2837، 3034، 4104، 4106، 6620، 7736).

(3)

مسلم (3/ 1431 رقم 1804)، البخاري (7/ 118 رقم 3797)، وانظر (4098، 6414).

(4)

مسلم (3/ 1431 رقم 1805)، البخاري (6/ 45 - 46 رقم 2834)، وانظر (2961، 2835، 3796، 3795 ، 4099، 4100، 6413، 7201).

ص: 99

يَقُولُونَ (1): اللَّهُمَّ لا خَيرَ إلا خَيرُ الآخِرَه

فَانْصُرِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَه (2)

3121 -

(9) وعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَيضًا؛ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَقُولُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا

عَلَى الإِسْلامِ مَا بَقِينَا أَبَدًا

أَوْ قَال (3): عَلَى الْجِهَادِ شَكَّ حَمَّادٌ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

(اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيرَ خَيرُ الآخِرَهْ

فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ) (2)

وقَال البخاري: فَأَجَابَهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

(اللَّهُمَّ لا عَيشَ إِلا عَيشَ الآخِرَهْ

فَأَكْرمِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ)

وفي أخرى: فَأَصْلِحِ. وذَكَره في "المناقب" وقَال: لا عَيشَ، ولم يقل: اللَّهُمَّ. وخرّج البخاري (4) أيضًا عَنْ أَنَسٍ قَال: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْجُوع، قَال:

(اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيشَ عَيشُ الآخِرَهْ

فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ). (5)

فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: نَحْنُ الَّذينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا

عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا.

وقال في طريق أخرى: جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ (6)، وَهُمْ يَقُولُونَ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا

عَلَى الإِسْلامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا

(1) في (أ): "وهو يقول".

(2)

انظر الحديث رقم (7) في هذا الباب.

(3)

في (أ): "وقال".

(4)

قوله: "البخاري" ليس في (ك).

(5)

في حاشية (أ): "بلغ مقابلة"

(6)

"متونهم" المتن: الظهر.

ص: 100

قَال: يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُجِيبُهُمْ:

(اللَّهُمَّ إِنَّهُ لا خَيرَ إِلا خَيرُ الآخِرَهْ

فَبَارِكْ فِي الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ).

قَال: يُؤْتَوْنَ بِمِثْلِ كَفَّي مِنَ الشَّعِيرِ فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالةٍ سَنِخَةٍ (1) تُوضَعُ بَينَ يَدَيِ الْقَوْمِ، وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ، وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنَةٌ.

3122 -

(10) وذَكَرَ في "المغازي" في "غزوة الخندق" عَنِ الْبَرَاءِ بْنَ عَازِبٍ قَال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ وَخَنْدَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، رَأَيتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الْخَنْدَقِ حَتَّى وَارَى عَنِّي الْغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بِكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ وَهُوَ يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يَقُولُ (2):

اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَينَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّينَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَينَا

إِنَّ الأُلَى (3) رَغَبُوا عَلَينَا

وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً (4) أَبَينَا

قَال: يَمُدُّ صَوْتَهُ بِآخِرِهَا (5). وفي لفظ آخر:

وَاللهِ لَوْلا اللهُ مَا اهْتَدَينَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّينَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا

وَثَبَّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَينَا

إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَينَا

إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَينَا (6)

(1) في (أ): "سنجة".

(2)

في (ك): "فيقول".

(3)

في (أ): "الأولى"، وفي (ك):"الأولاء"، والمثبت من "صحيح البخاري"(5/ 140).

(4)

في (أ): "أرادوا على"، وفي (ك):"أرادونا على"، والمثبت من "الصحيح".

(5)

البخاري (7/ 399 - 400 رقم 4106)، وانظر (2836، 2837، 3034، 4104، 6620، 7736).

(6)

في (أ) جاءت الأبيات كما يلي:

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا

وإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَينَا

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَينَا

إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَينَا

ص: 101

وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ أَبَينَا أَبَينَا. وفي لفظ آخر: حَتى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وقَال فِيه: إِنَّ الأَعْدَاءَ قَدْ بَغَوْا عَلَينَا. خرَّجه في كتاب "القدر".

3123 -

(11) وخرَّج عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ أَجْلَى (1) الأَحْزَابَ عَنْهُ: (الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيهِمْ)(2).

ذكَره في "المغازي" في "غزوه الخندق".

3124 -

(12) وذَكَرَ فِيها أيضًا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كَيدَةٌ (3) شَدِيدَةٌ فَجَاءُوا النَّبِيَّ (4) صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: هَذِهِ كَيدَةٌ (5) عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ، فَقَال: أَنَا نَازِلٌ ثُمَّ قَامَ وَبَطْنَهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِعْوَلَ فَضَرَبَهُ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ أَوْ أَهْيَمَ (6) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيتِ .. وذَكَر الحَدِيث (7)، ويأتي في "الأطعمة" إن شاء الله.

3125 -

(13) مسلم. عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَع قَال: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ (8)، قَال: فَلَقِيَنِي غُلامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَال: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَال: غَطَفَانُ. قَال: فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ. فَأَسْمَعْتُ مَا بَينَ لابَتَي الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ، وَقَدْ

(1) في (ك، أ): "أخلى"، والمثبت من اليونينية (5/ 141).

(2)

البخاري (7/ 405 رقم 4110)، وانظر (4109).

(3)

في (ك): "كبدة".

(4)

في (ك): "فجاءوا إلى النبي".

(5)

"كيدة" وكبدة وكدية: هي القطعة الشديدة من الأرض.

(6)

"أهيل أو أهيم" أي: رملًا يسيل ولا يتماسك.

(7)

البخاري (7/ 395 رقم 4101)، وانظر (4102، 3070).

(8)

"بذي قرد": هو ماء على نحو يوم من المدينة مما يلي غطفان.

ص: 102

أَخَذُوا بِذِي قَرَدٍ يَسْقُونَ مِنَ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بنَبْلِي، وَكُنْتُ رَامِيًا وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الأَكْوَع وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّع، فَأَرْتَجزُ حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاثِينَ بُرْدَةً. قَال: وَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله إِنِّي قَدْ حَمَيتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ (1) وَهُمْ عِطَاشٌ فَابْعَثْ إِلَيهِمُ السَّاعَةَ، فَقَال:(يَا ابْنَ الأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ)(2). قَال: ثُمَّ رَجَعْنَا وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ (3). زاد البخاري في هذا اللفظ: "إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِي (4) قَوْمِهِمْ". وقال مسلم في حديثه الطويل: "يُقْرَوْنَ فِي أَرضِ غَطَفَان". وفي بعض طرق البخاري: فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ -يَعْنِي اللقَاح- فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ .. الحديث.

3126 -

(14) مسلم. عَنْ سَلَمَةَ أَيضًا قَال: قَدِمْنَا الْحُدَيبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيهَا خَمْسُونَ شَاةً لا تُرْويهَا، قَال: فَقَعَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَبَا (5) الرَّكِيَّةِ (6)، فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَصَقَ فِيهَا (7)، قَال: فَجَاشَتْ (8) فَسَقَينَا وَاسْتَقَينَا قَال: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعَانَا لِلْبَيعَةِ فِي أصْلِ الشَّجَرَةِ، قَال: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ، ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ، قَال:(بَايِعْ يَا سَلَمَةُ). قَال: قُلْتُ (9): قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ. قَال: (وَأَيضًا). قَال: وَرَآنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَزِلًا يَعْنِي لَيسَ مَعِي

(1)"قد حميت القوم الماء" أي: منعتهم إياه.

(2)

"ملكت فأسجح" أي: فأرفق وأحسن، والسجح: السهولة.

(3)

مسلم (3/ 1432 - 1433 رقم 1806)، البخاري (6/ 164 رقم 3041)، وانظر (4194).

(4)

قوله: "في" ليس في (أ).

(5)

في (ك): "حب".

(6)

"جبا الركية": هي ما حول البئر، والركى: البئر.

(7)

قوله: "فيها" ليس في (ك).

(8)

"فجاشت" أي: ارتفعت وفاضت.

(9)

في (أ): "قد قلت".

ص: 103

سِلاحٌ، فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً (1)، ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَال:(أَلا تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ؟ ). قَال قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِي أَوْسَطِ (2) النَّاسِ. قَال: (وَأَيضًا). قَال: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قَال لِي:(يَا سَلَمَةُ أَينَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطيتُكَ؟ ). قَال قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلًا فَأَعْطَيتُهُ إِيَّاهَا (3). قَال: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال: (إِنكَ كَالَّذِي قَال الأَوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي). ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِي بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا، قَال: وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ (4) بْنِ عُبَيدِ اللهِ أَسْقِي فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ (5) وَأَخْدِمُهُ، وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا (6) بِبَعْضٍ أَتَيتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ (7) شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ فِي أَصْلِهَا، قَال: فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَبْغَضْتُهُمْ، فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى وَعَلَّقُوا سِلاحَهُمْ وَاضْطجَعُوا، فَبَينَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي يَا لِلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ ابْنُ زُنَيمٍ، قَال: فَاخْتَرَطْتُ سَيفِي ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الأَرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ، فَأَخَذْتُ سِلاحَهُمْ فَجَعَلْتُهَا ضِغْثًا (8) فِي يَدِي، قَال (9): ثُمَّ قُلْتُ: وَالَّذِي أَكْرَمَ وَجْهَ (10) مُحَمَّدٍ لا يَرْفَعُ

(1)"جحفة أو درقة" هما شبيهان بالترس.

(2)

في (أ): "وسط".

(3)

كذا في (أ) وفي حاشيتها: "فأعطيتها إياه"، وفي (ك):"فأعطيتها إياه"، وكتب فوقها:"أعطيته إياه".

(4)

"تبيعًا لطلحة" أي: خادمًا أتبعه.

(5)

"أحسه" أي: أحك ظهره بالمحسه لأزيل عنه الغبار.

(6)

في (أ): "بعضها".

(7)

"فكسحت شوكها" أي: كنست ما تحتها من شوك.

(8)

الضغث: الحزمة.

(9)

قوله: "قال" ليس في (ك).

(10)

في (أ): "وجهه".

ص: 104

أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَينَاهُ. ثُمَّ (1) جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ برَجُلٍ مِنَ الْعَبَلاتِ (2) يُقَالُ لَهُ: مِكْرَزٌ يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ (3) فِي تِسْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إِلَيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:(دَعُوهُمْ يَكُونُ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ). فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ اللهُ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ} (4) الآيَةَ كُلَّهَا. قَال: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بَينَنَا وَبَينَ بَنِي لَحْيَانَ جَبَلٌ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ رَقِيَ هَذَا الْجَبَلَ اللَّيلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، قَال سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيلَةَ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ قَدِمْنَا (5) الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ (6) مَعَ الظَّهْرِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَاقَهُ وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، قَال: فَقُلْتُ يَا رَبَاحُ خُذْ هَذَا الْفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيدِ اللهِ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ (7)، قَال: ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ فَنَادَيتُ: يَا صَبَاحَاهْ ثَلاثًا، ثُمَّ خَرَجْتُ فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأرْتَجِزُ أَقُولُ (8):

أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ

وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

(1) في (أ): "ثم قال".

(2)

في (ك): "الفيلات".

(3)

"فرس مجفف" أي: عليه تجفاف وهو ثوب يلبسه الفرس ليقيه السلاح.

(4)

سورة الفتح، آية (24).

(5)

في (أ): "قدمت".

(6)

"أنديه" معناه أن تورد الماشية فتسقى قليلًا، ثم ترسل ترعى، ثم تورد فتسقى قليلًا.

(7)

في (ك): "سرجه".

(8)

في (ك): "وأقول".

ص: 105

فَأَلْحَقُ رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَصُكُّ (1) سَهْمًا فِي

رَجْلَيهِ حَتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إِلَى كَتِفِهِ، قُلْتُ:

خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَع

وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

قَال: فَوَاللهِ مَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ (2)(3) فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ أَتَيتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ فِي أَصْلِهَا ثُمَّ رَمَيتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ، حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الْجَبَلُ فَدَخَلُوا فِي تَضَايُقِهِ (4) عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَجَعَلْتُ أُرْمِيهِمْ بِالْحِجَارَةِ، قَال: فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ اللهُ عز وجل مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَخَلَّوْا بَينِي وَبَينَهُ، ثُمَّ اتَّبِعْهُمْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ بُرْدَةً وَثَلاثِينَ رُمْحًا يَسْتَخِفُّونَ، وَلا يَطْرَحُونَ شَيئًا إِلا جَعَلْتُ عَلَيهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ (5) يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِنْ ثَنِيَّةٍ فَإِذَا هُمْ قَدْ أَتَاهُمْ فُلانُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ (6) وَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ قَرْنٍ (7)، فَقَال الْفَزَارِيُّ: مَا هَذَا الَّذي أَرَى؟ فَقَالُوا: لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ (8)، وَاللهِ مَا فَارَقَنَا مُنْذُ غَبَشٍ يَرْمِينَا حَتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَيءٍ فِي أَيدِينَا، قَال: فَلْيَقُمْ إِلَيهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ. قَال: فَصَعِدَ إِلَيَّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فِي الْجَبَلِ، قَال فَلَمَّا أمْكَنُونِي مِنَ الْكَلامِ، قَال: قُلْتُ: هَلْ تَعْرِفُونَنِي؟ قَالُوا: لا، وَمَنْ أَنْتَ؟ قَال قُلْتُ: أَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَا أَطْلُبُ رَجُلًا مِنْكُمْ إِلا أَدْرَكْتُهُ، وَلا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكَنِي، قَال أَحَدُهُمْ: أَنَا أظُنُّ، قَال: فَرَجَعُوا، فَمَا بَرِحْتُ (9) مَكَانِي حَتَّى رَأيتُ فَوَارِسَ

(1)"فأصُك" أي: أضرب.

(2)

"أرميهم وأعقر بهم" أي: أرميهم بالنبل، وأعقر خيلهم.

(3)

في (ك): "وأعقرتهم".

(4)

في (ك): "مضايقة".

(5)

"أرامًا من الحجارة" الآرام: هي الأعلام، وهي حجارة تجمع وتنصب في المفازة يهتدى بها.

(6)

في (أ): "يتعدون.

(7)

في (أ): "فرن".

(8)

"البرح": الشدة.

(9)

في (أ): "رجعت".

ص: 106

رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، قَال: فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ عَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ، وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ، قَال: فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ الأَخْرَمِ، قَال: فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، قَال: قُلْتُ: يَا أَخْرَمُ احْذَرْهُمْ لا يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، فَقَال: يَا سَلَمَةُ! إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فَلا تَحُلْ بَينِي وَبَينَ الشَّهَادَةِ، قَال: فَخَلَّيتُهُ فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ وَلَحِقَ أَبو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَوَالَّذِي أَكْرَمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو عَلَى رِجْلَيَّ حَتَّى مَا أَرَى وَرَائِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَلا غُبَارِهِمْ شَيئًا حَتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ: ذَو قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ، قَال: فَنَظرُوا إلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَخَلأْتُهُمْ عَنْهُ، فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً، قَال: وَيَخْرُجُونَ وَيَشْتَدُّونَ (1) فِي ثَنِيَّةٍ (2)، فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ فِي نُغْضِ (3) كَتِفِهِ (4)، قَال: قُلْتُ:

خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَع

وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

قَال: يَا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ! أَأَكْوَعُهُ بُكْرَةَ (5)، قَال: قُلْتُ: نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ، قَال: وَأَرْدَوْا (6) فَرَسَينِ عَلَى ثَنِيَّةٍ، فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ (7) مِنْ لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فِيهَا

(1) في (أ): "وشيدون".

(2)

في (أ): "بيته".

(3)

في (أ): "بعض".

(4)

"نُغض كتفه": هو العظم الرقيق على طرف الكتف.

(5)

"أأكوعة بكرة" أي: أنت الأكوع الذي كنت بكرة هذا النهار.

(6)

"وأردوا" معناه: خلفوهما.

(7)

"السطيحة فيها مذقة" السطيحة: إناء من جلود سطح بعضها على بعض، والمذقة: قليل من لبن ممزوج بماء.

ص: 107

مَاءٌ، فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ ثُمَّ أَتَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي خَلأْتُهُمْ (1) عَنْهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الإِبِلَ وَكُلَّ شَيءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ (2) مِنَ الْمُشْرِكِينَ (3)، وَكُلَّ رُمْحٍ وبرْدَةٍ وَإِذَا بِلالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإِبِلِ الَّذِي اسْتَنْقَذْتُ (4) مِنَ الْقَوْمِ، وَإِذَا هُوَ يَشْوي لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا، قَال قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ (5) مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبِعُ الْقَوْمَ فَلا يَبْقَى (6) مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلا قَتَلْتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ (7) فِي ضَوْءِ النَّارِ، فَقَال:(يَا سَلَمَةُ أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلًا؟ ). قُلْتُ: نَعَمْ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ. قَال: (إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِي أَرْضِ غَطَفَانَ). قَال: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَال: نَحَرَ لَهُمْ فُلانٌ جَزُورًا، فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْقَوْمُ فَخَرَجُوا هَارِبِينَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(كَانَ خَيرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيرَ رَجَّالتِنَا سَلَمَةُ). قَال: ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَينِ: سَهْمَ الْفَارِسِ، وَسَهْمَ الرَّاجِلِ فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا، ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَال: فَبَينَمَا نَحْنُ نَسِيرُ قَال: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لا يُسْبَقُ شَدًّا (8)، قَال: فَجَعَلَ يَقُولُ: أَلا مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ، قَال: فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلامَهُ قُلْتُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا، وَلا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قَال: لا، إِلا أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي وَأُمِّي ذَرْنِي فَلأُسَابِقَ (9) الرَّجُلَ.

(1) في (أ): "حلابهم".

(2)

في (ك): "استنقذت".

(3)

في (ك): "القوم".

(4)

في (أ): "استنقذته".

(5)

في (ك): "انتخب"، وفي (أ):"وانتخب"، والمثبت من "صحيح مسلم".

(6)

في (ك): "نبقى".

(7)

"نواجده" أي: أنيابه، وقيل: أضراسه.

(8)

"شدًّا": عدوًا على الرجلين.

(9)

في (أ): "فلأسبق".

ص: 108

قَال: (إِنْ شِئْتَ). قَال: قُلْتُ: اذْهَبْ إِلَيكَ وَثَنَيتُ رِجْلَيَّ فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ (1) قَال فَرَبَطْتُ عَلَيهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَينِ (2) أَسْتَبْقِي نَفَسِي، ثُمَّ عَدَوْتُ فِي إِثْرِهِ فَرَبَطْتُ عَلَيهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَينِ، ثُمَّ إِنِّي عَدَوْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ قَال فَأَصُكُّهُ بَينَ كَتِفَيهِ، ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ سُبِقْتَ وَاللهِ، قَال: أَنَا أَظُنُّ قَال فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَال: فَوَاللهِ مَا لَبِثْنَا إِلا ثَلاثَ لَيَالٍ حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيبَرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ بِقَوْلِ:

تَاللهِ لَوْلا اللهُ مَا اهْتَدَينَا

وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّينَا

وَنَحْنُ عَنْ (3) فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَينَا

فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَينَا

وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا

فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ هَذَا؟ ). قَال: أَنَا عَامِرٌ. فَقَال: (غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ)(4). قَال: وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ. قَال: فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ: يَا نَبِيَّ الله لَوْلا مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ؟ قَال: فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيبَرَ قَال: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيفِهِ (5) يَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِي السِّلاحِ (6) بَطَلٌ (7) مُجَرَّبُ

إِذَا (8) الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ (9)

قَال: وَبَرَزَ لَهُ عَمِّي عَامِرٌ فَقَال:

(1) في (أ): "فطفرت فلأسابق فعدوت". "فطفرت فعدوت" أي: وثبت وقفزت.

(2)

"فربطت عليه شرفًا أو شرفين" ربطت: حبست نفسي عن الجري الشديد، والشرف: ما ارتفع من الأرض.

(3)

في (ك): "من".

(4)

في (أ): "غفر الله لك ربك".

(5)

"يخطر بسيفه" أي: يرفعه مرة ويضعه مرة أخرى.

(6)

"شاكي السلاح" أي: تام السلاح.

(7)

في (ك): "يظل".

(8)

في (ك): "إذ".

(9)

في (ك): "تلتهب".

ص: 109

قَدْ عَلِمَتْ خَيبَرُ أَنِّي عَامِرٌ

شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ (1)

قَال: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَينِ فَوَقَعَ سَيفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ (2)، فَرَجَعَ سَيفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ (3)، وَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ، قَال سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ. قَال: فَأَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؟ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَال ذَلِكَ؟ ). قَال: قُلْتُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. قَال: (كَذَبَ مَنْ قَال ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَينِ). ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ، فَقَال: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، ويُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ). قَال: فَأَتَيتُ عَلِيًّا رضي الله عنه فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ (4) حَتَّى أَتَيتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَصَقَ فِي عَينَيهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَال:

قَدْ عَلِمَتْ خَيبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِي السِّلاح بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ (5)

فَقَال عَلِيٌّ رضي الله عنه:

أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيدَرَهْ (6)

كَلَيثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ

أُوفِيكُمْ بِالصَّاع كَيلَ السَّنْدَرَهْ (7)

قَال: فَضَرَبَ رَأسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيهِ (8).

(1)"بطل": شجاع، و"مغامر" أي: يركب غمرات الحرب وشدائدها.

(2)

"يسفل له" أي: يضربه من أسفله.

(3)

في (أ): "الحلمة".

(4)

رمد يرمد: هاجت عينيه.

(5)

في (ك): "تلتهب".

(6)

"حيدرة" اسم للأسد.

(7)

"كيل السندرة" معناه: أقتل الأعداء قتلًا واسعًا ذريعًا، والسندرة: مكيال واسع، وقيل: العجلة.

(8)

مسلم (3/ 1433 - 1441 رقم 1807).

ص: 110