الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله اختيارات في مسائل خلافية فقهية وأصولية، منها: أن كل سُنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته فبأمر الله، واحتج لذلك بما رواه بإسناده إلى أبي نضلة، قال: أصاب الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سَنَة، فقالوا: يارسول الله سعّر لنا، فقال: "لا يسألني الله عز وجل
عن سُنّة أحدثتها فيكم لم يأمرني الله عز وجل بها" (1). وبقوله تعالى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3 - 4].
9 - الحسن بن حامد (403 ه
ـ):
الحسن بن حامد بن علي، أبو عبد الله، البغدادي.
إمام الحنابلة في زمانه، ومدرسهم، ومفتيهم، ويعد واسطة العقد الحنبلي بين المتقدمين والمتأخرين.
فقد روى العلم عن أبي بكر القطيعي، وأبي بكر النجاد، وأبي بكر الشافعي، وأحمد ابن سالم الخُتَلي، ويعتبر أكبر تلامذة أبي بكر عبد العزيز، غلام الخلال.
وتفقه عليه القاضي أبو يعلى الفراء، وجماعة آخرون.
وصنف كتبًا كثيرة في علوم مختلفة، منها (2):"الجامع في الذهب" نحو أربعمائة جزء و"تهذيب الأجوبة"، و"شرح الخرقي"، و"شرح أصول الدين"، و"شرح أصول الفقه".
وقد نقل ابن أبي يعلى في "الطبقات" مقدمة ابن حامد في كتابه "الجامع في النصب"، وسنثبتها بين يدي القارئ لما فيها من الفائدة في الكشف عن طييعة التصنيف الفقهي في ذلك الوقت.
قال ابن حامد: "اعلم أن الذي يشتمل عليه كتابنا هذا من الكتب والرواية المأخوذة، من حيث نقل الحديث والسماع، منها: كتاب الأثرم، وصالح، وعبد الله، وابن منصور، وابن إبراهيم، وأبو داود، والميموني، والمروذي، وأبو الحارث، وأبو طالب، وحنبل، وعلي بن سعيد، ومُهنا، وأبو النضر، وأبو الصقر، ويعقوب بن بختان،
(1) أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 287، فى ترجمة علقمة بن نضلة، والإمام ابن حجر في "الإصابة" 3/ 535، في ترجمة طلحة بن نضيلة، كما عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 100) إلى الطبراني في "الكبير". ولعله في الجزء المفقود منه.
(2)
المنهج الأحمد 2/ 315.
وإبراهيم بن هانئ، وحَمْد بن علي، وجعفر بن محمد النسائي، وعبد الكريم بن
الهيثم
…
وكتاب الخرقي.
فأما كتاب الأثرم، فقرأته على:
أحمد بن سَالم الختلي (1)، قال: حدثنا أبو حفص، عمر الشرابي، قال: حدثنا الأثرم، عن أبي عبد الله.
وعبد العزيز بن جعفر عن أحمد بن محمد بن خلف القاضي، عن الأثرم عنه".
وساق الأسانيد (2) إلى الإمام الأحمد في أصول كتاب "الجامع" التي هي "السائل" بالإضافة إلى "مختصر الخرقي"، وهي أسانيد جياد تحصر طرق الرواية للفقه الحنبلي من لدن إمامه (241 هـ) إلى خاتمة علمائه المتقدمين الحسن بن حامد (403 هـ).
ثم إن ابن حامد علق على الروايات المختلفة التي وقعت له ولمن قبله عن الإمام أحمد، بأنه يجب تقبلها كلها ما دام أصحابها "أثباتًا فيما نقلوه، أمناء فيما دونوه، وواجب تقبل كل ما نقلوه، وإعطاء كل رواية حظها على موجبها، ولا تُعَل رواية وإن انفردت، ولا تنفى عنه، وان غربت، ولا ينسب إليه في مسألة رجوع إلا ما وجد ذلك عنه نصّاً بالصريح، وإن نقل "كنت أقول به وتركناه"،وإن عَرِيَ عن حد الصريح في الترك والرجوع أقر على موجبه، واعتبر حال الدليل فيه لإعتقاده؛ بمثابة ما اشتهر من روايته"(3).
وكان ابن حامد زاهداً، ورعاً محتاطاً، ينسخ الكتب ولقتات من أجرة النسخ، فسمي لأجل ماكثر ذلك منه: ابن حامد الوراق. وكان كثير الحج، فعوتب في كثرة سفره وحجه مع كبر سنه، فقال: لعل الدرهم الزيف يخرج مع الدراهم الجيدة (4).
(1) نسبة إلى ختّل، (بتشديد التاء فتحاً وضماً) قرية تقع على الطريق المؤدي من بغداد إلى خراسان. الأنساب للسمعاني 5/ 44.
(2)
وقد أورد ابن أبي يعلى تلك الأسانيد مفصلة في "الطبقات" 2/ 171 - 174.
(3)
من مقدمة "الجامع" أثبتها ابن أبي يعلى في "الطبقات" 2/ 174، والعليمي في"المنهج الأحمد" 2/ 317.
(4)
الطبقات 2/ 177، المنهج الأحمد 2/ 319.
توفي ابن حامد شهيدًا سنة (403 هـ) راجعًا من مكة، وهو في طريقه إلى العراق، في منزلة "واقصة" قرب الفرعاء، وهي على طريق حاجّ الكوفة، وبينها وبين "تيماء" نحو (150) كيلو مترًا، وكان ذلك ضحية عصابة لصوص من الأعراب (1).
وبهذا نكون قد تعرفنا على عدد غير حاصر لعلماء المذهب الذين دونوه وصنفوا فيه وهذبوا مسائله في مدة قرن من الزمان تقريبًا، وهو القرن الرابع، وهو أهم القرون الزمنية في أعمال المذهب الحنبلي.
(1) السير 17/ 204 وهامشه، والبداية والنهاية 11/ 347. ط. المعارف. بيروت، والمدخل المفصل 1/ 456.