الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
العمدة
،
المقنع
، الكافي:
هذه ثلاثة متون ألفها الموفق ابن قدامة، صاحب "المغني". ونعرف بها مجتمعة لما لها من علاقة فيما بينها.
• فكتاب "العمدة":
هو أصغرها، وهو عبارة عن مختصر، وضعه للمبتدئين، وجرى فيه على قول واحد مما اختاره، وهو سهل العبارة. وطريقته فيه: أن يصدر الأبواب بحديث من الصحاح، ثم يذكر من الفروع ما إذا دققت النظر وجدتها مستنبطة من ذلك ألحديثا، فترتقي همة مطالعه إلى طلب الحديث، ثم يرتقي إلى مرتبة الإستنباط والإجتهاد في الأحكام (1).
قال مصنفه في المقدمة:
هذا كتاب أحكام في الفقه، اختصرته حسب الإمكان، واقتصرت فيه على قول واحد، ليكون عمدة لقارئه، ولا يلتبس عليه الصواب باختلاف الوجوه والروايات. . . . وأودعته أحاديث صحيحة تبركًا بها، واعتمادًا عليها، وجعلتها من الصحاح لأستغني عن نسبتها إليها (2).
وقد حفل علماء المذهب بهذا الكتاب وتناولوه بالشرح والتحشية والنظم، ويعتبر كتاب "العدة في شرح العمدة" للبهاء المقدسي (624 هـ) أهم شروحه، كما شرح بعضه (3) شيخ الإسلام وبحر العلوم أحمد ابن تيمية، فجعله مسائل، وجعل المسائل تراجم للبحث والشرح والإفاضة على طريقة "المغني" إلا أنه لا يذكر الخلاف الكبير ويقتصر على المذهب الحنبلي، ويكثر من الأدلة النقلية.
• وأما كتاب "المقنع":
فهو متن يأتي بعد "العمدة" في الترتيب. قال المصنف في خطبته: اجتهدت في جمعه وترتيبه، وإيجازه وتقريبه، وسطًا بين القصير والطويل، وجامعًا لأكثر الأحكام، عريَّة
(1) المدخل ص 431.
(2)
العمدة ص 19، تحقيق ثناء الهواري وإيمان زهراء، ط. الدار المتحدة، دمشق.
(3)
قال الشيخ خالد المشيقح: لم يشرح شيخ الإسلام رحمه الله كتاب "العمدة" كاملاً، وإنما انتهى شرحه بنهاية كتاب الحج، إلا أنه لم يتيسر بعدُ العثور على جميع القدر المشروح من الكتاب. ا. هـ. من مقدمة تحقيق "شرح العمدة"، لإبن تيمية، ص 20، ط. دار العاصمة، 1997.
عن الدليل والتعليل، ليكثر علمه، ويقل حجمه، ويسهل حفظه وفهمه، ويكون مقنعًا لحافظيه نافعًا للناظر فيه (1). اهـ.
لطيفة:
من متشابه الأسماء في الكتب والتصانيف أن "المقنع" عنوان لعدة مؤلفات عند الحنابلة، منها:
- المقنع، لغلام الخلال (363 هـ).
- والمقنع، لإبن المسلم (387 هـ).
- والمقنع في شرح الخرقي، لإبن البناء (471 هـ).
- والمقنع في النيات، لإبن أبي يعلى (526 هـ).
- والمقنع في أصول الفقه، لإبن حمدان (695 هـ).
وطريقة المصنف في هذا المتن أن يورد الأحكام متتابعة عارية عن الدليل والتعليل، كما نبه على ذلك في الخطبة، ثم إنه يذكر اختلاف الروايات عن الإمام، والوجوه عن أصحابه باختصار شديد، فيقول: على روايتين أو وجهين، أو: فيهما روايتان، أو وجهان، وتارة يقول: وعنه. . . الخ ويعني بذلك: رواية أخرى عن أحمد. ولا يرجح بين الروايات في الغالب، وكذلك في بعض الوجوه، وهذا ما يسمى بالخلاف المطلق في المذهب، وأحيانا يرجح بين الوجوه، فيقول: والأول أصح، أو: في أصح الوجهين. ويشير إلى تفردات بعض مجتهدي المذهب، كالقاضي أبي يعلى وأبي الخطاب.
ونظرًا لوجود الخلاف مطلقًا في هذا المتن، فقد وضعت عليه عدة طرر وحواشٍ في تحرير الرواية، وتصحيح المذهب، مثل "تصحيح الخلاف المطلق في المقنع" مطولًا ومختصرًا لمحمد بن عبد القادر الجعفري، المعروف بالجنة (2)(797 هـ) و"تصحيح المقنع" لشمس الدين ابن أحمد النابلسي (805 هـ). و"التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" للعلامة مصحح المذهب ومنقحه علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (885 هـ). وهو
(1) المقنع ص 10، ط. دار الكب العلمية.
(2)
قال العليمى في "المنهج الأحمد" 5/ 172: وكان يُلقب بالجَنّة لكثرة ما عنده من العلوم، لأن الجنة فيها ما تشتهي الأنفس، وكان عنده ما تشتهي أنفس الطلبة وانتهت إليه الرحلة في زمانه. اهـ.
يكاد يكون اختصارًا لكتاب "الإنصاف"، فصحح المرداوي في كتاب "التنقيح" ما أطلقه ابن قدامة في "المقنع" من الروايتين أو الروايات، ومن الوجهين أو الوجوه، وقيّد ما أخل به من الشروط، وفسر ما أبهم فيه من حكم أو لفظ، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب حتى خصائصه صلى الله عليه وسلم، وقيد ما يحتاج إليه مما فيه إطلاق، وزاد مسائل محررة مصححة، فصار تصحيحًا لغالب كتب المذهب (1).
قيمة كتاب "المقنع":
تظهر قيمة هذا المتن في انتداب ابن أخي المصنف إلى القيام بشرحه شرحًا عظيمًا سماه "الشافي"، ويطلق عليه:"الشرح الكبير"، ولا نعرف له شرحًا صغيرًا يقابله، بل ربما لكبر حجمه سمي بذلك.
وتظهر قيمته أيضًا في أنه عمدة الحنابلة من زمنه إلى يومنا هذا، وهو أشهر المتون بعد "مختصر الخرقي"، فلهذا أفاضوا في شرحه وتحشيته وبيان غريبه وتصحيحه وتنقيحه وتوضيحه.
قال ابن بدران:
"واعلم أن لأصحابنا ثلاثة متون حازت اشتهارًا أيما اشتهار: أولها: "مختصر الخرقي" فإن شهرته عند المتقدمين سارت مشرقا ومغربًا، إلى أن ألف الموفق كتابه "المقنع" فاشتهر عند علماء المذهب قريبًا من اشتهار الخرقي إلى عصر التسعمائة، حيث ألف القاضي علاء الدين المرداوي "التنقيح المشبع" ثم جاء بعده تقي الدين أحمد بن النجار الشهير بالفتوحي، فجمع "المقنع" مع "التنقيح" في كتاب سماه "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات" فعكف الناس عليه، وهجروا ما سواه من كتب المتقدمين، كسلاً منهم ونسيانًا لمقاصد علماء هذا المذهب التي ذكرنا آنفا. وكذلك الشيخ موسى الحجاوي ألف كتابه "الإقناع" ا. هـ"(2).
وقال المرداوي في مدح هذا الكتاب:
أما بعد، فإن كتاب "المقنع" في الفقه، تأليف شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد
(1) من مقدمة الأستاذ الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع لكتاب "الفروع" 1/ 8، نقلا عن "شرح المنتهي".
(2)
المدخل ص 434.